بيزنس الإنترنت: المرأة أكثر نجاحاً

فادية عبود (القاهرة) 02 سبتمبر 2017

Upload & share & buy now... ثلاث ضغطات إلكترونية سطرت قصص نجاح لكثيرات من النساء في الوطن العربي، ممن خرجن بمشاريعهن وهواياتهنّ من حيز المتاجر الإلكترونية إلى متاجر ومشاريع على أرض الواقع... «لها» ترصد قصص نجاح نسائية بدأت من المتاجر الإلكترونية، لتؤكد أن النساء أكثر نجاحاً في البيزنس عبر الإنترنت.


تصميم أزياء شرقية مختلفة
بدأت مصممة الأزياء أمنية سعيد، متجرها الإلكتروني منذ ثماني سنوات، وتقول: «شعرت بالملل من تصاميم الأزياء الموجودة في الأسواق، كأن لا اختلاف في الأذواق أبداً، فبدأت بالتصميم لنفسي وشاركت في ورش عمل ودراسة التصاميم، ولأنني زوجة وأم كان من الصعب أن أفتتح «أتيلييه»، وكان البيع على الإنترنت هو الملاذ لتحقيق ذاتي ونجاح مشروعي. وبالفعل، أنشأت متجراً إلكترونياً على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، وكانت تصاميمي كلها شرقية ذات طابع عصري، وهذا ما تميزت به عن مختلف مصممي الأزياء ومصانع الملابس الجاهزة».
وتتابع أمنية: «بالفعل، حققت نجاحاً كبيراً وذاع صيت علامتي التجارية، لتكون الأولى في الملابس الشرقية ذات الطابع العصري. لكن بعد فترة، أصبح كثر يقلّدون تصميمات الموديلات، وفي البداية شعرت بأن مجهودي ضاع، بخاصة أن بعض هؤلاء كان ينشر صور التصاميم نفسها بأسعار أقل، تعلمت حينها أنها ضريبة العمل في سوق مفتوح لا توجد فيه ضوابط، وكان عزائي الوحيد أن عملائي متمسكون بعلامتي التجارية، بسبب جودة الأقمشة والخيوط المستخدمة في التطريز، في حين أن المقلدين لم يصلوا إلى هذه الحرفية والمهارة».
وتضيف: «منذ عام، توسعت في عملي وأنشأت خط إنتاج جديداً اسمه VENOM، يهتم بالملابس الكاجوال ويخاطب أعمار النساء كافة وخلفياتهن الثقافية والدينية، فأصبح أكثر انتشاراً، كما أصبح لديَّ العديد من منافذ البيع: تُعرض فيها تصميماتي، إضافة إلى المتاجر الإلكترونية أيضاً.

عشق الفن
على رغم أن ريهام فريد، 28 عاماً، تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إلا أنها لم تعمل إطلاقاً كخبيرة اقتصادية وفق تخصّصها في الدراسة، بل فضلت أن تتعلم الرسم، وتقول: «أعشق الفن بشكل عام، وتعلمت الرسم ذاتياً من خلال موقع يوتيوب، فزاد عشقي له، ثم تحول هذا العشق إلى هوس به، فأخذت أرسم على كل شيء يواجهني، سواء كان حقيبة من القماش أو كوباً أو حائطاً أو طباعة على الـ «تي شرتات» والملابس، وكانت النقطة الفاصلة في حياتي عندما قررت أن أفتتح متجراً إلكترونياً على «إنستغرام» أسميته باسمي، ووجدت أنني أكسب من هوايتي من دون مجهود كبير، ووجدت كثراً يقبلون على أعمالي من أجل الشراء، فتجرأت أكثر وافتتحت متجراً آخر على «فايسبوك»، ولعل السبب في عدم انتقائي اسماً تجارياً في البداية أنني لم أتخيل هذا النجاح، بعدها قررت استكمال التسويق باسمي كعلامة تجارية».
وتضيف ريهام: «مرحلة التطور الثالثة في حياتي بعد المتجر الإلكتروني هي تطوري في فن الرسم، فقد أصبحت أرسم «الماندالا» باحتراف على منتجات كثيرة، وفوجئت بطلبات من بعض عملائي بأن أخصص ورش تدريب لأطفالهم صيفاً فاستجبت، وبعدها وجدت أولياء الأمور مبهورين بمستوى أطفالهم، فطلبوا أن يتعلموا في دورات تدريبية للكبار، بخاصة أن فن «الماندالا» يساعد على التخلص من الاكتئاب والتوتر، من هنا قررت أن أتوسع في أنواع التدريب المضادة للتوتر، فتعلمت أسس اليوغا من الإنترنت أيضاً حتى احترفتها، وأصبح لديَّ الآن «استديو» لتعليم الرسم واليوغا في مواجهة التوتر والاكتئاب، وحالياً أستعد لافتتاح قريباً «غاليري» ليكون منفذ بيع لقطعي الفنية واللوحات».

