«لها» تفتح ملف السكن الجامعي المشترك... حسناته وسيئاته

محمد ونسي,الاعتماد على النفس,الطلاب,لارا محسن,الحرية,سمية المحمود,أسرار,عفراء حسين,السكن الجامعي,غدير قشي,علي درويش,الدكتورة ميرنا دلالة,الدكتور حبيب محمود,السكن الجامعي المشترك,حسنات,سيئات

لها (دمشق) 23 يوليو 2017

بين ليلة وضحاها تغيرت حياتهم، فبعدما كانوا يعيشون في كنف الأهل، من دون تحمل أي مسؤولية تذكر، انتقلوا للعيش بمفردهم بعيداً عن عائلاتهم، بمعية عدد كبير من الشبان والشابات المتقاربين في السن، لكن المختلفين في الثقافات والعادات والتقاليد.
السكن الجامعي هو الملاذ الذي يؤوي المئات من الطلاب  الجامعيين الذين ينتقلون من مدينة إلى أخرى لاستكمال تعليمهم بعيداً عن أسرهم.
التقينا بعض الطلاب، فحدّثونا عن علاقاتهم مع بعضهم البعض، والخلافات التي تحدث في ما بينهم، وهل هم راضون عن المستوى المعيشي في السكن الجامعي، وتأثير الحرية التي ينعمون بها في حياتهم...


محمد ونسي: تعلمت الاعتماد على النفس، وصُدمت بانعدام الصدق وغلبة المصلحة
يقول محمد ونسي، سنة أولى هندسة: «تعلمت خلال سكني في المدينة الجامعية أن أعتمد على نفسي، فالسكن الجامعي يحتّم على الطالب اتباع نمط عيش مغاير لما اعتاده في منزل ذويه. وأندم كثيراً على المشكلات الصغيرة التي كانت تحدث، والتي تأثرت بها في البداية. وأكثر ما كان يضايقني في السكن الجامعي، قلة الصدق في العلاقات بين الطلاب وتغليب المصلحة الشخصية على المنفعة العامة... في البداية كنت سعيداً بأنني بعيد عن أهلي وسأتحمل المسؤولية وأعرف قيمتي، وكنت يومها مندفعاً للدراسة، لكنني وثقت بمن كانوا معي في الغرفة، واكتشف في ما بعد أنهم في غاية السوء، فخاب ظني بهم. وأعتقد أن المشكلة التي يعانيها ساكنو المدينة الجامعية في أنهم يتوافدون من بيئات مختلفة فلا يستطيعون التفاهم في ما بينهم».
ويضيف: «لم يكن ابتعادي عن المنزل أمراً غريباً، فقد سبق لأخواتي أن سكنّ في المدينة الجامعية، لكن أبي كان متأثراً جداً بغيابي لكوني الابن الوحيد في العائلة... ومع ذلك أؤكد أن مشكلات البنات في السكن الجامعي هي أكبر بكثير من مشكلات الشبان، فالطالبات يمكن أن يختلفن على تفاصيل صغيرة وسخيفة، كما أن نظرة المجتمع الى الفتاة تكون ظالمة أحياناً، وفي أحيان أخرى تكون اختيارات الفتاة خاطئة، مما يؤثر في سمعتها في الجامعة».

لارا محسن: الحرية التي أتمتع بها حمّلتني المزيد من المسؤولية
لارا محسن، سنة أولى حقوق، تؤكد: «رغم حزن عائلتي بسبب مغادرتي المنزل والعيش بمفردي في السكن الجامعي، كانت أختي الصغرى أكثر من افتقد وجودي في العائلة لأننا كنا مقرّبتين جداً من بعضنا البعض. عوّدت نفسي على الاستقلالية وتحمّل المسؤولية، فقد تمتعت بالحرية الكاملة في المدينة الجامعية، مما عزّز ثقتي في نفسي وصرت أحرص على عكس صورة جيدة عن عائلتي وتربيتي المثالية، ذلك بخلاف الشاب الذي ينعم أساساً بالحرية في منزل عائلته ولا تتغير عليه الأجواء كثيراً».
وتتابع: «في البداية، حدثت مشكلات بسيطة مع بعض الزميلات بسبب اختلاف الطباع وأسلوب التربية، لكن أكثر حادثة أثرت فيّ عندما تعرضت لسرقة مبلغ من المال في الغرفة، ولم نعرف يومها السارق، فبدأنا نشكك في بعضنا، وكانت بالفعل أسوأ تجربة عشتها في السكن الجامعي. وعموماً، حياة الشبان في السكن الجامعي أسهل بكثير من حياة البنات، فلا غيرة بين الشبان، كما أنهم لا يختلفون على الأمور السخيفة، ورغم ذلك قررت أن أضع حدوداً لعلاقاتي مع زملائي وزميلاتي في المدينة الجامعية، وكنت دائماً أحدّث والدتي بكل ما يحصل معي فترشدني الى الطريق الصحيح».

