حكايات أجانب وقعوا في غرام اللغة العربية

حكايات أجانب,وقعوا في غرام,اللغة العربية,كتابة,قراءة,محادثة,تحقيق أحلامهم,أهدافهم,الصعوبات,بشرى موسمان,مشكلات,كوستانتينا كولومبو غزاوي,مرض ابني,رومرت رود,فائدة,آندرو كليفت,الحضارة,ماكس تايم,متابعة,كوران جوزيف,متحمسة,نسرين صعب,مايا سمعان,هاجس,دوافع,مشتركة,مي جحا,مارتن إيكومي,كريستيانا باولوس,كاترينا كابول,أعشق الترجمة,صمويل غالوا,مشروع,طموح,الدكتور بكر إسماعيل

غنى حليق - (لبنان) - أحمد جمال - فادية عبود (مصر) 20 أغسطس 2016

في الوقت الذي يتخلى فيه معظم الشباب العرب عن لغتهم الأم، ويحاولون التخاطب بالإنكليزية أو الفرنسية، والاستغناء عن الحروف العربية في الرسائل الهاتفية، فيكتبونها بأحرف أجنبية، ويتغنون ويتباهون بلغتهم الأجنبية ولكنتهم الأميركية أو البريطانية أو الفرنسية... يتوجه عدد لا بأس به من الشباب المثقفين الأجانب لتعلم اللغة العربية كتابةً وقراءةً ومحادثةً، فيقطعون المسافات ويعبرون القارات بغية إتقانها والتمكن منها، غير آبهين للأحداث التي تشهدها المنطقة العربية. التقت «لها» مجموعة من الأجانب من دول مختلفة يتعلمون اللغة العربية في لبنان ومصر ويحاولون جاهدين إتقانها لتحقيق أحلامهم وأهدافهم، وطرحت عليهم أسئلة عدة للاستفسار عن سبب تعلّمهم لغة الضاد، وأهدافهم من ذلك، والصعوبات التي يواجهونها خلال تعلمها. ونبدأ بشهادات من لبنان.


بشرى موسمان: اسمي جذبني الى اللغة العربية

بشرى موسمان شابة ألمانية لها من العمر 23 عاماً، درست العلوم الإسلامية والتاريخ في مدينة فريبورغ في جنوب ألمانيا بين عامي 2012 و 2015 وتهتم كثيراً باللغة العربية وترغب في إجادتها. تقول بشرى: «أنا ألمانية مئة في المئة، ومهمتي الآن إتقان اللغة العربية. درست العلوم الإسلامية والتاريخ في الجامعة، وأعطي حالياً دروساً خصوصية». وعن زيارتها إلى لبنان وحبها للغة العربية ورغبتها في تعلمها، توضح بشرى: «حبي لتطوير لغتي العربية هو ما دفعني للسفر إلى لبنان، فأنا أرغب في إتقان اللغة العربية لفظاً وكتابةً. في العام الماضي، درست اللهجة العامية لمدة 5 أشهر، وتدربت عليها في مراكز عدة في لبنان، منها المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت، وقصدت أيضاً مخيم «شاتيلا» مع (النجدة الاجتماعية في روضة الأطفال) وتعلمت الكثير من الأمور خلال تلك الفترة، وأحببت الشعب اللبناني، ولذلك قررت العودة وقضاء فترات طويلة لأكتسب المزيد». أحبّت بشرى دراسة اللغة العربية لأن اسمها عربي، فقبل أن تولد كانت أمها تعمل في مشاريع لمساعدة اللاجئين، وتعرفت خلالها إلى فتاة صغيرة تُدعى بشرى، فأحبّت الاسم وأطلقته على مولودتها. تشرح بشرى: «اسمي دفعني للاطلاع على اللغة العربية، وعندما أنهيت دراستي الثانوية كانت لدي فكرة عن اللغة التي يتحدّر منها اسمي. أحب اللغات الاجنبية وأهتم بدراستها، ولذلك درست بالاضافة إلى اللغة العربية، اللغات: الإسبانية، الفرنسة، الإنكليزية وبعض المفردات الايطالية».
في البداية، واجهت بشرى مشكلات في دراسة اللغة العربية، لأنها من اللغات الشديدة الصعوبة، كما تقول، خصوصاً أنها أوروبية وقواعد اللغة العربية تختلف تماماً عن تلك الغربية، لكن بعد فترة تعودت عليها وباتت أكثر سهولة، خصوصاً أنها معتادة على دراسة اللغات الأجنبية. تقول بشرى: «أصبحت أفكر باللغة العربية ولا أترجمها، فمن المهم التفكير باللغة والتعود عليها وعدم ترجمتها. لقد احتجت الى ثلاث سنوات ونصف السنة حتى تمكنت من اللغة العربية».
بشرى التي أجابت عن كل أسئلتنا باللغة العربية المكتوبة ترى أنها لا تجيد اللغة العربية بامتياز، ورغم ذلك تؤكد أن دراسة هذه اللغة أصبحت بالنسبة إليها أسهل، وتوضح: «أؤكد أنني وصلت الى مرحلة متقدمة في الإلمام باللغة العربية، مثلاً كنت أحلم بالتحدّث مع الناس بالعربية، وها أنا اليوم أحقق ذلك بفخر بعدما تمكنت من الوصول إلى مستوى أكاديمي جيد».
وعن إيجابيات اللغة العربية، تقول بشرى: «من إيجابيات هذه اللغة أنها تتضمن معاني جميلة جداً في الأدب والشعر، وفيها مخارج حروف متفاوتة. أطمح الى التحدث بالعربية وأن تصبح لغتي الأصلية الثانية، وهذا ما يدفعني للسفر المتكرر الى الدول العربية كي أتقن لغة الضاد بامتياز». وتستدرك: «علاقتي مع اللغة العربية وطيدة، وهناك أسباب كثيرة تدفعني لتعلمها، أولها اسمي وعشقي للعادات الشرقية كلها، فقد تعرفت خلال دراستي على الحضارة العربية بما فيها من أدب وهندسة وفن... واطلعت أيضاً على المطبخ العربي الذي أحبه كثيراً. لقد أصبحت اللغة العربية جزءاً من حياتي اليومية، وكوني سيدة ألمانية كان من الصعب عليّ الغوص في دهاليز هذه اللغة، لذا كان لا بد من التدرّب عليها لأتمكن من حفظ مفرداتها، لأنني أدرك أن التمكن من اللغات سيعود بالفائدة عليّ».

