تييري واسر كبير العطّارين لدى Guerlain: بحثها عن رائحة أمّها في بودرة «غيرلان» قاد أنجلينا جولي إلى عطر Mon Guerlain

تييري واسر,أنجلينا جولي,Guerlain,غيرلان,Mon Guerlain,القارورة,Thierry wasser

دبي - ماغي باتيار عنيد 25 مارس 2017

بين أنجلينا جولي و»غيرلان» Guerlain علاقة حبّ قديمة مبنيّة على ذاكرة عطرية من أيّام الطفولة... فأنجلينا كانت متعلّقة بأمّها، وما زالت تذكر عبق البودرة المكوّن من الزنبق، والتي كانت تستعملها والدتها من «غيرلان». الحنين إلى حضن الأم ورائحتها قادا أنجلينا إلى دار «غيرلان» Guerlain حيث ولدت قصّة عطر بتوقيع خاص اسمه Mon Guerlain.

- أخبرنا عن ابتكارك الجديد، وما الذي قادك إلى ابتكاره؟
عند ابتكار عطر Mon Guerlain، أردت توليفة تثير المشاعر الإنسانية أهديها إلى امرأة استثنائية، شغوفة، صادقة، وأصيلة. امرأة شفافة وقوّية في آن، تحب وتعطي من قلبها، وحنينها يقودها دائمًا إلى الجذور... إنه توقيع الأنثى الخاص الذي يعزز حضورها المميّز ويخلّف أثرًا لا يزول بسرعة بعد غيابها.

- ما هي النفحات التي تميّز عطر Mon Guerlain ؟
تتوّج عطر Mon Guerlain نفحات الخزامى (اللافندر) التي تتمتّع بخصائص عطرية استثنائية، والبرغموت المنعش، وينبض قلب العطر بنغمات السوسن والفلّ، تعانقها نفحات دافئة مصدرها  الكومرين Coumarin، الفانيلا التاهيتية، وهي المادة الخاميّة المفضّلة لدى «غيرلان» ومستخدمة في معظم عطور الدار المترفة، وخشب الصندل الذي يعكس الغموض الأنثوي.

- لِمَ تمّ اختيار القارورة المربعة والأسطورية لاحتضان العطر الجديد؟
عطر Mon Guerlain هو توقيع خاص لكل امرأة عصرية... عطرٌ أنثوي، جريء وناعم، قويّ ودقيق، مرهف وحرّ... وقد تمّ اختيار القارورة التي تحتضنه وفقًا لهذه المواصفات. إنها قارورة مربّعة الزوايا، تشيد بالأنوثة المعاصرة من خلال دمج التباينات التي تمّ التعبير عنها من خلال قوة الخطوط الأنيقة وإرهاف المنحنيات.
 صمّم هذه القارورة غابريال غيرلان، وتمّ تصنيعها لدى دار «باكارا» Baccarat عام 1908. هذه القارورة الأسطورية هي واحدة من القوارير الأيقونيّة لدى «غيرلان» Guerlain وتستعمل لاحتضان أكثر عطور الدار ترفًا وتميّزًا.

- ما هي الرائحة التي تستثير الذاكرة الشميّة لديك؟
هناك رائحة أحبّ استنشاقها كثيرًا، وهي رائحة تورتة المشمش بينما تُخبز في الفرن. هذه الرائحة تأسرني عندما تفوح في أرجاء المنزل، فهي شبه فاكهية وشهيّة جدًا... إنها فعلًا رائعة.

- ما هو الدرس أو الخبرة التي اكتسبتها من مهنتك كمبتكر للعطور؟
تعلّمت أن مبتكر العطور لا يمكن أن يقوم بشيء بمفرده ويحقق نجاحًا ساحقًا بدون الآخرين. نحن العطّارين، نظنّ أننا عندما نبتكر عطرًا نكون بمفردنا، ونولّف العطر على هذا الأساس، ولكن، هناك أوقات تكون فيها الوحدة موحشة، ويجب أن نعي أن هناك فريقَ عملٍ كبيراً حولنا لإرشادنا ومساعدتنا على إنجاز الأفضل، وهذا ما يحقق النجاح الباهر. فأحيانًا يكون مبتكر العطور منغمسًا في أفكاره وتوليفاته الخاصة لدرجة تشتت رؤيته وتركيزه، وهنا تأتي أهميّة وجود فريق عمل يساعده ويعيده إلى المسار الصحيح. تعلّمت أننا لا نبلغ قمّة النجاح في أي عمل بمفردنا.

- أنت كثير الأسفار والتنقلّات، ما الذي اكتسبته من أسفارك ومغامراتك حول العالم؟
سواء كان السفر بهدف المتعة، العمل، أو البحث عن مكوّنات جديدة لتوليفة عطر مميّز هو مصدر إلهام كبير لي. فالسفر يعلّمنا تجارب جديدة، يثري ثقافتنا، يغذي مخيلتنا، يجدد طاقتنا، يوسّع آفاقنا، ويغيّر طريقة تفكيرنا بحيث يجعلنا منفتحين على شعوب وحضارات مختلفة، وهذا ما يجعلنا مميّزين ومبدعين أكثر فأكثر. هناك مثل فرنسي يقول: «السفر يصنع الشباب»، وهذا صحيح لأنه يحمّسنا للبحث، الاكتشاف، التعلّم، والابتكار... يعطينا الطاقة للاستمرار والسعي للنجاح. لقد نهلت الكثير من أسفاري، خصوصًا تلك التي أجوب بها العالم بحثًا عن المواد الخام لصنع العطور، تعلّمت أشياء عن الزراعة، خصوصاً في الهند عندما ذهبت لإيجاد أفضل أنواع نجيل الهند Vetiver، وعن قطع الأشجار في إفريقيا... كل تجربة جديدة غذّت مخيّلتي وكانت مصدر إلهام جديد لي. في مهنتي، عليك التمتّع بذاكرة قوّية، وهذا ما أتميّز به ويساعدني على ترجمة رؤيتي وتجاربي إلى عطور مميّزة، لذا كل رحلات الاكتشاف مهمّة جدًا بالنسبة إليّ.

- برأيك الخاص، ما هي المواصفات التي تتطلبها مهنة العطّار ليكون ماهرًا ومميًزا في عمله؟
يجب أن يتمتّع صانع العطور بفضول يشبه فضول الطفل، وأن يبقى متعطشًا لخوض التجارب والاكتشافات، وألا يفقد هذه الحماسة أبدًا. ففي مهنتنا، هناك بعض القواعد التي يجب احترامها، لكن ما من قيود في الابتكار، ولا حدود للتجارب والمخيلة الإبداعية. أن تكوني فضولية كالطفل، يجعلك مبدعة أكثر في هذا المجال، وهذا مهمّ جدًا.

- كيف طوّرت حاسة الشمّ لديك؟
تعلّمت فنّ توليف العطور في مدرسة خاصة في جنيف. هناك، نتعلّم التركيبات الأساسية ونتعرّف على عائلة العطور المختلفة بأسلوب أكاديمي بحت. وبعد التعرّف على تفصيل كل عائلة عطرية منفردة، سواء كانت من الورد، أو الياسمين، أو الفاكهة، أو الأخشاب...الخ نبدأ بمزج نفحات مختلفة بأسلوب خاص بنا، وندوّن ملاحظات حول تأثير هذه العطور فينا وكيف تفاعلت أحاسيسنا مع نفحاتها المختلفة، وهذا الأمر شخصي وغامض جدًا، ويختلف بين عطّار وآخر، لذا لا مكان للغش بيننا أثناء دراسة هذه المهنة. كل توليفة عطرية أو مصدر خام للعطر يترك انطباعًا مختلفًا لدى كل عطّار، وتطوير الحاسة الشمّية يأتي بعد وقت طويل يمتدّ إلى 9 سنوات لاكتساب مهارة حقيقية.

- إذاً أفهم من ذلك أن أنفك أساسيّ في عملك لأنه يمثّل حاسة الشمّ لديك؟
بل لدي حاسة السّمع لتذوّق الموسيقى، وذاكرة قويّة جدًا، وأعتبر هذه الخصائص مجتمعة أساسيّة، إذ تجعل كل عطّار مميّزاً عن سواه. فلو لم تكن لديّ أذن موسيقية تتلقف الأنغام بدقّة لكنت تكلّمت اللغات المختلفة التي أتقنها بأسلوب غير سليم. لقد عوّدت سمعي وذاكرتي ومرّنتهما ليكونا مصدر الإلهام الأساسي والدليل المساعد لحاسة الشمّ عندي عند توليف عطر جديد. ودور الأنف هنا، يأتي في المرتبة الثالثة للتمييز بين النفحات المختلفة. وبصراحة، أنا أفضّل لقب «مبتكر العطور»، ولا أحب أن يعرّف عني بـ»الأنف» The Nose وهو اللقب المتداول في عالم العطّارين. مهنة مبتكر العطور تقوم على مخيّلته لتجسيد حلم، أو ذكرى، أو فكرة معيّنة... لذا فقصّة كل عطر تبدأ من المخيلة وليس الأنف، وهذا الأخير ما هو إلا أداة لإحياء أو ولادة هذه القصّة وترجمتها إلى واقع ملموس.

- ما هو أفضل ابتكاراتك العطرية حتى اليوم؟
بصراحة، أفضل ابتكاراتي العطرية هو عطر Santal Royal المصمم للرجال والنساء معًا. فلهذا العطر قصّة وذكريات لن أنساها تربطي بدبي تحديدًا. أتذكّر يوم التقيت بشخصية إماراتية نافذة، أصبحت تربطنا صداقة متينة، ووجّه لي ملاحظة صدمتني لكنها جعلتي أبتكر واحدًا من أجمل العطور المترفة. يومها، قال لي هذا الصديق الذي أكنّ له كل الاحترام والتقدير: «أنت تصنع العطور، لكنك لا تجيد صنع عطر مدهش يترك وقعًا قويًا». أعجبتني صراحة هذا الصديق، وقرّرت أن أصنع عطرًا عربيًا مترفًا يثير الإعجاب، فكان Santal Royal ولاقى رواجًا كبيرًا بين العطور العربية. من قال إنني سألتقي بهذا الصديق الرائع، وأن لقاءنا سيثمر عن هذا النجاح! 

- كيف أقنعت الممثلة الهوليوودية الأكثر شهرة أنجلينا جولي والتي تعتبر من أجمل نساء العالم بأن تصبح سفيرة عطر Mon Guerlain ؟
بصراحة، لم أكن أنا من أقنع أنجلينا جولي، بل رئيسي لوران بوالو هو الذي قابلها وحمل إليها هدية معنوية خاصة جدًا لطالما بحثت عنها أنجلينا. وفي اليوم نفسه، كشف لها عن عطري الجديد الذي قمت بتوليفه في كانون الأول/ديسمبر عام 2015. كان العطر جاهزًا ولكن المرأة التي ستجسده لم تكن موجودة يومها. وعندما قبلت أنجلينا أن تكون هي تلك المرأة المميّزة، كانت دهشتي كبيرة، وسعادتي أكبر... لم تتطأ قدماي الأرض من شدّة الفرح... قلت في نفسي «يا للروعة !» فأنا أكنّ لها كل التقدير لما تبذله من جهود في سبيل الإنسانية، فهي تدافع عن حقوق المرأة والطفل، وتساهم في بناء مدارس لتعليم الفقراء في آسيا وإفريقيا. إنها امرأة تكرّس نفسها للآخرين وتحترم التزاماتها حتى النهاية، ولا أظن أن هناك أفضل منها سفيرة لعطر Mon Guerlain. بعد ذلك، التقيت بأنجلينا، وتبادلنا الآراء، وشاركت مباشرة في كل التفاصيل: الحملة الإعلانية، الصور، الاسم، القارورة... لكنها لم تتدخل في توليفة العطر أو تُدخل عليها أي تعديل.

هناك أمور عدة جعلت هذا التعاون مثمرًا. فأنجلينا متعلقة كثيرًا بأمّها، وكانت تعشق رائحة البودرة العطرية التي كانت أمّها تستخدمها من «غيرلان»، وعندما طلبت من الشركة إيجاد هذه البودرة لها لتعيش من جديد ذكريات الطفولة من خلال رائحة أمّها، سعت غيرلان إلى تحقيق هذا الحلم... وتقديرًا من أنجلينا لهذا الجهد، بالإضافة إلى أسباب أخرى، قبلت أن تتعاون مع الشركة في أكثر من مشروع كان العطر واحدًا منها. أما الأسباب الأخرى فلها علاقة بالمبادئ التي تؤمن بها أنجلينا والمشاريع الإنسانية التي تقوم بها وهي قواسم مشتركة ومطابقة لتلك التي تتبناها دار «غيرلان» وتعمل على تحقيقها. هذا البعد الإنساني والالتزام بمبادئ قيّمة جمعت بين أنجلينا وغيرلان، وجاءت النتيجة مذهلة.