هذا ما نصوم عنه في رمضان...

صوم,رمضان,الكريم,الأشخاص,الشهر,الطقوس,الطعام,الشراب,الروح,الجسم,الإجابة,التحقيق,محمد أبو فول,السموم,سوسن فلاحة,النميمة,منيرة كبرا,فراق,خولة حاتم,أحمر الشفاه,زكي السمان,الشوارع,مشاعر,خالد زيتون,نبيل,المسلسلات,الحكواتي,المقاهي,آلاء حسن,الحجاب

27 مايو 2017

مع اقتراب شهر رمضان الكريم، سألنا عدداً من الأشخاص عن أهمية هذا الشهر ودلالاته، والطقوس التي يمارسونها خلاله، كما سألناهم عمّا يصومون عنه باستثناء الطعام والشراب، وما الذي يعتبرونه محرّماً في شهر الصوم، وكيف يؤثّر الصيام في الروح كما يؤثر في الجسم، وكانت الإجابة في هذا التحقيق.


{ محمد أبو فول: «في هذا الشهر الكريم، على الصائم أن يتحلّى بالصبر، ويكون صادقاً في محبة جيرانه وأهله وأقاربه، فيُحسن في معاملتهم ويستقبلهم بالابتسامة وليس بالعبوس بحجة الصيام والتعب...»

محمد أبو فول: الصوم يطهّر الروح ويُنقّي الجسم من السموم
ويشير محمد أبو فول الى «أن الصوم يُطهّر الروح ويُنقّي الجسم من السموم التي تراكمت فيه على مدار الأشهر الـ 11 الباقية من السنة. فعقب الشهر الفضيل يشعر الإنسان بنقاء النفس وبالارتياح، لأنه لا يصوم في رمضان عن الطعام والشراب فقط، بل يمتنع عن القيام بكل ما ينهي عنه الدين، من كلام وأفعال وتصرفات مشينة، وصولاً الى التدخين الذي يتوجب الإقلاع عنه في رمضان».
ويضيف: «في هذا الشهر الكريم، على الصائم أن يتحلّى بالصبر، ويكون صادقاً في محبة جيرانه وأهله وأقاربه، فيُحسن في معاملتهم ويستقبلهم بالابتسامة وليس بالعبوس بحجة الصيام والتعب... وأجمل ما في رمضان هو طقوسه اليومية، من اجتماع أفراد العائلة الصائمين على مائدة الإفطار، ثم الصلاة، ومن بعدها السهرات التي تمتد الى السحور، والتي تغيب عنها النميمة. مع الإشارة الى «سكبة» رمضان، حيث يوزّع كل بيت في الحارة صنفاً من أصناف طعامه على الجيران، وبذلك يتبادل أهالي الحي طعامهم، وأكثر ما يحضر على مائدة الإفطار، أطباق الفتوش والتبولة، والسلطة والشوربا على أنواعها، واللحم المشوي في الفرن».

سوسن فلاحة: بعض النساء لا يزرن جاراتهن خوفاً من النميمة
أما سوسن فلاحة فتقول: «خصوصية شهر رمضان تأتي من معناه الذي يدل على العبادة والالتزام، فهو شهر مرتب بمواعيده، مما يجعلنا نلتزم أيضاً بقواعده. كما أنه مختلف عن باقي الشهور، فهو قمر الشهور، كما نقول عنه في الشام، ولكن للأسف ثمة الكثير من المعتقدات الخاطئة حول هذا الشهر المبارك، فهناك من يعتبر أنه شهر يُحرّم فيه بعض الأمور على أن نعود إليها بعد انتهائه، بحيث نجد من يقرر أن يصلّي خلال شهر رمضان، وبالفعل يبدأ بالصلاة، لكنه يتركها مع انتهاء الشهر الفضيل. وكذلك الفتيات اللواتي يتوقفن عن وضع الماكياج خلال الشهر لأنه حرام، ويعاودن التبرّج بمجرد انتهاء هذا الشهر، وهذا خطأ كبير، فرمضان هو شهر العبادة والتوبة، ولا يجوز أن نفعل ما هو صحيح لنتراجع عنه بعد انتهاء الشهر الكريم، حتى أن هناك بعض النساء لا يزرن جاراتهن خلال هذا الشهر خوفاً من النميمة، ويقلن «اللّهم إني صائم»، ليعاودن جلسات النميمة عقب شهر الصوم. وأجمل ما في رمضان هو صلاة التراويح والسحور، ومن أكثر ما نحب على مائدة الإفطار، العصائر التي تشتهر بها دمشق كعرق السوس والتمر الهندي، أما الطبق اليومي فهو الفول المدمّس، حيث يتهافت عليه جميع أفراد العائلة».

