Home Page

وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي...

الرئيس الفلسطيني محمود عباس, العمل التطوعي, حبس / سجن, شهادة جامعية, نساء فلسطين, الإحتلال الأميركي, وزارة الثقافة اللبنانية, سهام البرغوثي

28 مارس 2011

ربّتها أمها لأن أباها توفي مبكرا، فأخذت جزءاً من شخصيتها ومن قيمها ومفاهيمها من أمها التي استطاعت أن تتحمل مسؤولية أطفالها مع أن زوجها رحل باكراً، فربتهم على القيم الصحيحة والاستقامة. وأكدت وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي أن أمها هي المثال الأساسي في حياتها، إذ كانت تشكل لها عنوان الحماية، وهذا كان يعطيها القوة لكي تمضي في الطريق الذي اختارته من أجل القضية الوطنية. سهام برغوثي من مواليد الخليل في العام 1948. حصلت على شهادة البكالوريوس في تخصص التجارة، قسم المحاسبة، من جامعة الإسكندرية  في مصر عام 1970. وتزوجت عام  1984، ولم ترزق أطفالاً. وهي من أسرة كبيرة العدد وكانت آخر العنقود.


-
صفي علاقتك مع الاخوات والاخوة في العائلة.
كنا مجموعة من الأخوات في البيت، وكانت أمي تعزز الروابط بيننا بشكل كبير، وكنا مثل الصديقات وحتى أخي الأصغر كان جزءاً منا. وحرصت أمي على تثقيفنا، وكانت تدفعنا لكي نروّح عن أنفسنا من خلال الذهاب إلى السينما والرحلات وتشجيعها إيانا على القراءة. وكانت تقول لنا دائما أن السلاح الأساسي للبنت هو أن تكون متعلمة. وأمي كانت قد أنهت تعليمها في المدرسة، وأبي نال الشهادة الجامعية في العام 1931 من الجامعة الأميركية في بيروت، لكن كان لدى أمي دائماً الإطلاع وكانت تواكب كل شيء، وهي سيدة مجتمع.

- هل واجهتك صعاب في المرحلة الجامعية؟
اعتبرها أجمل مرحلة في حياتي، لأنها انتقال من نطاق البيت والمجتمع الصغير (رام الله) إلى مجتمع آخر، وهو الإسكندرية. وفي تلك الفترة حدثت نكسة 1967، ومنعنا أنا وأخواتي من العودة إلى رام الله، وكان يجب أن نحصل على تصاريح، فعشنا وضعاً مؤلماً وغير مستقر. وبقيت عاماً في الأردن، لأنني كنت لا أمتلك لمّ الشمل. وكانت سنة صعبة علي لأنني كنت بعيدة عن العائلة وغير مستقرة. وعملت وقتها في البنك العربي. وعندما حصلت على لمّ الشمل عدت إلى فلسطين، ومع أنني كنت تحت الاحتلال الإسرائيلي شعرت بالاستقرار لأنني في بلدي ومع أسرتي.

- كيف كانت فرص العمل للنساء في تلك الفترة؟
كان سوق العمل ضيقاً في تلك الفترة وكانت الناس تهاجر، وكانت الفتيات اللواتي يدرسن في الخارج يعدن، ولكن الشباب لا يعودون لأنه لم تكن هناك فرص عمل. وعملت في مجال التدريس مع أنه ليس تخصصي ما بين أعوام 1971 و1976، وعلمتني هذه المهنة التعامل مع الطالبات اللواتي كنت اعزز  لديهن مفهوم الديمقراطية. وقتها تلمست انه لا يكفي أن أقوم فقط بالوظيفة، بل يجب أن أعمل مع الطلبة والشباب، ولذلك اشتركت مع أختي في نادي، وكان معظم المشتركين في بداية حياتهم المهنية، وكان هناك تفكير في ماذا يمكن أن نفعل كشباب.

- كيف بدأت لديك فكرة العمل التطوعي؟
بدأت فكرة تشكيل لجان العمل التطوعي، وقبل ذلك كان التفكير انه طالما هناك جسم طلابي، كيف يبدأ الطلاب تنظيم أنفسهم من خلال لجان طلابية ومن خلال مجالس طلبة وماذا سيكون  دورهم. وتوصلنا إلى انه يجب على الشباب أن يلعبوا دوراً في تعميق الانتماء الوطني، وتعزيز روح عمل الفريق.
وبدأت الفكرة بمجموعة قليلة تمارس العمل التطوعي، ومن ثم انتشرت وتوسعت، وكان انجاز سلسلة من الأعمال المميزة، على مستوى البنية التحتية والمجتمعية. وكان لدينا رسالة أن هذه بلادنا وأن الشباب والشابات بإمكانهم أن يخدموا البلد، بالإضافة إلى  استمرار الأعمال الميدانية.

- ما هي أبرز المحطات في حياتك العملية؟
كان لدي دور في لجان العمل التطوعي. وفي العام 1975 بدأ تفكيري في العمل على دعم منظمة التحرير الفلسطينية، وكان هناك تظاهرات في المدارس تؤكد أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وقتها دخلت في صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكان هناك محطة رئيسية وكانت انتخابات البلدية في العام 1976، لان بداية خوض معارك كانت بتثبيت القوائم التي هي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وأخذت دوراً قيادياً، وكان هناك تحديات كبيرة، وكان التوجه أن نعمل باسم التنظيم مع الجماهير، وكان لدى الجبهة رؤية وهي أن النساء يشكلن نصف المجتمع ولا بد من مشاركتهن في العملية النضالية.
وبدأنا بتشكيل أول إطار نسوي، وهي لجان العمل النسائي. وكان العمل سرياً وكان هناك ملاحقة من قبل الاحتلال.