كوستانتينا كولومبو غزاوي: مرض ابني حضّني على تعلم اللغة العربية
كوستانتينا كولومبو، أو كما يناديها أصدقاؤها «تيتي غزاوي» امرأة إيطالية الأصل، متزوجة من رجل لبناني وتعيش في لبنان منذ 25 سنة. تقول كولومبو: «أحب تعلّم اللغات، وتخصصت في الجامعة بترجمة اللغات، وعندما جئت إلى لبنان كنت متحمسة لتعلم اللغة العربية، إلا أن زوجي طلب مني التمهّل قليلاً ريثما أتأقلم مع عادات البلد ولغته، لأن العربية من أصعب اللغات». لم تمتثل كولومبو لنصيحة زوجها، لأنها كانت متحمسة جداً لتعلم القواعد والصرف والنحو، مما دفعها لتلقّي دروس بالعربية في الجامعة، ورغم ذلك لم تستفد شيئاً، فالدروس الجامعية تختلف عن الواقع المُعاش... توضح كولومبو: «كل ما تعلمته في الجامعة لم أستطع تطبيقه في تعاملي مع الناس، وذلك بسبب الفارق ما بين الفصحى والعامية، لغة التخاطب في المجتمع». توقفت كولومبو عن دراسة اللغة العربية لفترة، وحاولت تعلم بعض المفردات من المحيطين بها، إلا أن حادثة تعرضت لها أجبرتها على العودة إلى المدرسة وتعلم اللغة العربية قراءةً وكتابةً، وتقول كولومبو: «تعرضت لظروف مأسوية أجبرتني على تعلم اللغة العربية. كان ابني في شهوره الأولى حين ارتفعت حرارته فجأة، وكان زوجي يومها مسافراً خارج لبنان، فاتصلت بالطبيب ولم أجده، وأخبروني أنه في عيادته. أوصلني السائق إلى العيادة، وفي مدخل المبنى صُدمت بلائحة أسماء مكتوبة بالعربية بعدما عجزت عن فك طلاسمها، أنا والسائق لأنه أميّ. أصبحت في حيرة من أمري، ولم ألمح أحداً يرشدني الى عيادة الطبيب، فضغطت على جميع الأزرار وصرت أسأل كل طابق في المبنى إلى أن وفّقت وفُتح لي الباب. بعد هذه الحادثة شعرت بالحاجة الى تعلم اللغة العربية، قراءةً وكتابةً، حتى أسهّل أموري الحياتية وأتمكن على الأقل من تهجئة الحروف وقراءة الاسماء والعناوين».
تعترف كولومبو بأن اللغة العربية جميلة وممتعة، لكنها معقدة بعض الشيء، خصوصاً في ما يتعلق بالقواعد والصرف والنحو ورموز الكتابة، لكنها رغم ذلك استطاعت تعلمها وتخطت كل الصعوبات الى أن نجحت في تدريس أولادها. تؤكد كولومبو: «لقد استطعت تدريس أولادي حتى الصف الثاني الابتدائي، ودرست اللغة في الجامعة اللبنانية- الاميركية، وكانت لغة التدريس لديهم لغة صحافة مكّنتني من قراءة العناوين وبعض الجمل، وأصبحت أتابع اولادي في المدرسة، وأستمع اليهم وأحدّد لهم الخطأ، لكن من دون أن أقرأ لهم بالعربية لأنني لست المرجع أو المثل الصحيح لهم بالعربية».
ترى كولومبو أن على أبنائها تعلم لغة بلدهم وإجادتها بامتياز، وتصر على ذلك حتى لو كانوا يعيشون خارج لبنان، فهي ايطالية ووالدهم لبناني وعليهم تعلم اللغتين لأنهم ينتمون إلى البلدين. اللغة الانكليزية يمكن تعلمها في أي وقت، أما العربية فهي لغة صعبة ولا بد من تعلمها باكراً للتمكن منها.
تشير كولومبو الى أن الجميع من حولها لم يساعدوها في تعلم العربية، لأنهم يتحدثون معها إما بالانكليزية او بالفرنسية، إلا انها اليوم تستطيع قراءة عناوين الصحف وإجراء محادثة ولو قصيرة باللغة العربية... «الآن أستطيع قراءة عناوين الصحف، لكنني لا أفهم مضامين النصوص جيداً».
تبدي كولومبو خجلها من أصحابها عندما يسألونها عن أسباب عدم تمكنها من اللغة العربية، خصوصاً أنها تعيش في لبنان منذ 25 سنة، ولا بد لها من أن تجيد العربية، لكنها تؤكد لهم أنها تتكلم الفرنسية والالمانية والايطالية والانكليزية، وتعجز عن التحدّث بالعربية مُلقية باللوم على اللبنانيين الذي قلّما يتحدثون معها بهذه اللغة. 