هوس الديكور
يسرا عبد الرحمن، مصممة ديكور شهيرة في مصر، وهي أول من استخدم «الفوم الملون» في الديكورات، والسبب أنها لم تستسلم لإحباط نظام التعليم، لا سيما مكتب التنسيق، الذي حال بينها وبين رغبتها في دخول كلية الفنون الجميلة، وتقول: «بسبب خطأ موظفة في مكتب التنسيق، لم أتمكن من إجراء اختبار القدرات المؤهِّل لكلية الفنون الجميلة، على رغم أن مجموعي كان يؤهلني للكلية، وهنا لم أستسلم، وأخذت أبحث عن أي كلية تهتم بالديكور من دون اختبار قدرات، فأبهرني مسرح كلية الزراعة بالإسكندرية واهتمامها بالفن وديكور المسرح، فقررت دخولها حتى يكون لي الحق في الالتحاق بالنشاط المسرحي، وبالفعل تعلمت هناك مقاس الديكور والديكور المسرحي والنحت والفوم الأبيض والملون، وبعد التخرج عملت كمتطوعة في العديد من المهن ذات الصلة بالفن، فأصبحت أرسم جداريات مدارس، وأصمم ديكورات معارض، كما تطوعت في تصميم ديكور 25 فصل حضانة لمدرسة دولية، حتى يمكنها التأهل لنيل جائزة المعايير الدولية، وبالفعل حصلت على الجائزة بسبب الديكورات، حيث أبدعت في الديكور ليكون من المنهج الدراسي، كأن يكون أحد الفصول يمثل عالم البحار، والآخر حيوانات الغابة... إلخ».
وتتابع يسرا: «بعد التطوع، ذاع صيتي في الإسكندرية، وأصبح لديَّ عملاء من أكبر المحلات المهتمة بالديكور ليعرضوا أعمالي، فمثلاً صممت ستاراً منزلياً مزيناً بالكريستال والأحجار الكريمة والأسلاك النحاس، كله صناعة يدوية وكان عليه إقبال كبير، لكن بعد تلك الشهرة تزوجت وانتقلت إلى القاهرة، لأجد نفسي أبدأ من الصفر في محافظة لا يعرفني فيها أحد، فقررت افتتاح متجر إلكتروني متخصص في نوع مختلف من الديكور، ألا وهو «ديكور الفوم»، ومن مميزاته أنه ملون وبأحجام كبيرة وقابل للغسيل، وكان أول إنتاجي على المتجر خمسة تصميمات كل واحد منها بطول مترين، وحقق نجاحاً باهراً، وبدأت تنهال عليَّ الطلبات، فضلاً عن الرغبات في تصاميم خاصة ومختلفة، بعدها فكرت في النوستالجيا أو العودة إلى الزمن الجميل، وقررت أن أصمم شخصيات ديكوري من الفوازير، مثل الراحل فؤاد المهندس ونيللي وشريهان، وقد تم عرضها في مجمع أركان بالشيخ زايد. وفي رمضان العام التالي، نفذت شخصيات المسلسلات القديمة أيضاً، مثل رأفت الهجان والمذيع القدير مفيد فوزي، بعدها أصبح الفنانون من عملائي يطلبون مني مجسمات يقدمونها هدايا لبعضهم، فالفنانة لقاء سويدان طلبت مني مجسماً للزعيم عادل إمام».
وتضيف يسرا: «من ضمن الديكورات الناجحة، ديكور «الهالويين»، وفكرت في «ستايل» أجنبي، فصممت ديكوراً لفيلا عبارة عن جثة مقطوع رأسها وساقطة من الشباك، وفئران تأكل أيادي، كما استعنت بتنفيذ الديكور مشاهد مرعبة من فيلم the ring، ساحرة شريرة بألوان فوسفورية تضيء ليلاً، وهياكل عظمية تمسك خطافاً، وعلى باب الفيلا صممت شبكة عنكبوت كبيرة، فكان ذلك الديكور من أنجح الأعمال.
ومن الأحجام الكبيرة لديكور الفوم، اتجهت يسرا إلى تصميم أكسسوارات نسائية، لكنها فشلت في تسجيل الملكية الفكرية، وتوضح: «أخبروني وقت التسجيل أنهم لا يسجلون أفكاراً، وإنما تصاميم، لكن ذلك لم يحمني من سرقة أفكاري وتصاميمي، لكن تبقى الجودة والدقة في التصميم الحد الفاصل والمميز لعملائي».
وعن حجم أعمالها الحالية، تشير يسرا: «المتجر الإلكتروني ساعدني على الانتشار والشهرة، والآن لديَّ ورشة أتولى فيها تصميم الديكور مع ثلاثة من العمال: نجار وحداد من أجل تصنيع قواعد الديكور، وخياط من أجل خياطة الملابس بحرفية، لكنني في الفترة المقبلة أتطلع إلى إنشاء مصنع صغير من أجل تلبية طلبات التصدير التي تصلني من خلال متجري الإلكتروني».

