هذه قواعد التربية... والضرب ممنوع

ديانا حدّارة 20 مايو 2018

مسألة تأديب الطفل ومعاقبته جدلاً واسعًا بين التربويين، فمنهم من يرفض العقاب جملة وتفصيلاً، ومنهم من يبدي تحفّظه، ومنهم من يوافق عليه، وإنّما بشروط. ولكنهم جميعًا يتّفقون على أن الأطفال عمومًا يحتاجون إلى قواعد تقوّم سلوكهم.
فالطفل يشعر بالأمان عندما يعرف ماذا يتوقّع منه أهله وأين حدوده. وبحسب التربويين فإنّ مرحلة الطفولة المبكرة هي الوقت المناسب ليُطلع الأهل الطفل على عواقب تصرفاته السيئة.
ففي هذه الفترة مرحلة يبدأ فيها تعلّم السيطرة على أفعاله والمحافظة على جسده، لذا فإنه من الضروري أن تكون هذه القواعد والحدود ملائمة لسنّ الطفل وقدرته على الفهم.
أمّا إذا حاول الطفل أن يضرب بعرض الحائط القواعد والحدود التي تضعها الأم، فإن ذلك يكون محاولة منه لاختبار قدرتها على تنفيذها، ومعرفة إلى أي مدى تسمح له بتخطّيها.

                  
قواعد التربية التي لا يمكن التهاون بها:

• على الأهل أن يضعوا حدودًا منطقية وأن يتمسّكوا بها. فالطفل يشعر بالارتباك والتوتّر عندما تسمح له أمه القيام بأمر ما، وتمنعه عنه في اليوم التالي.

• على الوالدين أن يتّفقا على نمط واحد في التربية وتجنّب السماح للطفل بأن يستغلّ أحدهما، ويحاول أن يُشعل بينهما خلافًا في الرأي حول تصرّف قام به متخطّيًا الحدود.

• التأكد من أن الطفل يفهم معنى القواعد التي عليه التقيّد بها، لذا على الأم أن تشرح الهدف منها، كأن تشرح له مثلاً لماذا عليه أن يعيد ألعابه بعد أن ينتهي من اللعب بها.

• إعطاء تعليمات محدّدة عندما تطلب الأم من طفلها القيام بأمر ما.

• توضيح أسباب العقاب، فمثلاً إذا ضرب الطفل أحد رفاقه، عليها أن تشرح له أنه سيعاقَب لأنّه لم يلتزم بما طلبت منه. ولكن حذار أن ينال الطفل عقابًا مزدوجًا، أي أن تعاقبه أمّه ثم يأتي والده ويعاقبه.

• مدح الطفل عندما يُحسن التصرّف، إذ لا يجوز أن يعلّق الأهل على تصرّفاته السيئة فقط. فالثناء على أفعاله الحسنة يكون له صدى إيجابي على المدى الطويل.

• عدم إطلاق التهديدات من دون تنفيذها. لذا على الأم أن تهدّد بالعقاب إذا أرادت فعلاً تنفيذه، وإلاّ فلن يأخذ الطفل مسألة العقاب على محمل الجدّ، وسيتخطّى القواعد من دون خوف.

• التأكيد للطفل أن محبة والديه لا تتغيّر حتى وإن عاقباه. لذا، من الضروري أن يفهم أن العقاب لا يعني أن والديه يكرهانه.

• منح الطفل فرصة تقويم تصرفه أو الاستجابة لطلب الأم قبل معاقبته. مثلاً، إذا كان يركل الطاولة، يمكن الأم أن تطلب منه أن يخرج إلى الحديقة ويلعب بالكرة، وإذا تجاهل الأمر يمكنها تحذيره من عاقبة عدم تنفيذ طلبها. أو مثلاً إذا رفض توضيب ألعابه، يمكنها أن تقول له بهدوء إنها سوف تعدّ إلى العشرة، وعليه خلال ذلك أن يسرع في ترتيبها، وإلا سوف تعاقبه، كما عليها ألا تسمح له بمناورتها كي تبدّل رأيها.


