عناية طبية تجميلية وحتى جراحية...

الوقاية من الشمس, جراحة التجميل, الشيخوخة ومقاومتها, التقدم في السن

26 فبراير 2013

يُقال إنّ التقدّم في السنّ أمر واقع لا مفرّ منه! وبالطبع سوف يُحتّم بعض التغيّرات الصحية والجسدية والنفسية وحتى الجمالية... بيد أنه من الممكن المحافظة على «نوعية» حياة أفضل عبر إتباع نمط حياة سليم، فلا يعود عامل العمر هو ما يتحكّم فينا، بل تصبح السنوات مجرّد أرقام، ليحافظ المرء على حيويته ونضارته وتألقه وصحّته.
وتتأثر البشرة بشتى التغيرات التي قد تصيب الإنسان، فتبدأ معالم الشيخوخة المبكرة بالظهور، من حيث لا ندري. فمن البديهيّ البدء بالوقاية لتفادي العواقب التي لا تُحمد عقباها. كما يجب إستشارة الطبيب المتخصّص دورياً للحصول على تشخيص دقيق من حيث نوعية البشرة ووضعها، لمباشرة العناية المركّزة، بعيداً عن الإنجراف بالإعلانات و«الكريمات السحرية» و«التقنيات المدهشة» التي تتكفّل بالتحسين
!


تخاف كلّ سيّدة من التقدّم في السن، حتى لو لم تتجرّأ على الإفصاح عن ذلك. ذلك أنها تجد أنّ القطار بدأ يفوتها، وبدأت كلّ معالم جمالها بالتلاشي، وفقدت بريقها ورونقها ونضارة بشرتها اليافعة. لكن الرجال يعانون أيضاً مشكلة الشيخوخة الجلدية، وإن بنسب أقلّ وبوطأة أخف. فمن الضروري عدم الإستسلام للفكرة، وإنما يجب معرفة العوامل المسيئة الى البشرة والمسبّبة لبوادر الشيخوخة المبكرة، لمحاولة خفض إنعكاساتها قدر المستطاع.  ويجب تعلّم الطرق السليمة للعناية الروتينية بالبشرة، وإتباع إرشادات الطبيب المسؤول عن المتابعة الدورية، للتمتع بالبشرة المخملية الناعمة النضرة، مهما تقدّمت بنا السنّ. من جهة أخرى، بات من الممكن محاولة تأخير معالم شيخوخة البشرة قدر المستطاع، والحدّ من تقدّمها السريع، إضافة إلى إمكان تخفيف وطأتها عبر التقنيات الطبية-التجميلية. يشرح الدكتور جورج الخوند، إختصاصيّ في الأمراض الجلدية وتجميل البشرة، أسباب شيخوخة البشرة المبكرة وعواقبها الواضحة على الجلد، مفسّراً الطرق العلاجية والسُبل الوقائية. كما يتطرّق الدكتور غبريال صعب، عضو الجمعية اللبنانية لجراحة التجميل والترميم، وجرّاح تجميل وترميم من جامعة القديس يوسف في بيروت ومستشفيات باريس في فرنسا، إلى الشقّ العلاجيّ التجميليّ، الجراحيّ  منه وغير الجراحيّ، لإستعادة البشرة المشدودة النضرة. الجمال نعمة ولا بدّ من المحافظة عليه، لكنه يتطلّب الإهتمام والمعرفة والمتابعة.


شيخوخة البشرة

يقول الخوند: «يمكن تقسيم شيخوخة البشرة إلى نوعين: الشيخوخة الطبيعية المحتّم حدوثها مع التقدّم في السن بشكل بديهيّ، والشيخوخة المبكرة للبشرة إثر التعرّض لمختلف العوامل الخارجية المسيئة للجلد. أمّا النوع الأوّل، فهو يحصل بفعل تأثير الهرمونات وتغيّر الجسم، ويرتبط بالوراثة والجينات. فيما النوع الثاني هو نتيجة الأضرار المباشرة التي يسبّبها عدد من الأمور الضارة بالصحّة عموماً وبالبشرة خصوصاً».


عوامل مسيئة

يؤكّد الخوند أنّ «الشمس هي العامل الأوّل المؤذي للبشرة والمسبّب لتفاقم بوادر الشيخوخة المبكرة، خاصة عند التعرّض لأشعّة الشمس ما فوق البنفسجية التي تسبّب ضرراً مباشراً وقويّاً، أو السولاريوم الذي يحتوي على أشعّة مركّزة. إذ يملك كلّ شخص بيننا رصيداً معيّناً، يتضاءل مع الوقت، وهو يمثّل القدرة على مقاومة أضرار الشمس. ومفعوله تراكميّ عبر السنين، لذا، فمع مضيّ الوقت والتعرّض بكميات أكبر للشمس، يُستنزف هذا الرصيد، ليظهر الضرر الجلدي». وتجدر الإشارة إلى أنّ التعرّض الحاد للشمس لفترة قصيرة، أو ما يُعرف بـ «ضربة الشمس»، أي ظهور حرق على البشرة، يهبّط هذا الرصيد بشكل واضح وبكمية أكبر من التعرّض المتقطّع التدريجيّ للشمس.

