أسيرات فلسطينيات يخبرن عن تجاربهن المريرة

أسيرات,فلسطينيات,تجارب,المريرة,مؤلمة,الاعتقال,الاحتلال,الإسرائيلي,أشكال,التعذيب,الإهانة,التحقيق,أساليب,الاعترافات,التهديد,المحامية,قوات,شؤون,الأسرى,المحررين,الأمهات,المحكمة,الانتظار,الشروط,زيارات,الأهل,الأبناء,مؤسسة,الضمير,الأعضاء,الدول,احترام غزاونة,منى نداف

ا,امتياز المغربي - (رام الله) ا 21 مايو 2017

قصص مؤلمة لأسيرات فلسطينيات مررن بتجارب الاعتقال من جانب الاحتلال الإسرائيلي، وأخريات خرجن للتو ليخبرننا عن أشكال التعذيب والإهانة التي تتعرض لها الأسيرات في السجون الإسرائيلية، وأساليب التحقيق المتعددة، بالإضافة إلى ممارسة كل أشكال الضغط النفسي بغية إرهاق الأسيرات لانتزاع الاعترافات التي يريدها ضابط الاحتلال الإسرائيلي فقط. «لها» التقت نساء مررن بهذه التجربة، ووقفت على آراء أهل الاختصاص ممن تابعوهن.


الأسيرة المحررة س.أ: خلال التحقيق كنا نتعرض للتخويف بالشبح والصراخ والتهديد بالقتل
تحدثت الأسيرة المحررة س.أ عن تجربتها في التحقيق في مركز تحقيق المسكوبية الاحتلالي، وأشارت إلى ظروف اعتقالها فقالت: «اعتُقلت من منزلي في قرية أبو ديس بعد اقتحامه فجراً، وتعرضت خلال جلسات التحقيق الطويلة،  للشتم والتخويف بالشبح والصراخ والتهديد بالقتل، وترويعي باعتقال أفراد أسرتي، وحرماني من النوم، كما مُنعت من مقابلة المحامي لمدة 18 يوماً».

وأضافت: «عند انتهاء التحقيق في ذلك اليوم، قال لي المحقق «رينو» إنه سيبقى معي طوال الليل، ثم عمد الى تقييد يديّ وربطهما بظهر الكرسي وأنا في وضعية الجلوس، وبقيت على هذه الحالة ساعات طويلة، وبعد ذلك أعادوني الى الزنزانة ومكثت فيها حوالى 3 ساعات، عدت بعدها الى التحقيق مجدداً».
وتابعت: «أثناء تخويفي بالشبح الليلي، أي أكون جالسة على كرسي الشبح ومغمضة العينين، كان المحقق «رينو» يضرب على الطاولة أو يصرخ بأعلى صوته طوال الليل. وفي الصباح كانوا يعيدونني الى الزنزانة وأمضي فيها ثلاث ساعات أعود بعدها الى التحقيق الذي يستمر طوال الليل».

المحامية منى نداف: أحد جنود الاحتلال فتّش احدى الأسيرات الفلسطينيات بنفسه...
وخلال زيارة المحامية منى ندّاف سجن الدامون لمقابلة الصبية مرح بكير (16 عاماً)، من مدينة القدس، والتي لا تزال معتقلة في سجون الاحتلال، اطّلعت منها على ظروف الأسر فقالت: «اعتُقلت بعد أن أصابني جندي الاحتلال بالرصاص الحي. حوالى 10 رصاصات اخترقت يدي اليسرى من الأعلى إلى الأسفل. ورغم أنني لم أكن أحمل شيئاً بيدي، لكن عندما أمرني الجندي برفع يدي نفّذت أمره، فدفعني ورماني أرضاً، وبعدما وصلت شرطة الاحتلال إلى الموقع، قام شرطي بركلي، مما أدى إلى ارتطام رأسي بالأرض».
وتابعت: «بقيت على هذه الحال إلى أن نُقلت بسيارة إسعاف إلى مستشفى هداسا عين كارم، من دون مراعاة لأدنى  الشروط الطبية، وخلال تلك الفترة بدأ المحقق في استجوابي من دون أن يكترث لجسدي الذي ينزف دماً، وسألني ما إذا كنت قد طعنت جندياً فأنكرت، ثم أدخلوني إلى غرفة العمليات من دون أن يكشفوا لي شيئاً عن حقيقة وضعي الصحي. وبعد العملية نُقلت إلى غرفة، حيث أبقوني لوحدي، مقيّدة بالسرير، ومن حولي سجّانون ذكور يراقبونني، وكانوا يشتمونني ويشتمون والدتي على الدوام، وفي إحدى المرات قال لي أحدهم «موتي»، وآخر التقط صورة «سيلفي» معي».
وأكدت مرح أنها لم تكن تنوي القيام بأي اعتداء، الأمر الذي يوثّقه فيديو تم تسجيله أثناء وقوع الحادثة. وعلى الرغم من ذلك، أصدرت محكمة الاحتلال في كانون الثاني/يناير 2017 في حق مرح حكماً بالسجن الفعلي لمدة ثماني سنوات ونصف السنة. 

