أضاع طفله... والسبب مباراة كرة القدم

أضاع طفله,السبب,مباراة,كرة القدم,أحداث ساخنة,عملية خطف,المتهم,المخطط

نسرين محمد - (القاهرة) 07 أغسطس 2016

حالة من الحماسة عاشها وسط تشجيع رواد المقهى، أثناء متابعة مباراة فريقي القمة، جعلته ينسى صغيراً كان بصحبته يلهو في المكان الذي بدأت الجموع تغادره عقب انتهاء المباراة، ليكتشف اختفاءه ويبدأ البحث عنه، إلا أنه لم يجد له أثراً على الإطلاق، لتمر اللحظات ثقيلة وتكشف عن كارثة كادت تسلبه روحه، لولا أن القدر كان رحيماً به، وكتب له العودة مرة أخرى.


مباراة بين فريقي الأهلي والزمالك في القاهرة كانت كفيلة بأن تجعل المقاهي تزدحم بمشجعي الفريقين، خاصة في ظل غياب الجماهير عن المدرّجات، فيلجأون إلى المقاهي التي تتخذ من هذا اليوم فرصة لتحقيق مكاسب مالية كبيرة بفضل كثرة روادها، الذين يحرصون على متابعة الأحداث وسط هذه الحماسة، التي يكاد الشارع يخلو معها من المارة. أحمد من الأثرياء الذين يقطنون في منطقة إمبابة الشعبية، يمتلك مجموعة من العقارات بحكم عمله في مجال المقاولات، إلى جانب مقهى شهير يدر عليه يومياً آلاف الجنيهات، ما جعل البعض ينظر إليه نظرة حقد وكراهية، قد تكون دافعاً لارتكاب جريمة بحق هذا الشخص طمعاً في أمواله الخيالية. ومثل الكثيرين من أصحاب المقاهي، استعدّ أحمد يومها لمباراة القمة طمعاً في تحقيق الأرباح من ناحية، وكواحد من عشاق كرة القدم من ناحية أخرى، حيث جلس وسط رواد المقهى يتابع بحماسة أداء اللاعبين.

أحداث ساخنة
في الجانب الآخر جلس ابنه، الذي لم يتجاوز السادسة من عمره بعد، يلعب في الشارع أمام المقهى، من دون أن يلتفت إليه أحد، بعدما انشغل الجميع بمتابعة أحداث المباراة، التي انتهت لتبدأ أحداث ساخنة من نوع آخر تفوق سخونة هذا اللقاء الكروي. التفت الرجل يميناً ويساراً يبحث عن صغيره، لكن بلا جدوى، فظن أنه ربما يكون قد ذهب الى المنزل بمفرده دون أن ينتبه اليه، إلى أن فوجئ بزوجته تتصل به وتسأله عن أحوال الصغير، لينزل عليه السؤال كصاعقة من السماء أفقدته صوابه. أدرك أحمد أنه أخطأ عندما ترك صغيره يلهو بمفرده، فلعن الكرة وكل المباريات التي كانت سبباً في ضياع طفله، وانطلق في الشوارع كالمجنون يبحث عن وهم، وبعدما فقد الأمل ذهب إلى قسم الشرطة يبكي صغيره الذي لا يعرف أين ذهب بعدما ظن أنه ضل الطريق. عاش صاحب المقهى على أمل أن يتلقّى اتصالاً من أحد الأشخاص يبلغه بالعثور على الطفل، بعدما نشر صوره في كل الشوارع والميادين، حتى جاءه الاتصال الذي لم يكن يتوقعه على الإطلاق، ويؤكد أن ابنه رهينة وعليه دفع مليون جنيه لإطلاق سراحه.

عملية خطف
حاول أحمد عدم تصديق ما سمعه، فربما يكون أحدهم علم بالأمر وقرر استغلاله والنصب عليه، حتى سمع صوت صغيره وهو يبكي، فاعتصر قلبه من الألم، إذ إن ما يسمعه هو الحقيقة بعينها. ثراء الرجل كان يمكّنه من تأمين المبلغ، لكنه لم يكن يمتلك السيولة النقدية الكافية، لذا سارع الى رجال الشرطة يعرض عليهم المصيبة، فربما يجد لديهم الحل قبل فوات الأوان. التقط رجال المباحث أول خيوط الإيقاع بالمتهمين، من خلال رقم الهاتف الذي استخدمه الخاطف، حيث بدأوا في تتبعه للوصول إلى مكان اختفاء الصغير وتحريره قبل أن يصاب بالأذى، لتظهر التحريات وجوده في منطقة سكنية متاخمة للمنطقة التي يسكن فيها، مما يشير إلى أن الجاني على معرفة جيدة بأهل الطفل.

المتهم
نجحت معلومات فريق البحث في تحديد هوية المتهم، الذي تبين أنه يدعى سالم محمود، 40 سنة، سائق صادر في حقه حكم بالسجن المؤبد في قضية قتل عمد ومطلوب أمنياً، فنُصبت على الفور الأكمنة اللازمة لإلقاء القبض عليه، ونجح رجال المباحث في ضبطه بعد مطاردته في إحدى المناطق الزراعية التي كان يختبئ فيها. حاول المتهم إنكار عملية الخطف، لكنه سرعان ما اعترف بعدما عُثر في حوزته على الهاتف الذي كان قد استخدمه في الاتصال بوالد الطفل المجني عليه، وكشف عن مكان إخفائه بصحبة زوجته في منزل والدتها. في غضون دقائق كان رجال المباحث يطوّقون منزل والدة الزوجة، ليتم تحرير الصغير وإلقاء القبض عليها بصحبة ابنتها زوجة المتهم، بعد أن تبين أنهما كانتا على علم بعملية الخطف.

المخطط
عاد كريم الى أحضان والده الذي لم يصدّق ما رأته عيناه، فانهمرت دموعه فرحاً، لتكشف اعترافات السائق عن متهم رئيسي في الجريمة، بل مخطِّط لها يدعى أحمد نبيل، نجار، يعرفه الجميع باسم «الروبي»، وفور ذكر اسمه أمام صاحب المقهى كاد يُجنّ جنونه. تربط المتهم بوالد المجني عليه علاقة عمل، حيث تعرف إليه منذ خمسة أشهر تقريباً أثناء بنائه أحد الأبراج التي يملكها في المنطقة، وعلم بثرائه فخطط لعملية الخطف بالاتفاق مع السائق، مقابل منحه 500 ألف جنيه نصف قيمة الفدية التي سيحصل عليها، الأمر الذي سيمكنه من تدبير أموره والهرب من الحكم الصادر عليه. إلّا أنّ حكماً آخر صدر من النيابة العامة قضى بتوقيف المتهمين الأربعة على ذمة التحقيق وتسليم الطفل ضحية مباراة كرة القدم إلى ذويه.