هذه هي أسباب الانتشار المخيف للسكري اليوم!

كارين اليان ضاهر 18 نوفمبر 2017

تبرز اليوم أرقام مخيفة تشير إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالسكري، خصوصاً في لبنان والعالم العربي. ترتفع المعدلات بشكل واضح، مما يستدعي التدخل بفاعلية لمواجهة هذا «القاتل الصامت» الذي لا تظهر آثاره بين ليلة وضحاها، بل تصيب مضاعفاته الخطيرة المريض في المدى البعيد، خصوصاً في حال الإهمال.
حتى أن الوقائع تشير اليوم إلى تغيّر طبيعة المرض مع ارتفاع معدلات البدانة حتى صار الأطفال يصابون بالسكري من النوع الثاني الذي كان يصيب الراشدين حصراً قبل سنوات.
هذا ويزيد أيضاً انتشار سكري الحمل بشكل واضح، مما دفع الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد والسكري والدهنيات إلى اعتماد عنوان «السكري والمرأة» لمؤتمرها السنوي الذي تعقده بمناسبة اليوم العالمي للسكري، بهدف نشر الوعي والعمل على إيجاد الحلول لهذه الآفة التي تنتشر أكثر فأكثر في مجتمعاتنا.
رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد والسكري والدهنيات د.إميل عنداري أوضح كل الحقائق المرتبطة بالسكري، مشيراً إلى كل المتغيرات التي حصلت فيه في السنوات الأخيرة، سواء من حيث تغيّر طبيعته أو من حيث تطور العلاجات المتوافرة اليوم.

- ترتفع اليوم معدلات الإصابة بالسكري بشكل ملحوظ، ما أسباب هذا التغيير في نسبة انتشاره؟
ينتشر السكري اليوم في كل أنحاء العالم وترتفع نسبته لتصل إلى 20 في المئة في بعض الدول. تبلغ نسبة الإصابة بالسكري في لبنان 15 في المئة، وفي الكويت والسعودية تصل إلى 25 في المئة، وهي أرقام مخيفة فعلاً.
يُعتبر السكري اليوم مرض العصر. أما أسباب انتشاره إلى هذا الحد في أيامنا هذه فتعود إلى نمط الحياة المتبع والذي يغلب عليه الركود وقلّة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، إضافة إلى كثرة أصناف الأكل التي يتم تناولها والإفراط في تناول الأطعمة المصنّعة الغنية بالدهون بعكس ما كان سابقاً. وبالتالي ارتفعت كميات الغذاء في مقابل تراجع معدل حرقه.
هذا من دون أن ننسى العامل الجيني الذي يلعب دوراً مهماً. إضافة إلى زواج القربى الذي يعتبر شائعاً في الدول العربية ويساهم في انتشار السكري أكثر.
وتكمن المشكلة في أن السكري مرض مزمن لا بد من التعايش معه لأنه لا يمكن التخلص منه. وفي حال الإهمال، له مضاعفات خطيرة.

- هل صحيح أن تكدّس الدهون في محيط الخصر يعتبر مؤشراً خطراً يدل على احتمال الإصابة بالسكري؟
تلعب السُمنة دوراً مهماً في الإصابة بالسكري وتعتبر اليوم ظاهرة تنتشر بكثرة للأسباب نفسها التي يزيد فيها انتشار السكري.
وتبدو السُمنة حول الخصر أكثر خطورة عند الرجل. ولا تقتصر خطورة السُمنة على السكري فحسب، بل تزيد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وارتفاع معدلات الدهون. أما تكدّس الدهون في منطقة ما دون الخصر فلا يعتبر معياراً.

