ريما خلف العربية التي تنازلت عن مجد المنصب إكراماً للمبادئ...

ريما خلف,الإسكوا,ريما خلف الهنيدي,لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية,UNDP,شجاعة,مجد,مبادئ,أمينة عامة,المرأة العربية,المنظمات الدولية

جولي صليبا 08 أبريل 2017

ريما خلف الهنيدي، الأمينة العامة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا»، سجَّلت موقفاً لافتاً ونادراً عندما قدَّمت استقالتها من منصب أممي رفيع، تمسكاً بمبادئها، وإصراراً على عدم التنازل عنها إكراماً لمنصب معين... من هي هذه المرأة الشجاعة؟


برز اسم الدكتورة ريما خلف في الإعلام العربي والعالمي عندما رفضت الاستجابة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لسحب تقرير أعدّته لجنة الإسكوا، التي تتبوأ الدكتورة خلف أعلى منصب فيها، وآثرت التخلي عن منصبها على أن تحيد عن مبادئها وإنسانيتها، وكتبت رسالة استقالتها التي تناقلها  مئات آلاف الأشخاص من مختلف أنحاء العالم.

كانت لجنة الإسكوا قد أصدرت أخيراً تقريراً عن الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، ومسألة الفصل العنصري (الأبارتايد)، وجاء فيه «أن إسرائيل مذنبة في تطبيق سياسات وممارسات تمثل جريمة فصل عنصري، وأن سياستها تقوم على تفتيت الشعب الفلسطيني سياسياً وجغرافياً، وعلى قمع الفلسطينيين حيثما وُجدوا».

وأوصى هذا التقرير بإعادة إحياء لجنة الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة الفصل العنصري، ومركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري، اللذين توقف عملهما عام 1994، عندما اعتقد العالم أنه تخلَّص من الفصل العنصري بسقوط نظام «الأبارتايد» في جنوب إفريقيا. كما دعا التقرير نفسه إلى إعلان حالة طوارئ لمتابعة شؤون الفلسطينيين، الذين يعانون يومياً من الفصل العنصري.

فور صدور هذا التقرير، انهالت الاحتجاجات الإسرائيلية والأميركية، وطالبت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، بسحب التقرير. أما المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية فقال إن التقرير بمثابة «منشور دعائي نازي معادٍ بشدة للسامية»، ومورست ضغوط كبيرة على أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، فاضطر هذا الأخير إلى مطالبة الدكتورة الأردنية ريم خلف الهنيدي، الأمينة العامة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا» بسحب تقرير لجنتها.

ومما جاء في خطاب استقالتها: «إن الأدلة التي يُقدِّمها التقرير قاطعة، وتكفيني هنا الإشارة إلى أن أياً ممن هاجموا التقرير لم يمسّوا محتواه بكلمة واحدة. وأرى أن من واجبي أن أُسلِّط الضوءَ على الحقيقة، لا أن أَتستَّر عليها، وأكتم الشهادةَ والدليلَ... إن موقفي هذا قد يكون نتيجة لعمر كامل قضيتُه هنا، في هذه المنطقة، شاهدة على العواقب الوخيمة لكبت الناس ومنعهم من التعبير عن مظالمهم بالوسائل السلمية».

واختتمت الدكتورة خلف رسالة استقالتها بالقول: «لا أستطيع أن أسحب، مرة أخرى، تقريراً للأمم المتحدة، ممتازَ البحثِ والتوثيقِ، عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، غير أنني أدرك أيضاً، أن التعليمات الواضحة للأمين العام للأمم المتحدة لا بد أن تُنفذ. ولذلك، فإن هذه العقدة لا تُحلُّ إلا بأن أتنحَّى جانباً، وأترك لغيري أن يقوم بما يمنعني ضميري من القيام به».

وقد وافق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش على استقالة مسؤولة «الإسكوا» ريما خلف، وطلب حذف تقريرها الذي اتهم إسرائيل بالعنصرية ضد الفلسطينيين، من الموقع الإلكتروني للجنة الأممية».

تجدر الإشارة إلى أن ريما خلف ولدت عام 1953، ونالت شهادة بكالوريوس في الاقتصاد من الجامعة الأميركية في بيروت، إضافة إلى شهادتيّ الماجستير والدكتوراه في علم الأنظمة من جامعة بورتلاند في الولايات المتحدة الأميركية.

شغلت الدكتورة خلف عدداً من المناصب الرفيعة في بلدها الأم الأردن، إذ تولت منصب وزيرة الصناعة والتجارة (1993-1995) ووزيرة التخطيط (1995-1998) ونائب رئيس الوزراء (1999-2000)، قبل أن تنتقل للعمل في أروقة الأمم المتحدة وتتدرّج في مناصبها، لتصبح عام 2010 الأمينة العامة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، وهي إحدى اللجان الإقليمية الخمس الرئيسة لهذه المنظمة الدولية.

وخلال توليها منصب نائب رئيس الوزراء في الأردن، عملت الدكتورة خلف على تطوير الإصلاح الاقتصادي وتحفيز التطوير الاجتماعي من خلال الحد من الفقر وتقوية شبكات الدعم الاجتماعي وتعزيز القدرة البشرية.

وأثناء تسلّمها منصب مدير المكتب الاقليمي للدول العربية في برنامج التطوير التابع للأمم المتحدة (UNDP) بين عاميّ 2000 و2006، نجحت الدكتورة خلف في إعداد مبادرات إقليمية مهمة في مجالات التربية واكتساب المعارف والنمو الاقتصادي في الدول العربية.

ساهمت الدكتورة خلف أيضاً في العديد من المنتديات الإقليمية والدولية المتعلقة ببرامج التطوير في العالم العربي. وشاركت في العديد من اللجان الدولية التابعة للأمم المتحدة. كما شغلت منصب أستاذ زائر في جامعة هارفرد خلال فصل الربيع من العام الدراسي 2009-2010.

نالت الدكتورة خلف جائزة «المرأة العربية الأكثر تميزاً في المنظمات الدولية» عام 2005 من جامعة الدول العربية، وحصلت على شهادة دكتوراه فخرية من الجامعة الأميركية في القاهرة عام 2009 تقديراً لمبادراتها الإقليمية المهمة في التعليم، وحقوق النساء، والتطوير المدني والاقتصادي. وفي شهر كانون الأول/ديسمبر من العام 2009، اعتبرت مجلة Financial Times الدكتورة خلف واحدة من أهم 50 شخصية خلال الأعوام العشرة الماضية.