منيرة كبرا: فقد رمضان بهجته بعد فراق الأحبّة
أما منيرة كبرا فتؤكد: «عرف رمضان اختلافاً كبيراً بين اليوم والأمس، ففي الماضي كان الأهل والأقارب يجتمعون في هذا الشهر، وكان يحمل اليهم البهجة والفرح وينتظرون قدومه بفارغ الصبر. أما اليوم وبعدما سافر الكثير من الأقارب والأهل إلى الخارج، وبعدما فرّقت الحرب شمل الأسر، فقدت موائد الإفطار طعمها، وخسرت السهرات العائلية دفئها، ورغم ذلك نحاول الحفاظ على الطقوس الرمضانية التي نشأنا عليها. وبالنسبة إليّ، أحضّر أطباقي باكراً، وهي تتنوع ما بين السلطات والتبولة والمشاوي والشوربة، لكن الأهم هو التمر. ولا يقتصر صيامنا على الامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل نلتزم بمبادئ الدين، فلا نتفوّه بما يسيء الى الآخرين، ونسامح من أساء إلينا، ونتعامل مع من حولنا بالحُسنى. باختصار، نحرص على أن يكون قلبنا أبيض كقلب الطفل، فهذا هو معنى الصيام الحقيقي».

خولة حاتم: لا أضع أحمر الشفاه
تقول خولة حاتم: «لا تقتصر ممنوعات شهر رمضان الكريم على الطعام والشراب فقط، بل تشمل أيضاً ممنوعات أخرى أصبح متعارفاً عليها، ولا تحتاج الى نص قرآني أو فقهي لإيجازها، كالامتناع عن التدخين والنرجيلة، وبالطبع الماكياج وخصوصاً أحمر الشفاه، فللعين حقها، فإذا وضعت الفتاة أحمر شفاه فاقعاً فهي بالتأكيد ستلفت أنظار المارّة في الشارع، مما يفسد صيامهم، لذا يجب الامتناع عن وضع أحمر الشفاه في رمضان، تجنباً للإغراء».
وتضيف: «رمضان شهر التوبة، والتوبة الصادقة تكون في الابتعاد عن النميمة، وحتى سماع الكلام غير اللائق والمسيء الى الآخرين، فكلما اجتمع اثنان ستكون أحاديثهما عن ثالث غائب، لذا أفضّل خلال الشهر الفضيل أن أشغل نفسي في تدبير شؤون المنزل، وبقراءة القرآن التي تساهم في صفاء الروح. وبما أننا نمتنع عن الطعام لساعات طويلة خلال أيام رمضان، نحرص على أن تكون مائدتنا غنية بالأطباق الشهية، والتي أشهرها: الشاكرية، الكبة، الملوخية، إضافة إلى الأطباق اليومية كالتبولة والفتوش، وغالباً ما نجتمع في منزل عمّتي، أو يسهر كل أفراد العائلة عندنا بعد الإفطار».

زكي السمان: الناس يأكلون في الشوارع ويستخفّون بمشاعر الصائمين
أما زكي السمان فيقول: «من أهم الممنوعات في رمضان، غض الطرف وحفظ اللسان وعدم استراق السمع، ولكن ما من أحد يلتزم بتلك الأمور، فالنميمة دائمة طوال شهر رمضان ومستمرة الى ما بعده، كما بتنا نرى الناس يدخّنون ويأكلون في الشوارع وفي وضح النهار، من دون مراعاة لمشاعر الصائمين، أو إبداء أي احترام لشهر الصوم».
ويضيف: «أما بالنسبة الى المرأة واحتشامها خلال الشهر الفضيل، فأرى أن الحجاب لا يصون الفتاة، ولا يبعد الأنظار عنها، بل المشكلة في شبّاننا الذين لا يكفّون عن ملاحقة الفتاة، سواء أكانت محجبة أم لا... كما أن من الضروري أن يسود التسامح بين الناس في رمضان وينسوا الخلافات في ما بينهم. أما بالنسبة الى الأطباق الرمضانية، فأُفضل المقادم والكباب والفتوش والتبولة»...

