Home Page

فروض العطلة الصيفية

تربية الطفل / الأطفال, المخيّم الصيفي, مشكلة / مشاكل الدراسة, الأم والطفل

24 أغسطس 2009

انتهت امتحانات الفصل المدرسي وصدرت النتائج وتلقّاها التلامذة، منهم من كان سعيدًا بها ومنهم من جاءت مخيّبة لآماله. وفي الحالتين تنتظر هؤلاء التلامذة الناجحين والراسبين معًا فروض العطلة الصيفية. وفي المقابل يسأل الأهل عن أهميتها، هل فروض العطلة مفيدة؟ هل من الضروري أن يقوم التلميذ بإنجازها؟ ألا يكفي التلميذ الفصل المدرسي الطويل؟

يتفق التربويون والمدرّسون واختصاصيو علم نفس التربوي على أهمية فروض العطلة الصيفية شرط ألا تتحوّل إلى كابوس يلاحق التلميذ الذي من حقّه أن ينال عطلة صيفية منعشة بعيدًا عن القلق المدرسي.
وهذه بعض النصائح لإقامة توازن بين إنجاز فروض العطلة الصيفية والقيام بالنشاطات الترفيهية.

 عدم إلزام الطفل بإنجاز فروض العطلة بالقوة

أثبتت الدراسات أن ٦٠ في المئة من التلامذة ينجزون فروض العطلة الصيفية بمساعدة الأهل. فيما تتحول جلسة إنجازها بالقوة إلى كابوس. ومن غير المفيد جعل التلميذ يقوم بما لا يرغب فيه، مما يجعله يكره المدرسة. فالدراسة خلال العطلة الصيفية تصيبه بالتوتر، وتصبح بنظره عقابًا.

ويرى الاختصاصيون أن مراجعة الدروس لا تكون مفيدة إذا أرغم الأهل التلميذ على ذلك، بل قد تتحوّل المراجعة إلى فترة صدام عنيف خصوصًا إذا فقد الأهل صبرهم وتفوّهوا بعبارات قاسية يكون لها تأثير سلبي على التلميذ الذي سيشعر بالتذمّر من المدرسة والبيت معًا. إن دور فروض العطلة هو ترميم الذاكرة وتمرينها، ولا يجوز إطلاقًا أن تكون مرادفًا للتوتر، أو بديلاً من المدرسة.

وفي المقابل  يظن بعض الأهل أن الدروس الصيفية تقدم الحلول المعجزة للرسوب المدرسي ويستغلونها لسد الثغرات التعلّمية عند أبنائهم، فيما هذه الفروض الإضافية لا تستطيع  تعويض تأخر التلميذ المدرسي، بل يمكن أن تكون مصدر صراع بين الأهل والتلميذ إذا حاولوا أن يقوموا بدور المعلّم.  لذا من الضروري أن يحتفظ الأهل براحة الذهن أو يطلبوا مساعدة شخص ثالث كي لا يجعلوا ابنهم ينفر من الدروس الصيفية.

 العطلة الصيفية فترة راحة وإثارة الانتباه

يرى الاختصاصيون أن السماح للطفل بتنفس الصعداء خلال العطلة الصيفية لا يعني إعفاءه من واجباته، ففي إمكانه التعّلم ضمن العائلة بأسلوب مرح. لذا من الضروري توفير إجازة صيفية وتشجيع الأبناء على تطوير قدراتهم بأسلوب مختلف. وهناك طرق عدة تنشّط ذكاء الطفل. مثلاً قراءة المجلاّت، إرسال المراهق في رحلة خارج المدينة، تحفيز الطفل على المشاركة في نشاطات ثقافية مثل زيارة المتاحف أو المعارض، ممارسة الرياضة... .هذه النشاطات تساهم في تنمية قدرات ذهنية جديدة لها أهمية البرنامج المدرسي نفسه. فتمضية أسبوع في مخيم صيفي بعيدًا عن المنزل تساعد في نضوج الطفل وتعوّده على تحمل المسؤولية وتقويم ثقته بنفسه، وتطور الثقافة العامة وتنشّط عمل الذاكرة.

وهناك أفكار أخرى يقترحها الاختصاصيون تساعد في إعادة شحن طاقة الطفل في محيط هادئ منها المطالعة من أجل المتعة فقط، وليس من الضروري شراء كلاسيكيات أدب الطفل، بل يُفضّل أن يختار الطفل نوع الكتب التي يرغب في مطالعتها. فالمهم هو تعزيز حس المطالعة عنده. ويعتبر الصيف فترة رائعة وهادئة للبدء بتعزيز هذه الهواية. أما بالنسبة إلى اللغة فيُنصح بمشاهدة البرامج أو الأقراص المدمجة التي تضمن تمارين لغة صوتية مما يساهم في تعزيز اللغة شفهيًا.