سمية المحمود: تعملت أن أحتفظ بأسراري... وأنصح بتحديد العلاقات
أما سمية المحمود، سنة ثانية أدب إنكليزي، فتقول: «اخترت العيش في السكن الجامعي ولم أستأجر شقة، لأن السكن آمن خاصة في ظروف الحرب التي نعيشها، وهو أرخص بكثير من الاستئجار. كانت مغادرتي المنزل في غاية الصعوبة، فخيّم الحزن على العائلة، وبكيت كثيراً لكوني آخر العنقود في المنزل. ولدى وصولي إلى المدينة الجامعية شعرت بالملل، ولم أكن أعرف ماذا عليّ أن أفعل، فالفتيات من حولي مختلفات عني كثيراً، فهن يخرجن باستمرار وتربيتهن على النقيض من تربيتي. وبعد مضي أسابيع على إقامتي في السكن الجامعي، تشاجرت مع شريكتي في الغرفة بسبب الفوضى المنتشرة في كل مكان، وكانت الحرية التي أُعطيت لي حملاً ثقيلاً عليّ، فعندما كنت أعيش في كنف عائلتي، كنت أخرج من المنزل أكثر مما أفعل هنا. أنا اليوم لا أثق في أحد، فهناك اختلاف كبير في العادات والتقاليد والتربية، وتصرف بعض الطالبات يصل حد الوقاحة، فحياة البنات صعبة جداً وتختلف عن أسلوب عيش الشبان».
وتضيف: «في السكن الجامعي تعلمت الاعتماد على النفس، فبعدما كانت طلباتي أوامر في منزل عائلتي وأحصل على كل ما أريد، أصبحت أطبخ وأشتري حاجاتي بنفسي، لعدم توافر كل الخدمات في السكن الجامعي، إضافة إلى الضغوط النفسية التي يتعرض لها الطالب من المحيطين به، فأنا مضطرة للتعرف إلى جميع الطلاب بحكم السكن المشترك، مما يُفاقم  المشكلات في ما بيننا، لكنني تعلمت ألاّ أبوح بسري لأحد، وأن تكون علاقاتي سطحية مع الجميع، وأتمنى لو لم أكن أعرف هذا الكم من الفتيات لأنهن أثّرن فيّ سلباً، وأنصح كل الساكنات الجديدات بتحديد علاقاتهن في المدينة الجامعية».

