«أون لاين» مجرد نزوات أم تجارب افتراضية قد تتحول إلى واقع؟

قصص حب,أون لاين,مجرد نزوات أم تجارب افتراضية,واقع,المشاعر الإنسانية,عبر الإنترنت,الفشل,مجتمعاتنا العربية,إيجابيات,سلبيات,وسائل التواصل الاجتماعي,نزوة عاطفية,ارتداء الأقنعة,الحكم الشرعي,برامج الدردشة,أحمد لطفي,حسن محمود,أحمد مصطفى,شاكر مراد,رحاب طه,سارة طارق,الدكتورة سامية قدري,فوزي علوان,أحمد وجيه,الدكتورة إيمان شاهين,هبة إبراهيم,سوسن علي,شادي بوظان,نضال أمين,سامر رضوان,غنوة محمود,ريم أحمد

أحمد جمال - (مصر) - لها - (سورية) 02 يوليو 2016

 ألقت ثورة الاتصالات بظلالها على المشاعر الإنسانية، فلم يعد الحب وليد «نظرة فابتسامة فموعد فلقاء»، ولم يعد الحبيب يعبّر عن مشاعره في خطاب غرامي يستغرق أياماً وأسابيع إن لم يكن شهوراً، أو يضيع خطابه في البريد، بل تم كسر حواجز الزمن والمسافات لنصبح أمام قصص حب «أون لاين»، دارت وقائعها عبر الإنترنت، فبعضها كان ناجحاً والبعض الآخر انتهى بالفشل الذريع... ورغم أن التجربة حديثة على مجتمعاتنا العربية وتقاومها التقاليد، إلا أن لها إيجابيات وسلبيات ترصدها «لها» في هذا التحقيق.


أحمد لطفي: عشت قصص حب فاشلة عبر «فايسبوك»
يشير أحمد لطفي، مرشد سياحي، إلى أنه عاش قصص حب عبر «فايسبوك» مع العديد من الفتيات اللواتي تعرف إليهن أثناء عمله، حيث يتعرف باستمرار إلى سائحات من جنسيات مختلفة يقضين فترة معينة للسياحة في مصر ويعدن الى بلادهن، ثم تنمو قصة الحب وتستمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة العابرة للحدود.
ويوضح أحمد أن قصص حبّه قد فشلت بسبب اختلاف التقاليد، لأن غالبية الفتيات غير العربيات عادة ما يكنّ متحررات في تفكيرهن وتصرفاتهن بشكل يرفضه الرجل الشرقي، الذي يغار على أهله ويعارض الاختلاط الذي لا تحدّه حدود، أو سفر الزوجة وحدها للسياحة، أو السهر من دون زوجها.  ويشير أحمد إلى أنه رغم فشله في تجارب الحب «أون لاين»، لكنه لا يستطيع نفي أهميتها، خاصة في ظل التباعد المكاني بين المتحابين أحياناً، ولهذا فإن وسائل التواصل تقرّب البعيد بالصوت والصورة. وفي النهاية، يبقى «الزواج قسمة ونصيب»، سواء من طريق «أون لاين» أو غيره.

حسن محمود: قصة حبي بدأت في إيطاليا وأكملتها «أون لاين» في مصر
على العكس من تجارب أحمد الفاشلة، يروي حسن محمود تجربته الناجحة مع الحب «أون لاين»، قائلاً: «سافرت إلى إيطاليا بعد تخرجي في الجامعة بحثاً عن فرصة عمل، وتعرفت هناك إلى فتاة تصغرني بثلاث سنوات كانت تعمل معي، وعشنا قصة حب عاصفة، إلا أن ظروفاً عائلية أجبرتني على العودة إلى مصر، مما جعلني أكمل قصة حبي معها عبر وسائل التواصل المختلفة، وقريباً سنحدد موعداً للزواج، سواء في مصر أو إيطاليا، وما زالت قصة حبنا مستمرة، وأدعو الله أن تُكلل بالزواج السعيد».
ويضيف حسن: «وسائل التواصل الاجتماعي نعمة من الله، لكن البعض وللأسف أساء استخدامها، إلا أنني أستخدمها في حب شريف غايته النهائية الزواج على سنّة الله ورسوله (صلّى الله عليه وسلّم)، خاصة أنني عرّفت خطيبتي بمبادئ الإسلام وقدمت لها معلومات كثيرة عنه، ووعدتني بأنها ستُشهر إسلامها في القريب العاجل في الأزهر أثناء زيارتها لمصر مع أسرتها».  وينهي حسن كلامه مؤكداً أن الحب «أون لاين» شيء جميل، ورغم أنه لا يغني عن التعبير عن المشاعر الفياضة عبر اللقاء المباشر، لكنه يلهب المشاعر شوقاً إلى اللقاء الكامل والعيش معاً عبر زواج سعيد تلتقي فيه الثقافات والحضارات.