ويؤكد الاختصاصيون أن العطلة الصيفية يجب أن تبقى رديفًا للراحة، ووقتًا ضروريًا لتطور التعلّم عند الطفل. ولا يجوز إطلاقًا وضعه تحت الضغط  لأنه يعيق تقدّمه، فبعد فترة فصل مدرسي طويل تلقى خلاله التلميذ الكثير من المعلومات، يحتاج الطفل إلى فترة راحة لكي ينظم الأفكار التي تلقاها في الصف. والعطلة فترة استقرار تسمح للطفل التحقق مما تعلّمه ومن دون هذه الاستراحة لن يتجاوب الطفل مع التعلّم بشكل سريع.

هل دفاتر العطلة الصيفية ضرورية؟
إذا لم تبق دفاتر تمارين العطلة الصيفية راقدة في محفظة المدرسة طوال الصيف  فهي بشكل عام مساعدة قيّمة، فهي تسمح للأهل بإدراك ما على طفلهم معرفته في هذه السن. ولكن فائدة الدفاتر تختلف باختلاف وظيفة استعمالها. فقد أثبتت بعض الإحصائيات ٤٫٤٪ من الأطفال لا يستعملونها، و ٧٢٫٢٪ يستعملونها جزئيًا و ٢٣٬٤٪ ينجزونها كاملة.  وأثبتت أن الطفل الذي ينجز قسمًا منها لا يتقدّم كثيرًا على الطفل الذي لم ينجزها أبدًا، في ما عدا في مادة الرياضيات، بينما الطفل الذي أنجزها كاملة تقدّم في كل المواد المدرسية إضافة إلى تقدّمه المتميّز في الرياضيات. ومن جهة أخرى فإن التلامذة ذات مستوى مدرسي جيّد لديهم احتمال كبير في إنجاز الفروض أكثر من غيرهم من الأطفال. ويزداد هذا الاحتمال أيضًا بحسب تدخل الأهل من خلال وضعهم روزنامة عمل خلال العطلة الصيفية. والتلامذة المجتهدون تعتبر دفاتر العطلة الصيفية بالنسبة إليهم نشاطًا ذهنيًا لتمضية الوقت ويمكنهم إنجازها وحدهم من دون مشاكل. أما بالنسبة إلى التلامذة الأقل مستوى فتدخل شخص ثان ضروري، ولكن هذا التدخل يجب أن يكون فعالا، وإذا لم يكن كذلك فإن التلامذة الراسبين تتفاقم لديهم صدمة الرسوب مما يؤدي إلى توتر يستمر إلى حين العودة إلى المدرسة.

 تبني الإيقاع الجيد

الخطة المثلى لشهري العطلة الصيفية هو عدم التكلم على العمل المدرسي مدة أربعة أسابيع، أما الأربعة الباقية فهي تخصص للمراجعة بحسب برنامج محدد . والأسبوع الأخير للعطلة يجب أن يخصص لإعادة تنظيم وقت نوم التلميذ ويكون شراء القرطاسية فرصة لإعادة ترتيب الغرفة وتنظيم مكان الدرس.

وينصح التربويون بعدم الخلط بين ساعات الترفيه والدرس، إذ لا يجوز مثلا أخذ دفتر تمارين العطلة إلى الشاطئ بل يمكن تخصيص وقت لإنجازها يراوح بين نصف الساعة إلى ساعة يوميًا، بحسب سن الطفل للدرس، ومن المفضل أن تكون فترة المراجعة خلال الصباح حين يكون المنزل هادئًا. وبعد انتهاء ساعة الدرس  لا يجوز التحدّث عنها.

كما من المفضل أن يشارك الطفل في تحديد برنامج فروض العطلة الصيفية، الذي يجب أن يكون برنامجًا يوميًا لا يلغي النشاطات الأخرى، فالمراجعة خلال الصيف يحب أن تكون طقسًا وهذه هي الطريقة المثلى حتى لا تتحول الفروض إلى عقاب ويحاول التلميذ التملص من إنجازها.

تمارين مكثفة ودروس خصوصية

تناسب هذه الطريقة التلامذة الذين تنقصهم الثقة بالنفس، فبعد صيف أعادوا فيه مراجعة كل واجباتهم يعودون إلى المدرسة بهدوء وطمأنينة. ولكن تقوية التلميذ في مادة يواجه صعوبة  فيها تختلف عن محاولة الأهل في إرغامه على النجاح. فالعطلة الصيفية لا يجوز أن تستعمل لتسريع نمط التلميذ الذهني، بل على الأهل عدم المبالغة في مطالبهم، حتى ولو كان نجاح ابنهم يشغلهم ويقلقهم. فعند نهاية الفصل المدرسي في إمكان كل التلامذة مراجعة دروسهم وتسجيلها بطريقة مقروءة. ولكن من غير المفيد العمل مسبقًا على البرنامج المدرسي.