استئجار الأرحام... قضية مثيرة فهل حسمها علماء الدين؟

استئجار الأرحام,حلم الإنجاب,نزاعات بالجملة,حالة وحيدة,مفاسد كثيرة,عقوبة شرعية,قياس خاطئ,الإخصاب الاصطناعي,قضية الأنساب,الدكتور محمد رأفت عثمان,الاستئجار,نزاعات

القاهرة - أحمد جمال 26 يونيو 2016

حلم الإنجاب يراود الكثيرات، ولهذا قد تلجأ بعض الزوجات إلى فكرة استئجار رحم بديلة، لكن هل يوافق الشرع على تلك الفكرة؟ القضية مثيرة والجدل حولها مستمر، فهل حسمه علماء الدين أم اختلفوا فيه؟


في البداية، يؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان ، عضو هيئة كبار العلماء، أن رأي الأزهر النهائي قد انتهى إلى حرمة زرع البويضة من امرأة ملقحة بحيوان منوي من زوجها في رحم امرأة أخرى حتى تلد، مقابل مبلغ من المال، أو بدون مقابل مادي، لأسباب متعددة، قد يكون منها أن صاحبة البويضة لا تصلح رحمها للحمل، أو ليس لها رحم مع وجود مبيضين صالحين، أو أحدهما، لإفراز البويضات، أو قد يكون ذلك لرغبة صاحبة البويضة في أن تحافظ على صحتها أو على رشاقتها وجمالها، أو لغير ذلك من الأسباب.
ويرصد الدكتور عثمان الأسباب التي استند إليها مجمع البحوث الإسلامية في تحريمه استئجار الأرحام، قائلاً: «أول الأسباب عدم وجود علاقة زوجية بين صاحب الحيوان المنوي وصاحبة الرحم البديلة، لأنه يشترط في جواز الإنجاب بين رجل وامرأة، أن يتم ذلك في ظل عقد زواج مستوفٍ للأركان والشروط الشرعية، وهنا لا توجد صلة زوجية بين هذه الأم البديلة والرجل صاحب الحيوان المنوي، فيكون حملها لبويضة الأجنبية عنها، الملقحة من زوج المرأة، غير مشروع. وثاني الأسباب أن الأولاد مرتبطون بالزوجية، بمعنى أنهم لكي يكونوا أولاداً شرعيين، لا بد من أن يولدوا لزوجين، وبالتالي لا يجـــوز أن تحمل امرأة جنيناً لامرأة أخرى.
أما ثالث الأسباب فيكمن بوجود ارتباط شرعي بين حق الإنجاب من رحم معينة وجواز الاستمتاع الجنسي بصاحبة هذه الرحم، وبالتالي فإن كل من له حق الاستمتاع بامرأة له حق شغل رحمها بالحمل منه، وكل من ليس له حق الاستمتاع بامرأة ليس له حق شغل رحمها بالحمل منه، ولهذا قرر الشرع أنه لا يجوز لأي زوجة أن تمنع نفسها من الحمل بدون موافقة زوجها، لأن من حقه أن ينجب منها، ولو كانت رافضة لذلك، إلا إذا كان رفضها بسبب أن الحمل يؤدي إلى الإضرار بها، والدليل الشرعي على ذلك أن من يرتكب الخطيئة مع امرأة متزوجة لا ينسب الولد إليه، بل ينسب إلى زوج المرأة، لقول الرسول (صلّى الله عليه وسلّم): «الولد للفراش، وللعاهر الحجر»، أي الولد ينسب الى صاحب الفراش، وهو الزوج، وفي استئجار الأرحام نجد أن البويضة التي وضعت في رحم الأم البديلة مخصّبة بحيوان منوي من رجل ليس له حق الاستمتاع بهذه الأم البديلة، وبالتالي لا يجوز له شغل رحم هذه الأم البديلة بالحمل منه.
ويبقى أن رابع الأسباب التي استند إليها الأزهر في تحريمه استئجار الأرحام، هو عدم قابلية الرحم للبذل والإباحة، لأن من المعروف عند علماء الشريعة، أن هناك أشياء يجوز لصاحبها أن يعطيها ويبيحها لغيره عن طيب نفس، مثل المأكولات والمشروبات وغيرها، وهذه يجوز بيعها وتأجيرها وإعارتها ووهبها والتصدّق بها، لكن ثمة أشياء لا يجوز شرعاً أن تعطى وتباح للغير، أو يُسمح له بها، فلا تُباع، ولا تؤجر، ولا تعار، ولا توهب، ولا يجوز التصدق بها، مثل استمتاع الرجل بالمرأة، لأنه مقصور على الزوج، ولا يجوز للزوج أن يسمح لأحد غيره بتعاطي هذا الشيء الذي قصّره الشرع عليه، كما لا يجوز للمرأة نفسها أن تسمح لأحد غير زوجها بالاستمتاع بها، لأن الشرع قصّره على زوجها، وإذا كان الاستمتاع غير قابل للبذل والإباحة، لتحريم بضع المرأة على غير زوجها، فإن رحمها تكون أيضاً غير قابلة للبذل والإباحة من باب أولى، ذلك أن الاستمتاع ببضع المرأة حرّمه الشرع على غير زوجها، لأنه يؤدي إلى شغل رحم هذه المرأة التي استمتع ببضعها، بنطفة لا يسمح الشرع بوضعها فيها، إلا في إطار علاقة زوجية يقرها الشرع للاطمئنان إلى صحة انتساب الأولاد الى أبيهم وأمهم بصورة لا شك فيها، أو تدخل لغيرهما معهما، مثلما هو الحال في استئجار الأرحام، حيث تدخل أطراف أخرى، أهمها المرأة المسـتأجرة».
وينهي الدكتور محمد عثمان كلامه، مؤكداً أن استئجار الأرحام يحمل معنى ارتكاب الخطيئة – ولو بشكل غير كامل – حيث تم وضع حيوان منوي في رحم امرأة هي ليست زوجة لهذا الرجل، والخطيئة محرّمة لهذا المعنى، ولا يغير في الحكم أن الحيوان المنوي لغير الزوج قد أُدخل الرحم مصاحباً بويضة لُقحت به، لأن من الممنوع إدخال حيوان منوي إلى رحم امرأة ليست زوجة، سواء أُدخل إلى رحم هذه المرأة وحده أم أدخل مصاحباً بويضة لقحت به، فالتحما وأصبحا خلية واحدة.