خالد زيتون: يزداد عدد المصلّين في رمضان ويخف من بعده
يقول خالد زيتون: «ثمة أمور كثيرة تتغير مع قرب حلول الشهر الكريم، فأنا أملك محلاً لبيع الأدوات المنزلية بمختلف أنواعها، ومع بدء الشهر الفضيل، أقدّم عروضاً وأخفّض أسعار كل المنتجات لتيسير أمور الناس الذين لا يستطيعون تحمل النفقات الإضافية التي ترافق هذا الشهر، هذا فضلاً عن دفع الزكاة ومقدارها 2 في المئة كل عام، فرمضان هو شهر الخير والبركة، ويتوجب علينا خلاله أن نُخرج زكاة المال، أما زكاة الفطرة فهي صدقة المال، وبالتالي تختلف عن زكاة المال».
ويضيف خالد: «كما نبتعد عن المحرّمات المتعارف عليها في الأيام المباركة، كالتدخين، ونحتشم في اللباس، ونلتزم بالصلاة وصلاة التراويح لساعات متأخرة من الليل، وصلاة الفجر مع الجماعة، لذلك نجد عدد المصلّين في شهر رمضان ضخماً، ويخفّ تدريجاً بعده. أما على الإفطار فتكون قائمة الطعام طويلة ومتعددة، ومن أكثر الأطباق شيوعاً لدينا: الأوزي، الكبة بالصينية، الشوربة، الفول والفتّة، وأطباق اللبنية، وهي مرغوبة في الصيام لأنها ترطّب الجسم في الطقس الحار. ومع أواخر الشهر الفضيل تبدأ التحضيرات لحلويات العيد».

نبيل «أبو محمد»: المسلسلات التلفزيونية حلّت محل الحكواتي في المقاهي
ويبقى لنبيل رأي آخر إذ يقول: «يمتنع بعض الناس عن زيارة الأقارب والجيران والأصدقاء خوفاً من النميمة والوقوع في السيئات، وهذا الكلام ليس منطقياً، فشهر رمضان لا يعني أن نمتنع عمّا حرّمه الله عزّ وجل خلال الأيام الثلاثين هذه فقط، بل هو تجربة نخوضها في شهر من أشهر السنة لتصبح عادةً نتّبعها في حياتنا بشكل دائم. فالكلام على الناس ممنوع، وكذلك كل ما يسيء الى الصائم والمحيطين به، وصلة الرحم واجبة علينا في رمضان، فإن كان لنا أقارب لم نزرهم منذ وقت طويل، وجُب علينا التواصل معهم وزيارتهم، وأن يكون هناك وفاق تام بين العائلات وحل كل نزاع أو خلاف».
أما عن طقوس رمضان وأطباقه الشهية، فيقول «أبو محمد»: «ليس هناك أشهى من طبقَي الفتّة والفول على مائدة رمضان اليومية. وفي السابق كنا نذهب بعد الإفطار وصلاة التراويح إلى المقهى لسماع الحكواتي، أما اليوم فقد بطُلت هذه العادة لانشغال الناس بمتابعة المسلسلات التلفزيونية. وبالنسبة إليّ، أُفضّل البقاء في المنزل مع أولادي وزوجتي».

آلاء حسن: أحترم شهر رمضان بارتداء الحجاب
تلفت آلاء حسن الى «أن الأيام الرمضانية تنقسم إلى قسمين، قبل الإفطار وما بعده، حيث نتفرّغ قبل الإفطار لتحضير الطعام أو القيام بالأعمال المنزلية، أما بعد الإفطار فغالباً ما نخرج لزيارة الأقارب والأصدقاء، لكن بمجرد أن نجتمع مع بعضنا البعض، نبدأ التحدّث عن فلان وفلان، وكأن شهر الصوم قد انتهى، وفي ختام السهرة وقبل أن يعود كل من الحاضرين إلى منزله، يستغفر ربّه، ويبارك للآخرين بالشهر الفضيل».
وتتابع آلاء حديثها قائلةً: «قررت منذ صغري أن أحترم شهر رمضان على طريقتي، فأضع الحجاب طوال الشهر، لكوني لا أرتدي الحجاب في حياتي العادية، وذلك تقرّباً من الله وتحبباً بالشهر الكريم. لكن بعدما كبُرت، أدركت أن الحجاب ليس وحده ما يبعدني عن كل ما يسيء الى ديني ويُضعف إيماني، وأن قبول صيامي ليس مشروطاً بغطاء الرأس، لكن بشكل عام خلال ساعات الصيام أبقى في المنزل ولا أخرج منه إلا للضرورة».
وتضيف: «أما في ما يتعلق بالتواصل خلال شهر الصوم، فكما هو معروف، الخلاف بين المسلمين محرّم لأكثر من ثلاثة أيام، والتسامح ضروري، وهذا ما حصل معي فعلاً، فبعد أن خطبت ودخلت أجواء عائلة جديدة، وكما يحدث مع الكثير من المُقبلين على الزواج مع عائلاتهم الجديدة، حصل سوء تفاهم بيني وبين أخت خطيبي، ومع حلول شهر رمضان كان على إحدانا أن تبادر بالصلح، ويومها قمت أنا بهذه الخطوة، وشعرت بالارتياح بعدما حُلّ الخلاف بيننا، فشهر رمضان هو شهر التسامح والمحبّة».