الأسيرة ن.ش: خلال عبورنا حاجز الرملة كانوا لا يفكّون قيودنا... ولا يسمحون لنا بتناول الطعام
ن.ش. لا تزال أسيرة في سجون الاحتلال، روت قصتها لمحامية مؤسسة الضمير منى ندّاف قائلةً: «تم اعتقالي بعدما أُصبت برصاصة في كتفي اليمنى ونُقلت مباشرةً إلى المستشفى. بعد مضي ثلاثة أيام على خروجي من المستشفى، أُحِلت إلى محكمة عوفر في النحشون».
وأضافت: «كانت يدي تؤلمني كثيراً ولا تزال عليها الضمادات. في البداية طلبت مني السجّانة في النحشون أن أخلع ثيابي لتفتيشي وأنا عارية، وكان من الصعب عليّ أن أخلع ملابسي لوحدي لعجزي عن تحريك يدي، فأجبرتني على فعل ذلك بالقوة، كما أمرتني بخلع حذائي فتألمت كثيراً، لدرجة أن صديقتي المعتقلة حاولت مساعدتي، لكن مجنّدة النحشون منعتها من ذلك. عقب التفتيش، انتقلت إلى مرحلة التقييد، فقيدت السجّانة قدميّ، لكن عندما أرادت تقييد يديّ رحت أصرخ من الألم، ومع ذلك لم ترأف بحالي».
وتابعت: «خرجنا من سجن الشارون في الثانية والنصف صباحاً. وفي سيارة النحشون، وصلنا الى معبر الرملة فجراً،  حيث انتظرنا طويلاً وكاد أن يُغمى علينا بسبب الحرارة المرتفعة داخل السيارة. بعد مضي ثلاث ساعات، تم نقلنا إلى شاحنة ثانية، هي عبارة عن زنزانات يحتوي كلٌ منها على مقعد حديدي صغير وغير مريح، وتتسع لشخصين ترتطم ركبتاهما بحائط الزنزانة».
واختتمت الأسيرة ن.ش حديثها مؤكدةً: «خلال السفر، كان السائق يقود الشاحنة بسرعة جنونية، وكنت أرتطم بحائط الزنزانة، وأصرخ من الألم، ولم يكن أمامي سوى الانتظار  حتى نصل. وأثناء توقفنا على حاجز الرملة، كانوا لا يفكّون قيودنا، ولا يسمحون لنا بتناول الطعام، وإنما بشرب الماء فقط».