الاستئجار والإعارة
يؤكد الدكتور عبدالفتاح إدريس، رئيس قسم الفقه في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، أن مصطلح «استئجار الرحم» عبارة عن إنشاء عقد معاوضة مع امرأة، على وضع بويضة ملقحة في رحمها إلى وقت الولادة، لقاء أجر معلوم يُتفق عليه، وأما «إعارة الرحم»، فهو عبارة عن إنشاء عقد تبرع مع امرأة على وضع بويضة ملقحة في رحمها إلى وقت الولادة، وقد وُلدت الفكرة نتيجة عملية الإخصاب الاصطناعي خارج الرحم بصفتها وسيلة لمعالجة العقم لدى غير القادرين على الإنجاب بالطرق الطبيعية.
ويوضح أن فكرة استئجار الأرحام، أو استعارتها، قد تركت تداعيات لا يقرها دين سماوي أو فطرة سليمة، منها إنشاء شركات ومؤسسات ووكالات لتأجير الأرحام، والقيام بأعمال السمسرة عليها، بل واستغلال الظروف المادية لبعض النساء لتوريطهن في علاقة تأجير أرحامهن، للحصول على المال وسد حاجتهن منه، حتى وصل الأمر إلى اعتراف سيدة بأنها تؤجر رحمها لتجديد أثاث بيتها.
ويشير الدكتور عبدالفتاح إدريس إلى أن في حالة استئجار الرحم لحمل الجنين، تؤخذ البويضة من أنثى وتخصّب بنطفة ذكر خارج رحم المرأة صاحبة البويضة، ثم تُنقل اللقيحة - بعد انقسامها مرات عدة - إلى رحم امرأة أخرى مستأجرة أو متبرعة بحملها إلى وقت الولادة.