أحمد مصطفى: الحب «أون لاين» ليس مجرد تسلية
يقول أحمد مصطفى، طالب جامعي: «أعيش قصة حب عبر وسائل التواصل مع زميلة لي في جامعة أخرى، كنت قد التقيت بها قبل عام واحد في أسبوع شباب الجامعات في شرم الشيخ، وحدث بيننا إعجاب متبادل نكمله بحب عذري عبر الأون لاين».
ويرفض أحمد نظرة البعض إلى تجارب الحب «أون لاين» على أنها مجرد تسالٍ أو مراهقة أو حب طائش سرعان ما يفشل، لأن لكل تجربة خصوصيتها وسماتها التي تميزها عن التجارب الأخرى، وفق صفات طرفي الحب، وكذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يعيش فيها كل طرف، والتي قد تؤثر في تجربة الحب «أون لاين» بالإيجاب أو السلب.
ويطالب أحمد الشبان والفتيات، الذين يقعون في الغرام بضرورة استكمال التجربة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بشرط عدم تخطي حدود الأدب والأخلاق التي تربينا عليها.

شاكر مراد: «الفايسبوك» كان وراء زواجي
قصة حب وزواج ناجح عبر الـ «أون لاين» بطلها شاكر مراد، الذي يروي تفاصيلها قائلاً: «تعرفت عبر «فايسبوك» إلى زميلة تعمل في إحدى المؤسسات الخيرية التطوعية، وشيئاً فشيئاً زاد تواصلنا وإعجابنا المتبادل، وتكشّف العديد من الأمور المشتركة بيننا، مثل حب العمل الخيري ومساعدة الفقراء وموهبة الشعر، التي كان لها دور كبير في صقل مشاعرنا والتعبير بصدق عنها».
ويضيف: «كنا نلتقي بشكل دوري في اجتماعات المؤسسة الخيرية، لكن ظل حبنا ملتهباً وعفيفاً عبر وسائل التواصل، وأبديت لها رغبتي في خطبتها فوافقت، وتقدمت لأهلها، وهم أناس طيبون لم يحمّلوني ما لا طاقة لي به، بل يسّروا لي الارتباط بابنتهم الراقية في مشاعرها وأفكارها، حتى أننا تزوجنا في شقة صغيرة لا تتعدى مساحتها الأربعين متراً، وهي عبارة عن غرفة نوم وصالة وحمام ومطبخ، واشترينا عفشاً بسيطاً يتناسب مع ظروفنا الأسرية، وأقمنا حفل زفاف متواضعاً، لأننا نؤمن بأن الفرح الحقيقي في القلب وليس في مظاهر البذخ البرّاقة.
وينهي شاكر كلامه موضحاً: «أشكر الله لأنه وفّقني بهذه الزوجة الطيبة، التي تعرفت إليها عبر «فايسبوك»، وتواصلنا باستمرار وتكلل حبنا الطاهر بالزواج الشرعي، ولهذا فإن مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، ويمكن أن نستخدمها في المفيد كما يمكن أن نستخدمها في الأمور التافهة، التي تتعارض مع القيم والأخلاق وتغضب رب العباد».