وتلفت كولومبو الى ان معظم الاجانب المقيمين في لبنان يحبون تعلم اللغة العربية والتحدث بها أكثر من لغتهم الأم، ولكن المجتمع من حولهم لا يساعدهم في ذلك ويحبط عزيمتهم إذ يؤكد لهم صعوبة تعلّمها. لكن لا بد من المحاولة والمثابرة، فبالعزيمة وحدها يتعلم الانسان كل ما يريد. وتنصح كولومبو اللبنانيين الذين يعيشون في الخارج بتعليم أولادهم العربية، فهي لغتهم الام، وتختتم حديثها بالقول: «اللغة العربية جميلة، وشخصياً أحببت لبنان كثيراً لتنوع ثقافاته، لكن الترجمة تفقد اللغة العربية رونقها، لذلك يجب تعلمها حتى لا تفقد المعاني قيمتها».

رومرت رود: هوى شخصي وفائدة دراسية
رومرت رود شاب نروجي الجنسية جاء إلى لبنان خصيصاً لتعلم اللغة العربية وصقل معلوماته ومعرفته بها وبحضارتها، وهو حالياً يتابع برنامج «سينارك» الصيفي لتعليم اللغة العربية، وقد تعرف على البلد والبرنامج عبر الانترنت وأصدقاء له زاروا لبنان سابقاً ونصحوه بزيارته. يعرّف رومرت نفسه بأنه شاب نروجي يدرس العلوم السياسية ويجري دراسات عن الشرق الاوسط، وهو ينوي إكمال دراسة الـ«ماستر» في هذا الاختصاص، كما أنه يشغل وظيفة تُعنى بشؤون الشرق الاوسط. يقول رومرت إنه مهتم بدراسة اللغة العربية لأنها تحوز اهتمامه الشخصي، وتفيده في متابعة اختصاصه الجامعي وأبحاث عن الشرق الاوسط: «أرى هذه الحضارة مثيرة للاهتمام وتشدّني لمعرفة المزيد عنها».
هو يزور لبنان للمرة الأولى، وكان قد تعلم اللغة العربية في النروج، وحين كان يقيم في الأردن خضع لدورات لغوية خصوصية لمدة 6 أشهر. تعرف رومرت على برنامج «سينارك» في الجامعة اللبنانية- الأميركية من أستاذه اللبناني، وأحب زيارة لبنان للاستفادة من هذه الفرصة التي تمكّنه من متابعة دراسة اللغة العربية.
يرى رومرت أن تعلم لغة جديدة ليس بالأمر الهيّن، وهو واجه صعوبة في بداية الأمر لناحية الازدواجية بين الفصحى والعامية، فكأنما عليه تعلّم لغتين، وهذا ما أخافه في تلك المرحلة، لكن بعد مرور سنة وستة أشهر على بدئه الدراسة وجد الأمر أسهل ومدعاة إلى الفائدة والمتعة في آن واحد. رومرت يحب اللغة العربية ويجدها مثيرة للاهتمام، إلّا أنه حتى الآن لا يعرف إلى أي مرحلة وصل، أو كيف يصنّف نفسه على صعيد المستوى اللغوي... ويوضح: «أفهم الكثير من الكلام حين أستمع، لكن يصعب عليّ التكلم والخوض في الحوارات كما يجب، كما أنني أقرأ الكتب بالعربية وأستوعب مضمونها جيداً، وأحب البحث في القاموس وتعلّم مفردات جديدة».
أما عن الحضارة الشرقية فيقول: «أنا معجب جداً بالحضارة الشرقية، وخصوصاً من ناحية غناها وتنوّعها، فمثلاً حين تزور الأردن ثم  تنتقل من عمّان بيروت، تجد أن لكل من المدن العربية طابعها الخاص رغم الكثير الذي يجمعها على الصعيد الحضاري في اللغة والدين والتاريخ». يتحدّث رومرت بإعجاب عن الطعام اللبناني، وسهولة تعلّم اللهجة اللبنانية، ويقول: «هناك نظام ونمط معيّن وقواعد «لبنانية» إذا تعلمتها تستطيع أن تفهم اللغة وتحلّل الكلمات لمعرفة معناها»، لافتاً إلى أن تعدّد اللهجات العربية واختلافها بين مدينة وأخرى يصعّبان على الدارس فهمها والتكلم بها.

