ريم صيام: أسرتي «كلمة السر» في نجاحي... وطموحاتي للمرأة العربية بلا حدود

أحمد سالم (القاهرة ) 21 نوفمبر 2017

هي المدير الإقليمي لبرنامج «البحث عن المرأة النموذج» في الشرق الأوسط، والمنبثق من جامعة جورج واشنطن، وتم اختيارها ضمن قائمة أهم 16 سيدة أعمال على مستوى العالم من جانب منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وهي أيضاً عضو مجلس سيدات الأعمال العربيات، ورئيسة المجلس الاقتصادي لسيدات الأعمال. سيدة الأعمال ريم صيام تتحدث لـ«لها» عن مشوارها مع «البيزنس»، وأسرار نجاحها فيه، وتكشف كيف تغلبت على المعوقات التي اعترضت طريقها، ونجحت في تحقيق المعادلة الصعبة بين دورها الأسري وعملها في مجال صعب مثل «البيزنس».


- إذا تحدثت عن نفسك، كيف تقدّمينها؟
أنا ريم إبراهيم حسن صيام، متزوجة من المهندس محمد أشرف السباعي، وأمٌ لكل من «إبراهيم» من مواليد عام 92، و«ملـك» من مواليد عام 94. أما بالنسبة الى عملي فأنا مدير عام «شركة صيام للمناطق الحرة» في الإسكندرية ورأس الخيمة في دولة الإمارات، وهي شركة تتولى استيراد وتصدير الأثاث والمقتنيات المنزلية، وقد دخلت في هذا المجال غير التقليدي بالنسبة الى النساء منذ عام 1990، من خلال العمل مع والدي في الاستيراد والتصدير.

- كيف استطعت تحقيق المعادلة الصعبة بالتوفيق بين نجاحك كأم وزوجة وسيدة أعمال؟
بتنظيم الوقت وتقدير الأسرة لظروف عملي، فزوجي شجعني كثيراً، وأولادي تحمّلوا أيضاً، لأنهم مقتنعون بأننا جميعاً نضحي من أجل نجاحنا كأسرة، حيث يرون أن نجاحي هو نجاح لهم، وأنا في الوقت نفسه أجهد في القيام بدوري كأم وزوجة، وبالتالي فإن عملي لا يمثل مشكلة طالما أن هناك تخطيطاً ويراعي كل طرف ظروف الآخر. ولهذا أؤكد أن كل سيدة أعمال ناجحة وراءها أسرة عظيمة ضحّت من أجلها، سواء كان ذلك قبل الزواج أو بعده. فالمرأة هي وليدة البيئة التي نشأت فيها في طفولتها وشبابها، ثم انتقلت إليها بعد زواجها، وهذه البيئة إما أن تكون عامل تشجيع وتحفيز ونجاح أو إحباط وفشل.

- أُدرج اسمك في قائمة أصدرتها منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في أحدث كتيّب لها، وتتضمن أسماء 16 سيدة أعمال هنّ الأكثر أهمية على مستوى العالم، فما هي مواصفات سيدة الأعمال الناجحة في رأيك؟
أن تملك الموهبة وتصقلها بالتجربة العملية والدراسة الأكاديمية، وفوق هذا كله أن تتوكل على الله وتأخذ بأسباب النجاح، وأن تقرأ الواقع جيداً، وتُحسن توقع المستقبل، وتستفيد من أخطاء الماضي، وتؤمن بروح الفريق لأن الجهد الجماعي أساس نجاح أي عمل، وأن تكون قادرة على الإدارة بمحبة، أي تجعل من يعملون معها يحبّون عملها ويخافون على مالها كأنه مالهم، وأن تعطي كل ذي حق حقه، وتكسب ثقة الآخرين واحترامهم.

- كيف جمعت بين الدراسة الأكاديمية والتجربة العملية؟
حققت هذه المعادلة منذ أكثر من عشرين عاماً، لأنني خرّيجة كلية التجارة في جامعة الإسكندرية، وهذا هو الجانب الأكاديمي. أما بالنسبة الى الجانب العملي فقد عملت في البداية في شركة والدي، وبعد مدة وجيزة قررت الاستقلال والعمل بمفردي في مجال التجارة، وقد استفدت من دراستي وتجربتي في تحقيق هذا النجاح الذي كان سبباً في تكريمي محلياً وعربياً ودولياً، مع الاعتراف بأن طريق النجاح لم يكن سهلاً، بل كان محفوفاً بالكثير من الصعاب والعقبات، التي استطعت بفضل الله، ثم تصميمي وإرادتي تخطيها بكل ثقة.

- أنت خبيرة في مجال جمع التحف القديمة من المزادات العالمية، كما احترفت تجارة وتصنيع قطع الأثاث، خاصة الأنتيك المقلّدة منها، فما هي بصمتك في هذا المجال الذي لا تُقبل عليه غالبية سيدات الأعمال؟
أحببت هذا المجال من خلال عملي مع والدي، ثم اكتسبت سمعة جيدة في هذا المجال الذي يتطلب حساً فنياً إبداعاً. وقد تمكنت من دخول السوق الخليجية في السنوات الأولى من هذه الألفية، وبالتحديد في عام 2004، وأثّثتُ وحدات وفيلات فخمة تجمع بين الأصالة، من خلال الإبداع في إحياء قطع السجاد القديمة وتحويلها إلى لوحات فنية رائعة ونادرة الوجود، وفي الوقت نفسه الاستفادة من أحدث ما توصلت إليه الصناعة المعاصرة، وكانت كل أفكاري جديدة وخارج الصندوق، خصوصاً أنني أؤمن بأن الأفكار الذكية تجذب مزيداً من التمويل الذي يُعدّ من أهم متطلبات النجاح، ولعل هذا ما جعلني أحوز لقب «رائدة الأعمال العربية» عام 2013 من مؤسّسة «سانسس» الألمانية، وهذا اللقب لم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة جهد وصبر ومثابرة وإبداع، لأن المؤسسات الغربية لا تعرف المجاملات أو المحسوبيات.

- نجحت في إقناع الكثير من النساء بالعمل في مهن كانت حكراً على الرجال مثل النجارة والتنجيد والدهان... كيف حدث هذا؟
أؤمن بأن ما من مهنة حكر على الرجال، ومن خلال عملي في تجارة الأثاث أقنعت كثيرات بالعمل في النجارة وتنجيد المفروشات مستخدمات في ذلك الآلات الحديثة، حيث يقطّعن الأخشاب وينجّدن الأثاث ويدهنه، وقد نجحنا بالتعاون مع الغرفة التجارية للإسكندرية في إكسابهن مهارات في مجال النجارة، مما ساهم في خلق فرص عمل جديدة في الكثير من مصانع الأثاث، ليس في الإسكندرية وحدها، بل في مختلف المحافظات المجاورة.

- كيف تضمنين استمرار هذا المشروع الفريد المساند للنساء في دخول سوق العمل والإنتاج في مجال صناعة الأثاث؟
أسّسنا جمعية التدريب على صناعة الأثاث «FTA»، وأنا الرئيس التنفيذي لها، ومهمتها تدريب الشابات والشبان على صناعة المنتجات الخشبية، وإكسابهم مهارات تساعدهم في إيجاد فرص عمل جديدة في مصانع الأثاث، أو تنفيذ مشروعات خاصة بهم، ليكون مشروع سيدة أو رجل أعمال، وبالتالي تساهم الجمعية في رفع كفاءة العاملات والعاملين وجودة الإنتاج والقضاء على البطالة.

- تصفك المؤسسات الاقتصادية الغربية بأنك «المرأة الديناميكية» في الشرق الأوسط، فما السبب؟
لم يأت هذا الوصف من فراغ، بل من أفكاري ومشروعاتي التي نالت إعجابهم، وتشجيعي لمزيد من النساء على الدخول الى سوق العمل كسيدات أعمال وعاملات، مما أدى إلى حصولي على جائزة الشرق الأوسط 2009 في برنامج يُسمّى «البحث عن المرأة الديناميكية»، وهو منبثق من جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الأميركية، ومهمته البحث عن قصص نجاح سيدات ونماذج لقائدات حققن نجاحات في حياتهن العائلية والعملية معاً، وساهمن في أعمال تنموية في مجتمعاتهن، وقد وجدوا أن المعادلة الصعبة متحققة في مسيرتي، فحصلت على هذا التكريم الدولي، ثم توليت منصب المدير الإقليمي للبرنامج في الشرق الأوسط، كما أنني أمينة المرأة في مجلس الأعمال الكندي- المصري، ومقره مدينة القاهرة، وهذا نجاح دولي آخر في مسيرتي، كما كُرّمت في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك في عام 2014 تم اختياري من جانب جائزة Lynn syms في نيويورك، من بين 25 امرأة في العالم من ذوات الرؤى الداعمة لتمكين المرأة اقتصادياً من طريق التسويق الإلكتروني للتعرف على منتجاتهن، بصرف النظر عن أماكن إقامتهن.

- ما هي أهداف برنامج «المرأة الديناميكية»؟
يركز البرنامج على من يتمتعن بثقافة عالية ويتميزن بالعطاء ويستطعن قهر الصعاب في حياتهن حتى تصبح تجاربهن العملية مفيدة لغيرهن، حيث يتم عرض صورة حية للمراحل التي تجاوزتها سيدة الأعمال لتحقيق نجاحها رغم الصعاب. كما يهدف البرنامج المتميز إلى دعم تنمية مشاركة سيدات الأعمال في عصر التكنولوجيا، وتكوين أكبر موسوعة داخل جامعة جورج واشنطن تضم قصص نجاح يُحتذى بها، ليس في بلادهن فقط، بل على مستوى العالم.

- بصفتك مديرة إقليمية في الشرق الأوسط، ما هي مهمتك في البرنامج؟
مهمتي هي تسليط الضوء على النماذج المضيئة في مجتمعنا العربي، وإبراز دور المرأة الشرقية القيادية للمجتمع الدولي، مما يساهم في تصحيح الصورة الخاطئة للنساء العربيات في الغرب، حيث لا تزال صورة المرأة العربية مشوّهة في أذهان الغربيين، وتجربتي ساهمت في تصحيح هذه الصورة عالمياً، وهناك عشرات من سيدات الأعمال العربيات قادرات على تصحيح الصورة المغلوطة عنا في الغرب.

- يقال إن لك استراتيجية متميزة لعام 2020، على مستوى المنطقة العربية وليس في مصر وحدها، فما هي تفاصيل هذه الاستراتيجية؟
تقوم هذه الاستراتيجية على تمكين أكثر من عشرين ألفاً من الجنسين، وخاصة الشابات والشبان للدخول في سوق الأعمال، على أن يتولّى تأهيلهم مئتا رائد أعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويدرّب كل رائد مئة من أبناء وطنه للدخول في سوق العمل والإنتاج، وجارٍ تنفيذ هذه الاستراتيجية بنجاح. 

- سبق لك أن شاركت في برنامج «اليونيدو» التابع للأمم المتحدة، إلامَ يهدف هذا البرنامج؟
يهدف البرنامج إلى المساهمة في تعريف الدول الغربية بإنجازات المرأة في مجتمعاتنا الشرقية، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها غالبية دولنا بسبب القيود المفروضة عليها، ويقوم العاملون في البرنامج بالعمل الجاد على رفع درجة الثقة لدى السيدات عامة، والراغبات في دخول حقل سيدات الأعمال خاصة، قبل إقدامهن على الدخول في أي مشروع، مما يضمن لهن تجنب مخاطر الفشل ويجعلهن أقرب الى النجاح.

- حدّثينا عن جهودك الشخصية في هذا البرنامج؟
افتتحتُ مركزاً خاصاً بالبرنامج الأممي في مدينة الإسكندرية، مما ساهم في توفير مزيد من الفرص التدريبية لصاحبات وأصحاب المشروعات الراغبين في العمل والنجاح والتوسع، وتنمية قدراتهم على الارتقاء التنافسي بمفهومه الإيجابي، مما يفيد الاقتصاد الوطني ويزيد الإنتاج، كما أننا ننفّذ هذا البرنامج بالتعاون بين الغرفة التجارية للإسكندرية، والمركز الإقليمي لـ«اليونيدو» في مملكة البحرين، والذي يهدف الى تأهيل خريجي وخريجات الجامعات للدخول إلى سوق العمل.

- ساهمت في تدشين المجلس الاقتصادي لسيدات الأعمال في اﻹسكندرية، فما هي أهدافه؟
تم تدشين هذا المجلس في عام 2015 بالتعاون مع الغرفة التجارية المصرية في الإسكندرية، للتأكيد العملي على دور المرأة في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية، وهو يعدّ أول مجلس لسيدات الأعمال يتم تأسيسه تحت مظلة الغرف التجارية المصرية، ويهدف أن يكون منصة لإبراز دور المرأة في سوق العمل، وتفعيل جهودها من خلال ضخ مزيد من الأموال في السوق التجارية، وتحسين صورة المشهد الاقتصادي، وشعارنا: «معاً نبني مستقبل مصر الريادي والاستثماري».

- لم تنسي دورك الاجتماعي رغم أنك سيدة أعمال ناجحة، فكيف حققت ذلك؟
أقوم بالعمل الاجتماعي التطوعي لخدمة المرأة والطفل والبيئة، وذلك من خلال عضويتي في غرفة صناعة منتجات الأخشاب، ومجلس إدارة نادي «ليونز أبولو»- الإسكندرية، وجمعية «تحسين الصحة»، وجمعية «زاهية مرزوق لرعاية الأيتام».

- ما أهم التحديات التي تواجه سيدات الأعمال العربيات؟
هناك العديد من المعوقات، إلا أنني أرى أن أخطرها هو الفكر الجامد الرافض لدخول المرأة مجال العمل عامة، والمؤكد ضرورة حبسها في بيتها مهما كانت طموحاتها وقدراتها. لذا، أطالب بضرورة السعي الجاد لتغيير هذا الفكر السائد في غالبية مجتمعاتنا العربية. فالمرأة العربية تحتاج الى المزيد من الدعم والثقة، لأنها مهيّأة ومستعدة لقيادة التغيير، وأن تكون في المقدمة وتثبت وجودها في كل المجالات.

- ما هي طموحاتك لسيدات الأعمال العربيات خاصة والنساء العربيات عامة؟
أحلم بأن تكون للمرأة الريادة في مختلف المجالات، وتحتل المكانة اللائقة بها في المجتمع، فإذا كانت المرأة تمثل نصف المجتمع عدداً، فهي تربّي النصف الآخر وتساهم في نجاحه، أي أنها تمثل المجتمع كله ما بين أمّ وزوجة وابنة وأخت، وقد شهدت العقود الأخيرة نهضة كبيرة بالنسبة الى السيدات في المنطقة العربية بعامة، بحيث قطعن أشواطاً طويلة في مجالات التعليم والمال والأعمال، واستطعن تحقيق نجاحات وإنجازات عظيمة، وأصبحت الدول العربية تعتمد عليهن في نهضتها. كما أطمح الى أن تتسنّم النساء المناصب التي كانت حكراً على الرجال، سواء لتقصيرهن أو للأنانية الذكورية أو للتقاليد البالية التي حرمتهن من حقوقهن كنساء طامحات، فمثلاً أحلم بأن تكون المرأة رئيساً للجمهورية، وملكة في الدولة الملكية، وأن تصبح رئيسة للوزراء والخارجية والدفاع، وغيرها من المناصب المحرومة منها، وأرى أن كل امرأة عربية تحلم بأن توضع النساء على خريطة المجتمع الدولي الذي لا يزال ينظر إليهن نظرة خاطئة، وقد لمست ذلك بنفسي حين ذهبت إلى الولايات المتحدة الأميركية لتسلّم جائزتي، كأول امرأة ديناميكية في الشرق الأوسط، حيث فوجئت بجهل الكثير من الغربيين حقيقة المرأة في مجتمعاتنا.

CREDITS

تصوير : أحمد الشايب