احترام غزاونة: منذ عام 1967 اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 10000 امرأة فلسطينية
من ناحيتها، أكدت منسّقة وحدة التوثيق والدراسات في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، احترام غزاونة، والتي تعمل في هذا المجال منذ 12 عاماً ان الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يواصل انتهاك حقوق المرأة الفلسطينية، فقالت: «تحتجز قوات الاحتلال 55 امرأة فلسطينية، بينهن 12 طفلة، وأسيرتان في الاعتقال الإداري من دون تهمة أو محاكمة، ويخضعن لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي».
وأضافت: «ومن الجدير ذكره، أن 16 من الأسيرات هنّ أمهات لـ 58 طفلاً. وحالياً، تقبع 42 أسيرة في سجن هشارون، و13 أسيرة في سجن الدامون، وتقع هذه السجون في الأراضي المحتلة التابعة لسلطات الاحتلال، بما يخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظّر نقل السكان من الأراضي المحتلة».
وعلّقت غزاونة على مسألة ازدياد أعداد النساء المعتقلات في السجون الإسرائيلية مؤكدةً: «كعاملين في مؤسسة الضمير، نوضح ان قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت أكثر من 10000 امرأة فلسطينية منذ عام 1967. ولا تزال قوات الاحتلال مستمرة في اعتقال النساء والفتيات الفلسطينيات، سواء من الشارع أو أثناء عبورهنّ الحواجز أو بعد اقتحام منازلهنّ ليلاً، مع اصطحاب كلاب بوليسية لترهيب العائلات وتدمير محتويات المنازل. وعند الاعتقال، يقوم جنود الاحتلال بتعصيب عيونهن وتقييد أيديهن خلف ظهورهن، ووضعهن داخل الآليات العسكرية، وفي تلك الأثناء يتعرض هؤلاء النسوة للتعذيب وسوء المعاملة».
وعن مجريات التحقيق وسوء المعاملة، قالت غزاونة: «لا تزال قوات الاحتلال تواصل انتهاك حقوق الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية، بما يخالف اتفاقية مناهضة التعذيب التي حظّرت المعاملة غير الإنسانية وهدر الكرامة. وقد وثّقت مؤسسة الضمير عدداً من الانتهاكات التي مارستها قوات الاحتلال ومحققوها وطواقمها الطبية في حق الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات في السجون ومراكز التحقيق والتوقيف».
وأضافت: «أبلغت الأسيرات محامي مؤسسة الضمير أنهن يُحرمن من حقوقهن الأساسية، بما فيها الخدمات الصحية، الطعام والماء. كما يتعرضن للتفتيش العاري كإجراء عقابي، ويُحتجزن في ظروف غير صحية، إضافة إلى تعرضهنّ للاعتداء الجسدي والنفسي. وتتسبب ظروف الاحتجاز والمعاملة غير الإنسانية التي تتعرض لها الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات بأضرار صحية ونفسية وعقلية طويلة المدى».
وتابعت: «لدى وصولهنّ الى مراكز التحقيق أو الاعتقال، تُمنع الأسيرات الفلسطينيات من التحري عن أسباب اعتقالهن، وغالباً ما يُحرمن من حقهن في لقاء محامٍ، ويحتجزن أياماً أو أشهراً على ذمة التحقيق، ويتعرضن طوال هذه المدة للتعذيب وسوء المعاملة، مما ينعكس معاناة جسدية ونفسية شديدة. وتشمل أساليب التحقيق: العزل لفترات طويلة عن العالم الخارجي، ظروف اعتقال لا إنسانية، تعصيب العينين وتكبيل اليدين، الحرمان من النوم والطعام والماء، المنع من تبديل الملابس لأيام أو أسابيع، والترهيب بالصراخ والشتم والتحرش الجنسي».
وعن أسلوب التعامل مع الأسيرات خلال النقل، قالت غزاونة: «تتعرض الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات في سجون الاحتلال لعمليات نقل مرهقة ومهينة، بين أماكن اعتقالهن ومراكز التحقيق والاعتقال والمحاكم، حيث يتم إجبارهن على الجلوس على مقاعد غير مريحة بعد انتظارهن في أمكنة تشبه الأقفاص «مراكز انتظار» لفترات طويلة قبل الوصول الى المحكمة أو مركز التحقيق، وغالباً ما تستغرق مدة الانتظار ساعات طويلة، تُحرم الأسيرات خلالها من استخدام دورات المياه».