شغف الأزياء
هاجر غريب، 26 عاماً، وشيماء غريب، 28 عاماً، شقيقتان مولعتان بالموضة والأزياء، لا تتوقفان عن تصفح المجلات العالمية لاختيار ما يناسبهما من موضة الموسم، ولا مانع من ابتكار تصميم يناسب شخصيتيهما أكثر، ومن منطلق هذا الشغف انطلقتا في تصميم الأزياء من خلال متجر إلكتروني على موقعي التواصل الاجتماعي «فايسبوك» و«إنستغرام».
تقول هاجر: «انطلقنا منذ ثلاث سنوات، والسبب كان شغفنا بالأزياء، فنحن في رمضان نحب ارتداء العباءات، لكننا سئمنا الإسدالات الملونة أو العباءات السوداء أو حتى العباءات التي يدخل فيها قماش الخيامية، فأخذنا نبحث حتى صممنا عباءات ذات طابع خليجي، لكن بألوان زاهية مناسبة للفتيات في العشرينات من العمر، وكذلك المرأة المنطلقة المحبة للحياة التي تكره التقيّد باللون الأسود، وبالفعل عندما أبهرتنا التصاميم التي كنا نعدّها لأنفسنا، قررنا زيادة العدد وافتتحنا متجراً إلكترونياً على «إنستغرام»، حينها لم نتوقع أن يكون الإقبال عالياً جداً عليه، وتفاجأنا بحجم الطلبات التي أتت من خلاله».
أما شيماء فتوضح: «أنا وأختي خريجتا تجارة، لكن ورثنا شغف حب الأزياء من جدتنا وأمنا، فجدتنا لأمنا كانت مصممة أزياء لبعض المشاهير، ووالدتنا على رغم كونها مديرة إدارة في أحد البنوك، إلا أنها تمتلك ماكينة خياطة وتفصّل بين الحين والآخر فستاناً أو أي قطعة أزياء من تصميمها، وعلى رغم أننا لم ندرس تصميم الأزياء حتى الآن، إلا أننا دائمتا الاطلاع على الموضة العالمية وتصميمات الخليج، وهذا سر نجاحنا، إضافة إلى موهبتنا».
وتضيف هاجر: «بداية تصديرنا كانت إلى المملكة العربية السعودية بعدها الإمارات والكويت، والآن نصدر أيضاً إلى أميركا واليونان وهولندا، وفي المرحلة الحالية نتطلع إلى افتتاح متجر في دبي».

تسويق إلكتروني
أما مروة صادق، استشاري التسويق، فتؤكد أن المتاجر الإلكترونية الآن هي السبيل لتمكين المرأة اقتصادياً، وأنها البديل التكنولوجي عن المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي كانت تنادي بها الحكومات لتمكين النساء اقتصادياً، لافتة إلى أن تحول المتجر الإلكتروني إلى كيان على أرض الواقع يعد امتداداً طبيعياً للنجاح والتوسع في حجم المشروع.
تمتلك مروة تجربة عمل موازية عبر الإنترنت، وتقول: «المتاجر الإلكترونية أو العمل عبر الإنترنت طوق النجاة للمرأة العاملة في مصر، إذا كانت متزوجة وترعى أطفالاً، فأنا أنشأت شركة إلكترونية لاستشارات التسويق لمدة سبع سنوات، وهي الفترة التي كنت مضطرة فيها للتخلّي عن الوظيفة من أجل رعاية بناتي، وبالفعل كان عملائي من داخل مصر وخارجها، وبناء عليه فإن الإنترنت يعطي المشاريع الصغيرة مميزات الشركات الكبيرة التي نطلق عليها Economies of Scale، بمعنى زيادة حجم العمل من دون زيادة التكاليف، فضلاً عن أن ذلك يزيل تحديات كبيرة أمام الكيانات التي تستكمل مشاريعها على أرض الواقع، حيث أنهم يستكملون نجاحاً ولا يبدأون من الصفر».
وبناء عليه، تنصح مروة كل امرأة تريد أن تبدأ عملاً أو مشروعاً على الإنترنت، بأن تضع لنفسها خطة عمل، ثم تبدأ التسويق لمشروعها من خلال الأقارب والعائلة، ثم تعرض قصص نجاح لعملها أولاً بأول، مما يزيد من جذب العملاء الجدد، والأهم أنها يجب أن تساعد غيرها من النساء الراغبات في بدء مشروعات، فبهذه الطريقة يخلقن مجتمعاً جديداً من رائدات الأعمال، ويفتحن أبواب أمل غير تقليدية لآلاف وربما ملايين النساء.