رحاب طه: أعيش قصة حب جميلة عبر الإنترنت
تعرض المهندسة رحاب طه، تجربتها في الحب عبر الـ «أون لاين»، وتقول: «ما زلت أعيش قصة حب جميلة عبر الإنترنت مع قريب لي سافر منذ شهور إلى أوروبا للعمل، وكنا قد تعارفنا بحكم القرابة، وحدث بيننا نوع من الاستلطاف، وسرعان ما توثقت علاقتنا من خلال «غروب العائلة»، الذي يتواصل من خلاله كل أفراد العائلة من الشبان والفتيات من مختلف الأعمار، كنوع من «صلة الرحم» على الطريقة العصرية.
وتضيف: «توثقت علاقتنا بمرور الأيام، حيث تعرف كل منا على أفكار الطرف الآخر وآرائه، ودخلنا في مناقشات قرّبتنا كثيراً من بعضنا، هذا فضلاً عن الأمور المشتركة بيننا، واتفقنا أن نُشهر خطوبتنا أولاً ونتفق من ثم على تفاصيل الزواج عند عودته إلى مصر، بشرط أن نعيش في أوروبا بعد ذلك، نظراً الى علاقاته الواسعة فيها، وشوقي إلى السفر والعيش هناك من كثرة ما يحكي لي عن المجتمعات الأوروبية».
وتختتم المهندسة رحاب كلامها، مؤكدة أن الحب «أون لاين» لم يعد مستغرباً هذه الأيام، وخاصة في الأسر المنفتحة على العالم، إلا أنه يمثل مشكلة بالنسبة الى الأسر المحافظة والمتشددة في نظرتها الضيقة الى البنت، حتى أنها قد تبيح للولد عبر الـ «أون لاين»، وتحظّره على البنت، مع أن ابنهم يحب ابنة ناس آخرين، فلماذا يرضون لأبنائهم ما يحرّمونه على بناتهم؟

سارة طارق: نزوة عاطفية ومشاعر متقلبة
تؤكد سارة طارق، طالبة جامعية، أن الحب عبر وسائل التواصل الاجتماعي منتشر بكثرة بين طلاب الجامعات وطالباتها، بل وفي المدارس أيضاً، ولكن للأسف غالبية هذه القصص هي عبارة عن تصرفات مراهقين ومراهقات، وغالباً ما تكون مشاعر متقلبة أو نزوة عاطفية تزول بمجرد أن يجد طرفا العلاقة من هو أكثر جاذبية أو إغراء.
وتشير سارة إلى أنها شخصياً لم تخض تجربة من هذا النوع، لكنها تعرف كثيراً من زميلاتها اللواتي عشنها، ومنها تجارب نجحت وأخرى فشلت، مثل أي تجربة إنسانية. وهي ترفض الدخول في مثل هذه التجارب، إلا بعدما يتم التعارف بينها وبين الرجل الذي سترتبط به، وتقتنع بأنه سيتقدم رسمياً لخطبتها من أهلها، ولا مانع بعد ذلك من التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع الخطيب. أما أن يتم التواصل عبر الإنترنت قبل التعارف والاقتناع الشخصي، فهذا شيء مرفوض تماماً، رغم أنه قد يكون مقبولاً لدى أخريات.
وفي الختام تؤكد سارة أنها تعيش في كنف أسرة تقدّر البنت كالولد تماماً، وتحترم مشاعرها وتفكيرها، وهناك عقلانية في الحوار بين أفراد الأسرة، ولهذا فهم يفكرون كثيراً قبل قرار ارتباط أحد أفراد العائلة، سواء أنا أو إخوتي الذكور، حيث نحترم التقاليد المستنيرة الواعية بمتغيرات العصر، وننأى عن تجارب الطيش التي تكون عواقبها وخيمة.

