«الصدى الصامت» معرض لاستكشاف الحضارات وتوثيق التاريخ وخرق لجدار الجمود والموت

الصدى الصامت,معرض,لاستكشاف,الحضارات,وتوثيق التاريخ,وخرق لجدار,الجمود والموت

كارولين بزي 01 أكتوبر 2016

تواجه البلدان في ظل عالم تسيطر عليه العولمة، تحديات جديدة وسط سعيها للحفاظ على هويتها المحلية وإرثها الثقافي وتاريخها وحضارتها. وفي ظل هذه التحديات يأتي معرض «الصدى الصامت» الذي يعكس أعمالاً فنية معاصرة عن الآثار التاريخية ضمن السياق الاجتماعي والسياسي الراهن، وستسمح القطع الأثرية المختارة باستكشاف الهويات المتعددة المتخفية فيها، في مدينة الشمس بعلبك، تلك المدينة التي لا تزال تحافظ على أصالتها وإرثها الحضاري.


«الصدى الصامت» هو عنوان المعرض الفني العالمي الذي يقام وللمرة الأولى في لبنان، في قلعة بعلبك. المعرض عبارة عن حوار بين الفن المعاصر والآثار، يشارك فيه تسعة فنانين لبنانيين وعالميين: أي وي وي، سوزان هيلر، تيو ميرسيه ولوران غراسو، ومن لبنان: زياد عنتر ومروان رشماوي وباولا يعقوب وسنتيا زافين.
فكرة «الصدى الصامت» تتناول الأخطار العديدة التي تهدد الآثار، مثل الحروب، الاحتلال وتغير المناخ والإهمال، أي عندما تتحول الآثار إلى مجموعة من الأحجار الصامتة، لا تؤثر في حياة الفرد اليومية. يناقش الفنانون هذه الأفكار خلال المعرض، مثل «آي وي وي»، وهو فنان صيني معاصر ناصر قضايا اللاجئين، ولا سيما قضية الطفل السوري إيلان البالغ من العمر 3 أعوام الذي غرق قُبالة السواحل التركية العام الماضي، إذ أنجز «آي وي وي » صورةً له وهو مستلقٍ على شاطئ تغطيه الحصى في جزيرة ليسبوس اليونانية، في محاكاة لمشهد الطفل السوري. ويحمل عمل «آي وي وي» عنوان Foundation الذي يدعو الناس للجلوس على قواعد مصنوعة من بقايا بيت صيني تقليدي مدمر، ويناقش الفنان كيفية بناء مستقبل متناغم للأشياء القديمة المدمرة، وهل من المفترض أن ندمر التاريخ لنبني المستقبل؟
سوزان هيلر فنانة أميركية تعيش في لندن وتُعنى بالفن المعاصر والتصوير والكتابة، اشتهرت باستغلالها الظواهر اليومية والأغراض الثقافية المستوحاة من مجتمعها، كما كانت تبحث عن مصدر إلهامها في البطاقات البريدية، والأحلام والكتابة التلقائية والأرشيفات والصحون الطائرة وأفلام الرعب والروايات... من خلال «الصدى الصامت» تخترق هيلر في فيلم the last silent movie، صمت الأموات عبر مجموعة تسجيلات للغات منقرضة أو مهددة بالزوال، وتطرح سوزان سؤالاً حول كيفية محافظتنا على الآثار غير الملموسة.
وفي الفن المعاصر من حيث التجهيزات الصوتية وعلى شكل تركيبة سمعية متعددة القنوات نكتشف مع العازفة والمؤلفة الموسيقية اللبنانية سينتيا زافين مسألة مرور الوقت. ويستكشف الفنان اللبناني مروان رشماوي في عمله «PILLARS» مفهوم علم الآثار المستقبلي، من خلال مناظر مجازية وبنى هندسية مفتتة، ومبانٍ تأثرت بالحرب اللبنانية أو بعوامل التعرية، فتتحوّل البنى الهندسية الصامدة، في النهاية، إلى كبسولات زمنيّة.
تعرض دانيكا دانيتش صور مهاجرين لا يملكون أوراقاً ثبوتية، وذلك استناداً إلى تجربتها الشخصية كمهاجرة، إذ تستعين بعملها للتمعن في اللغة وتمثيل الأدوار، إلى جانب تحديد غايتها في مواجهة التحوّل الاجتماعي، وإجراءات العولمة والحرب. ومن أهم المسائل التي تتطرق إليها، الهوية والوطن والثقافة، وكلها مواضيع تثيرها ضمن مجموعة متنوعة من وسائل الإعلام... من الرسم إلى التصوير، ومن الفيديو إلى المقتطفات السمعية، ومن عروض الأداء إلى القطع المنحوتة. وتظهر في بعلبك على خلفية هذه الصور، لوحة La Grande Galerie للفنان هوبير روبير في اللوفر، مصمّمة من الآثار.
ابتدعت أنامل الفنان اللبناني زياد عنتر مجموعة مؤلفة من سبع منحوتات، وهي بمثابة نصب تذكارية غامضة وخفية، تبعث برسالة عميقة حول دور النحت في نفوس الناس وفي تحوّل مدننا. زياد فنان لبناني رائد تُعرض أعماله حول العالم، وقد أنتج العديد من المجموعات الفنية المعروضة في أماكن عدة، أبرزها مركز جورج بومبيدو في باريس والمتحف البريطاني.
أما فيلم Soleil Noir الذي أخرجه وكتبه لوران داسو، فيدعو المشاهدين لمشاركته رحلة بين الآثار الرومانية المروّعة التي بقيت بعد انفجار بركانَي بومباي وسترومبولي.
ويستعرض النحات والرسام والمصور الفرنسي تيو ميرسيي آثاراً تجريبية، من خلال منصّة عليها أصنام من البوليستيرين، كان وضعها داخل مغارة طوال سنتين لتتشكل عليها طبقة كلسيّة. وتبحث المهندسة اللبنانية باولا يعقوب في مختلف طبقات الحفريات التي شهدتها بيروت في تسعينات القرن العشرين، ما يُظهر التعقيدات والطبقات المتعددة التي ينطوي عليها سرد الأحداث التاريخية.
المعرض برعاية وزارة الثقافة اللبنانية ومن تنظيم المؤسسة غير الربحية ستوديوكور/آرت، بالتعاون مع سفارة جمهورية ألمانيا الفيدرالية في بيروت، APEAL، معرض بيروت للفنون، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في بيروت، بلدية بعلبك، مهرجانات بعلبك الدولية ومتحف سرسق. وقد انطلق المعرض في السابع عشر من أيلول/سبتمبر الجاري ويستمر لمدة شهر.