نزاعات بالجملة
يشير الدكتور حامد أبو طالب، الأستاذ في كلية الشريعة والقانون، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى كثرة القضايا المثارة أمام المحاكم، الناشئة عن إخلال بعض أطراف العلاقة في تأجير الأرحام بالالتزامات المترتبة عن هذه العلاقة، بالإضافة إلى إشكالات اجتماعية وقانونية، مثل: ثبوت نسب الولد الناشئ عن هذه العملية إلى أب وأم، وتحديد علاقته بأفراد أسرة كل من أطراف العلاقة في تأجير الرحم للحمل.
ويوضح الدكتور حامد أنه قرأ بنفسه عن عشرات القضايا في العديد من الدول حول هذا النزاع، بين الأم البديلة والمرأة صاحبة البويضة الملقحة من زوجها، ليس لنسبة المولود إلى أحدهما فقط، – كما هو معتاد – وإنما لرفض كل منهما نسبته إليه، حيث استأجر زوجان أميركيان امرأة أميركية متزوجة، وكانت المفاجأة أن المولود طفل معاق ومصاب بنقص بالغ في حجم الدماغ، وسيبقى طوال حياته متخلفاً عقلياً، فرفضت كل من المرأتين الاعتراف بالطفل، وحكمت المحكمة بإثبات بنوّة الطفل لزوج المرأة صاحبة البويضة بناء على التحاليل الطبية واختبار الجينات، ومع هذا رفض الزوج استلام الطفل وأودعه داراً للأيتام وأهمله حتى مات.
ويسرد الدكتور حامد حادثة أخرى جرت في ألمانيا، حيث فشلت عملية استمرار حمل الأم البديلة بالبويضة الملقحة، فحملت من زوجها من دون علم من قاموا باستئجار رحمها، وكانت المفاجأة أنه بعد تمام مدة الحمل وُلدت طفلة، وتم تسليمها الى أبويها وفقاً لما هو متفق عليه، وقبضت الأم البديلة المبلغ الذي حدّده الطرفان، ولم يشكك أي طرف في نسب الطفلة، إلا أن إجراء تحليل دم للطفلة بعد عام على ولادتها، كشف أن الطفلة نتجت من العلاقة العادية بين الأم البديلة وزوجها، وحكمت المحكمة بعدم أحقية الأم صاحبة الرحم بالطفلة.
وينهي الدكتور أبو طالب كلامه، مؤكداً أن الإسلام يحرص على وضع النقاط على الحروف في قضايا الحمل والإنجاب، بعيداً من أي نزاعات أو شكوك، وإلا كيف نفسر قول الله تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً...» (آية 15) سورة «الأحقاف».