الدكتورة سامية قدري: علينا تسليح أبنائنا بالوعي ومراقبتهم عن بعد
تقول الدكتورة سامية قدري، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، إننا نعيش في عالم لم تعد فيه وصاية الأهل كاملة على أولادهم، ولهذا لا بد من احترام خصوصية العصر وما لحق به من تطورات جعلت التواصل فيه سهلاً، وعابراً للحدود والجنسيات. وعليه، فإن من واجب القائمين على التربية في الأسرة والمدرسة والجامعة تسليح الأبناء والبنات بالوعي والجدية والقيم والأخلاق، لأنها ستزرع في نفوسهم منذ الصغر ما يطلق عليه «النفس اللوّامة» التي تلوم صاحبها إذا أخطأ، وتجعله يندم ويرجع إلى جادة الصواب، لأنه يدرك أن الله عالم ما في نفسه، حتى إذا ابتعد عن رقابة والديه أو مدرّسيه، وقديماً كانوا يقولون: «التعليم في الصغر كالنقش على الحجر».
وتضيف الدكتورة سامية: «يجب تربية أجيالنا بما يتلاءم مع عصرهم، مع ربطهم بجذورهم المنطلقة من الدين والأخلاق والعادات والتقاليد، خاصة في ما يتعلق بمفهوم «العيب»، الذي يختلف من مجتمع الى آخر، وعدم التقليد الأعمى للغرب الذي يعيش شبانه وفتياته علاقات مفتوحة تتنافى مع قيمنا، سواء من حيث الحب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما بعد الحب. وللأسف، فإن بعض طلابنا في المدارس والجامعات يقلّدون الغرب بلا وعي، ظناً منهم أن ذلك هو التحضّر والمدنية، وبالتالي ضاع عندهم مفهوم العيب».
وتنهي الدكتورة سامية كلامها، مطالبةً الأهل بالمراقبة الواعية لتصرفات أبنائهم عن بعد، مع توجيه النصح والإرشاد بشكل تربوي راقٍ، بعيداً من الأمر والنهي اللذين لم تعد تقبلهما الأجيال الجديدة بما لديها من تطلعات تصل إلى درجة التمرد، ولهذا فإن من واجبنا احتضانهم وليس مراقبتهم مراقبة بوليسية، أو ترك الحبل لهم على الغارب.

صفية زكي: لا أعارض أن ترتبط ابنتي ارتباطاً جدّياً عبر الإنترنت
تشير صفية زكي، الخبيرة في المجلس الأعلى للثقافة، إلى أنه بعد وفاة زوجها وتركه لها ابنتين، قد تزوجت الأولى بعد قصة حب كانت خليطاً من التعارف الشخصي ثم التواصل بعد ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أما بالنسبة الى الثانية فلم تتم خطبتها بعد، لكن لا مانع في أن يتم التعارف والحب عبر الإنترنت طالما أن الطرف الآخر جاد ويريد الارتباط والزواج، ولا يهدف الى التسالي كما يفعل الكثير من الشبان الذين يحاولون الخروج من الواقع الأليم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، فيدخلون في تجارب حب ومراهقة مع فتيات يتم التعرف اليهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وللأسف فإن كثيراً من الفتيات بسبب العنوسة والخوف من تأخر سن الزواج قد يقعن فريسة الكلام المعسول.
وتشير صفية إلى أنها سيدة عصرية تؤمن بأن التواصل عبر الإنترنت أصبح لغة العصر بكل ما للكلمة من معانٍ، ولهذا فهي لا تعارض أن ترتبط ابنتها بقصة حب حقيقي عبر مواقع التواصل، طالما أن الغرض شريف، مطالبةً في الوقت نفسه الأمهات والآباء بأن يكونوا أكثر واقعية في التعامل مع متطلبات العصر، حتى لا يكونوا منفصلين عن أبنائهم.

فوزي علوان: ارتداء الأقنعة عبر الإنترنت أكبر خدعة في قصص الحب
المهندس فوزي علوان يشكك في إمكانية التعارف الصحيح، والزواج المستقر، لأن «زواج الصالونات»، أو الزواج التقليدي ما زال «سيد الموقف» في الزواج الناجح، ففيه غالباً ما يتعارف الطرفان وجهاً لوجه، وتتضح صفات كل منهما للآخر، من خلال تكرار اللقاء بينهما. أما عبر الإنترنت فكل منهما يضع قناعاً ليخفي به عيوبه عن الآخر، بل إن بعضهم قد يبلغ به الخداع حد ادعاء أنه ينتمي إلى جنس غير جنسه، ويحاول خداع الآخر بقصص وحكايات من نسج الخيال، كنوع من التسلية ليس إلا.
ويرفض علوان أن تتعرف ابنته إلى شاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويخاف عليها، ففي المجتمعات الشرقية يحرصون كثيراً على سمعة الفتيات من أن يطاولها أي أذى.

