نايف بن عبد العزيز في ذمة الله...
المخدرات, الأمير نايف بن عبد العزيز, العائلة, جائزة الشيخ زايد للكتاب, شهيد / شهداء, فساد
02 يوليو 2012
أُسر الشهداء تفف وقفة حزن...
تكفكف دموعها، وتحاول أن تبدو قوية، كما أوصاها الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز رحمه الله، زوجة الشهيد عبد العزيز إبراهيم الذي استشهد في مدينة الخبر قبل نحو سبعة أعوام، أثناء تأديته واجب الدفاع عن الوطن ضد «الفئة الضالة»، فلم تجد منفذا لتخفي دموعها، و الحسرة ومرارة الألم تعتصرانها، وترى أن الدنيا «أظلمت وأطفأت أنوارها، برحيل نايف الخير والعز، والأمان.
فقدت زوجي، والآن فقدت أباً حانياً لأبنائي، رعاهم وسهر على مطالبهم، فكان يجوب منازلنا ليلا، ويتلمس حاجاتنا، وعندما يعلم أن في المنطقة بيت أسرة شهيد يطرق الباب، ويكفكف دموعنا، فننسى مرارة الألم وتلتئم جروحنا».
لم تعلم من أين تبدأ زوجة الشهيد، أم سارة التي تنظر إلى بناتها الثلاث، وتهامسهن: «افتقدنا الأب ودعونا الله أن يعوضنا، وعوضنا في بطل أمة ورجل قاهر للأعداء، نايف بن عبد العزيز، فعندما سمعت خبر وفاته، نظرت إلى بناتي ولم ادرِ ماذا أقول؟ انتابتني موجة بكاء عارمة، وبدأت ألملم جروحي، واستعيد ذكريات مضت، عندما تلقيت خبر وفاة زوجي الذي ترك لي ثلاث يتيمات، لم يشعرن للحظة بان اليتم يتسلل إلى قلوبهن، فكان يأتي ويتحدث معنا ويحتسي القهوة، ويجلس وكأنه فرد من أفراد الأسرة».
تختم أم سارة بالقول: «لم تنفع الحروف الأبجدية، فلا كلام يفي ولا أبجدية قادرة على اختصار الأب الفقيد، وفجعة الرحيل».
«لها» تنقلت بين اسر الشهداء في شرق الممكلة الذي شهد أحداثاً قبل أعوام عدة، ومواجهات ما بين رجال الأمن والفئة الضالة التي حاولت أن تنهش في جسد المجتمع، وتفتعل لتخرب وتدمر.
الأسر التي يعتصرها الألم، لم تجد متنفسا ولا ملاذا آمنا بعد رحيل نايف أميراً، وأباً، وأخاً، بحسب أم الشهيد نايف. فلقد نسجت خيوط الحزن والألم منذ سبعة أعوام برحيل ابنها نايف، إلا أنها اليوم وبمجرد سماع خبر وفاة رجل مقدام، وأسد كسر شوكة الأعداء، تعود لتغزل الحزن مرة أخرى في قلبها، «تضاعفت الحسرة، وثقل القلب من الهموم»، تتسلم دفة الحديث مرة أخرى، ودموعها تنهمر: «استشهد نايف ولدي الوحيد، قبل سبعة أعوام، بكيت إلى أن فقدت بصري، فلم أر بعيني إلا صورة ولدي، فهو قطعة من قلبي وسندي، وكل حياتي.
كنت آنذاك قد دخلت في حال نفسية عصيبة، وأوضاعنا مزرية، جاء من بعيد رجل يحمل الخير والحنان ليلقي به على منزلنا الذي خيم عليه العز منذ لحظة دخوله علينا.
رجل اسمه نايف بن عبد العزيز، هامسني وتحدث إلي ووعدني بأن الحق سيعود إلى أصحابه، ولن تبقى فرقة نايف حسرة في قلبك. وأذكر آنذاك انه أطال في الحديث مع أفراد العائلة، وحقق طلباتنا وقدم لنا العزاء بخيوط من الحنان وبوشاح يكتسيه العز بأن ولدي نايف استشهد دفاعا عن أرض مقدسة، يشهد لها التاريخ.
كلماته كانت مؤثرة، ولها صدى في مسمعي وحتى قلبي، شعرت حينها بالسكون، وان هناك من سينال حق نايف الذي استشهد غدراً على أيدي أعداء الوطن».
تعددت الأسباب والموت واحد، فحكاية الشهيد البطل، إبراهيم الدوسري، تختلف اختلافا كليا عن حكاية نايف، ولاسيما ان إبراهيم الدوسري رحمه الله، كان يقوم بواجب الدفاع عن الوطن في ملاحقة هاربين من قبضة الأمن.