عفراء حسين: السكن الجامعي يناسب ذوي الدخل المحدود وهو أكثر أماناً
تقول عفراء حسين، طالبة في كلية الحقوق: «فضّلت السكن في المدينة الجامعية لأنه أكثر أماناً، كما أنه يناسب ذوي الدخل المحدود. خروجي من المنزل أثّر كثيراً في والدتي، فكانت تتواصل معي طوال النهار لتعرف أين أنا وبرفقة من وماذا أكلت ولبست... كان يومي الأول في غاية السوء، فكيف سأنام على سرير جديد، وأتعامل مع بنات غريبات لا أعرف طباعهن! وبالفعل كانت شريكاتي في الغرفة سيئات التصرف من كل النواحي، وخاصة في ما يتعلق بالنظافة، لكن بعدما أخطرت المشرفة والمسؤولة عنا بذلك، عمدت الى تغيير شريكاتي، واليوم أسكن مع فتيات سلوكهن أفضل بكثير. في البداية كنت خائفة كثيراً لكوني أعيش بعيداً عن رقابة عائلتي، لكن في ما بعد أصبحت أكثر قوة واكتشفت أن الكل تهمّه مصلحته على عكس مجتمعي البسيط. كنت متحمسة للعيش وحدي واكتشاف الحياة وإضافة أصدقاء جدد، لكن بعد عام أصبحت أشعر بالملل، وأكثر ما كان يضايقني هو تحضير الطعام، فأُعدّ أكلات بسيطة أسدّ بها جوعي، كما أن هناك نظاماً معيناً للاستحمام وغسل الثياب، بخلاف حياتي في المنزل حيث كنت أرمي ثيابي على الأرض وأخرج فتلملمها أمي... في السكن الجامعي أقوم بكل المهمات، وأصعب المشكلات التي واجهتها هو تشارك خمس فتيات في غرفة واحدة، مع ما يستتبع ذلك من خلافات كثيرة، خاصة عند الدراسة والنوم، فثمة طالبات يفضّلن الدراسة في الليل، وأخريات لا ينمن إلا إذا أُطفئت الأضواء. عندها توصلنا الى حل يرضي الجميع، فالدراسة ممنوعة بعد الثانية عشرة ليلاً، كما كنا نتضايق عند الاستحمام، فطابقنا الذي يعجّ بالطالبات مجهّز بحمامين فقط نتناوب على استخدامهما».
وتضيف عفراء: «أما عن العلاقات داخل الحرم الجامعي، فهي متشعبة، خاصة بوجود وحدات سكن الشبان مقابل وحدات البنات، مما يساهم في نسج العلاقات المشبوهة في ما بينهم في ظل غياب رقابة الأهل، ولذلك قررت التخلّي عن السكن الجامعي العام المقبل، والبحث مع بعض الفتيات عن منزل قريب من الجامعة لاستئجاره، فنتحرر من الضغوط الكثيرة التي تعرضنا لها خلال هذا العام».

غدير قشي: بعض الفتيات يخطئن في ممارسة الحرية المتاحة لهن في السكن الجامعي
غدير قشي، سنة أولى هندسة مدنية، يقول: «وضّبت أمي حقيبة سفري، وحضّرت لي بعض الأطعمة، وتأثرت كثيراً لمغادرتي المنزل. في يومي الأول في السكن الجامعي، تجولت في غرفتي، ثم توافد اليها باقي الزملاء، وبدأنا في أعمال التنظيف والترتيب. في البداية، لم أكن مرتاحاً في العيش معهم، لكن مع مرور الأيام تبين لي أنهم من أفضل الناس، وأصبحنا كالعائلة التي من الصعب أن يفترق أفرادها. أحببت فكرة السكن الجامعي بعدما سمعت الكثير عن المغامرات الجميلة التي يخوضها الطلاب هنا. وكوني شاباً لم أجد في الانتقال الى المدينة الجامعية أي حرية، على عكس الفتاة إذ تشعر بأنها تتمتع بحرية تامة، خاصة إذا كانت تعيش في مجتمع منغلق، وقد تخطئ بعض الفتيات في ممارسة الحرية المتاحة لهن في السكن الجامعي، فيقمن علاقات غير سوية مع شبان كثر، وهذا يعود الى الكبت الذي كنّ يعانينه في مجتمعهن. كما تعلمت خلال إقامتي في السكن الجامعي الاعتماد على نفسي، والتمييز بين الزميل السيئ والجيد، وبالتالي اكتشفت أن ليس كل من ابتسم لي يعني أنه يحبني، أما أكثر ما كان يزعجني في السكن الجامعي، فهو انعدام النظافة في الحمّامات».

