Home Page

خاتون سلمى: 'علاقتي بمكتبتي كالعشق الأوّل'

مقابلة, خاتون سلمى, شاعرة, شبكة الإنترنت, القراءة, المكتبة المنزلية, جائزة الشيخ زايد للكتاب

17 أغسطس 2011

عندما يقع الإنسان في عشق الورق تُصبح العلاقة بينهما ملتبسة ولا يُمكن  أن يفكّ لغزها إلاّ الإنسان العاشق نفسه الذي يرى في كتبه ثروته الحقيقية... ولأنّ المكتبة هي الركن الذي يُخبّئ فيه القارئ النهم ثرواته الورقية الثمينة، قمنا بزيارة استكشافية لمكتبة الشاعرة خاتون سلمى إحدى عاشقات الكتب وجئنا بالإعترافات التالية...


علاقتي بمكتبتي هي
لطالما كانت علاقتي بمكتبتي، ولست أدري متى ابتدأت، علاقة خاصة. ولا أظن أنني الوحيدة التي تدرك كنه هذه الخصوصية. وإن حاولت وصفها أرى أنّها كعلاقة الحب الأول، كشغف المراهق بكائن يلقاه تحت ضوء القمر، كالهروب من  عاشقٍ مهووس والوقوع في قبضته في آنٍ واحد. هي العلاقة المحرّمة المباحة! إن جاهرت بها، في زمن الورقة الخضراء، قد تُتهم بالجنون أو أقلّه بالخبل! وهي كعلاقة الأم بطفلها المعوّق تعقد النذور من أجله في السرّ والعلن.

أزور مكتبتي مرّة كلّ
أزور مكتبتي مرةً كلّ مرة!! وأقول، إن جاز لي، إنّها تزورني  كلّما جرفتني تفاصيل الأيام بعيداً. فهي قد تطاردني حتى جوف النعاس وتباغتني أينما تنقلت في المنزل، حيث تحتل في كلّ غرفة من غرفه موقعًا لها. كنت وما زلت أخشى وأكره المكتبات المطوقة في مكان واحد، والمتعالية على أكتاف الفضاء كجثة وحشٍ هائل. كتبي رفاق الصمت والكلام، جزر الأمان حين تضنيني السباحة في تفاصيل الأيام. 

أنواع الكتب المفضلّة لديّ
كلّ الأنواع يمكن أن تكون المفضّلة لديّ وفق أسلوب النص وما يطرح من مفاهيم. فكر النص وكيفية طرحه هما كالكيمياء الخفية التي تجذب الروح وتستفز الحدس لتنطلق ذائقتي بانسيابٍ عميق وتفكّر حرّ وتلقٍّ رحب يحاكي سلاسة النص، عمقه وجديته. هذا هو المنطلق الذي قد أحدد من خلاله تفضيلي كتاب عن سواه. وأؤكد، في ما يعنيني وقد يعني سواي، أن خياري في القراءات يتم وفق ما يلائم حاجتي الروحية والمعرفية أحياناً، وفي حالات أخرى تدفعني تلقائية مزاجي باتجاه قراءة غير مقررة سلفاً.

كتاب أُعيد قراءته
كتاب الشاعر الفرنسي لوي أراغون "عينا إلسا"! ولن أبرّر هذه العودة المستمرة ولن أفلسف أسبابها.

كتاب لا أعيره
قد يكون ديواني هو الكتاب الذي لا أعيره بل أهديه. أهديه كبطاقةِ تعارف وعربون تواصل وتحية الروح في هذا العالم الذي بات يصافح بعضه البعض بأكفٍ من شمع. غير أنني أهدي أحداً ما كتاباً حين أدرك مدى علاقته بالكتب واهتمامه بالقراءة. فلا كتاب محدداً في هذه الحال بل أختار الكتاب الذي أعتقد أنه قد يسعد هذا الشخص أو ذاك. أما بالنسبة إلى مسألة إعارة الكتب أجدني لا أتوقف عند الكتاب الذي "لا أعيره" بل الشخص الذي قد أعيره كتاباً!

كاتب قرأته أكثر من غيره
عديدون هم الذين قد أقرأهم أكثر من مرة. وإن حاولت التوقف لدى اسمٍ ما يباغتني اسم كاتبة أو كاتب آخر. لذا أختار وفق ما ياتي في البال تلقائيًا. القرآن الكريم، الإنجيل المقدس، ديوان المتنبي، ديوان مجنون ليلى، نجيب محفوظ، ميلان كونديرا، كافكا، غادة السمان، سيلفيا بلاث، آرثر رامبو، فروغ فرخزاد، جلال الدين الرومي وغيرهم.

آخر كتاب ضممته إلى مكتبتي
لا أذكر آخر كتاب ضممته إلى مكتبتي. فآخر كتاب هو الأول دائمًا بالنسبة لي! إذ ما إن أضمه بين يدي أبدأ بالتفكير في الكتاب التالي. وإن كان لا بدّ من الإجابة أقول ربما كان كتاب "العشق والكتابة" للباحثة والكاتبة التونسية رجاء بن سلامة. وآخر ما تعرفت إليه كان بعض قصائد الشاعر الصيني ليو كزايوبو. وآخر رواية قرأتها لأكتشف أنها من النصوص التي استطاعت أن تقرأني كانت رواية "حيوات أخرى" للروائية اللبنانية إيمان حميدان.

كتاب أنصح بقراءته
أنصح بالقراءة عامةً وأدع انتقاء الكتب للقارئ. القراءة فعلٌ ملكُ فاعله وانتقاء ما نقرأ إحدى سمات الهوية وبصمة دالّة على صاحبها. وطبعي لا يحب النصح بل الاقتراح! وأقترح أن نقرأ ما يمكن أن يقودنا إلى قراءة ذواتنا.

كتاب لا أنساه أبداً
إنه الكتاب الذي وجدته على الطريق في يومٍ ماطر! كنت حينها على أعتاب المراهقة أحاول الانتقال من رصيفٍ إلى آخر مقابل عندما لمحت كتاباً مبلّلاً مرمياً على إسفلت الطريق. أخذت الكتاب ذا الغلاف الأزرق وهو يُطوى كالعجين بين يدي، جففتُ بلل أوراقه وقرأته. كان كتاب الروائية السورية كوليت خوري "ليلة واحدة"! أما باقي ما قرأت، فأنا أقرأه لأنساه وأعيد قراءة ذاتي!

بين المكتبة والإنترنت أختار
رغم أهمية الإنترنت وسهولة اللجوء إلى القراءة الرقمية أجدني أنتمي للورق والخشب وملمس التراب ورائحة الحبر التي تعنيني كرائحة البحر. لا يمكن لشغف القراءة أن يدوم دون رومانسية حاضنة. وهذا لا ينفي أهمية الإنترنت في تدعيم المعرفة وانتقالها بيسر وسهولة. لذا أختار المكتبة وفوضاها وملازمتها لي كأصوات أطفال ما زالت ضحكاتهم تُلازم الذاكرة، والحنين إليهم يعيدني دائماً إلى حضن كتاب!