يضيف: «أمّا العوامل الأخرى التي تؤذي الجلد وتحفّز ظهور معالم شيخوخة البشرة بشكل باكر، فهي تلوّث الهواء، نوعيّة الطعام الذي يحتوي على مواد حافظة وسموم، الضغط النفسيّ والجسديّ المستمرّ والتدخين. فهي المسبّبات من شأنها أن تُتلف خلايا الجلد وتُضعف إنتاج الكولاجين والإيلاستين، لأنها تعزّز إفراز الOxygen Free Radicals التي تعمل على تآكل خلايا الجلد». لذا، فإنّ الحرص على نوعية الحياة بشكل عام يؤثر على الصحة وحتى الجمال عند الإنسان.


بوادر الشيخوخة

يشير الخوند إلى أنّ «معالم الشيخوخة المبكرة تظهر على سطح البشرة بمختلف الأشكال. فيبدأ أوّلاً ظهور الجفاف في البشرة بعد أن كانت عادية. ويعود ذلك إلى النقص في المواد المرطبّة داخل طبقات الجلد. بعدها، يبدأ ترهّل البشرة إذ تخسر الكولاجين والإيلاستين تدريجاً لتفقد طواعيتها ونضارتها. كما تخسر المظهر المشدود، لتصبح سميكة وتفتقر إلى المظهر الصحي. وفي مرحلة متقدّمة، تبدأ التجاعيد بالظهور في مختلف مناطق الوجه وحتى الجسم. كما قد يترافق ذلك مع عدم توحّد في لون البشرة والمعاناة من تصبّغات جلدية وبقع بنّيّة».
أمّا عن العواقب الصحية المرتبطة بمعالم الشيخوخة المبكرة للبشرة، فيرى الدكتور الخوند أنّ التعرّض للأشعة ما فوق البنفسجية لا يؤدّي إلى تجاعيد وشيخوخة فحسب، بل قد يساهم في ظهور سرطانات جلدية أيضاً.


وقاية ضروريّة

يشدّد الخوند على «أهمّيّة الوقاية المبكرة لتفادي مختلف المشاكل التي قد تتعرّض لها البشرة. فالغذاء السليم، نوعية وكمية، يحافظ على الصحة والجمال. إذ يجب توفير مختلف الفيتامينات والمعادن والألياف للجسم، وأبرزها الفيتامينات C و E إضافةً إلى مضادات الأكسدة الموجودة في الفاكهة والخضار. كما يجب تناول الماء بشكل وافر لترطيب الخلايا.  ويجب ممارسة الرياضة دورياً لتنشيط الدورة الدموية. ويبقى الأهمّ هو إستعمال الواقي الشمسي على مدار السنة، صيفاً شتاءً، على أن يُجدّد كلّ بضع ساعات يومياً، للحماية من الأشعة ما فوق البنفسجيّة الضارّة».
علاجات جلديّة

في ما خصّ العلاجات، يقول الخوند: «من الضروري إستعمال مضادات الأكسدة لحماية البشرة وأخير ظهور معالم الشيخوخة الجلدية. وهذه تمنع الضرر من الحدوث ولا تتكفّل بمعالجته. كما يمكن إستعمال كريمات تؤمّن تجدّد الخلايا وإزالة الخلايا الميتة، وأهمها كريمات الRetine A وال AHA creams. إضافةً إلى ذلك، لا بدّ من الخضوع لجلسات تقشير كيميائية Chemical Peelings مرّة أو مرّتين سنويّاً، وهي عدّة انواع، حسب حاجة البشرة ووضعها، وتساعد على منع الشيخوخة الجلدية وتأخير معالمها. ويبقى العلاج الأكثر تطوّراً، وهو العلاج بالليزر والRadio Frequency لتجديد خلايا الكولاجين والإيلاستين ومحاربة التجاعيد وتصحيح البشرة». ويمكن التنويه الى أنّ الRadio Frequency يعطي نتائج فعّالة، من دون عواقب جانبية وبلا حروق وبوقت نقاهة أقصر.
ويشدّد الخوند على أنّ «شيخوخة البشرة تشمل كلّ الجلد المعرّض للشمس، من وجه ورقبة ومنطقة الصدر وحتى اليدين. فالوقاية والعلاجات تكون لكل هذه المناطق، حسب الحاجة».