آندرو كليفت: اعجابي بالحضارة العربية دفعني إلى تعلّم لغتها
آندرو كليفت شاب أميركي من سان فرنسيسكو، عمره 21 سنة، جاء إلى لبنان بهدف تعلم اللغة العربية، يقول: «تابعت دورة واحدة في اللغة العربية في الجامعة فأُغرمت بها! بدايةً، إعجابي بالحضارة العربية، دفعني إلى تعلّم العربية فدرست ما يقارب السنة في أميركا، وزادت حماستي لتعلّم المزيد فقررت السفر إلى لبنان لتطوير معرفتي العربية حضارةً ولغةً وثقافةً».
يدرس آندرو العلوم السياسية في أميركا، أما أهدافه وطموحاته فكثيرة، أهمها أن يصبح سفيراً لبلاده ويجيد اللغة العربية. معرفته للعربية تقتصر حتى الآن على إجادة القراءة وحسن الاستيعاب، لكنه لا يملك آلية الحوار والتعبير. لذا هو يعمل على تطوير إمكاناته اللغوية وصقلها.
عرف آندرو ببرنامج «سينارك» عبر أستاذ له في أميركا، كما أن «بروفسوراً» إيطالياً أخبره أن لبنان بلد رائع وحضارته عريقة... كل هذا شجعه على زيارة لبنان وتعلم اللغة العربية في هدف مزدوج.
يقرّ آندرو بأنه كان يظن، كما قسم كبير من الشعب الأميركي، أن لبنان بلد متخلّف، و«حذّرني أحد أساتذتي من التصريح بهويتي ولفْت الأنظار إليّ في لبنان، لكنني لم آخذ بنصيحته لأنني وجدت الوضع في الواقع مختلفاً تماماً عما لمسته في هذا البلد الجميل، وعما يروّج له في أميركا وغيرها».
ورغم هذه الشائعات، وما يذاع من حين لآخر عن الأحداث الأمنية في هذا البلد، ورغم خوف أهله وأصحابه عليه وتحذيراتهم له، فقد أحس آندرو بالأمان في هذا البلد وبين أهله، ويطمح إلى الإقامة فيه ما يستطيع. 

ماكس تايم: من أجل متابعة دراسته
ماكس تايم شاب أميركي في السابعة عشرة من عمره، والده أميركي الأصل فيما والدته تتحدّر من جذور لبنانية، درس اللغة العربية في رحلات صيفية عدة كانت مخصصة لتلامذة المدارس، وهو يأتي اليوم إلى لبنان لمتابعة دراسته، وينوي التخصص في شؤون الشرق الأوسط أو الأدب العربي، أو العلاقات الدولية وقد تعلّم اللاتينية والإسبانيّة وها هو في طريقه إلى العربيّة كي يتمكن منها ويجيدها لتعينه في دراسته الجامعية. يقول ماكس: «أحببت التعرف على بلد أجدادي والاطلاع على ثقافتهم، فقد ولدتني أمي في أميركا وهي لا تعرف شيئاً عن بلدها ولا عن لغة أهله».
هو يزور لبنان للمرة الأولى، وكان قد جاء بهدف الالتحاق ببرنامج «سينارك» الجامعي لتعليم اللغة العربية (في الجامعة اللبنانية الأميركية).
لا يجد ماكس صعوبة في تعلم اللغة العربية، وهي بالنسبة إليه كأي لغة أخرى، عليه التركيز والعمل بجهد وقوة إرادة لإتقانها ما دام الدافع موجوداً لديه. كما يستمتع كثيراً بوقته في لبنان ويحب زيارته مرة أخرى إذا سنحت له الفرصة، فشغفه باللغة والحضارة العربية كبير، وكذلك حنينه إلى أرض أجداده.

كوران جوزيف: متحمِّسة لدراسة اللغة العربية
كوران جوزيف فتاة أميركية درست «العلاقات الدولية» في بوسطن في جامعة ماساتشوتس، وترتكز في دراستها على الشرق الأوسط. درست اللغة العربية لمدة سنة في الجامعة، وهذه أول زيارة لها إلى لبنان. تقول: «أنا متحمسة جداً وأستمتع بوقتي، وكنت قد زرت مصر سابقاً عام 2012 وأحببت ثقافتها وناسها، وبالطبع اللغة العربية، وها أنا في طريقي إلى تعلّم المزيد».
«أهدف إلى تعلم اللغة العربية وإتقانها، لأن ذلك يعمّق معرفتي باختصاصي الدراسي، ويعزّز مركزي في عملي لدى الحكومة الاميركية» تقول كوران وتضيف: «كان من الممكن أن أتعلّم العربية في أي بلد عربي، لكن لي صديقة تدرس في الجامعة في بيروت، أقنعتني بأن آتي معها وأدرس هنا بدلاً من عمان، وهكذا كان... برنامج «سينارك» في لبنان رائع وممتع وأحاول الاستفادة منه قدر الإمكان».
تابعت كوران فصلاً دراسياً في اللغة العربية في جامعتها في بوسطن، ثم أتت إلى لبنان لمتابعة دراستها، لكنها لا تزال في المرحلة الابتدائية وهي متفائلة بتعلم المزيد وبالوصول الى نتيجة مرضية في نهاية البرنامج. لا تجد كوران اللغة العربية سهلة لأنها لا تتقن سوى الانكليزية، وكانت قد واجهت صعوبة في كيفية لفظ بعض الحروف، وفي تبديل اتجاه الكتابة من اليمين إلى اليسار، لكن رغم ذلك تأمل في أن تتغلب على كل الصعوبات مع الإرادة والمواظبة. لقد أحبت كوران لبنان ومن فيه، وترغب في زيارته مرة أخرى «لتعلم المزيد، وللتعرف على البلد أكثر، فأنا لم أعرف منه سوى القليل».

