مصمِّمة التراث الحجازي فايقة خليل: تربيت بين ردهات متحف التراث الحجازي

آمنة بدر الدين الحلبي (جدة) 03 يونيو 2018

تميّزت ملابس المرأة الحجازية في المملكة العربية السعودية بتنوعها وأناقتها، واختلفت أزياؤها باختلاف المناسبات، حيث تمنحها اتزاناً أنثوياً رائعاً بجمال ورقّة، وتجعلها دائمة البحث عن كل ما هو تراث جميل وموروث أجمل.
مصمّمة الأزياء الحجازية فايقة خليل التي انغمست في التراث الحجازي وتركت بصمة في المملكة العربية السعودية وخارجها، من خلال متحف أخيها عبدالرؤوف خليل، رحمه الله، التقتها «لها» لتستعرض معها تلك الملابس التراثية والجميلة وأسماء قطعها وكيفية ارتدائها.


- ما عدد أنواع الملابس الحجازية، وتحديداً للعروس؟
هناك العديد من الأنواع لأزياء العروس، يوم الغمرة في المدينة المنورة، «المديني – الزبون/ ضرفة الباب/ المصكك/ المحف/ المنتور/ الغمره».
ويُرتدى ثوب العروس المديني غالباً يوم الحنّة أو يوم الفرح مساءً، وهو يتكوّن من: «مقنّع ولباس وثوب وقميص داخلي ومرتبة وتاج»،
ويُصنع غالباً من الكنتيل أو التُّل، الذي يحضر من الهند أو باكستان، أما حالياً فصار يصنّع في مكة.
وللزي المديني ألوان عدة، منها: الوردي الضارب الى البنفسجي، ويتناسب لونه مع لون المرتبة. لكنني طوّرت الألوان وغيّرتها وفق ما يُطلب في العصر الحالي، أما الموديل فلا يتغيّر أبداً.

- مما يتألف الزيّ المديني وكيف يُلبس؟
يتألف الزيّ المديني من الفستان الداخلي وعليه ثوب واسع مزيّن بكل أنواع التطريز ومزركش بأحجار كريمة أو من اللؤلؤ والماس، وبعد ذلك المجامر لتلفّ الشعر ويمكن الاستغناء عنها وفق طول الشعر، ويُكلّل رأس العروس التاج وعليه قطعة كبيرة اسمها «المقنّع» وتنسدل إلى الأسفل، وتُلبس على الصدر قطعة كبيرة يُطلق عليها «المخدة»، لتوضع عليها كل الهدايا من الذهب والماس المقدّمة للعروس.
ويُغطى وجه العروس بقطعة من التُّل الأبيض مكتوب عليها «لا إله إلا الله» باللؤلؤ أو الكنتيل أو الخيط القصب.

- مصممة بمَ يختلف الثوب المديني عن الثوب الجدّاوي والمكي؟
في المنطقة الغربية، «موديل» ثوب العروس لا يتغير باستثناء اللون، الذي يكون وفق الطلب، لكن من الممكن أن يُلبس بثلاثة أشكال في يوم الحنّة، في الشكل الأول أرفع «المخدة» من الصدر وأُبقي التاج والبرقع على رأس العروس، والشكل الثاني أرفع التاج والبرقع وأُلبس العروس محرمة على الرقبة، ومدورة على الرأس، وهي عبارة عن قطعة كبيرة ملونة بأطراف مزركشة بالورود الصغيرة يُطلق عليها «الأُوية»، تُزيّن الجبين والأطراف أثناء لف المدوّرة على الرأس، ومن الداخل يكون «الشمبر»، وهو قطعة مربعة لها خيوط توضع على مقدّمة الرأس حتى لا تتحرك المدوّرة إلى الخلف، وتتدلى ضفائر الشعر الطويلة من الجهتين، أو نضع على الضفائر «بنت المحرمة»، وهي عبارة عن قطعة تُلفّ على الضفائر من الجانبين حتى تصبح الضفائر متعاكسة على الرأس لتبدو كـ«العقال» ونضع لها ثلاثة دبابيس من الجانبين وفي الوسط.

- ما أهم الألوان بالنسبة الى العروس الحجازية، لتبدو أكثر إشراقاً؟
اللون الوردي الفاتح، واللون الغامق كان هو الأساس، لكنني صمّمت كل الألوان وفق الطلب، وقد تطلب عروس المدينة اللون الأبيض ليلة الحنّاء.

- مصممة التراث الحجازي تربيت-جدة-امنة الحلبيممَّ يتألف «المصكك»؟
يتألّف «المصكك» من أربع قطع: ثوب داخلي، المشتغل الخارجي، سروال مشتغل وطرحة.

- لكن «الزبون» يخصّ مكة والمدينة، أليس كذلك؟
«الزبون» أجل يخصّ مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة، وهو يتكون من ثوب داخلي وآخر شفّاف مصنوع من الأورغانزا، وتوضع على الرأس المحرمة والمدوّرة.

- كيف تكون ملابس الضيوف؟
كانت النساء المسنّات يلبسن في تلك المناسبة ثوباً باللون البيج والكحلي والأزرق والرمادي، ويُطلق عليه «برنسيس»، وهو عبارة عن ثوب طويل له «سوستة» من الأمام عليها أزرار، ولثوب الـ «برنسيس» قصّات من الأكتاف حتى الذيل، ومن الخلف يتدلّى على مساحة واسعة إلى الأسفل، وتُلبس عليه المدوّرة والمحرمة، أما الصبايا فكنَّ يرتدين الألوان الفاتحة. 