علي درويش: تعلمت فن الطبخ، وصرت أُنفق على نفسي
أما علي درويش، سنة رابعة كلية الرياضة، فيقول: «لا يقتصر السكن الجامعي على ذوي الدخل المحدود، فهو يضم الكثير من الطلاب الميسوري الحال، لكنهم اختاروا الإقامة في السكن الجامعي لأسباب كثيرة، منها الأمان المتوافر فيه، والجو الاجتماعي الجميل الذي يسود بين الطلاب... لم أشعر بالغربة منذ يومي الأول في السكن الجامعي، فعلى الفور تم التعارف بيني وبين زملائي في الغرفة، وذهبنا إلى أحد المقاهي العامة، وما زلنا نحرص الى اليوم على الحفاظ على علاقتنا، لكننا كنا نعاني مشكلة واحدة، وهي صغر مساحة الغرف التي كانت تجمعنا، فالغرفة المخصصة لطالبين كان عدد الطلاب فيها يصل أحياناً إلى ثمانية طلاب».
ويتابع: «بالطبع تأثرت عائلتي بابتعادي عنهم، وكذلك أبناء حارتي وأصدقائي، لكنني كنت أزورهم كلما سنحت لي الفرصة، وقد تعلمت من سكني في المدينة الجامعية الكثير من الأمور، والتي أهمها فن الطبخ، فبعدما كنت أعتمد على الوجبات التي تحضّرها لي أمي في الإجازات، صرت أجيد الطهو وأغسل ثيابي أيضاً، وبعدما كنت أحصل على مصروفي كاملاً من عائلتي، بدأت أُنفق على نفسي من خلال عملي بدوام جزئي بعد الجامعة. لكن ما كان يزعجني في السكن الجامعي هو إغلاق الباب الرئيس في موعد محدد، مما كان يضطرني للعودة باكراً، لكن مع مرور الأيام تعودت على هذا النظام».


لكن ما هو رأي علم الاجتماع في السكن الجامعي؟

الدكتورة ميرنا دلالة: غياب رقابة الأهل يشكل خطراً على حياة الطلاب
عن اختلاف البيئة الاجتماعية والتربية ما بين ساكني المدينة الجامعية وتأثيره في الطلاب، حدّثتنا الدكتورة ميرنا دلالة، قائلة: «هناك ما يسمى بالفروق الفردية حيث لكل إنسان شخصية تميزه عن الآخر، وهي جملة من الاستعدادات العقلية والمعرفية والانفعالية النفسية والاجتماعية. وتبعاً للاختلاف الموجود في جملة هذه الاستعدادات عند كل إنسان، يتحدد نمط شخصيته فيما إذا كان ذكياً أم لا، متكيفاً أم جامداً، محباً للعيش مع الجماعة أم يميل إلى الانطوائية والعزلة، وهكذا...
ونمط الشخصية هذا سيفرض بالتالي استجابة معينة أو سلوكاً محدداً على أرض الواقع، مما يفسر اختلاف ردود الفعل أو سلوك البشر عند تعرضهم للموقف نفسه. لذا من الطبيعي أن نجد أطباعاً وتصرفات مختلفة لدى طلاب السكن الجامعي، مع الإشارة إلى أن لهذا النوع من السكن سلبياته وإيجابياته، فعلى سبيل المثال يمكن أن يفيد في التعديل أو التخفيف أحياناً من السلوك الخاطئ أو العكس. بعبارة أخرى، وجود طالب في الغرفة يحترم الوقت ويلتزم بقواعد النظافة ويرتّب أغراضه، مع مجموعة أخرى تعتمد الفوضى، سيفرض عليهم واقعاً جديداً، فيضطرون في بعض الأحيان إلى الالتزام به، ويتحول مع التكرار إلى عادة سلوكية. كما أن وجود طالب يعاني مشكلة الانطوائية أو العزلة مع مجموعة أخرى تعشق الحياة الاجتماعية، قد يساهم في حلّ مشكلته فيصبح منفتحاً على الآخرين. وعليه فإن اختلاف طباع الطلاب في المدن الجامعية له في الواقع هدف تربوي وسلوكي واجتماعي، مع الإشارة إلى الدور الذي يلعبه في بناء شخصية متوازنة مستقلة قادرة على تحمل المسؤولية، وهذا ما تسعى إليه المدن الجامعية التي تدرك هذا الدور وأهميته».
وعن الحرية التي يعيشها الطلاب بعيداً عن رقابة الأهل، توضح ميرنا دلالة: «في الواقع، غياب رقابة الأهل يشكل خطراً واضحاً إذا كان هناك غياب للتكوين القيمي للتفاعل التربوي بين الأهل وأبنائهم قبل انفصالهم عنهم أو الابتعاد عنهم لأسباب مختلفة، لأن ما ذكرناه سابقاً هو المعني بتكوين ما يُسمى الرادع الأخلاقي أو الضمير عند الإنسان، بحيث يمكن أن يبتعد الشاب عن أهله وهم في حالة اطمئنان، وقد يتمثل الخطر في العائلة الجديدة أو البديلة في حال غياب الأهل، بمجموعة الأصدقاء الذين يصبحون المثل الأعلى للشاب، لا بل ويساهمون في تشكيل شخصيته، فآراؤهم وأفكارهم محط اهتمامه وملاذه في الأزمات، وفي مواقف الضعف التي يتعرض لها، خاصة إذا كان الأهل هم سبب المشكلة، يضاف إلى ذلك أن شلّة الأصدقاء تعطي هذا الشاب نوعاً من الاستجابة الانفعالية، أو يمكن تسميتها بالأمن الانفعالي، أو حالة من الاستقرار النفسي، كذلك تعزز مناعته تجاه النقد الاجتماعي، فضلاً عن أنها تعمل على تكوين معايير سلوكية يتفق أفرادها على معالمها. باختصار، هي تساهم في تشكيل ثقافته الجديدة التي قد لا تتوافق مع ثقافة أهله ومجتمعه، فعندما لا يقوم الأب والأم بدورهما الرقابي ستتدخل مجموعات أخرى لتسرق هذا الدور، وبالتالي تخلق لدى الشاب قناعات قد تكون مغلوطة ومنحرفة. لذا، لا بد من أن يستعيد الأهل دورهم الأساسي، لأن العائلة هي الوسط الأول الذي يتعلم فيه الطفل مبادئ الحب والكراهية، الصدق والكذب، العدل والظلم، وفيها يتم غرس القيم الاخلاقية والتربوية في سن مبكرة، مع الاستمرار بالطبع في هذا الدور ولكن بالتعاون مع الاختصاصي الاجتماعي والنفسي والمعالج السلوكي الذين يملكون خبرات أكثر في المراحل العمرية المتقدمة.