نسرين صعب ومايا سمعان: هاجس واحد ودوافع مشتركة لتعلم اللغة العربية
نسرين صعب ومايا سمعان فتاتان لبنانيتان، الاولى في عمر الـ 15 وتعيش في كاليفورنيا، والثانية عمرها 12 سنة وتعيش في دبي، وما جمعهما في لبنان وفي برنامج «سينارك» تحديداً هو رغبتهما في تعلّم اللغة العربية. قد يكون الأمر طبيعياً أن تسعى نسرين التي تعيش في الغرب لتعلم اللغة العربية في لبنان، ولكنه يصبح مدعاةً للاستغراب حين تأتي إليه مايا التي تعيش وتدرس في بلد عربي لتعلم اللغة العربية. الاثنتان لا تعرفان اللغة العربية، باستثناء بعض الكلمات البسيطة، ولذلك فهما تواجهان صعوبات مشتركة في حياتهما في ما يتعلق بهذه اللغة.
تقول نسرين: «انا لا أعرف اللغة العربية لأن الجميع من حولي يتحدثون باللغة الانكليزية، لذلك جئت الى لبنان لتعلم العربية. عائلتي تتكلم العربية في المناسبات العامة ولا أفهم مما يتحدّثون إلا القليل، ولهذا أريد التواصل معهم بالعربية ومشاركتهم في الحوارات».
زيارة نسرين الى لبنان ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فهي زارته منذ 6 سنوات، وتنوي المجيء اليه دائماً لتوطيد علاقتها بأهلها والتمسك بجذورها، ولكي تتعلم العربية وتجيدها، فوالداها قلّما يتكلمان العربية، وهذا غير كافٍ ليجعلها تتقن العربية وتتحدث بها بطلاقة.
تسعى كل من نسرين ومايا لتعلم اللغة العربية حتى تصلا إلى مرحلة متقدمة تمكّنهما من التواصل مع الناس بكل ثقة.

مي جحا: الغربيون يهتمون باللغة العربية ويحبون تعلّمها
تدير مي جحا برنامج «SINARC» لتعليم اللغة العربية للأجانب في الجامعة اللبنانية- الاميركية منذ عام 2003، وتقول إن هذا البرنامج قديم، وقد أطلقه عام 1997 أستاذ لبناني مقيم في أميركا بهدف استقطاب الطلاب الأجانب الراغبين بتعلم اللغة العربية. في البداية كان الطلاب يأتون من أميركا، ومن ثم بدأوا يتوافدون من دول أجنبية عدة. 

تسلّمت جحا هذا البرنامج بعد توقف مؤسِّسه عن الحضور إلى لبنان، وأضافت إليه مناهج عدة لكونها مقيمة في لبنان وتعرف الكثير عن البلد... تقول جحا: «طوّرت البرنامج وأضفت إليه الرحلات السياحية الأسبوعية، وبعض الأمور التي تعرّف الاجنبي بثقافة البلد وعاداته. برنامجنا الصيفي مكثّف ومدته 6 اسابيع، يدرس خلالها الطلاب 4 ساعات يومياً، مقسّمة الى 3 ساعات لغة فصحى وساعة عامية، ويتابعون أيضاً محاضرات في العلوم السياسية باللغة الانكليزية مرة في الأسبوع، يلقيها أساتذة مختصون في هذا المجال. وكانت هذه المحاضرات تتناول سابقاً القضايا العربية- الاسرائلية، ولكن مع تطور الأحداث في المنطقة العربية بتنا نناقش هذه القضايا بما يتوافق مع الأوضاع السياسية الراهنة. هذا بالإضافة الى محاضرة عن شؤون المرأة في الشرق الاوسط».
تشير جحا الى أن هذا البرنامج مدروس جيداً بحيث يشمل كل الجوانب التعليمية والثقافية والسياحية، وهو يفيد الطلاب والبلد، مثلاً في نهاية كل أسبوع يزور الطلاب منطقة من لبنان للتعرف على ما فيها من آثار وثقافة وعادات... ومع انتهاء البرنامج يكون الطلاب قد زاروا مختلف المناطق اللبنانية، واللافت أنهم خلال رحلاتهم ينشدون الأغاني اللبنانية، ويرددون الأشعار الجميلة، مما يجعلهم يتأثرون بثقافتنا وبعمق حضارتنا.
برنامج «سينارك» لا يقتصر على تعليم اللغة العربية، وتعريف الطلاب بالحضارة والثقافة العربية، بل يشمل أيضاً إطلاعهم على المطبخ اللبناني المتعدد الأطباق، وتعليمهم الدبكة اللبنانية التي يحبونها ويتفاعلون معها.
وعن عدد الطلاب وأعمارهم وجنسياتهم، تقول جحا: «نستقبل طلاباً من مختلف الجنسيات، وأغلبهم يتحدرون من أصول لبنانية. في الماضي كان عدد الوافدين يصل الى 200 طالب، ولكن بسبب الأوضاع الأمنية المتردية في المنطقة تراجع هذا العدد وبات يراوح ما بين 45 و60 طالباً. وطلابنا من جميع الأعمار، بدءاً من 13 سنة وصولاً الى 60 سنة».
لا يقتصر برنامج «سينارك» لتعليم اللغة العربية على فصل الصيف، بل يشمل فصلي الربيع والشتاء، اللذين يتوافد خلالهما الأجانب إلى لبنان للخضوع لهذه الدورات أكثر من الصيف بسبب نظامهم الجامعي الذي يتوقف في الصيف. وترى جحا ان أغلب الذين يسعون لتعلم اللغة العربية هم إما من جذور عربية ويحبّون تعلم لغة أجدادهم، أو طلاب يدرسون عن شؤون الشرق الأوسط أو العلوم السياسية ويحاولون تقوية لغتهم للإلمام بتاريخ العرب. وتؤكد جحا أن نسبة الوعي لدى الأجانب الذين من جذور عربية في ازدياد، وأصبحوا يفتخرون بلغتهم الأم بخلاف الماضي، إذ كان معظم المهاجرين العرب يتنكرون لعربيتهم ولا يهتمون بها». وتختتم جحا حديثها موضحةً: «بات الغربيون يهتمون باللغة العربية ويحبون تعلمها، ولكن الأحداث التي تشهدها منطقتنا العربية تمنعهم من التردد اليها بشكل دائم لتعلم العربية، ونحن نتأثر بهذه الاحداث التي تجعل الحكومات الغربية تمنع أبناءها من التوجه الى لبنان والدول المجاورة».