- كيف تقيّمين أهمية التطريز والزخرفة في ملابس العروس الحجازية؟
نظراً الى اهتمام المرأة الحجازية بمظهرها الجميل، كان التطريز والزخرفة أهم شيئين في فستانها، لأن التطريز يعطي فستان العروس قيمة كبيرة ويضفي عليه جمالاً أخاذاً، ويجعلها كملكة ليلة زفافها حين تدخل الزفّة بفستان يمنحها أنوثة وحيوية، وكلما زاد التطريز، زادت قيمة الفستان الذي ترتديه العروس في ليلة زفافها.

- هل تضعين ذوقك في الملابس؟
أحاول قدر الإمكان أن أُضيف بصمتي إلى التصميم، حتى وإن كان الطلب خاصاً باللون والقماش، خصوصاً حين يدخل تطريز اللؤلؤ الطبيعي فيكون ذوقي حاضراً لأنني أنا من يصمّم الفكرة مع مراعاة طلب السيدة التي منحتني الثقة الكاملة لاختيار ما تحب، ولكي تبدو مشرقة حين ترتدي الفستان بأبهى أنوثتها.

- كمصمّمة للملابس الحجازية، ما الذي دفعك إليها بالتحديد؟
تربيت بين ردهات متحف فني كبير يهتم بالتراث الحجازي لأخي عبدالرؤوف خليل، رحمه الله. كبرت على الحس الجمالي وتشبّعت بالذوق الفني، فكيف لا أصمّم الملابس الحجازية وهي إرث حضاري وثقافي رائع يحكي قصّة حضارة عريقة؟ والمتحف شاهد إلى الآن على ما صمّمته وطرّزته من التراث الحجازي، وإن دل على شيء فهو يدل على ذوقي الحاضر في كل الأعمال الفنية، سواء الأزياء أو الزجاج الذي كنت أمارس الزخرفة عليه مع أخي.

- من أين تحصلين على القماش المناسب لتلك التصاميم؟
كنت أستورد أقمشة من اليمن أو من الهند مشغولة بالتطريز والأحجار الكريمة، والسوق السعودية اليوم تغصّ بالأقمشة المطرّزة والجميلة، وأختار بعض الأقمشة التي تستوردها السوق السعودية من باكستان، وهي مطرّزة بـ «الكانتيل»، وتثري التصميم وتعطيه رونقاً جميلاً، وقيمة جمالية رائعة.

- هل الأثواب لكلّ المقاسات؟
طبعاً، لأن للثوب الخارجي مقاساً واحداً ويختلف فقط الفستان الداخلي، ولا يحتاج الى الكثير من البروفات من العروس، ويختلف بالطول فقط ونحن ننفذ كل ما يلزمه، وما على العروس إلا اختيار اللون ونوع التطريز، لنسير معاً على خطى التوازن ونلتقي في الذوق، واضعةً بصمتي لا محال.

- آخر معرض أقمتِه؟
مشاركتي في فندق «هيلتون» تحت عنوان «زفافي» في معرض أخي عبدالرؤوف خليل، لإحياء التراث الذي غاب عن الكثير من نساء اليوم، وفوجئت بكم هائل من النساء اللواتي لا يعرفن الثوب المديني من «الزبون» أو «الدرابزون».

- هل ملابس الطائف النسائية تشبه تلك الموجودة في مكة والمدينة وجدّة؟
أبداً، لا بل تختلف عنها تماماً، وإن كانت المنطقة حجازية لكن ملابسها بدوية بحتة وبعيدة كل البعد عن مكة والمدينة وجدّة.

- ماذا عن زي الدرابزون؟
هو عبارة عن سروال قطن أو حرير مشغول من أطرافه ومعه «دكة» تدخل من خلالها قطعة مستقلة ندكّكها مع بعضها بعضاً، وحين نربطها نضع القطع الصغيرة فوق الكبيرة مع صديري ياقته مرفوعة وأطرافه مشغولة بـ «الفستة» البيضاء مع الأزرار والذهب.

- كيف تنظرين إلى المستقبل؟
من خلال رؤية 2030، أتطلع إلى حركة ثقافية تعرّف العالم على تراثنا الحجازي الأصيل الذي يروي حكايات الجدّات، من خلال المعارض المشتركة، وأطمح إلى إقامة معرض شخصي يخصّني تحت عنوان «ملابس حجازية» لأشرح للناس تراثنا بكل ما يحمل من موروث ثقافي جميل، وأعرّفهم بطريقة ارتداء تلك الملابس الجميلة التي عادت إليها بعض عرائس اليوم لارتدائها يوم الحنّة والزفاف تيمناً بالماضي المجيد.

- هل من عودة الى ذاك الزي الحجازي القديم؟
تتطلع السيدات السعوديات اليوم إلى الأزياء الحجازية القديمة واختيارها في المناسبات والحفلات كتغيير جديد ولافت في عالم الأزياء التراثية القديمة، رغم مواكبتهنّ الدائمة لأحدث صيحات الموضة، وعودتهنّ ما هي إلا حنين إلى الملابس الحجازية لإحياء التراث الأصيل والتمسك بعبق الماضي الجميل.

- ماذا تقولين لـ «لها» والمرأة السعودية؟
أشكر مجلة «لها» التي سعت إلى إحياء الماضي الحجازي الجميل والأصيل، وأقول لـلمرأة السعودية: «كوني ابنة الوطن بامتياز يداً بيد ليتعرّف العالم على أناقة الثوب الحجازي».