عمليّات استئصال الرحم...

تقوية عضلات البطن, د. مارلين شختورة, استئصال الرحم, سرطان الرحم, الاختصاصيون, المركز الأردني لبحوث التعايش الديني, الإرهاق المزمن, خالد عبد الرحمن, أمراض نسائية, أسباب الجراحة

20 يونيو 2011

توصف عمليّات استئصال الرحم بأنها حلّ جذريّ لأيّ مشكلة أمراض نسائية بوجه عام. وهذا أمر واقع ويتمّ إجراؤها بطريقة روتينية بعد إنقطاع الطمث لإزالة جزء من الجسم، يُفترض عدم وجود وظيفة له بعد ذلك. بيد أنّه من جهة أخرى، وجدت مؤسّسات البحوث والإستقراءات الطبية الأميركية أنّ 70% من عمليّات إستئصال الرحم لم تكن الإجراء المناسب أو الملائم، وذلك لنقص التقويم الشخصيّ الملائم. بمعنى آخر، كانت العملية الطريق الوحيد الذي قُدّم للسيدة بدلاً من البحث والتحريّ عن بدائل أقلّ عدوانيّة.
يبقى أنّ إزالة الرحم جراحياً هو أمر إختياريّ ضمن بدائل أخرى، حسب الحالة الطبية التي تستدعي ذلك وتشخيص الإختصاصيّ والقرار المشترك.
في الكثير من الأحيان، تطالب نساء بإجراء عملية لإستئصال الرحم أو الرحم والمبايض لعدّة أسباب، منها التخوّف من حدوث تغيرات سرطانية أو وجود أورام ليفيّة حميدة والتخوّف من تحوّلها إلى غير ذلك، أو بسبب عدم إنتظام الدورة الشهرية أو شدّة آلامها وغير ذلك. وفي هذه الحالة، يؤخذ التاريخ المرضيّ في الاعتبار ويجري العمل على معرفة الأسباب وشرح النتائج والمنافع والأخطار المحتملة. فمتى تكون هذه الجراحة ضرورة؟


يُفقد قرار اسئصال الرحم جراحياً المرأة نهائياً الدورة الشهريّة والقدرة على الإنجاب. ولذلك لا بدّ أن يكون هناك سبب وجيه لإجراء العمليّة، مثل وجود تهديد مباشر على حياة المريضة في وجود الرحم، لا يمكن التعامل معه بأيّ وسيلة أخرى، ولا يوجد أي بديل علاجيّ لهذا الخيار الجراحيّ الجذريّ.
يتحدّث الدكتور ميشال عمَيره، الإختصاصي في جراحة الأمراض النسائية والتوليد، عن إستئصال الرحم والأسباب الطبية، كما يفسّر الدكتور عبدو واكد، الإختصاصيّ في جراحة الأمراض النسائية والتوليد، العواقب والآثار الجانبيّة والعلاجات البديلة لهذا الخيار. ومن جهتها، توضح الدكتورة مارلين شختورة، إختصاصيّة الصحّة العامة، الإنعكاسات الصحية الناجمة عن إستئصال الرحم.
في بعض الحالات الطبية القاهرة، يجري إستئصال للرحم عند سيّدات صغيرات في السن، مما يمنعهنّ من إمكان تكوين عائلة، لكن عندها يكون الأمر ضروريّاً للحفاظ على صحّة المريضة وحياتها. فالقرار طبّيّ بحت ومبني على التشخيص السليم. وفي أحيان أخرى، توصف هذه العملية بأنها إجراء روتينيّ وحلّ عام في مرحلة معيّنة، ويكون السبب غير جائز! لذلك، لا يجوز «إجبار» السيدة على إتخاذ قرار مشابه ما لم تدعُ الحاجة إليه. خصوصا أنه لا رجوع عن القرار بعدها.

استئصال الرحم
يقول الدكتور عمَيره: «عمليّة إستئصال الرحم Hysterectomy، هي عمليّة جراحيّة لإزالة الرحم، وقد يصاحبها إستئصال كامل للأنابيب أي قناتي فالوب والمبايض وحتى عنق الرحم».  كما يمكن إجراء العملية بالمنظار. حسب الحالة المرضيّة، يتمّ التشخيص للتأكّد من ضرورة إجراء الإستئصال. وهناك أنواع من هذه الجراحة.
يفسّر الدكتور واكد: «تُجرى هذه العملية وفق ثلاثة أنواع: إستئصال رحم جزئيّ أي يزال الرحم لكن مع إبقاء عنق الرحم والمبيضين وقناتي فالوب، وإستئصال رحم كلّيّ حيث يتمّ إستئصال الرحم وعنقه فقط، وإستئصال رحم جذريّ حيث يزال الرحم وعنقه والمبيضان وقناتا فالوب جراحياً».

أسباب الجراحة
بادئ ذي بدء، لا بدّ من التأكيد أنّ الطبيب المختصّ مخوّل إعطاء نصيحة للسيدة بعد درس حالتها وفحصها سريرياً. ومن حيث أخلاقيّات المهنة، لا تجرى عمليّة الإستئصال ما لم تدعُ الحاجة الطبية إلى ذلك. ويلفت عمَيره إلى أنّه «توجد أسباب ودواعٍ لإزالة الرحم. ويمكن تقسيمها إلى شقّين كبيرين.
يكون القسم الأوّل هو الإستئصال بسبب وجود خلايا نشطة أو أورام خبيثة مثل سرطان الرحم، سرطان المبيض، سرطان عنق الرحم وسرطان أنابيب فالوب.
وأمّا القسم الثاني، فيتمّ الإستئصال فيه لأسباب حميدة أو حالات مرضيّة تحتاج إلى هذا العلاج، مثل حالات النزف التي لا تستجيب للعلاج بالهرمونات أو بالطرق العلاجيّة الأخرى.
كما أنّ الأورام الليفيّة التي تكون في معظمها حميدة وتسبّب آلاماً شديدة أو ضغطاً على الأعضاء المحيطة بها، أو يكون حجمها كبيراً جداً و لا تستجيب للعلاجات بالأدوية والمسكّنات، تستدعي الإستئصال. كما يكون السبب الثالث هو حالات البطانة الرحميّة المهاجرة Endometriosis التي تسبّب آلاماً شديدة مع الدورة الشهرية أو عقماً». هذه الأسباب تستدعي إستئصال الرحم وتكون عندها المنفعة أكبر بكثير من أي أضرار محتملة للعمليّة.

آثار جانبيّة
بعد إتمام عمليّة إستئصال الرحم، قد تحدث بعض المضاعفات أو الآثار الجانبيّة، حسب سن السّيّدة وحالتها الصحية وحسب نوع إستئصال الرحم. يفسّر الدكتور واكد: «إذا لم  يتمّ إستئصال المبيضين خلال العملية، قد تشعر المرأة بالتغيّرات الهرمونية التي تصاحب الدورة، ولكن من دون نزول دورة شهرية. وفي حال إستئصال المبيضين، قد تحسّ السيدة بأعراض إنقطاع الدورة مثل سخونة في الجسم وجفاف في المهبل وتعرّق أثناء الليل وتغيّرات في المزاج.
وفي حالات أخرى، يمكن أن تحدث إلتهابات أو نزف حاد أثناء العملية أو تدمير لبعض الأعضاء القريبة من الرحم. لكن هذه حالات نادرة». يمكن أن يصف الطبيب بعض المسكّنات لإزالة الألم بعد الجراحة. ويجب الحصول على الراحة التامة ومن ثمّ البدء بإجراء بعض التمارين الرياضيّة البسيطة يومياً لتقوية عضلات البطن.

خيارات علاجيّة
تنمو الألياف الرحمية وتكبر مع وجود الهرمون الأنثوي أي الأستروجين. ولذا، عندما يتوقّف الأستروجين، كما يحدث مع توقف الدورة الشهرية، فإنّ الألياف عموماً تصغر وتضمر. يقول الدكتور واكد «هناك بدائل متاحة لعمليّة إستئصال الرحم بسبب الألياف وهي نزع الألياف وإبقاء الرحم، أو إغلاق الشرايين الدمويّة التي تغذّي الألياف. Mobilization، أو تذويب الألياف عبر تيّار كهربائي لتصبح سائلة ويتمّ شفطها Myolysis وهذه الطريقة الأخيرة غير معتمدة كثيراً»
يختلف الخيار الأفضل بين إمرأة وأخرى تبعاً لحجم الألياف ومكانها في الرحم والأعراض الناجمة عنها، وأخيراً الرغبة في الحفاظ على القدرة الإنجابيّة. وأمّا في حالات الأورام الخبيثة، فيكون الحلّ الأنسب هو الإستئصال لا محالة!

صحّة عامة
يجد البعض أنّ وظيفة الرحم هي فقط للمهمّة الإنجابية، بمعنى أنّ دوره ينتهي عندما تقرّر السيدة التوقّف عن الإنجاب، مهما كان السبب المباشر. ذلك أنه لا وظيفة أخرى له في الجسم وليس مرتبطاً بالتركيبة العامة أو بالصحّة. لكن، حسب الدكتورة شختورة «تفرز المبايض هرمون الأستروجين الذي له أهمية كبرى في منع أمراض القلب والشرايين، إضافة إلى تقوية العظام الهشّة عند السيدات، أي منع خطر ترقّق العظم.
كما يخفف جفاف المهبل. فبعد إنقطاع الطمث، أو في هذه الحالة أي استئصال الرحم، تصبح السيدة أكثر عُرضة للإصابة بذبحة قلبيّة، وتعاني نسبة كبيرة من النساء ترقّق العظم الذي يصبح هشاً ويُكسر بالتالي بسهولة».
لكن بعد إستئصال المبيضين، يتمّ اللجوء إلى العلاج بالأستروجين الذي تُفيد بعض الأبحاث أنّ إسنعماله لسنوات طويلة قد يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي وخطر إنتشار داء البطانة الرحمية المهاجرة بعد إنقطاع الدورة الشهرية». تضيف: «بفعل اضطراب الهرمونات الحاصل في الجسم، تختلف المفاعيل النفسية الظاهرة بعد عملية إستئصال الرحم بين سيّدة وأخرى.
إذ أثبتت الدراسات أنّ بعض النساء يعانينَ تدهوراً في الحياة الإجتماعية بسبب الإكتئاب والتوتر، فيما تتحسّن نوعية الحياة عند أخريات بسبب التخلّص من أعراض مزعجة قبل إنقطاع الطمث وإستئصال الرحم. لذلك لا بدّ من البقاء على اتصال مع الطبيب المعالج حتى بعد العملية».
تختم شختورة: «قد تعاني بعض السيدات ألماً في المفاصل والعظام والعضل على المدى الطويل، أو هبوطاً في المثانة وتغيّر مكان الأمعاء، وإلتهابات في مجرى البول. ويمكن حصول حالات إكتام مزمنة، إضافة إلى التعب المزمن وحالات الأرق».