- تبدّلت اليوم طبيعة السكري حيث أصبح أطفال يصابون بالسكري من النوع الثاني، ما سبب ذلك؟
السكري نوعان: الأول وهو السكري الذي يصيب الأطفال والمراهقين نتيجة عطل دائم في غدة البنكرياس. في هذه الحالة يكون العلاج مختلفاً. يُعطى العلاج بالأنسولين حكماً في هذه الحالة. علماً أن السكري من النوع الأول يشكل نسبة 7 أو 8 في المئة فقط من نسبة الإصابة بالسكري.
أما السكري من النوع الثاني فيصيب الراشدين ويلعب العامل الوراثي فيه دوراً أساسياً. اللافت أن السكري من النوع الثاني بات يظهر اليوم لدى الأطفال نتيجة انتشار البدانة بينهم، وهذا ما لم نكن نشهده في السابق.
وهو يظهر بشكل خاص في الدول العربية. ويتم اللجوء في هذه الحالة إلى العلاج بالدايت والأدوية والرياضة. ومن المتغيرات التي نشهدها اليوم في السكري، انتشار سكري الحمل، ما دفعنا إلى اعتماده كعنوان للمؤتمر السنوي للجمعية اللبنانية لأمراض الغدد والسكري والدهنيات الذي عُقد بمناسبة اليوم العالمي للسكري حيث تُقام ندوات ومحاضرات للناس وللأطباء والصحافة بهدف التوعية.

- هل تعتبر المرأة أكثر عرضةً من الرجل للإصابة بالسكري؟
المرأة عرضة تماماً كالرجل للإصابة بالسكري. لكن لوحظ ارتفاع معدل السكري خلال الحمل.

- ما هو سكري الحمل؟
هو السكري الذي يظهر خلال الحمل ويختفي بعدها، وهو ليس وراثياً بالضرورة. لكن في الحمل الثاني يظهر في مرحلة مبكرة أكثر، وفي الثالث يظهر أيضاً في مرحلة مبكرة أكثر من المرات السابقة إلى أن يصبح دائماً ولا يعود يختفي بعدها.
وتجدر الإشارة إلى أن الحامل التي تُصاب بالسكري تعتبر أكثر عرضةً للإصابة به مستقبلاً. كما أن ذلك يزيد من خطر الإجهاض والتشوّهات لدى الجنين، ويؤدي حكماً إلى ولادة قيصرية بسبب زيادة وزن الطفل. لذلك أصبح فحص السكري إلزامياً في الأشهر الأولى للحمل.

- ما المضاعفات الخطيرة للسكري؟
تظهر مضاعفات السكري مع الوقت. لكن في حال أحسن المريض إدارة المرض بإرشادات الطبيب ومارس الرياضة بانتظام والتزم بنظام غذائي صحي وامتنع عن تناول الحلويات وأخذ الأدوية بالشكل المناسب وتابع مخزون السكر والزلال بشكل دقيق، يُفترض ألا تحصل لديه مضاعفات أو أعراض.
إلا أن السكري يُعرف بالقاتل الصامت، فخطورته تظهر مع الوقت مما قد يدفع المريض إلى التهاون أحياناً، وهذا يؤدي إلى مضاعفات في المدى البعيد كالعمى والأزمات القلبية وقصور الكلى وبتر الأطراف. هذا كلّه يحصل في حال الإهمال وعدم المتابعة الدقيقة مع الطبيب.

- كونه مرضاً مزمناً، أليس صعباً على المريض التقيّد بكل متطلبات المرض طوال حياته؟
يتأقلم المريض عادةً مع المرض ويعتاد عليه وعلى متطلباته فيلتزم بالفحوص والنظام الصحي ليحمي نفسه. فهو مرض لا بد من التعايش معه. مع الإشارة إلى أنه يجب ألا يشعر بالحرمان، ويمكن أن يأكل ما يريد إلا الحلويات، فهي ممنوعة.

- إلى أي مدى تسهّل العلاجات الحديثة الأمور على مريض السكري؟
علاج السكري من النوع الأول هو الأنسولين حكماً. وقد حصل تقدم مهم في هذا المجال حيث يتوافر اليوم الـPen الذي يشبه القلم فتُعطى فيه جرعة الأنسولين بطريقة عملية وسهلة.
أما الإبرة التي تستخدم فهي رفيعة جداً ويستخدمها أطفال 3 أو 4 مرات في اليوم. أيضاً تتوافر اليوم مضخة الأنسولين التي تضخ لمرضى من النوع الأول.
أيضاً في علاجات السكري من النوع الثاني هناك تقدّم كبير حيث تعمل على تنشيط البنكرياس وخفض الوزن وضبط كمية الأنسولين وزيادتها.
كما تتوافر الأدوية التي تساعد على التخلص من السكر في البول وغيرها الكثير من الأدوية الفاعلة. والإنجازات الأخيرة تكمن في زرع البنكرياس والخلايا الجذعية التي تعطي اليوم نتيجة في نسبة 30 أو 40 في المئة من الحالات.

- أليس لهذه الأدوية آثار جانبية؟
لكل دواء حسنات وسيئات، وهذا طبيعي، لكن الغلبة للحسنات مما يستدعي اللجوء إليها. على الطبيب أن يدرس حاجة المريض وحالته لمعرفة العلاج الأنسب له.
وتجدر الإشارة إلى أنه في حال الإصابة بالسكري من النوع الثاني، تبدو عملية تصغير المعدة حلاً فاعلاً يساعد في القضاء نهائياً على المرض في كثير من الحالات.

- هل يعتبر الأطفال أكثر عرضة لمضاعفات المرض كونهم يصابون به في سنّ مبكرة؟
لأن المضاعفات تظهر مع العمر، تزيد المشاكل في هذه الحالة نظراً لأن الطفل يواجه السكري لسنوات أكثر في حياته وقد تزيد صعوبة تقيده بمتطلبات المرض.


الممنوع والمسموح لمريض السكري
اختصاصية التغذية نيفين بشير: تعتبر زيادة الوزن في غاية الخطورة لمريض السكري وتهدده بمضاعفات خطيرة

الممنوع      

• على مريض السكري أن يبتعد عن السكريات البسيطة كالشوكولاتة والحلويات والمعكرونة البيضاء والأرز الأبيض والخبز الأبيض لغناها بالسكر.

• يجب الحد من كمية الفاكهة لاعتبارها غنية بالفروكتوز، وهو سكر الفاكهة الذي يعتبر مضراً بمريض السكري ويجب تناوله بكميات مدروسة وتجنبه ليلاً بشكل خاص.

• يجب تجنب الأطعمة الغنية بالدهون لتفادي ارتفاع معدلات الكوليسترول والشحوم الثلاثية.

• يُنصح بتجنب اللحوم الحمراء لأنها غنية بالدهون. كما يُنصح بالامتناع عن تناول الأطعمة الغنية بالدهون عامةً.

• يجب الامتناع عن تناول المقليات.

المسموح

• تُستبدل السكريات البسيطة بالمعكرونة السمراء والخبز الأسمر والأرز الأسمر لغناها بالألياف وانخفاض معدلات السكر فيها مقارنةً بالسكريات البسيطة.

• يُنصح بالتركيز على السمك والدجاج بدلاً من اللحوم الحمراء.

• يجب الإكثار من تناول الخضر.

• يجب تناول الطعام المشوي أو المسلوق.


معلومات مفيدة
1 يعتبر النظام الغذائي الخاص بمريض السكري من النوع الأول أكثر صعوبة من ذاك الخاص بالسكري من النوع الثاني، لأنه يحصل على العلاج بالأنسولين ويحتاج إلى نظام مدروس بإشراف دقيق من اختصاصية التغذية بحيث تُحسب له كميات النشويات بشكل مدروس لتجنب الخفض المفاجئ في معدل السكري.
2 الوزن الزائد يزيد من خطورة السكري إلى حد كبير ومن مضاعفاته، لأن الدهون المتجمعة في محيط الخصر تنتقل في الدم مما يزيد من مضاعفات مرتبطة بارتفاع معدلات الدهون والسكري.
3 يجب عدم استبدال المُحلّي الاصطناعي بالفروكتوز لأنه يضر بمريض السكري إلى حد كبير ولا يعتبر بديلاً صحياً له ويتحول لديه إلى مادة دهنية فترفع معدلات الشحوم الثلاثية، مما يزيد وضعه سوءاً. يجب أن يكون بديل السكر من السكرالوز أو المالتيتول سوربيتول.

10 وقائع تجهلينها عن السكري

• حوالى ثلث الأشخاص المصابين بالسكري يجهلون ذلك.

• غالباً ما لا تكون للسكري من النوع الثاني أي أعراض.

• حوالى 5 في المئة من الأشخاص المصابين بالسكري هم مصابون بالسكري من النوع الأول.

• يستطيع الأشخاص الذين هم عرضة للإصابة بالسكري من النوع الثاني اتخاذ إجراءات وقائية من خلال الخفض المعتدل للوزن بمعدل حوالى 7 كيلوغرامات، وممارسة الرياضة بمعدل نصف ساعة في اليوم.

• لا يختلف النظام الغذائي الخاص بمريض السكري إلى حد كبير عن ذاك الصحي الذي يوصف لأي شخص آخر.

• يعتبر السكري المسبّب الأول للعمى لدى الأشخاص الذين هم في سنّ العمل.

• يعتبر الأشخاص المصابون بالسكري عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة مضاعفة مقارنةً بغيرهم من الأشخاص.

• يُساعد حُسن إدارة السكري على الحد من خطر الإصابة بمضاعفاته بشكل ملحوظ، والحد من زيادة المضاعفات.

• تساعد جراحة تصغير المعدة على الحد من مضاعفات السكري لدى الأشخاص الذين يعانون البدانة.

• لا يصيب سكري الحمل كل الحوامل إلا أنه قد يحصل. حوالى 4 في المئة من الحوامل يُصبن بالسكري، وهو غالباً ما يختفي بعد الولادة. لكن تبقى الحامل التي أُصيبت بالسكري أكثر عرضة للإصابة به في مرحلة لاحقة من حياتها.

               

حقائق عن أعراض السكري
قد لا تظهر أعراض للسكري في كثير من الحالات، خصوصاً في ما يتعلّق بالسكري من النوع الثاني. أو يمكن أن تظهر أعراض قد لا تسهل ملاحظتها أو تمييزها عن مشكلات أخرى يمكن مواجهتها.
لكنْ ثمة أعراض لا بد من مراقبتها في حال حصولها والتحقق منها مع الطبيب، سواء كان ذلك قبل اكتشاف المرض أو بعده... فكيف تترافق هذه الأعراض مع المرض وترتبط به؟

العطش الزائد والتبوّل المتكرر: هما يُعتبران من الأعراض الأكثر شيوعاً للسكري. فعند الإصابة بالسكري، يتجمع السكر الزائد في الدم فتحتاج الكلى إلى مضاعفة الجهود لتمتص هذه الكميات الزائدة، لكن تصل إلى مرحلة لا تعود فيها قادرة على المتابعة فتخرج من الجسم من خلال البول ويزيد معدّل التبوّل عندها، مما قد يسبب الجفاف في الجسم. ومع شرب المزيد من السوائل يزيد معدل التبوّل.

الشعور بالتعب: ثمة عوامل عدة يمكن أن تسبب الشعور بالتعب، وقد يكون جفاف السوائل في الجسم أحدها.

خفض الوزن الزائد: يعتبر هذا أيضاً من الأعراض المرافقة للسكري. ومع التبوّل الزائد، يخسر الجسم أيضاً من الوحدات الحرارية.

الغشاوة في النظر: يؤثر السكري أيضاً في النظر والعينين والقدرة على التركيز. أما الإهمال فيؤدي إلى تضرر شرايين العينين. كثر قد لا يلاحظون هذه الأعراض في بدايتها، لكنها تتطور مع الوقت، وقد تؤدي إلى فقدان البصر في المدى البعيد.

التنميل في الأصابع: يمكن أن يؤدي ارتفاع معدلات السكر في الدم إلى تضرر الأعصاب. قد يلاحظ تنميل في القدمين واليدين وشعور بالحريق في الذراعين والساقين.

تورّم اللثة واحمرارها: قد يخفّف السكري من قدرة الجسم على مكافحة الجراثيم، مما يزيد خطر الالتهابات في اللثة وفي عظام الفم. أيضاً في المدى البعيد قد يُضعف السكري الأسنان، خصوصاً في حال وجود مشكلة فيها قبل ظهور السكري.


عند ملاحظة أيّ من هذه الأعراض، لا بد من استشارة الطبيب مباشرةً، لأنه بقدر ما تُكتشف في مرحلة مبكرة تكون فرص المعالجة فضلى، ويمكن عندها الاستمتاع بحياة طبيعية.