علاجات تجميلية

من جهته، يعرض الدكتور صعب لأبرز العلاجات التجميلية التي يمكن الخضوع لها بغية إزالة التجاعيد ومحاربة الشيخوخة الجلدية بمختلف أشكالها. ويقول: «يمكن الإستعانة بطرق طبية-تجميلية أو بطرق جراحية. وأمّا الطبية التجميلية، فتشمل حقن البوتوكسBotox والفيلير Filler».
يضيف: «يُستخدم الBotox في حال وجود تجاعيدDynamic  ناتجة عن حركة العضل، ليُحقن في زاوية العينين الخارجية، وفي منطقة العبسة بين الحاجبين وفي منطقة الجبين. أما الـFiller، فيتمّ إستعماله لإزالة التجاعيد  Staticالتي تظهر من دون القيام بمجهود في الوجه. ويمكن إستعماله لتعبئة الخدّين، وما بين الأنف والخدّ، وفي طرف الفم، وفي زاوية الشفة نزولاً. كما يتمّ الحقن احياناً لتحديد شكل الوجه وإعادة الإمتلاء إليه، بعد فقدان السيدة للوزن بشكل واضح، أو بفعل العمر، مما ينعكس حتماً على وجهها أيضاً».
يستمر عادةً مفعول حقن البوتوكس ما بين ثلاثة وأربعة أشهر، مع وجود إستثناءات نادرة، إذ يعاني 2% من الناس من عدم تجاوب العضل مع هذه المادة، فيما قد يبقى البوتوكس عند نحو 2% من الناس لفترة اطول من المعهود. إلاّ أنّ هذه الحالات لا تشكّل القاعدة. وفي ما خصّ الـFiller، يمكن إستعمال الدهن الطبيعي الذي يتطلّب جلسات عدّة ويستمر فترة طويلة، كما يمكن حقن مواد Hyaluronic Acid التي تستمر ما بين ستة إلى إثني عشر شهراً. ويجب عدم إستخدام الFiller الدائم، لأنه محظّر وخطر.لا سن محدّدة للقيام بهذه التقنيات، يل يتفاوت الأمر، حسب حالة البشرة التي تتأثر كثيراً بمختلف العوامل المذكورة.


طرق جراحيّة

يفسّر الدكتور صعب: «من حيث الجراحة، توجد عمليتان جراحيتان لإزالة معالم الترهّل والتجاعيد من بشرة الوجه. إذ يمكن القيام بعمليّة شدّ الجفون المترهّلة Blepharoplasty، عبر شدّ الجفن الأعلى والأسفل وإزالة الجلد الزائد والدهن المتراكم. كما يمكن إجراء تقنية شدّ الوجه أو Lifting لثلاث مناطق مختلفة في الوجه: العليا من الجبين، الوسطى عند الخدين والسفلى عند الرقبة. يمكن معالجة كلّ منطقة على حدة أو دمج إثنتين معاً أو القيام بالثلاث حتى». يستمر مفعول جراحة الشدّ سنوات تصل إلى عشرة، حسب المنطقة ونوعية البشرة».
يضيف صعب: «هناك تقنية إضافية، قبل اللجوء إلى الحلّ الجراحي الجذري، وهي القيام بالشدّ عبر الإستعانة بالخيط. وتوجد عدّة انواع من الخيطان، فعاليتها قليلة جداً ومساوئها كثيرة. لكنّ أكثرها فعالية هو ال Silhouette Thread الذي يعطي نتائج مرضية، بمشاكل أقلّ، لكنه يتطلّب خبرةً وتمرّساً. والنتيجة تستمر سنة إلى سنتين، مع إمكان إعادة شدّ الخيط بعدها من الجرح نفسه بعد فترة».


نصائح عملية

يختم الدكتور الخوند لافتاً إلى «ضرورة التركيز على الوقاية لتفادي المشاكل أصلاً. ويشدّد على البدء بالمعاينة والتشخيص في سن باكرة، للتمكّن من الحصول على النتائج الفضلى، لأنّ البشرة الشابة تتجاوب بفعالية أكبر. كما يركّز على إستعمال الواقي الشمسي والتقليل قدر المستطاع من العوامل المسيئة الى الصحة والبشرة».
أمّا الدكتور صعب، فيركّز على «أهمية إستشارة طبيب مختصّ والتأكّد من شهاداته وإختصاصه ومؤهلاته وخبرته وتمرّسه في مجاله، للحصول على التشخيص الصحيح والعناية السليمة. ويبقى أنّ الوقاية أهمّ من العلاج».


مصطلحات خاطئة

ينوّه الدكتور صعب إلى أنّ «تقنية ال Mini Lift  ليست عملية جراحية علمية، بل هو مصطلح خاطئ أو مغلوط، يهدف إلى غشّ الناس، عبر القيام بإجراء سطحّي، من شأنه أن يعطي نتيجة سريعة لنحو بضعة أسابيع، ليبدأ بالزوال بعدها، فيكون المرء قد تكلّف وقتاً وجهداً ومالاً، ويروح ضحية التجارة البحتة». فإقتضى التنويه!