أما بالنسبة الى القوانين التي تتعلق بوضع المعتقلات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية فأوضحت غزاونة: «إن قوات الاحتلال هي المسؤولة عن كل الانتهاكات والممارسات التي تنتهجها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك سوء معاملة النساء الفلسطينيات أثناء اعتقالهن. وتنص المادة (12) من التوصية العامة (28) للجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في شأن الالتزامات الأساسية للدول الأطراف على ما يلي: «إن الدول تمارس ولاية إقليمية في المقام الأول، رغم أن ذلك رهن بالقانون الدولي. إلا أن التزامات الدول الأطراف تنطبق من دون تمييز على المواطنين وغير المواطنين سواء بسواء، بما يشمل اللاجئين وملتمسي اللجوء والعمّال المهاجرين وعديمي الجنسية الموجودين على أراضيها، أو الخاضعين لرقابتها الفعلية، حتى وإن لم يكونوا داخل أراضيها. فالدول الأطراف مسؤولة عن كل ما تتخذه من إجراءات تؤثر في حقوق الإنسان، بصرف النظر عما إذا كان المتضررون على أراضيها أم خارجها».
وأضافت: «وفي التوصية العامة الرقم (30) بشأن وضع المرأة في سياق منع النزاعات وفي حالات النزاع وما بعد انتهاء النزاع، تؤكد اللجنة ما ذُكر سابقاً من خلال النص: «تكرر اللجنة توصيتها العامة الرقم 28، ومفادها أن التزامات الدول الأطراف تُطبّق أيضاً خارج حدودها الإقليمية على الأشخاص الخاضعين لسيطرتها الفعلية، حتى وإن لم يكونوا موجودين داخل أراضيها، وأن الدول الأطراف مسؤولة عن كل ما تتخذه من إجراءات تؤثر في حقوق الإنسان، بغض النظر عما إذا كان الأشخاص المتضررون موجودين داخل حدودها الإقليمية أم خارجها».
وتابعت غزاونة: «تؤكد مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، وبناءً على الشهادات والتصاريح التي حصلت عليها من الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات، أن الاحتلال مستمر منذ 50 عاماً في انتهاك حقوق الأسيرات الفلسطينيات في مراكز التوقيف والتحقيق والسجون، وفي المستشفيات والعيادات الطبية والحواجز ونقاط التفتيش، وتطاول تلك الانتهاكات كل فئات الإناث الفلسطينيات من معلمات وطالبات وأمهات وطفلات... وتشدد الدول الأطراف في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على انه «لا بدّ من استئصال آفة الفصل العنصري وجميع أشكال العنصرية، والتمييز العنصري والاستعمار، والاستعمار الجديد والعدوان والاحتلال الأجنبي والسيطرة الأجنبية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول إذا أُريد للرجال والنساء أن يتمتعوا بحقوقهم تمتعاً كاملاً».
هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقريرها الأخير: تعاني الأسيرات الأمهات أوضاعاً نفسية مؤلمة...
في المقابل، صدر أخيراً تقرير عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، جاء فيه: «هناك 15 أسيرة في سجن الدامون يعانين ظروفاً صعبة وقاسية، بحيث يقبعن في غرفتين في القسم الرقم (6) في السجن، وقد اشتكين من صعوبة النقل الى المحاكم إذ يستغرق ذهابهن الى المحكمة والعودة إلى السجن مرة أخرى 3 أيام، كما أن ظروف الانتظار في سجن «عوفر» صعبة جداً وتخيم عليه الأجواء الباردة، ولا تتوافر فيه أدنى الشروط الإنسانية. كذلك تعاني الأسيرات الأمهات أوضاعاً نفسية مؤلمة، نظراً لحرمانهن من زيارات الأهل والأبناء لمدة طويلة».

مؤسسة الضمير: نطالب الأمم المتحدة وكل الدول الأعضاء بالضغط على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان
من جهتها، أوصت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومؤسسة CODEPINK في تقرير لها تم إصداره بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للمرأة، واستنكاراً لاستمرار الاحتلال في انتهاك حقوق المرأة، بالعمل على ما يأتي: «بعد مرور 50 عاماً على الاحتلال، آن الأوان للمجتمع الدولي ان يفرض عقوبات على إسرائيل، وأن يُخضعها للمساءلة الجدّية والفورية بغية إنهاء الاحتلال، وأن تعمد الأمم المتحدة وكل الدول الأعضاء الى الضغط على دولة الاحتلال للالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتطبيق اتفاقية مناهضه التعذيب والمعاملة غير الإنسانية والتي تنتهك الكرامات، واتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء».