سيدة الأعمال السعودية ندى باعشن: أطمح أن أكون واجهة للكثير من الماركات العالمية في الخليج

آمنة بدر الدين الحلبي (جدة) 08 سبتمبر 2017

ديناميكية وعفوية، تتمتع بكاريزما مميزة تشدّ الآخرين إليها بكل أريحية. الابتسامة سر نجاحها، والتخطيط أساس استراتيجيتها. منذ نعومة أظفارها. تطلعت الى مستقبل زاهر، وحققت حلمها بكثير من العلم الأكاديمي والمعرفي والوعي الثقافي.
سيدة الأعمال ندى باعشن، الحاصلة على بكالوريوس في التسويق والعلاقات العامة، وعلى ماجستير في العلوم الإدارية وتطوير المنشآت من جامعة «سيمونز» في الولايات المتحدة الأميركية، التقتها «لها» لتغوص في تفاصيل رحلتها العملية الحافلة بالإنجازات.


- حياة صاخبة بالعمل، على أي قاعدة بنيت هذا المشوار؟
بصراحة، لم أخطّط يوماً للمستقبل، فقد حصلت على البكالوريوس في سنّ صغيرة، وبعدما عدت إلى المملكة العربية السعودية عام 2005 اقترح عليّ والدي أن أعمل في أحد المصارف، فعملت في البنك البريطاني في قطاع تمويل الشركات الكبيرة، وتقاضيتُ راتباً جيداً. وما كان عليّ إلا تعلّم كيفية قراءة القوائم المالية والحسابات، وكل ما يخص تلك الشركات من حيث جودة منتجاتها ونسبة أرباحها في السوق، مع تحليل كامل. لم أكن أحلم بالعمل في القطاع المصرفي، كما لم أكن أعرف عنه شيئاً فتعلّمت لمدة سنتين ونصف السنة.

- أين ذهبت بعد ذلك؟
توظّفتُ في البنك الفرنسي، ولأن علاقاتي بالناس جيدة، احتككتُ بالعملاء الخاصين بالمصرف مباشرةً، أي كان تعامل أفراد وليس شركات، لكنني لم أتعلّم شيئاً سوى أنني اكتسبت عملاء جيدين، ففكرت في فتح متجر صغير تحت عنوان New Pury في جدّة.

- لكنك تلقيت عرضَي عملٍ في البحرين لإدارة الأموال؟
جاءني عرضان للعمل في البحرين، أولهما في Jp Morgan والثاني في The Family Office، لكنني وجدت في العرض الثاني شخصيتي، وكانت شركة سعودية لإدارة أموال الأثرياء، وكنت أُخصص لكل عميل مكتباً خاصاً به، فتعلمت في تلك الشركة الكثير، مما أهّلني لأكون أو لا أكون.

- لكل مرحلة استراتيجيتها وملامحها، ماذا تعلّمت في المصرف، الشركة... وهي مرحلة امتدت لتسعة أعوام؟
علّمني المصرف الصبر وإدارة الوقت وجعلني أحلم بأن أصبح ثرية. أما الشركة فعلّمتني إدارة الأموال وغيّرت نظرتي الى المصارف، وصرتُ أنظر الى كل مصرف بطريقة مختلفة.

- لماذا تركت الشركة؟
العمل المتواصل لمدة 13 ساعة في اليوم حال دون تحقيقي ما أصبو إليه. كان عليّ أن أؤسس لما أريد، وكنت جاهزة لتلك الخطوة حتى أنطلق منها. فوسّعتُ متجري لأكون سيدة أعمال من الطراز الرفيع، وانتقلت من القطاع الخاص إلى القطاع العام مع شركة عائلية لأحصل على الخبرة أولاً، وبالتالي لأستطيع التوسّع في تجارتي. فتسلّمت قسم المشتريات بكل فروعه وعملت على إعادة هيكلته، وتعلّمت أصول التجارة، حتى أنني صرت أسافر لانتقاء أفضل البضائع النسائية والرجالية والولاّدية.

- هل تطمحين لتغيير الصورة النمطية للمرأة السعودية؟
أتمنى أن أغيّرها كلياً، لأن الحياة ليست زوجاً وأطفالاً فقط. فالأطفال سيكبرون، وعلى المرأة أن تؤسس لنفسها كياناً قوياً يمنحها اكتفاء ذاتياً واستقلالاً مادياً.

- التجارة تنبض في شخصيتك...
لكوني من أصول حضرمية فالتجارة تسري في دمي، والتاجر الحقيقي يعرف كيف يختار بضاعته لتشهد رواجاً في السوق.

- كيف تتعاملين مع موظفاتك؟
أتعامل مع كل موظفة بأسلوب حضاري راقٍ لأجعلها تشعر بالمسؤولية تجاه عملها الذي تقوم به، وتدرك أن رزقي هو رزقها ويجب أن تخاف عليه.

- حصلت على عدد من الوكالات وبرعت في التسويق، ما الذي حققته؟
لا أحصر نفسي بالوكالات أبداً، ولكلِّ فصل خصائصه. لذا أغيّر بضاعتي باستمرار وأسافر الى كل دول العالم، وإن قيل إنني برعت في التسويق، فهذا نتيجة حتمية للعلاقات العامة والممتازة مع الآخرين. وعلى سبيل المثال لا الحصر، كل عميلة تتواصل معي شخصياً لتلبية طلبها، ولديّ مشتريات خاصة لبعض العميلات، فبعدما عرفت أذواقهن، أصبحت أطلب لهن ملابسهن على مدار العام، ومن خلال «السناب» انفتحت على العالم أكثر.

- ماذا حقق لك «سناب»، وكم هو عدد المتابعين عليه؟
لكوني اجتماعية بطبعي فقد حقق لي «سناب» شهرة واسعة وازدياداً في مبيعاتي، حتى بلغ عدد متابعيّ عليه ما يقارب الـ 30 ألف متابع.

- من المملكة العربية السعودية إلى الكويت، كيف تديرين أعمالك اليومية؟
بالطبع، هي إدارة صعبة وتتطلب مجهوداً كبيراً، خصوصاً أنني  أعتمد على الكمبيوتر وكاميرات المراقبة، وكل شهر أعود إلى جدّة لأتابع سير العمل بنفسي.

- هناك قرار بافتتاح متجر في الكويت...
هذا القرار غير صائب، ولا أريد الخسارة بل التوسّع عمودياً أولاً، ومن ثمّ أفقياً، لأن التكاليف الإدارية عالية جداً، ومع ذلك سأفتتح مكتباً في الكويت أدير أعمالي منه مباشرةً، وسيكون جاهزاً خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

- مع الألفية الثالثة، أصبح التسوّق الإلكتروني سهلاً والانتشار أسرع!
كل الدراسات تؤكد أن التسوّق الالكتروني سيحلّ مكان التسوّق العادي في ما بعد لكونه أسهل بكثير بسبب الازدحام وعدم توافر السائق في بعض الأحيان، خاصة في السعودية، وهو يحقق سرعة انتشار قصوى.

- هل هناك معاناة أو سلبيات في التسويق الإلكتروني بالنسبة إليكِ؟
كل عمل جديد فيه صعوبة، ولا ينقصني إلا المعرفة القوية وطريقة الدفع لأنني سأتعامل مع كل بلدان العالم، إضافة الى الخبرة في هذا المجال وكيفية استيراد البضائع، خصوصاً أنه من الصعب عمل دعاية له، لكن مع التعلّم والإصرار يصبح كل شيء سهلاً.

- هل ساعدتكِ السوشال ميديا على الانتشار؟
ساعدتني كثيراً وقدّمت لي عملاء من كل شرائح المجتمع، ولي حسم 15% في أحد المتاجر لدعم المرأة، فكل امرأة عاملة أو طالبة بمجرد أن تُبرز هويتها تحصل على هذا الحسم.

- بنيت السوشال ميديا على قاعدة قوية حتى وصلت إلى سنابر...
حين انتشرت صور فرحي مثل النار في الهشيم، تخطّى عدد متابعيّ الـ40 ألفاً. في البداية لم أفهم ما الحكاية، وفوجئت في ما بعد بتأليف قصص عن الملياردير الذي تزوجته. لم يهمني كل ما قيل، بل خدمتني تلك الشائعات الجميلة وساعدتني، فما كان مني إلا أن فتحت حسابي على «سناب» وبدأت التحدّث عن تجارة المرأة وكيف تنمّيها لتصبح في ما بعد سيدة أعمال ناجحة.

- لكنك كنت تتكلمين يومياً عن التجارة!

بالطبع لا، فقد سعيت لطرح مواضيع اجتماعية، منها الزواج المبكر وسلبياته، والتسرّع في الزواج وانعكاساته السلبية على الأسرة في ما بعد.

- هل حققت النجومية في السوشال ميديا؟
لا أعرف ما هي النجومية لكوني لا أزال في أولى خطواتي. وفي وقت بلغ عدد متابعي بعض الناس الملايين، وصل عدد متابعيّ على الإنستغرام ما يقارب الـ 124 ألفاً.

- ما أهم الأسئلة التي تُوجَّه إليكِ من خلال «سناب»؟
لِمَ انتقلت إلى الكويت؟ لأن هناك من لا يعرف أنني تزوجت برجل كويتي. وكم عمرك؟ ومتى بدأت تجارتك وما هي طموحاتك؟ لذا، سأعمل فيديو يوثّق مراحل حياتي حتى يتعرف إليّ الجميع.

- إلامَ تطمحين من خلال السوشال ميديا؟
أطمح أن أكون واجهة للكثير من الماركات العالمية في الخليج، وأن أصبح سفيرة للمرأة العربية العاملة.

- لماذا دعتك هيئة الترفيه؟
دعتني هيئة الترفيه السعودية لأطلّ من على منصّتها للترويج لمهرجان صيف الرياض، ولطرح أفكار جديدة تتعلق  بالمهرجانات في السعودية.

- تعشقين السفر وزرت بلداناً عدة، منها الدول الإسكندنافية... ماذا حقق لك ذلك؟
أتاح لي السفر التعرف على ثقافات الشعوب والاطّلاع على تاريخ كل بلد أزوره، فأنا أعشق الغوص في التاريخ.

- أي الأماكن تشدّك في تلك الدول؟
تشدّني المدن القديمة وما يفوح منها من إرث ثقافي، إضافة الى القصور وما تختزنه من عراقة، والمطاعم بما تقدمه من أطعمة تدل على ثقافة الشعوب.

- ماذا أعجبك في الدول الإسكندنافية؟
التعليم من خلال اللعب والذي يتفوق على أي أسلوب تعليم في العالم، ذلك كي يتمكن الطفل من تنمية مهاراته. فدماغ الطفل يتلقى كل ما هو رائع حين تتوسع مداركه بالاعتماد على النفس، فهو يجيد اللغة الإنكليزية في سنّ صغيرة جداً، ومدة دراسته هي أربع ساعات فقط. الشعب الفنلندي حضاري ويعيش برفاهية مطلقة. كما لفت نظري الشعب الهندي وحبّهم للتكنولوجيا وطريقة تعلّمها وارتباطهم بها منذ الصغر.

- أي المدينتين شدّتك أكثر: باريس أم نيويورك؟
عشقت باريس منذ طفولتي، فقد عشت فيها وأعتبرها بيتي الثاني، لكن لو خيّروني في العيش بينها وبين نيويورك، أختار الأخيرة لأنني درست في بوسطن وأمضيتُ فيها أياماً جميلة.

- عاصمة الموضة باريس، ما الذي لفتك فيها؟
يجتمع في باريس كل مصمّمي الأزياء من دول أوروبا الشرقية بما فيها روسيا التي شدّتني أزياؤها الطويلة والتي تتشابه مع أزياء نساء المملكة العربية السعودية. فالروسيات يأتين إلى باريس وهنّ يحملن إرثهن وثقافتهن، وعندي أكثر من 15 ماركة تجمع بين روسيا وأوكرانيا ورومانيا.

- هل زرت روسيا؟
أطمح لزيارتها حتى أرى عظمة القياصرة وأطّلع على إرثهم الثقافي الجميل، فأنا أعشق التاريخ.

- أيهما أفضل للتسوّق: باريس أم نيويورك؟
الأميركيون منظّمون في البيع والشراء أكثر من الأوروبيين.

- يُقال إن زوجك الملياردير الكويتي هو الذي يقف وراء نجاحك؟
تعرّفت إلى زوجي منذ سنة، ونحن متزوجان منذ 9 أشهر، فكيف يقف إذاً وراء نجاحي! كل ما بنيته كان بجهدي الخاص، لكنه ليس نجاحاً بالمعنى الحقيقي للنجاح، لذا أسعى إلى تطوير نفسي وحصد المزيد من النجاح.

- لكن من وقف إلى جانبك؟
والدي أطال الله في عمره دعمني كثيراً وشجّعني حين وجد فيّ الفتاة الطموحة الساعية الى تحقيق ذاتها.

- تزوجتِ بعد قصة حب، كيف تصفين تلك التجربة؟
لم أتوقع يوماً أنني سأتزوج برجل كويتي الجنسية، لكن كيمياء الحب ربطت بين قلبينا، والتواصل الروحي أوقد شعلة الحب حين التقينا في حفل عشاء في دبي كنت قد دُعيتُ إليه مع أصدقائي. ولولا الحب لما تزوجت وضحّيت وانتقلت للعيش في الكويت، فالحب من نِعم الله علينا، ولولا الحب لما ارتبطت وأنا في الـ32 من عمري، فقد كانت تجربة رائعة ومبنية على التفاهم والاحترام المتبادل في ما بيننا.

- كيف ينظر زوجك الى نجاحك؟
زوجي يعمل في مركز الشيخ جابر الثقافي في الكويت، ويتمتع بفكر حضاري ويحب طموحي ويدفعني لأكون نموذجاً للمرأة العربية، ولم أشعر يوماً بأن طموحي عبء عليه.

- أيهما تلامس روحك أكثر: جدّة أم الكويت؟
السعودية، لأنها مسقط رأسي، ومركز عملي، وفيها أشمّ رائحة أهلي.

- أنتِ نموذج للنساء السعوديات، ما الرسالة التي توجهينها إليهن؟
أتقدم بقليل من المحبة والتقدير لكل امرأة سعودية، وأقول لها: عليك أن تصبحي امرأة قوية وحرّة، ركزي في دراستك الأكاديمية لتكوني متفوقة وتنبي نفسك وتحققي ذاتك وتستقري مادياً ومعنوياً.

- ثلاث رسائل... إلى من توجهينها؟
إلى والدي الذي كان وما زال سنداً لي، إلى والدتي التي جعلتني أحب الحياة ونمّت فيّ تطلعاتي، وإلى زوجي وإخوتي.