أحمد وجيه: الرجل الشرقي لا يحبذ الزواج عبر الإنترنت
يؤكد مدرب التنمية البشرية أحمد وجيه، مؤسس مدرسة «اتجوز صح»، حقيقة أن الرجل الشرقي بعامة لا يحبذ التعرف إلى شريكة عمره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو يعلن ذلك جهاراً، لأن هذا النوع من العلاقات قد يعتريه الشك بإخلاص الشريكة، بحيث يخشى أن تكون لها تجارب مماثلة مع آخرين قبله.
ويوضح أحمد أن للحب والزواج عبر وسائل التواصل الاجتماعي مميزات، منها تيسير التواصل والنقاش والتعبير عن المشاعر في أي زمان ومكان، وتشوبه أيضاً عيوب منها الخداع والغش والتدليس والكذب وعدم الجدية، وتسجيل هفوات الطرف الآخر وزلاّته، واتخاذها وسيلة لابتزازه وإذلاله بأي شكل، ولهذا فإن من يركب موجة «الحب والزواج الإنترنتي»، خاصة من الجنس الناعم، لا بد له من أن يكون على دراية بالأنواء والمخاطر التي تواجهه وكيفية حماية نفسه منها.
وينهي أحمد وجيه كلامه مؤكداً أنه لا يستطيع التعميم بأن الزواج من طريق وسائل التواصل الاجتماعي كله صحيح أو خاطئ، لأن لكل حالة ظروفها وملابساتها الخاصة، التي يمكن من خلالها الحكم على هذه العلاقة بأنها تسير في الطريق السليم أو الخاطئ، وفي الوقت نفسه لا بد من أن يتفهم الآباء والأمهات ما استجد من وسائل حديثة للحب والزواج، والتعامل معها بحصافة وحكمة.

الدكتورة إيمان شاهين: على من تدخل قصة حب «أون لاين» أن تكون حذرة
عن التحليل النفسي للظاهرة، تؤكد الدكتورة إيمان شاهين، مديرة «مركز الإرشاد النفسي» في جامعة عين شمس، أن من الخطأ الحكم على علاقات الحب عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالنجاح أو الفشل، لأن الواقع يؤكد أن هناك العديد من العلاقات العاطفية التي تبدأ من خلف شاشة الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، وتنتهي نهاية سعيدة بالارتباط وتكوين أسرة مستقرة، في مقابل علاقات وتجارب أخرى تنتهي بالفشل لأنها لم تبدأ بالصدق والأمانة، بحيث يرتدي كل من الطرفين قناعاً لإخفاء عيوبه أو للتسلية.  وتشير الدكتورة إيمان، إلى أن تجارب الحب عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثلها مثل تجارب الحب عبر الوسائل التقليدية، التي قد تبدأ بنظرة ثم ابتسامة فموعد فلقاء، ثم يسير الطرفان في طريق قد يصيبان أو يخطئان فيه، وقد يفشلان نسبياً ثم يستفيدان من الخطأ ويصلحان المسار، مع الأخذ في الاعتبار أن العواطف الجيّاشة والتساهل في إرسال الصور وغيرها من جانب الفتاة، قد يُستخدم ضدها إذا قررت لأي سبب إنهاء هذه العلاقة. ولهذا يجب على من تدخل تجربة حب عبر وسائل التواصل أن تكون حذرة، وألا تفعل ما تخجل منه في العلن، فتصبح صيداً سهلاً لمن احترفوا تضليل المراهقات والعوانس عبر مواقع التواصل، ثم تكون النتائج وخيمة وتدفع الفتاة وأسرتها ضريبة ذلك من سمعتها.
وتنهي الدكتورة إيمان كلامها، مؤكدة أن احتمال نجاح علاقات الحب أو فشلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يتوقف على طرفي العلاقة وصدقهما ووجود اهتماماتٍ مشتركة بينهما وآراءٍ متشابهة تجمعهما، مما يولد انسجاماً عاطفياً تكون نتيجته الزواج والارتباط، وفي الوقت نفسه فإن الشابة أو الشاب الذي يغلق علاقاته على مواقع التواصل الاجتماعي فقط قد يفشل كثيراً إذا قدم له الطرف الآخر معلوماتٍ غير صحيحة عن نفسه، أو بالغ في صفاته، وبالتالي تصبح خياراته خاطئة حتماً، لأنها مبنية على تخيلات وأوهام لا تمت إلى الواقع والحقيقة بصلة.