شهادات من مصر
وهذه شهادات من مصر لعدد من الأجانب الذين استقروا فيها وتعلّموا اللغة العربية بدافع الاعجاب أو بدافع الفائدة الدراسية.

مارتن إيكومي: تعلمت العامّية المصرية بنفسي
مارتن إيكومي، إيطالي يعيش في مصر منذ تسع سنوات، يتحدث كما يتحدّث «الخواجات في الأفلام القديمة»، مما يدعو إلى الابتسام والاستمتاع بسماع لهجته المصرية العامية غير المنضبطة. واللافت للنظر أنه حافظ لشوارع القاهرة مثل أبناء البلد، وعندما يضلّ الطريق يستعمل الـgps بكل بساطة.
يتحدث مارتن أربع لغات بطلاقة، ويوضح قائلاً: «بطبيعة الحال أتحدث الإيطالية حيث إنها لغتي الأم، وكذلك الألمانية لأنّ بلدتي تدعى SUDTIROL في شمال إيطاليا وتقع على حدود سويسرا، أمّا الإنكليزية فهي لغة التعامل الأولى في العالم ولا بدّ من التحدّث بها، وأخيراً أتقنت العربيّة بالعامية المصرية؛ ففي بداية عملي في مصر كنت مديراً لفندق كبير بمدينة شرم الشيخ، نظراً لخبرتي في إدارة الفنادق، فانصبّ اهتمامي على تعلّم اللغة العربية بالعامية المصرية حتى أستطيع التواصل مع عمال الفندق الذين لا يجيدون اللغات، في البداية كنت أنصت كثيراً وكنت أسأل الموظفين عن معاني الكلمات العربية لأحفظها، ومع مواصلة السماع والنطق والترجمة أتقنت العربية بالعامية المصرية وجميع كلماتها الشبابية أيضاً».
يؤكد مارتن أنه وقع في غرام مصر، فهي مصدر رزقه الوحيد وقد أحبّ ناسها وأحبّوه، لدرجة أنه يزور إيطاليا فقط في الإجازات السنوية القصيرة وأحياناً مرة واحدة كل سنة أو سنتين ثم سرعان ما يعود إلى ربوع مصر. لكن، بسبب انفجار الطائرة الروسية المشؤوم توقفت السياحة إلى مصر لفترة فانقطع مارتن عن العمل في الفندق وانتقل إلى القاهرة ليعمل في إحدى شركات اتصالات المحمول الكبرى.
يلفت مارتن إلى أن سر حبه لمصر ليس مجرد نجاحه في العمل، بل أيضاً لكون شعبها يشبه الشعب الإيطالي في الطيبة وحسن العشرة. ونظراً لكونه نباتياً فقد وقع في غرام الأرز والملوخية وغيرها من الخضروات المصرية فضلاَ عن مختلف «المحاشي»، وهو يستمتع جداً باحتساء الشاي البدوي.
وفي نهاية حديثه يشير مارتن، ضاحكاً، إلى أن حبه للثقافة الشرقية والمصرية تحديداً تجسّد في هواية الطبخ، حيث إنه أصبح يجيد طهو معظم المأكولات المصرية والعراقية.