حالة وحيدة
تكشف الدكتورة ماجدة هزاع، رئيسة قسم الفقه في كلية الدراسات الإسلامية للبنات في جامعة الأزهر، عن أن للإخصاب الاصطناعي الخارجي صوراً اختلف الفقهاء في الحلال والحرام فيها، والحالة الحلال الوحيدة عندما يكون الإخصاب بين بويضة امرأة ونطفة زوجها، حين قيام العلاقة الزوجية الصحيحة بينهما، أما إذا تم نقل البويضة الملقحة إلى رحم زوجة أخرى لصاحب النطفة، فثمة من يرى فيه حلالاً، في حين يرى آخرون أنه حرام أيضاً لاختلاف الأم.
وتوضح الدكتورة ماجدة أن جميع حالات الإخصاب في الرحم المستأجرة محرّمة باتفاق العلماء، ومن ثم فلا يجوز تأجير الرحم لحمل لقيحة ليست من زوجين، وأما نقل لقيحة الزوجين إلى رحم «الضرة» فقد اختلف فيه العلماء، والراجح عدم جواز النقل في هذه الحالة لما قد يترتب عليه من اختلاط نسب الولد إلى أم معينة. أما نقل لقيحة الزوجين إلى رحم امرأة ليست زوجة لصاحب النطفة الذكرية، فقد انتهت المجامع الفقهية إلى حرمة استئجار الرحم أو استعارتها لحمل هذه اللقيحة، لعدم قيام العلاقة الزوجية بين صاحب النطفة الذكرية وصاحبة الرحم، فضلاً عما يترتب عليه من اختلاط نسب الولد، إن كانت صاحبة الرحم ذات زوج، وما يستتبع ذلك من مفاسد كثيرة، ويعمل الشرع على سد الذرائع.
وتنبه الدكتورة ماجدة إلى أن تأجير الرحم تنشأ عنه مفاسد كثيرة، منها انتقال الأمراض الوراثية من الأم البديلة إلى الجنين، كذلك منع زوجها من المعاشرة الزوجية لخوفها من أن تجهض الجنين الذي استأجرته أو تبرعت بحمله، مما يؤدي الى الإخلال برعاية زوجها وأولادها منه، لصعوبة تحركها بشكل طبيعي، وأيضاً ما يترتب على حمل لقيحة الغير من اختلاط الأنساب، لأن الأم ليست وعاء للحمل فقط، بل إنها تساهم في تغذيته.

مفاسد كثيرة
تؤكد الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية وعضو مجلس النواب، حدوث إشكالات شرعية ناتجة من تحديد نسب الولد بالنسبة إلى صاحبي اللقيحة وصاحبة الرحم، وحقيقة قرابته بأصولهما وفروعهما، وما ينشأ عن تحديد هذه النسبة من التزامات تتوجب عليه تجاه هؤلاء جميعاً.
وتشير الدكتورة آمنة إلى الكثير من المفاسد التي قد تنشأ عن تأجير الرحم أو إعارتها، مثل انتشار الفحشاء في المجتمع الذي يُباح فيه ذلك، وتكسّب النساء بأرحامهن، وعزوفهن عن الزواج، وكثرة القضايا الناشئة عن هذه العلاقة، سواء في ما يتعلق بالإخلال بالالتزام الناشئ عنها، أو بثبوت النسب أو الإرث أو النفقة، أو الطلاق أو الإجهاض وخلق سوق للإتجار بأرحام النساء، والسمسرة عليها، والتفريق بين صاحبة الرحم والولد الذي حملته في رحمها بمجرد ولادته، وحرمانها من إرضاعه، وخلق سوق للإتجار بالأطفال الناشئين عن هذا الحمل إذا رفض الجميع الاعتراف به، وشيوع حالات إجهاض لسبب أو الى آخر، وانكشاف عورة صاحبة الرحم المستأجرة لمن لا يحل له النظر إليها لغير ضرورة أو حاجة.
وعن حكم الشرع في عقد تأجير الرحم، تقول الدكتورة آمنة: «إن أحكام عقد الإجارة لا يمكن إيرادها على إجارة الرحم، لعدم قبول الرحم لأحكام هذا العقد، ولاختلال أكثر شروط صحة هذا العقد عند إجارة الرحم للحمل، ذلك أن المنفعة فيه مجهولة ومحرمة، ويترتب على استيفائها الوقوع في محظور شرعي، وكذلك لا يمكن إيراد أحكام عقد الإعارة على إعارة الرحم للحمل، لعدم قبول الرحم لأحكام هذا العقد، لأن المنفعة مما حرمها الشرع لغير زوج، وطالما كانت أحكام العقدين يتعذر تطبيقها على إجارة الرحم أو إعارتها للحمل، فلا يجوز شرعاً، وهو ما قررته المجامع الفقهية في العالم الإسلامي».