الحكم الشرعي
يطالب الداعية الدكتور عمرو خالد، من يعيش قصة حب عبر الـ «أون لاين»، أن يجعل نفسه في موقع خطيب أخته، وما يرتضي أن يقال لأخته فيقوله لحبيبته، لقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه»، وعلى الآباء والأمهات التعامل مع مستجدات العصر بفكر مفتوح، للاستفادة من مميزاته في مصلحة بناتهم وأبنائهم، وحمايتهم من عيوبه ومخاطره، وأن يتأملوا جيداً القول المأثور: «لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، ولا تجبروا أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم».
ويدعو الدكتور عمرو خالد، أطراف حب الـ «أون لاين» أن يتقوا الله في ما يقولونه، ويتأملوا جيداً قول الله تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ. مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ» (الآيات من 16-19) سورة «ق».
ويختتم الدكتور عمرو كلامه، مؤكداً أن الحب «أون لاين» كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، والحكم الشرعي يتوقف على مضمون ما يقال، والهدف مما يقال، وكل من الطرفين محاسب على نيته أمام الله، وهل هو للزواج الشرعي أم للتسالي وتضييع الوقت، ولهذا قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».
في ظل تعدد وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار التكنولوجيا الحديثة في سورية، كان لا بد من ظهور سبل جديدة للتعارف، والتي تطور بعضها إلى علاقات صداقة أو حب تكلل بالزواج، وهو الأمر الذي استغربه البعض، فيما رأى البعض الآخر أن الفكرة تُجاري عصرنا هذا... «لها» استطلعت عدداً من آراء الشباب السوريين حول الحب «أون لاين» وهذه اجاباتهم.

هبة إبراهيم: تعرفت إلى خطيبي عن طريق أحد برامج الدردشة
لم أكن أقتنع بهذه العلاقات أبداً، بل إنني كنت أعتبرها من السخافات، فكيف يمكن أحداً أن يحب شخصاً آخر لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئاً! إلى أن جاء يوم أُغرمت فيه فجأة وتبدل مفهومي لعلاقات الحب «أون لاين». لقد عشت بالفعل هذا النوع من العلاقات، ولم يعد يهمني الشكل الخارجي، بل أكثر ما يجذبني في الشخص أخلاقه وأسلوبه في الحديث. وهذا ما حدث معي ومع خطيبي الذي تعرفت إليه وأحببته رغم اختلاف طباعنا، فأنا أحب الرومانسية، وهو إنسان جدّي ولكنني نجحت في التأثير فيه حتى انسجمت ميولنا. أرى أن هذه العلاقات ستحقق النجاح، لأنها تقوم على مبدأ التفاهم بين الطرفين. أما في ما يخص الأهل والمجتمع، فهم بالتأكيد يرفضون علاقات الحب «أون لاين»، ولا يثقون بها. ولأننا تعارفنا من طريق أحد برامج الدردشة، اضطررنا الى ابتكار بعض الحيل لإقناع الأهل، لكن بعدما توطدت علاقتنا، لم يعد ثمة داعٍ لإخفاء وسيلة التعارف، لأن الحب الذي نعيشه قوي وعميق.

