"يا واد يا تقيل" بنسخة "عصرية"... فيلم "خلاعي" قصير من بطولة لبنانية

سعاد حسني,السندريلا,ريما ديب

08 سبتمبر 2016

تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام، أغنية الراحلة سعاد حسني «يا واد يا تقيل»، وهي مصورة بطريقة فاضحة وتقدمها صبية لبنانية... الكليب المصور بطريقة فجّة يُسيء إلى إحدى أشهر الأغاني الشعبية التي قدمت في القرن العشرين، وباتت أيقونة للدلع والغنج الراقيين.

فالفارق كبير بين ما قدّمته حسني بصوتها مع حسين فهمي في فيلم «خلي بالك من زوزو» عام 1972. ثمة رؤية متكاملة كتبها صلاح جاهين وأخرجها حسن الإمام. فتاة لعوب ومغناج، إنما ضمن سياق درامي جذّاب.

من يشاهد الكليب - الفضيحة، يشعر بأن من تقدّمه تروّج لنفسها كسلعة جنسية لا أكثر ولا أقل. الإثارة بالنسبة إليها بلا فكرة أو مرجع أو مضمون. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن غالبية فنانات الإغراء في العالم العربي، لا يعملن على فكرة ما لإثارة الجمهور، بل يفضلن طرقاً مختصرة وبسيطة وساذجة للوصول إلى قلوب الجماهير البسيطة، من خلال تقليل عدد قطع الملابس، وإظهار ما أمكن من مفاتن أجسادهن. ويبدو جلياً الفارق مع فنانات أجنبيات كريهانا مثلاً التي تقدّم الإغراء إنما ضمن سياق عرض متكامل.

تقديم صبية لبنانية أغنية «يا واد يا ثقيل»، يفتح نقاشاً لم ينته منذ سنوات، لماذا يعيد الفنانون تجديد أغانٍ قديمة بتوزيع جديد، هل هو نقص في الكلمات الجيدة أم الألحان، أم حنين إلى الماضي؟

كثر قدّموا أغنية سعاد حسني ومنهن الراقصة بارديس، وأقامت عائلة الراحلة دعوى عليها، وهناك أيضاً نانسي عجرم، لكن الأخيرة قدّمت الأغنية من باب حبها للعمل، ومناسَبة لدخول السوق المصرية، لكنها حافظت على الأغنية ولم تُحرفها أو تستعملها كمنصة انطلاق، كما فعلت أخريات.

المتابع لمسار الأغنية العربية، يُدرك أن ثمة انحداراً كبيراً على صعيدي الألحان والكلمات منذ بداية الألفية الثالثة، مع سرقة ألحان من تركيا واليونان، والاعتماد على إيقاعات إلكترونية، والتقليل من الهامش الشرقي في أي عمل. وتكمن المشكلة الأبرز في أن شعراء الأغنية، ابتعدوا عن الواقعية في ما يكتبونه، فغرقوا في قصص العشق والحب والغرام والخيانة والوعود، وتناسوا الأحداث الحقيقية والتغيرات التي نشهدها من حروب وتهجير وفشل سياسي واجتماعي واقتصادي.

أكثر الفنانين استعادوا أغاني قديمة في بداياتهم، فجورج وسوف مثلاً غنى لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ قبل أن يصبح نجماً لديه مئات الأغاني. وينطبق الأمر ذاته على معين شريف صاحب الصوت القوي الذي بدأ مسيرته الفنية بأغاني الراحل وديع الصافي. وهذا ليس عيباً، إنما العيب الاعتماد على مجهود الآخرين وتعبهم، والكسل في البحث عن أعمال ناجحة.

من هنا نريد القول أن ثمة مجموعة من الفنانين تعمد إلى استعادة أغانٍ معينة لشهرتها وقوة تأثيرها في الجمهور، فيعمدون إلى تسجيلها وتوزيعها مجدداً ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، فإما أن تنجح وإما أن تلقى فشلاً ذريعاً كالذي منيت به الفتاة اللبنانية قبل أيام، إذ أن نسبة مشاهدة الأغنية على موقع «يوتيوب» متدنية جداً على رغم الخلاعة الموجودة.

لكن الأمر مختلف بالنسبة إلى كثير من النجوم، فمنهم من يستعيد أغنية لتعريف الجيل الجديد بها، فراغب علامة حين يغني «يا بنت السلطان» لأحمد عدوية، لا يحتاج إلى شهرة إضافية إلى شهرته وانتشاره في العالم العربي، إنما يقدم العمل لما فيه من حيوية وحب واستعادة لذكريات الماضي.

ومن أبرز الأعمال المستعادة في الفترة الأخيرة، «لو فيّي» لعايدة شلهوب التي قدمتها إليسا في ألبومها ما قبل الأخير، «قالولي العيد» لسلوى القطريب والتي أحيتها مجدداً كارول سماحة، و»بدي شوفك كل يوم» لمحمد جمال بصوت وائل جسار، والعديد من الأغاني الطربية لفايزة أحمد وشادية بصوت فضل شاكر قبل أن يترك الغناء.

ولا يقتصر الأمر على الأفراد، إذ ثمة فرق موسيقية في عدد من البلدان تستعيد الأغاني التراثية القديمة محافظة على أصالتها كفرقة «الراحل الكبير» في لبنان، أو تغيّر في محتوى العمل وتقـــدمه في قـــالب عصري كفرقة «أيامنا الحلوة» في مصـــر. وهناك أيضاً فرقة الـ«فور كاتس» التي استــعادت أغــاني لفــيروز وفـــريال كريم مثــل «كــان الــزمان وكــــان» و«بــرات البيت».

وتخطى الأمر استعادة الأغاني إلى الألحان، إذ يعمد بعض منسقي الأغاني إلى تقديم ألحان طربية بإيقاعات عصرية، ويبرز هنا المنسق اللبناني سعيد مراد الذي قدّم العديد من ألحان أم كلثوم وحولها إلى مقطوعات موسيقية راقصة تناقلها الجمهور سريعاً.

ولا تقتصر استعادة الأغاني على النجوم الصاعدين، إذ أن نجوماً مخضرمين يستعيدون أغاني نجوم الزمن الجميل، على سبيل المثال لا الحصر: أصالة التي أعادت أغنية «ع اللي جرى» للفنانة التونسية عليا، خالد عجاج الذي عرفه الجمهور بالأغنية الاجتماعية «في ناس» استعاد أغنية الفنانة المعتزلة سعاد محمد «وحشتني»، وكانت من أبرز نجاحاته، أحلام التي قدّمت مجموعة من أغاني محمد عبده كـ»يا كيف تنشد» و»المحبة أرض»، وعبدالمجيد عبدالله أعاد أغنية طارق عبدالحكيم «أبكي على ما جرالي»، وجورج وسوف الذي غنى في بداياته للعندليب الأسمر «أي دمعة حزن».

 

نقلاً عن الشقيقة "الحياة" (الكاتب محمد غندور)