تقول زوجته: «إبراهيم توفي قبل 3 أعوام أثناء قيامه بمهمة أمنية بملاحقة متهمين في تجارة المخدرات. جاء ليزورنا أحد أبناء الأمير نايف وحمل معه رسالة من الأمير رحمه الله، يقدم فيها العزاء، ويواسي أفراد العائلة، ويوصينا بالصبر والسلوان.
وتضمنت الرسالة آنذاك أن الوطن حريص على أبنائه الأحرار الذين يلاحقون الأعداء، ومن يحاولون العبث بأمن البلاد.
وطلب مني ومن أهل زوجي أن ندون له ما يدور في خاطرنا من مطلب لتحقيقها.
تكفل بتعليم أبنائي، والإنفاق عليهم، وقدم لنا كل ما نحتاجه، والأهم من ذلك كله متابعة أحوالنا، ومواساتنا حيث وقف جنبا إلى جنب معنا في مصابنا الجلل، ولم يتركنا للحظة، ما خفف الحزن وضمد الجراح».
احد أبناء الشهيد، فايز العلوي، ينقل حزنه على رحيل الأمير نايف بن عبد العزيز قائلا: «ألحقني في معهده المتخصص في الدراسات والبحوث الاستشارية، وحصلت على دورات أهلتني للحصول على فرصة وظيفية ذات مستوى عال.
فعندما توفي والدي، لم أجد أحدا اتكئ عليه إلا وفاء أمير أخذ على عاتقه خدمة أبناء بلده، فلم أرَ به إلا كل تقدير واحترام لجميع منسوبي وزارته، فعاملهم معاملة الأب لأبنائه».
الأمير نايف هو من وفر الأمن والأمان، فهو القاهر ومجفف منابع الإرهاب، «وأنا أسعى حاليا إلى نيل لقب كان دوما يلقبني به، وهو البطل. فكان يقول لي والدك استشهد وهو يدافع عن أرضه ووطنه، لكي يحمي وطن لنا جميعا، وأنت كن بطلا على شاكلته».
ترثي اسر الشهداء، حالها وتقف تودع الأمير نايف بن عبد العزيز تنتابها حالة من الحسرة والقهر، ويعتصرها الألم، حيث يبكي طفل يطل من شرفة منزله، ويردد «أبوي مات والأمير نايف مات».
«لها» تدخل منزله، وتتحدث معه، ليعبر عما يجول في خاطره قائلا: «الإرهابيون قتلوا أبي، والأمير نايف خفف عنا مصابنا، ووعدنا بأن لاينسانا أبدا، والحين توفي».
والد الطفل باسم، قضى أثناء قيامه بملاحقة متسللين في جنوب الممكلة، حيث كانت آنذاك مواجهات ما بين رجال الأمن السعوديين وجماعات حاولت التسلل إلى المنطقة الجنوبية، بهدف التخريب وإشاعة الفساد.
إلا أن حنكة الأمير نايف وإدارته للشؤون الداخلية قطعتا عليهم الطريق. يقول الطفل باسم: «يا رب ترحم الأمير نايف، رأف بحالنا ووفر لنا كل شيء، كل شيء».
الدمام- رحمة ذياب
«قاهر الإرهاب»، هكذا كان اللقب الذي طالما اقترن باسم ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود الذي غيبه الموت قبل أيام.
إلا أنه كان أيضا مهتما بشؤون المرأة السعودية، فهو أول من أمر بتحقيق أهم وأبرز مطالبها بوجود هوية وطنية لها، ليتحقق مطلبها عام 1422هـ على الرغم من المعارضة التي واجهت هذا المطلب، إيمانا منه بحقها المطلق في أن تكون مواطنة كاملة الأهلية كما هو الرجل السعودي.
وللمصادفة العجيبة وقبيل وفاته بسويعات قليلة، أُعلن في مؤتمر صحافي إطلاق «صندوق سلطان بن عبد العزيز « جائزة الأمير نايف للمرأة» بعد أن أبدى موافقته على هذه الجائزة التي ستمنح للمرأة السعودية في الاقتصاد، الاجتماع، الطب، الإعلام، والتعليم.
«لها» التقت عددا من المثقفين والكتاب وسيدات المجتمع ليتحدثوا عن الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله.