- هل عانيت من الاحتلال الإسرائيلي بفرض الإقامة الجبرية والسجن؟
كنت منتمية إلى الجبهة الديمقراطية وشريكة في عدد من المؤسسات والجمعيات، وفي مناصب سرية وعامة في  لجان العمل النسائي، ومن ثم عضو لجنة مركزية قي الجبهة الديمقراطية في بداية الثمانينات. ثم اعتقلت، وفرضت عليّ الإقامة الجبرية في العام 1980، وكان يتم تجديد الإقامة الجبرية كل ستة اشهر. وفي بداية العام 1982، كنت تحت الإقامة الجبرية، ثم اعتقلت لعامين ونصف عام، وكانت تجربة غنية علمتني التحدي والإصرار.

- هل تشبه المرأة الفلسطينية المثقفة حالياً المرأة المثقفة في السابق؟
في سياقها التاريخي والزمني أوضاع المرأة المثقفة أفضل الآن، بمعنى انه تزداد أعداد النساء في الوسط التعليمي وسوق العمل، ومن يحصلن على مناصب. وهناك نساء مبادرات في الإبداع، وهناك مثلاً دخولهن حقل الإخراج السينمائي، والمجال الإعلامي.
ومن جهة أخرى هناك حماية التراث لأن هذا جزء من الثقافة، وحتى نساؤنا اللواتي لسن على درجة من التعليم والثقافة يحافظن على التراث، سواء في الحكايات أو الزي الفلسطيني والتراثي. ورغم كل ما حققته الحركة النسوية الفلسطينية ممثلة باتحاد المرأة والمؤسسات، فإن هناك عملاً كثيراً ويجب الوصول إلى الريف، خاصة أن نساءنا لا يزلن في مواجهة المورث الثقافي ويعانين من التمييز.
ونحن كوزارة ثقافة لدينا رؤيتنا الواضحة، وأعلنا عنها مراراً، وهي أننا العمل من اجل تعزيز الثقافة الوطنية والديموقراطية والتي تستند إلى التعددية المنفتحة على الثقافات الإنسانية، والتي ستحمي وتصون تراثنا وحكايتنا الفلسطينية التي تواجه أي تمييز، وأيضا التي تحتضن القيم القائمة على المساواة والعدالة الاجتماعية.

- هل هناك صعوبة في تنفيذ بعض برامج الوزارة الخاصة بالمرأة؟ وهل السبب هو الموروث الثقافي في بعض المناطق؟
ربما الأدوات التي ستنفذ هذه الرؤية هي ليست مع هذه الرؤية، لذلك نجد صعوبة في اقتحام بعض المجتمعات المنغلقة لأنه من الصعب أن تتقبل مثل هذه الأفكار، مع أنها مأخوذة من صلب تراثنا العميق. وحتى في موضوع الاختلاط بين الجنسين كان مجتمعنا الريفي يتميز في حقول الزراعة بوجود الرجل مع المرأة. ولذلك لم يكن هناك صعوبة.

- ما هي أبرز نشاطات وزارة الثقافة في العام الماضي؟
أشعر بأن هناك نقلة في الوزارة، لأننا أصبحنا نعمل ضمن برامج ووفق أهداف وضعتها الخطة الإستراتيجية لقطاع الثقافة والتراث، وبالتالي تسلحنا بخطة إستراتيجية للثقافة والتراث التي شارك فيها عدد واسع من منتجي الثقافة والمؤسسات الثقافية، وعددها تقريباً 250.
وأقيم عدد من ورش العمل في مجالات الآداب والموسيقى والمسرح والمكتبات والتراث، مع مشاركة قطاع غزة عبر «الفيديو كونفرنس» والأدباء والمثقفين من مناطق العام  1984 والقدس، ونجحنا في تشكيل مجالس استشارية للعمل الثقافي في المحافظات لتكون رافداً لتطوير الخطة التنموية الثقافية على صعيد المحافظات، واستطعنا أن نعطي الأولوية للقدس والحراك الثقافي فيها.
ولغاية الآن لم نستطع أن نصل إلى ما نريده نتيجة صعوبة المعركة. ونحن في 2011 نستهدف القدس وان نبدأ بالتواصل مع الأدباء في 84 والشتات. واستطعنا أن نثبت في مؤتمر وزراء الثقافة العربي أن القدس هي العاصمة الدائمة للثقافة العربية وان تكون توأمة مع كل عاصمة للثقافة العربية.
واستطعنا أن ندعم العديد من المجالات مثل السينما والمهرجانات التراثية وتثبيت يوم 13 -3 يوماً للثقافة الوطنية. ونعمل على إنشاء المكتبة الوطنية الرقمية من خلال أمناء، ومن خلال مكتبات البلديات. وعملنا على مأسسة صندوق التنمية الثقافية.

- هل ألغى عملك كوزيرة للثقافة حياتك الشخصية والاجتماعية؟
فقدت جزءاً من الحياة الشخصية بسبب الوزارة، وكل حياتي كانت للناس، والشيء الشخصي كنت أضعه في الخلف. وفي الوزارة لا يوجد مجال للتفكير في قضية ذاتية تخصني، فالعمل يغيّب حياتي الشخصية.