عقوبة شرعية
عن العقوبة الشرعية لمن يشترك في عملية استئجار الأرحام، يقول الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية: «إن الإنجاب من طريق الأرحام المستأجرة أمر لا يقره الشرع، ويترتب عليه الوقوع في المحظور، ولهذا يجب شرعاً عقاب كل من دخل في علاقة يكون أساسها تأجير الرحم أو استعارته لحمل لقيحة الغير، وكذلك كل من ساعد على ذلك أو سهّل إتمامه، بحيث تتناسب العقوبة مع دور كل من ساهم في هذه الجريمة المخالفة للشرع».
ويوضح الدكتور النجار أن الإسلام يحرص على أن يُنسب الولد إلى والديه الحقيقيين، من دون تدخل طرف ثالث، سواء باستئجار الرحم أو إعارتها، لعدم قيام العلاقة الزوجية الصحيحة بين صاحب الحيوان المنوي وصاحبة الرحم، فضلاً عن المشكلات التي تنشأ عن نفقات متابعة الحمل والولادة، لأن الأم البديلة طرف ثالث خارج عن نطاق الزوجين.

ويشير الدكتور النجار إلى أن الشرع حرّم كل ما يؤدي إلى حدوث نزاع أو خلاف بين الناس، ولا شك في أن تأجير الأرحام سيؤدي في الغالب إلى حدوث نزاع بين المرأتين، أيهما هي الأم، هل هي صاحبة البويضة الملقحة، أم هي التي حملت وولدت؟ وقد يمتد الخلاف بين أطراف أخرى ممن يمكن استفادتهم من ثبوت نسب الطفل إلى جهتهم، خاصة إذا كانت للطفل حقوق مادية، كالميراث من أبيه مثلاً، ومن أهداف الشريعة سد الأبواب في وجه المشكلات بين أفراد المجتمع، لأن كل ما يؤدي إلى حدوث نزاع غير جائز شرعاً.
ويختتم الدكتور النجار كلامه موضحاً أن من يبيحون استئجار الأرحام أو إعارتها يساهمون في نشر الفساد في الأرض، وقد توعد الله من يساهمون في نشر الفساد والفواحش، فقال الله سبحانه وتعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (آية 19) سورة «النور».

قياس خاطئ
عن مدى شرعية قياس تأجير الرحم على تأجير الثدي للإرضاع، تؤكد الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر: «هذا قياس خاطئ، وقد أجمع الفقهاء على عدم جوازه، ورفضوا أدلة بعض من يجيزون هذا القياس للأم البديلة على الأم المرضعة، لأنه يجمعهما استئجار منفعة عضو بشري في كل منهما، ولوجود صلة قوية بين عمليتي الإرضاع والرحم المستأجرة، وكونه عملاً إنسانياً بأجر لمساعدة الآخرين، وأن الثدي يغذي باللبن طفلاً غريباً، والرحم هناك تغذي بالدم جنيناً غريباً، وبالتالي فإن التغذية تتحقق من طريق الثدي والرحم».
وتوضح الدكتورة عبلة أن الشرع يؤكد – خاصةً في قضية الأنساب – عدم وجود أي شك أو تداخل للحقوق بين الزوجين الحقيقيين وغيرهما، مثل الأم البديلة، ويحض على السير الطبيعي الذي أكده الله تعالى بأن الأم الطبيعية هي المعترف بها في قول الله تعالى: «إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ» (آية 2) سورة «المجادلة»، وقول الله تعالى أيضاً: «يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ» (آية 6) سورة «الزمر»، وقوله تعالى: «وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ» (آية 32) سورة «النجم». وأخيراً في قول الله تعالى: «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً على وَهْنٍ» (آية 14) سورة «لقمان»... ولهذا فإن الأم في هذه الآيات هي الأم الشرعية وممنوع التلاعب بها.