قمر الصباح

هالة كوثراني,أقلام لها,قمر الصباح,قمر,الصباح

هالة كوثراني 29 يونيو 2016

لا أذكر أنني رأيت القمر صباحاً من قبل. قبضتُ عليه اليوم. في الخامسة صباحاً، مرتاحاً فضياً جميلاً. بدا «شريط الكهرباء» أمامه عقداً، وهو جوهرة متلألئة في وسط العقد الأسود. «صبّحته»، وابتسمت بحماسة لرؤيته منيراً في سماء الصباح ينافس نور الشمس الواضح والمبهر. راقبته حتى اختفى وانتصرتْ ساطعةً أشعةُ شمس الصيف. لقد سلّمنا أنفسنا رسمياً للصيف. بعد أيام، بعد العيد وبهجته وتلبية الواجبات العائلية، يسيل الوقت ويتمدّد. يبطئ خطواته، ثم يسترخي فيرحمنا من اللهاث وانقطاع الأنفاس. نرتاح قليلاً وننتظر أن يلهمنا الصيف ويحرّرنا. ننتظر أيام الفراغ المسموح به، أيام المسؤوليات المنسية. نتوق إلى كسل الاستسلام للشمس، وربما إلى رائحة البحر في لحظات هادئة، إلى إجازة تتيح مراجعة الذات والإنجازات والإخفاقات. الصيف قاسٍ وخفيف في الوقت نفسه، ومهما كانت علاقتنا به، فلنستفد منه. لنقم بما لم يتسنّ لنا القيام به خلال أشهر زحمة المسؤوليات، كمشاهدة أفلام فاتتنا مشاهدتها أو قراءة كتب لم نلمس صفحاتها بعد. ولنتخلّص مما وعدنا أنفسنا بالتخلّص منه، كتب ربما وأوراق وقصص مجهضة وضغائن. لنواجه ما نحاول السيطرة عليه في أنفسنا، كالتردّد أو غياب الثقة بالنفس أو إهمال مَن كان وجودهم أساسياً في حياتنا. الصيف البطيء يتيح تصفية الحسابات مع الذات والتنفس بحريّة. لكن «الصيف الساخن» يبرز كل عام عنواناً بين عناوين أيامنا. الحروب لا تعرف الإجازات على أرضنا، وفي منطقتنا المشتعلة دوماً بالأطماع والأحقاد والتخلّف.