حصة المزروع: هذا ما أهلّني لإدارة فنادق المجموعة

آمنة بدر الدين الحلبي (جدة) 05 مايو 2018

واثقة الخطى، أخذت على عاتقها تحمُّل المسؤولية بكامل طاقتها، متمكّنة من أدواتها، وراسمة طريقاً لها كي تبقى المرأة المتفردة في عملها الذي كان في يوم من الأيام حكراً على الرجال. الأستاذة حصة المزروع، مدير عام فندق سويت نوفوتيل – الرياض، هي أول سعودية تشغل هذا المنصب في مجموعة الحكير للسياحة والتنمية بشكل خاص، وقطاع الضيافة في السعودية بشكل عام. تتمتع الأستاذة حصة بخبرة واسعة تفوق الـ10 سنوات في مجال الضيافة، وإدارة وترويج العلامات التجارية والتخطيط الاستراتيجي والتطوير وإدارة المناسبات، إضافة إلى إدارة برامج المسؤولية الاجتماعية وبرامج ولاء العملاء والعلاقات العامة. التقتها «لها» في الملتقى الثاني لدعم وتمكين المرأة، الذي نظمته مجموعة أكور للفنادق العالمية، بالتعاون مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، برعاية الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، الأمين العام وعضو مجلس أمناء مؤسسة «الوليد للإنسانية». وذلك للتأكيد على أن الأبواب مفتوحة أمام الفتيات والسيدات السعوديات لتحقيق أحلامهن.


- هذا التمكين للمرأة السعودية في عالم الضيافة، والذي أكده العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة الحكير، سامي الحكير، كيف تترجمه السيدة حصة المزروع؟
منذ بداية عملي في مجموعة الحُكير في 2004، كنت من الشخصيات الممكَّنة، لذلك فإن لها الدور الأكبر والفاعل لما وصلت إليه الآن. فالترجمة الفعلية لتمكين المرأة هي الثقة والنجاح، وكلما كان الإنسان على قدر الثقة، يستطيع تحقيق النجاح في تجاربه، وتلك أفضل ترجمة لكلمة «تمكين».

- هذا التمكين الذي أُسند الى حصة المزروع دون غيرها من السيدات، هل يعود الى الكاريزما التي تتمتعين بها؟
كنت أكثر النساء تحدياً في العمل، ولم أستسلم يوماً، ومسيرتي أشبه بمن يركب قارباً، حيث هناك من لا يملك قدرة على التجديف أكثر من 5 أو 15 كلم، لكنني كنت أكثرهن استمراراً وتحملاً وعناداً، ولست أكثرهن ثقافة أو تعليماً، لأن كلمات لا أقدر، لا أستطيع، لا أعرف، ليس لها وجود في قاموس حياتي، كوني أؤمن إيماناً مطلقاً بالتجارب وإن كانت فاشلة، لأن النجاح بعد الفشل يعطيني الخبرة الكبيرة التي أطمح إليها، ويمنحني قوة، ويشعرني بالفخر.

- على الصعيدين الاجتماعي والمهني، نرى مشاركة حثيثة للمرأة، فهل هو تحفيز فقط أم تمكين لاستنباط مهاراتها في المجال الفندقي؟
إذا تكلمنا على المجتمع السعودي، أجزم بأنه تمكين حقيقي للمرأة في جميع المجالات الأكاديمية والاقتصادية والاجتماعية، تحقّق من خلال القيادة الحكيمة، قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، كون الرؤية جاءت واضحة وجليّة للعيان بدعم المرأة وتمكينها، من خلال القرارات التي صدرت بين 2017 و2008، والتي وضعت المرأة في مناصب قيادية سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أكاديمية، كما أعطتها حقوقاً كبيرة في تسيير المعاملات التجارية والسماح لها بقيادة السيارة، وجعلتها تخوض ميادين عمل كانت حكراً على الرجال، فوصلت إلى إدارة منظمات عالمية تدير ملايين الدولارات، لذلك لا أحد يعطي كل هذه المسؤوليات للتحفيز، إن لم تستطع المرأة تحقيق النجاح.