الدكتور حبيب محمود: نحاول دمج الطلاب لخلق الألفة وردم الهوّة التي أحدثتها الأزمة
أما مدير السكن الجامعي الدكتور حبيب محمود فيقول: «في كل عام، نحاول قدر الإمكان أن نفرز الطلاب وفق اختصاصاتهم في الوحدات السكنية، ونسعى الى دمجهم بغض النظر عن الجغرافيا والانتماءات الأخرى، فتضم الغرفة الواحدة مجموعة من الطلاب الوافدين من محافظات مختلفة، لخلق نوع من الألفة الاجتماعية وردم الهوّة التي أحدثتها الأزمة. لكننا نتعرض للكثير من المشكلات بسبب اختلاف البيئات واتساع رقعة الجغرافيا السورية، وأحياناً تكون للطالب نظرة مسبقة عن زميله أو ابن البيئات الأخرى نتيجة الأزمة، لكن نحاول قدر المستطاع وبمساعدة المشرفين تذليل تلك العقبات، وهذا يحدث غالباً في بداية العام الدراسي، وخصوصاً مع الطلاب الجدد من ذوي العقول المتحجرة والذين يحتاجون الى المزيد من الوقت ليتأقلموا مع جو السكن ويتعايشوا مع الآخرين. أما عن طرق حل الخلافات، فعادة ما نستمع الى آراء الطرفين المتخاصمين، ونقرّب بين وجهات النظر، وغالباً ما تكون المشكلات بسيطة، كالخلاف على ملكية سرير معين، أو أن طالبة تنام باكراً وأخرى تريد الدراسة وإضاءة الأنوار، فالإخوة الصغار يختلفون في ما بينهم، فما بالك بخمس فتيات يتقاسمن غرفة واحدة وجئن من بيئات مختلفة تماماً! أما إذا تجاوزت المشكلات تلك الحدود لتصل الى السرقة أو قلّة الأدب، فنلجأ الى التحذير لأكثر من مرة، وعند تكرار المخالفة، نقوم بفصل الطالب فوراً».