أما طرق العقاب المقبولة فهي:

التأنيب: لا تزال هذه الطريقة مألوفة لتقويم السلوك. فالطفل يريد إسعاد أهله، وتأنيبه في شكل صارم عندما يسيء التصرّف قد يكون له أثر فعّال، إذا كان السبب مقنعًا. أما تأنيب الطفل عند كل شاردة وواردة فسوف يكون له تأثير سلبي، ولن يعود الطفل يصغي إلى تعليمات أمّه.

عندما تطلب الأم من طفلها التوقّف عن تصرفاته يمكنها اتباع الإرشادات التالية:

• أن تكون هي المثال الذي يحتذي به الطفل. مثلاً، إذا طلبت منه عدم تناول الحلوى قبل العشاء، عليها هي أيضًا ألاّ تقوم بهذا الأمر.

• التأكد من أن الطفل كله آذان صاغية لما تقوله، بأن تقف على مستوى طوله كأن تركع وتنظر إليه وتحدّثه مباشرة.

• التأكد من أن نبرة صوتها حازمة وواثقة، وأن تكون جملها قصيرة وواضحة.

• إعلام الطفل بنتيجة أفعاله إذا استمر في القيام بها.

• التأكد من أنه يفهم ماذا تقول له والدته.

الضرب ممنوع: رغم أن معظم علماء نفس الطفل والتربويين يحذّرون من ضرب الطفل إذا أخطأ، نظرًا إلى أنه تصرّف عنيف، يؤذي الطفل على المستويين الجسدي والنفسي، يستعمل الكثير من الأهل الصفع لردع الطفل عن تصرفاته السيئة، فبعضهم يرى أن صفعة صغيرة لها أثر إيجابي، ولكن لا يجوز إطلاقًا توسّل الصفع كأساس للتربية. وإذا كان لا بد منه، يمكن الأم أن تصفع طفلها على يده بلطف إذا كان على وشك الاقتراب من شيء يؤذيه، ويجب استعمال هذه الطريقة إذا كانت الحل الوحيد والأخير.

وعمومًا الضرب ممنوع ويجدر بالأهل تفاديه للأسباب التالية:

• لأن عواقبه سيئة. فغالبًا ما تضرب الأم طفلها عندما تكون في حالة غضب، وقد تؤذيه عن غير قصد إذا صفعته بشدّة. أو إذا وجدت أن صفعة صغيرة لم تنفع فتحاول في المرة الثانية أن تصفعه بقوّة ظناً منها أنه سينصاع لأمرها.

• الضرب لا ينفع. فقد أثبتت الدراسات التربوية أن الأطفال الذين يتعرضون للضرب هم أكثر عنادًا من أقرانهم الذين لا يضربهم أهاليهم. فالطفل لا يعرف ولا يفهم لماذا صفعته أمه.

• الضرب يعزّز السلوك العنيف عند الطفل، فالعنف يولّد العنف. فقد يظن الطفل أنه إذا كان من حق أمه أن تضرب، فلماذا لا يقوم بذلك هو أيضاً؟!

 استراحة قصيرة Time Out:
طريقة بسيطة وفعّالة لتقويم سلوك الطفل أو إبعاده عن موقف مؤذٍ. فعندما يتصرف الطفل في شكل سيئ، يمكن الأم إبعاده عن المكان الذي هو فيه، بأن تطلب منه التوجه إلى غرفته والمكوث فيها بهدوء والجلوس على الكرسي لمدة محددّة تبعًا لسنّه، أي دقيقة عن كل سنة من عمره، مثلاً إذا كان عمره ثلاث سنوات تكون المدة ثلاث دقائق، وتخبره أنه في وقت راحة، شرط أن تكون الغرفة آمنة والكرسي ملائمًا لحجمه.
وإذا خرج من الغرفة قبل انتهاء الوقت، عليها أن تعيده بهدوء وتعلّمه أن المدّة لم تنتهِ بعد. وبعد انتهاء وقت الراحة، تتحدث إليه بلطف وتنسى ما حدث. لكن لا يجوز استعمال هذه الطريقة في كل مرة يسيء فيها التصرّف.