- كتجربة أولى في مجال الفندقة، كيف تراها الأستاذة حصة؟
مثل هذا التحدي جدّد حماستي في العمل ودفعني إلى العطاء الأكبر، ووضع نصب عيني أن هذه التجربة لا تسمح بالفشل مطلقاً، وهو غير وارد فيها، لأن فشلي يُعتبر فشلاً ذريعاً للقضية التي أحملها، لذلك أحمل على عاتقي تلك المسؤولية ليس على صعيد النجاح فحسب، بل على صعيد التميز أيضاً، هذا من الناحية العملانية.
أما من الناحية الاجتماعية، فإنني وجدت كل الدعم من الرجال الذين عملت معهم، ولم أواجه أي معوقات، بل على العكس كانوا يعملون بحماسة، حيث رأوا أنها تجربة ناجحة بامتياز لفريق عمل ناجح، بهدف واحد.  

- هناك منافسة شرسة في عالم الضيافة إذا ما قسنا تلك التجربة في الرياض بمدينة جدة أيام العمرة والحج، ما الاستراتيجية التي يجب عليك اتباعها لتبرزي ذاك الجانب القوي في الفندقة؟
الفندقة صناعة، سواء كان قائماً على صناعتها وتطويرها رجل أو امرأة، بغض النظر عن كيفية رسم استراتيجيتها كإدارة ناجحة، ونظراً الى اعتبار الرياض مدينة مال وأعمال وليست وجهة سياحية كمدينة جدة تعجُّ بالمعتمرين والحجيج، علماً أن كل مدينة مستهدفة بشكل أو بآخر، لذلك ما نتوقعه من الاستراتيجيات الجديدة التي تبادر الحكومة الى رسمها، هو أن تصبح المدن الكبيرة وجهات سياحية جذابة وجميلة.

- هل أنتم مستعدون لذلك؟
أجل، نحن مستعدون لذلك من خلال رفع مستوى الكفاءة في التشغيل الفندقي، والجودة على جميع الأصعدة بمقارنتنا مع فنادق سويت نوفوتيل العالمية وليست المحلية، مع لمسات الكرم التي تُقدَّم من شعب كريم لزواره، والتي تجعل الخدمات عالية وموازية للفنادق العالمية، مع النهضة الكبيرة بافتتاح فنادق جديدة في الرياض تضم من 3 آلاف إلى 4 آلاف غرفة مجتمعة لعام 2018، مما يعطي مؤشراً إلى أن هذا القطاع يملك صناعة متطورة ونشاطاً غير عادي.

- هل يُعتبر هذا دافعاً لتحقيق رؤية 2030؟
بالتأكيد، كون الرؤية تسير بالطريق الصحيح، ونحن نستشعر تلك التغيرات، وأعتقد أن القطاع في انتعاش دائم بعد المنافسة، كما قطاع الاتصالات الذي نهض بالاستثمار بعدما كان أحادي القطب، وأصبحت فيه المنافسة شرسة، تلك دورة اقتصادية تؤثر في القطاعات كافة تأثيراً إيجابياً.

- الأستاذة حصة، ابنة المجموعة، بدأت في إدارة العلاقات العامة منذ 2004، كيف سخرت تلك الخبرة في إدارة الفنادق؟
مما لا شك فيه، أن شركة الحكير رائدة في مجال السياحة منذ خمسين عاماً، والشيخ عبدالمحسن الحكير يُلقّب بشيخ السيّاح، لذلك تعلمت الكثير منه، ومنذ عملي مع مجموعة الحكير كانت من أوائل الشركات التي تعمل مع كبرى الشركات العالمية، مثل أكور للفنادق وآي تي وغيرهما الكثير، فاستفدنا من خبرتها ومن تجاربها في التشغيل، ومن دوراتها، ومن أخطائنا معها، لذلك حين أسست العلاقات العامة في مجموعة الحكير في 2004، عكستُ وجه الشركة ودخلت في تفاصيل كثيرة بالتشغيل لأستطيع التسويق لها، وهذا ما أهّلني لأكون مديرة إدارة الفنادق في المجموعة.     

- ما السمات التي يجب أن تتمتع بها مديرة الفندق في السعودية، وتحديداً في الرياض؟
من أهم السمات التي يجب أن تتمتع بها مديرة الفندق، الثقة بالنفس. وثانياً، الجدية في العمل الذي لا يتوقف، لأنها العامل الرئيسي في النجاح. وثالثاً، المثابرة في العمل، كونها الطريق للاستمرارية في النجاح، والتي تُعتبر الجهاد الحقيقي للنفس، حين أتنازل عن أمور اجتماعية كثيرة من أجل تحقيق ما أصبو إليه، وهناك مقولة أعجبتني وهي: «لا يمكن الوصول للنجاح إلا بعد الوصول للألم». ورابعاً، الأصالة العربية التي تتسم بها السيدة السعودية خَلقاً وخُلقاً، مع الحفاظ على العادات والتقاليد الاجتماعية الجميلة. وما ينطبق على السيدة السعودية في الرياض، ينطبق على كل السيدات في المدن السعودية كافة.

- كيف كانت نظرة المجتمع، وكيف تقوّمها حصة؟
بداية الأمر، شعرت بالخوف من نظرة المجتمع إليّ، لكن حين اتصلت بوالدتي وأخبرتها، باركت لي تلك الخطوة بفرح وسعادة، وأكدت لي أنني على قدر من المسؤولية، وما أشعرني بالإنجاز الكبير ردة فعل الناس ومباركتهم لي على ما وصلت إليه، وقرأت النجاح في عيونهم.

- هل من تحديات وقفت أمامك؟
التحدي الأكبر هو نفسي، وهل أنا قادرة على النجاح أم لا؟

- هناك حراك نسائي على جميع الأصعدة في المملكة، كيف ترين وضع المرأة السعودية في عام 2030؟
«النساء شقائق الرجال»، هذا الحديث الشريف نراه تُرجم على أرض الواقع، حين قام الملك عبدالله طيب الله ثراه بابتعاث الجنسين للدراسة من دون تمييز بين الرجل والمرأة، وهذا الجيل سيعطي صورة مشرفة بعد خمسة عشر عاماً للقاصي والداني، حيث بدأت النماذج تظهر على الساحة السعودية من عالمات إلى خبيرات ورائدات في كل المجالات العلمية والأكاديمية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية، بصورة لا مثيل لها على صعيد العالم العربي.

- ما هو طموحك؟
على المستوى المهني، حققت الكثير وسأحقق المزيد من النجاح، علماً أن النجاح ليس وحده ما يغريني بل الاستمرارية في النجاح، لكن طموحي تعدّى النجاح المهني لأكون نموذجاً ملهماً للفتيات السعوديات.

- العمل في المسؤولية الاجتماعية جميل، ومنذ عام 2007 عملت في تجارب تطوّعية سواء داخل السعودية أو خارجها، فماذا عنها؟
العمل التطوّعي بكل أشكاله يُعتبر غذاءً للروح، فكيف إن كان داخل الوطن؟ فهو واجب وطني بكل معنى الكلمة، ويمنح النفس رضىً حقيقياً بتخفيف المعاناة عن الناس الأقل حظاً في هذه الحياة، لأننا كنا محظوظات حين وجدنا فرصاً للتعليم والتوظيف، مما يدفعنا الى أن نردَّ الجميل في المجتمع لهؤلاء الناس، بدعم جوانب خيرية وتنموية وليس منَّة أو فضلاً.
أما في ما يتعلق بالتطوع خارج المملكة، فقد جاءت الرغبة في العمل حين وجدت أن التباكي على وسائل التواصل الاجتماعي لن يجدي نفعاً، بل العمل الفعلي، وقد كانت تجربة ثرية تمنح الهدوء النفسي، وتقدّر قيمة الوطن، وتعطي فرصة لتمثيل البلد بشكل مشرف، حين ترى العين أناساً بلا أوطان يحملون معاناة التشرد واللجوء بلا مأوى يلتحفون السماء ويفترشون الأرض.

- من هي حصة المزروع الإنسانة، ومن وراء هذا النجاح؟
المسؤولية قَدرٌ من الله للإنسان، لم أسع إليها بل هي من اختارتني كوني البنت البكر في عائلتي، وجعلت مني إنسانة عنيدة طموحة وقوية.
ولا يوجد نجاح في مجتمع محافظ لإنسانة إلا إذا كانت خلفها أسرة متكاملة تدعمها، وأسرتي خير داعم لي، وعلى رأسها والدتي العظيمة، التي أعتبرها سرُّ نجاحي، فقد منحتني الثقة الكبيرة، وآمنت بما أعمل فيه، ولولا وجودها بعد الله لم أستطع أن أحقق هذا النجاح.

- حصة نرجسية أم مغرورة؟
لا هذه ولا تلك، بل أدعو دائماً «اللهم أبعد عني الغرور واجعلني خيراً مما يظنون».