الطفل السوري تائهاً في قصص هيفاء بيطار

الكتاب: طفل التفاح,هيفاء بيطار

مايا الحاج 14 مايو 2016

يصعب على الكاتب السوري اليوم أن يكتب في معزل عمّا يحدث حوله في أرض الوطن. ليس مهماً أن يتدخّل في تفاصيل الأزمة السياسية المشتعلة منذ خمس سنوات، أو أكثر بقليل. وليس ضرورياً أن يُسجّل موقفاً مع النظام أو ضدّه. فما يعيشه السوري داخل أرضه وخارجها أحياناً يلغي كلّ الحسابات، يُفرغ النظريات من أسبابها والكلمات من معانيها. ولكن إن أراد أحدنا أن يختزل مأساة الشعب السوري بعبارة واحدة لما وجد أنسب من «تراجيديا الطفل» عنواناً. فالطفل هو أول من دفع ثمن الحرب السورية الضارية. ضُرب جسداً وروحاً وأملاً. استحالت ضحكاته دموعاً وألعابه رصاصاً وشيطناته صمتاً. فكان هو الشاهد على وحشية الإنسان، فقضى مرّة بغازٍ مسموم وأخرى بجوع الحصار ومرّات غرقاً على شطآن الدول الغريبة. أما من بقي منهم فهم يعيشون بين خوف ويأس. ومن هذه المأساة التي هزّت العالم عبر صور أطفال حفروا في ذاكرتنا جرحاً لا ترممه الأيام، كإيلان المهاجر الغريق وغيره، خرجت الكاتبة السورية هيفاء بيطار بمجموعة قصصية جديدة عنوانها «طفل التفاح» (الدار العربية للعلوم ناشرون).
كما يحيلنا عنوان المجموعة، يحتّل الطفل مركزاً محورياً في الكتاب. فهو بطل القصة التي أهدت عنوانها إلى المجموعة «طفل التفاح»... وفيها تتخطى شخصية الطفل المشرّد حدود سورية لتغدو قضية عامة تكشف عن انتهاك الطفولة في غالبية مجتمعات العالم الثالث. ترفع المؤلفة الصوت عالياً في وجه كلّ المتآمرين على أطفال العالم من تجار حروب وبشر في كل مكان.
«طفل التفاح» مجموعة قصصية تكشف عن حالات واقعية لا تقل تراجيدية عما نراه في المشهد السوري المعاصر. إنها قصص مأخوذة من صميم الواقع والمجتمع، أو قل الشارع، فتدخل في صلب الحدث كاشفةً عن حقائق مؤلمة. تضم المجموعة 11 قصة قصيرة منها: «صراخ»، «فيلم وثائقي»، «مضايا»، «انهيار»، «مصطفى»، «نوال»، «طفل التفاح»...
من أجواء القصص: «كنت أشعر بأنني أم لكل أطفال سورية، وقلت له: إرفع وجهك يا صغيري وقل لي اسمك؟ حسناً إذا كنت لا تريد أن تتكلم، ولكن اجلس. هلاّ جلست؟ لماذا أنت منطرح دوماً على الرصيف؟ سوف تمرض. ألا تسمعني... قال وكأنه أدرك أن لا مفر من إخباري بقصته: أخرجوني من تحت الأنقاض. لقد انهار البيت علينا وماتت أختي الصغيرة وأخي وأمي...».