كريستيانا باولوس: علاقتي بمصر بدأت بالقراءات التاريخية
أحبّت الدكتورة كريستيانا باولوس، أستاذةُ اللغة الألمانية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، مصر حدَّ العشق حيث استقرت فيها قبل 17 عاماً. تقول: «بدأ حبي لمصر عبر قراءاتي التاريخية عنها، ثم تعرفت إلى شاب مصري كان يعمل في مجال هندسة الإلكترونيات في ألمانيا، وقررنا أن نتزوج عام 1989، إلا أن أسرتي المحافظة بطبعها، أعلنت العداء لزوجي وقاطعتني».
وتتابع كريستيانا أنها قررت الهروب من هذه الأجواء العدائية، فاتفقت مع زوجها على الاستقرار في مصر والعيش فيها، وسط ترحيب أسرة زوجها التي احتضنتها بوصفها من أفراد العائلة، وزاد هذا الحب العائلي لها مع إنجابها لابنتها الأولى «رحيل»، على اسم أم سيدنا يوسف، ثم إنجابها لابنها الثاني «يوسف»، وغمرتها مشاعر الأسرة المصرية، فاستقرت في مصر نهائياً، ورغم «قطيعة أسرتها لها، فهي تزورها في ألمانيا من وقت لآخر.
خلال 17 عاماً قضتها كريستيانا في مصر، أتقنت اللغة العربية تحدّثاً وكتابة، إذ لم تكتف بالمعايشة والممارسة بل خضعت لدورات متخصصة فيها، بتشجيع من زوجها وأسرته. ولم تكتف بذلك بل عملت في تدريس اللغة الألمانية وآدابها والدراسات الإسلامية باللغة الألمانية في كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، حيث تم التعاقد معها كخبيرة لغوية، ومن خلال ذلك تعمّقت معرفتها بالدين الإسلامي؛ وقررت اعتناقه قبل خمس سنوات بمحض إرادتها، حيث ذهبت إلى مشيخة الأزهر وأشهرت إسلامها.
تقول كريستيانا إنها شعرت بالأمن والأمان في مصر، وتضيف: «خلال هذه السنين الطويلة لمست طيبة المصريين وحسن أدبهم ولطفهم، خصوصاً مع الأجانب الذين يعيشون وسطهم، على عكس معاملة الألمان لزوجي عندما كنا في ألمانيا، حيث كانت المعاملة جافة وغير ودية؛ وأنا أعشق المشاعر الإنسانية والروح الأسرية الجميلة التي تميز الشعوب الشرقية والعربية بوجه عام والمصريين بوجه خاص».
وتختم كريستيانا مؤكدة أنها أصبحت مصرية الهوية والهوى، وهي تسعى من خلال مؤلفاتها باللغتين العربية والألمانية، لتكون جسر تواصل بين اللغتين والحضارتين.

كاترينا كابول: استقررت في مصر منذ سبع سنوات وأعشق الترجمة بين العربية والروسية
أما المذيعة الروسية العاملة بالإذاعات الموجهة في اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري كاترينا كابول، فتقول إنها تحب اللغة العربية منذ التحاقها بالجامعة، حيث كانت تهوى الاستماع إليها على لسان الناطقين بها، سواء من العرب الذين يعيشون في روسيا وعددهم في تزايد مستمر، أو من الروس الذين تعلموا العربية عبر الأجيال، مؤكدة أن ميراث اللغة العربية في نفوس الشعب الروسي والمناطق المحيطة به قديم ومتراكم، حيث دخل الإسلام تلك المنطقة في وقت مبكر، وقد أسهم علماء تلك المنطقة في إغناء الحضارة الإسلامية؛ وعلى رأسهم أئمة الحديث النبوي، وعلَمُهم ورائدهم أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، وكذلك أعلام العلوم التطبيقية والفلسفية مثل ابن سيناء وغيره.
وتذكّر كاترينا أنّ «الشعب الروسي مولع بالحضارة العربية والإسلامية منذ قرون عديدة، ووصل الأمر حتى إن قيصر روسيا في بداية القرن الثامن عشر أمر بتدريس اللغة العربية في الجامعات الروسية، وكذلك في المدارس لمن يرغب، وأسند الإشراف على هذه المهمة للعلامة المصري عياد الطنطاوي، الذي عاش ومات ودفن بمقابر المسلمين في ضاحية بولكوفو بالقرب من سانت بطرسبرغ».
وتخبرنا أنها جاءت إلى مصر واستقرت بها منذ سبع سنوات، وكانت تحب الترجمة بين اللغتين العربية والروسية– بصفتها هاوية لا محترفة- إلى أن جاءتها فرصة للعمل في الإذاعات الموجهة باللغة الروسية، فالتحقت بها ومازالت تقوم بدورها في التواصل بين العرب والروس، من خلال اللقاءات المستمرة مع المفكرين العرب؛ الذين درسوا في روسيا أو عاشوا بها ويجيدون لغتها، وقد أسسوا رابطة لمتخرجي الجامعات الروسية في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، حيث شهدت العلاقات المصرية– السوفياتية– آنذاك طفرة كبيرة، وما زالت هذه الرابطة نشطة ومتواصلة مع الإذاعة الموجهة باللغة الروسية، وكذلك مع قناة «روسيا اليوم» باللغة العربية، كما أن هناك «مفكرين روساً عاشقين للغة العربية يحلّون ضيوفاً معززين في مصر ومؤسساتها وأهلها».
وتشير كاترينا، إلى أنها في البداية وجدت صعوبة في تعلم اللغة العربية، إلا أنها استطاعت، بالإصرار والمواظبة، تعلّمها من خلال الالتحاق بدورات مكثفة فيها، بالإضافة إلى المعايشة اليومية للمصريين الذين يتحدثون بها في الإذاعة ووسائل الإعلام وفي الشارع، وهي الآن تحسنها، إلا أنها تطمح إلى إتقانها واحترافها.
وتنهي كاترينا كابول كلامها مؤكدة أنها تحب مصر وتحب العيش فيها، بسبب روح الحب والألفة التي يغمر بها المصريون الأجانب الذين يعيشون بينهم.