ريم يوسف: قد تتطور علاقة التعارف إلى حب وزواج
علاقات الانترنت هي موضة العصر، ولا يقتصر الأمر على الحب فقط، بل يشمل علاقات الصداقة والعمل. وككل شيء في الحياة، فإن للعلاقات المنسوجة من طريق الانترنت إيجابياتها وسلبياتها... في البداية تكون العلاقة ما بين الشاب والفتاة أشبه بالتسلية والتعارف، فما يجذب الشاب هو شكل الفتاة واهتمامها بلباسها، ومن الممكن أن تتطور هذه العلاقة لتتكلل بالزواج، خاصة إذا كانت الفتاة تملك المال، حينها يطور الشاب العلاقة متجاوزاً بذلك كل الأعراف التي تستثني علاقات الانترنت، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي ترخي بثقلها على الشباب. وفي أحيان أخرى، تكون هذه العلاقات مقنّعة، ومغايرة للواقع، فيُصدم الشاب أو الفتاة لدى رؤيته للطرف الآخر، خاصة أن كلاً منهما يكون قد صوّر نفسه للآخر على هواه. أما عن الايجابيات، فتتلخص بأن هذا النوع من العلاقات ينشأ بعيداً تماماً من فكرة الارتباط، مما يفسح في المجال أمام الطرفين للتعارف بغض النظر عما ستؤول اليه تلك العلاقة، فيكون هناك نوع من الصدق أو قل الراحة في الحديث، ويمكن أن تتطور العلاقة إلى حب وزواج.

سوسن علي: نلجأ الى علاقات الانترنت للهروب من الواقع المأسوي
لا أؤيد الحب «أون لاين» ولا أعارضه، إذ تفتح تلك العلاقات مجالاً واسعاً للخداع. والتواصل من طريق الانترنت، يمد الناس بالجرأة، فيكتبون ويتكلمون عن أشياء لا يستطيعون البوح بها في الحقيقة، ويلجأون الى هذا النوع من الوسائل لكونها مريحة ولا تحدّها حدود، وقد سمعت الكثير عن العلاقات التي فشلت في مقابل أخرى نجحت وتطورت إلى علاقة حب وزواج من طريق برامج الدردشة. كما أرفض بشدة أن يستمر الشخص في علاقة «أون لاين» لفترات طويلة، لأننا لا نلجأ الى الانترنت إلا هرباً من واقعنا المأسوي. والأشخاص الذين يهربون من واقعهم، يكونون على الانترنت كما يرغبون ويتمنون وليس كما هم عليه في الواقع. مثلاً، في إمكاني أن أقدّم نفسي لشريكي على أنني فتاة متواضعة وناجحة وطيبة، وفي المقابل غالباً ما يقدم الشريك نفسه بأفضل صورة، ويحاول كلا الطرفين التأثير إيجاباً في حياة الآخر لإثبات صدق نواياه. لكن غالباً ما يعتري الفتور والجفاء هذه العلاقة بعد مرور فترة من الزمن عليها، حيث يغدو الشريك في حياة الآخر مجرد شخص يختبئ خلف الشاشة، وهذا أمر غير كافٍ، وقد تظهر رغبات في بعض الأحيان، هي بالنسبة الى الفتاة خط أحمر، مما يؤدي الى نشوب الخلافات وتدمير العلاقة.