مارغريت فولغا: الأصدقاء المصريون لا يبخلون بأيّ شكل من أشكال المساعدة
عن رحلتها مع تعلّم اللغة العربية تقول مارغريت: «بدأت أدرس العربية في النرويج أثناء المرحلة الجامعية، حيث التحقت بقسم الدراسات واللغات الشرقية، وكذلك من خلال بعض الأصدقاء والصديقات العرب الذين يعيشون بالنرويج ويتصفون بروح المرح والتسامح، وتواصلت رحلتي في تعلمها في مصر من خلال دورات متخصصة فيها، إلا أن الفضل الحقيقي في ذلك للأصدقاء المصريين الذين لا يبخلون في تقديم أي شكل من أشكال المساعدة في تعلم العربية الفصحى والعامية. أضف إلى ذلك أني أحب التعرّف إلى الآثار المصرية القديمة، وأقرأ باستمرار عنها، لأن مصر دولة ذات تاريخ عريق ومؤثر في تاريخ الإنسانية، وشعبها كان ولا يزال يتمتع بالطيبة وحب الأجانب الذين يعيشون فيها، ولهذا نجد جاليات أجنبية كثيرة جاءت إلى مصر واستقرت فيها وعاشت بسلام، وهذه الميزة ليست متوافرة لدى كل الشعوب».
وتنهي مارغريت كلامها مؤكدة أنها تتمنى البقاء في مصر والمنطقة العربية حتى نهاية حياتها، وأن يسود فيها الاستقرار بعيداً عن الحروب التي شردت الملايين، وأن تعيش الشعوب العربية في حرية وديمقراطية حقيقية، لأنها شعوب طيبة ومحبة للسلام، لكن بعض المتطرفين أشعلوا فيها الفتن. 

صمويل غالوا: عندي مشروع طموح بين مصر والكاميرون
من وسط القارة السمراء، من جمهورية الكاميرون، جاء الباحث الاجتماعي صمويل غالوا للدراسة في مصر، في معهد الدراسات الأفريقية قبل أكثر من عشر سنوات،  ويشير إلى أنه تعلم اللغة العربية من خلال دراسته الجامعية، وتابع تحصيله من خلال التحاقه بمركز لتعليم العربية لغير الناطقين بها، كما لعب زملاء الدراسة والحياة العامة فيما بعد دوراً في ممارسته التحدّث بها وإجادتها تماماً، وهو الآن منخرط في مشروع طموح لترجمة أهم الأعمال الفكرية والأدبية بين مصر ودول وسط أفريقيا خصوصاً الكاميرون.  ويسعى صمويل بلا كلل إلى المزيد من التواصل الفكري والثقافي بين مصر والشعوب الأفريقية، مثلما كان الحال وقت الرئيس جمال عبدالناصر، الذي تعشقه الشعوب الأفريقية وتعتبره أحد كبار محرريها من الاستعمار والظلم بشتى صوره وأشكاله. 

الدكتور بكر إسماعيل: أعشق اللغة العربية منذ الصغر
يروي الدكتور بكر إسماعيل، الممثل الدبلوماسي لكوسوفا في الشرق الأوسط، قصة استقراره في مصر منذ أكثر من ربع قرن يقول: «أنا عاشق للغة العربية منذ الصغر، حيث كان والدي الشيخ حقي إسماعيل من كبار المشايخ، وأبرز المفكرين الإسلاميين الذين يجيدون اللغة العربية باعتبارها «لغة القرآن»، الذي كان يحفظه عن ظهر قلب، وحرص على تحفيظه لي أنا وإخوتي في سن مبكرة، فضلاً عن امتلاكه مكتبة إسلامية كبيرة تضم أمهات الكتب الإسلامية والثقافية؛ ومخطوطات قديمة نادرة، وللأسف فإن الصرب قاموا بإحراق منزلنا والمكتبة أثناء حرب الإبادة ضد مسلمي كوسوفا».
ويضيف الدكتور بكر، أن والده أرسله إلى مصر للدراسة في الأزهر؛ حيث نجح بتفوق والتحق بكلية اللغة العربية، وأنهى مرحلة التعليم الجامعي «الإجازة العالية»، وحصل على درجة الليسانس في اللغة العربية- جامعة الأزهر. ولم يكتف بذلك، بل حاز دبلوم الدراسات العليا من المعهد العالي للدراسات الإسلامية بالقاهرة، ثم نال درجة التخصص/ الماجستير في اللغة العربية وآدابها بكلية اللغة العربية، ثم حصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية، فالأستاذية في اللغة العربية عام 2004م.
ويوضح الدكتور بكر أنه استقر في مصر، وقام بتعريف الدول العربية بتفاصيل مأساة البوسنة والهرسك ثم كوسوفا، حيث تم اختياره من قيادات المسلمين في البلدين لكشف جرائم الصرب ضد مسلمي البلدين من خلال وكالة «ألبا برس»، التي أسسها لهذا الغرض، وأسهمت في توسيع علاقاته بمختلف المسؤولين في الدول العربية، وعندما تم إعلان استقلال جمهورية كوسوفا، اختارته الحكومة الكوسوفية متحدثاً رسمياً باسمها لدى الدول الإسلامية والعربية، وممثلاً دبلوماسياً رسمياً لكوسوفا في مصر.
ويشير الدكتور بكر إلى أنه عاشق لمصر منذ الصغر، ويعتبرها بلده الثاني، لهذا يعمل باستمرار على توثيق العلاقات بين مصر وكوسوفا، من خلال اختياره من قبل بعض المؤسسات الرسمية والأهلية والكوسوفية ممثلاً لها في مصر قبل اختياره ممثلاً دبلوماسياً.