شادي بوظان: علاقات الحب «أون لاين» خالية من المشاعر ومجرد أكاذيب
أرفض بشدة التعارف وعلاقات الحب «أون لاين»، بحيث يعتريها الكثير من الكذب والخداع، إذ تقوم على اختيار الكلمات المنمّقة والتعابير الرومانسية التي تؤثر كثيراً في عواطف الآخر.
لا أؤمن بالحب من طريق الانترنت، فمثل هذه العلاقات تكون مصطنعة وخالية تماماً من الحب والمشاعر الصادقة. وفي بعض الحالات، يستغل أحد الطرفين خروج الطرف الثاني من علاقة حب فاشلة، ويسلك طريق الحب «أون لاين»، ليخرج من معاناته المرّة السابقة. ولا أستبعد أن يكون الطرفان مخادعين ويلجآن إلى الانترنت كنوع من التسلية، وغالبا ما يكونان مدمنين على برامج الدردشة من دون أن يكونا مقتنعين فعلاً بهذه العلاقة، فنرى الفتاة تقدّم نفسها على أنها فتاة عصرية ومن طبقة اجتماعية راقية، وتخترع الأكاذيب بغية إقناع الشخص الذي تتحدث معه بها.
وأرى أن الحب الحقيقي هو الذي يولد بين الطرفين على أرض الواقع، فيعيشان قصة حب حقيقية، يلتقيان، يمشيان سوياً، يتحدثان ويضحكان... أما الحب «أون لاين»، فهو تلاعب بالكلمات والمشاعر ومجرد أكاذيب.

نضال أمين: يلجأ بعض الشباب إلى الحب «أون لاين» انتقاماً من بعض الفتيات
لا أؤيد هذه العلاقات أبداً، لأنني أستطيع اختراع ألف شخصية على الانترنت، لكون التجربة أو المواقف التي تعترضنا على أرض الواقع تلعب دوراً مهماً في إظهار مدى قوة العلاقة. وثمة شبان يلجأون الى تلك العلاقات كنوع من الانتقام من الفتيات بسبب علاقات فاشلة سابقة. فالحب «أون لاين» ليس مصطنعاً أو مجرد كذبة، وقد نهدف من خلاله الى جعل الأشخاص الذين في مخيلتنا واقعاً ملموساً، ويستمر مسلسل الكذب، ويمكن مع الوقت أن نصدق تلك الكذبة على أنها واقع مما يسبب لنا مأساة حقيقية... فالحب الحقيقي الذي نبحث عنه يكون من خلال النظرة والاكتشاف والارتياح الى الشخص الذي يجلس الى جانبنا، وليس من يفصلنا عنه جهاز أو شاشة.

سامر رضوان: أؤيد الحب «أون لاين» بشرط أن يكون  مبنياً على الصدق
حب «أون لاين»، هو إحدى وسائل التعارف العصرية. لست ضد هذا النوع من العلاقات، لكن بشرط أن تكون مبنية على الصدق، وأن يتطور التعارف الافتراضي إلى تعارف واقعي وعائلي، وأن يكون هناك تقارب بين الشخصين من الناحيتين البيئية والثقافية. ولي أصدقاء عاشوا هذه التجربة وتزوجوا بعد قصة حب «أون لاين». أما إذا كان الهدف من تلك العلاقة مجرد التعارف لزيادة عدد الأصدقاء، فأرفض الفكرة من أساسها.

غنوة محمود: الفوارق الاجتماعية تحكم أحياناً على الحب «أون لاين» بالطلاق
لا أحب هذا النوع من العلاقات، لكون الأشخاص يغيّرون من خلالها سلوكهم وتصرفاتهم وينقلبون على واقعهم، فنصادف أشخاصاً غير حقيقيين من ناحية التفكير والمنطق والعقل. والجدير ذكره أن هناك علاقات تعارف بين البيئات المختلفة، فثمة بيئات منغلقة وأخرى منفتحة، مما يؤدي الى حدوث الكثير من المشاكل، لأن بعض العلاقات تتطور الى زواج، يكون مصيره الفشل وينتهي أحياناً بالطلاق بسبب الفوارق الاجتماعية.

ريم أحمد: الحب «أون لاين» موجود بالفعل وما من عيب فيه

نادراً ما يأخذ الشباب في مطلع العشرينات بالنصيحة، لذلك نراهم غالباً ما يلجأون الى هذا النوع من العلاقات، ليكتشفوا بأنفسهم ما هو صحيح وغير صحيح في تلك العلاقة، فالتجربة الشخصية هي خير برهان على اكتساب المعرفة والنضج.
والحب «أون لاين» موجود بالفعل، والدليل على ذلك حالات الزواج التي نجدها في مجتمعنا، وما من عيب في هذا النوع من الحب، لكن بشرط أن يسلك الطريق الصحيح.