أطلقنا خبر الجائزة قبل إعلان وفاته بوقت قصير جدا
هناء الزهير نائب الأمين العام لصندوق 'سلطان بن عبد العزيز ' فجعت بوفاة ولي العهد علما أنها قبل مدة قليلة جدا كانت في زيارة لسموه للحصول على موافقة منه على رعاية «ملتقى المرأة السعودية المتميزة».
قالت:» كنا في يوم الوفاة قد أطلقنا المبادرة للمؤتمر الصحافي، وقد كنا قد تلقينا موافقة من سموه رحمه الله على رعاية لملتقى للمرأة السعودية المتميزة»، إضافة إلى إطلاق « جائزة الأمير نايف للمرأة المتميزة «.
والجائزة ستكون لمن يحققن تميزا ملحوظا في خمسة مجالات هي الطب، الإعلام، التعليم، الاجتماع، والاقتصاد».
ولفتت إلى أن لجنة شكلت للإشراف على اختيار السيدات المتميزات للحصول على الجائزة في المجالات السالفة الذكر، إضافة إلى وجود جهة محايدة ستتولى أيضا ناحية إشرافية من حيث وضع المعايير والشروط للحصول على الجائزة السنوية.
وأضافت: «لا يوجد من اهتم وكرم المرأة السعودية كما هو الأمير نايف رحمه الله، والجائزة أكبر دليل على ذلك.
وقد حظيت بمقابلته في وقت سابق حين قررنا إطلاق الجائزة، وقد كان لدينا عدة مجالات للنقاش في دور المرأة في دفع عجلة التنمية، والاقتصاد السعودي، وقد كان مستمعا من الدرجة الأولى، وتناقش معي في حقها الطبيعي في العمل، والتعليم، وخلافه».
ولي العهد حمّلنا مسؤولية أمن الدولة قبل وفاته
« المصاب كبير وتعجز الكلمات عن التعبير». هكذا كانت كلمات سيدة الأعمال غادة غزاوي التي قالت: «لا استطيع التعبير، فقد فجعت بوفاته رحمه الله، إلا أنه واقع على كل مسلم، ونحن نؤمن بقضاء الله وقدره.
وقد حملنا ولي العهد أمانة قبل وفاته، لأنه جعلنا جميعا أفراد الشعب السعودي نايف بن عبد العزيز في المحافظة على أمن الوطن، والسير على خطاه في المحافظة على وطننا الغالي السعودية».
كان له جهود كبيرة في قضايا معتقلي غوانتاناموا
عضو مجلس الشورى الدكتور مشعل العلي قال في ولي العهد نايف بن عبد العزيز: «لقد ترجل هذا الفارس رحمه الله. نايف الأمان، نايف الخير، نايف البركة، أسكنه الله فسيح جناته.
وندعو الله أن يشد أزر خادم الحرمين الشريفين، واخوانه، والأسرة المالكة، والشعب السعودي، وأن يجبر عزاءنا وعزاء الأمة السعودية والإسلامية».
وأكد أن ولي العهد نايف بن عبد العزيز كان رمزا للأمن والاستقرار، وركنا ركينا في جانب هذه الدولة، منذ تسلمه ملف وزارة الداخلية قبل أربعين سنة. «رحم الله نايف، وأسكنه فسيح جناته.
حيث أنه آمن روع الخائفين بعد الله جل وعلا. وحرص على مناصحة المارقين، واجتهد في محاربة المخدرات، والمهربين، والمروجين حتى أصبحت السعودية نموذجا للعالم في مناصحة أهل الانحراف الفكري».
وأضاف:» لقد خاض حرباً ضروسا ضد الإرهاب فنجح باقتدار، وخاض حرباً ضد المخدرات بالضربات الإستباقية وكان لها الأثر البالغ في تحجيم هذا البلاء الذي دهم بيوتنا. لقد حاور الإنسان كإنسان، فطالما ساعد وأعان أخا وأبا وأختا لمسجون، وطالما هيأ السبل المناسبة والمريحة لأهل المساجين». ونوّه بجهوده في قضايا المعتقلين في غوانتاناموا. وكان بفضل جهوده أفرج عن عدد كبير جدا منهم.
امتلك نظرة دقيقة بحكم الخبرة الواسعة
من جانبه تحدث المصمم العالمي يحي البشري عن علاقته بولي العهد السعودي رحمه الله الأمير نايف بن عبد العزيز من خلال معرفته به، ولقاءاته قائلا:» لا أقول سوى رحمة الله عليه، فبحكم أنه كان لدي تعامل معه، حيث أني صممت الكثير لعائلته وأولاده، كانت لدي عدد من اللقاءات مع سموه.
وكان دائما ما يشدد علي أن أحافظ على خطي الوطني والإسلامي في تصاميمي، وهذه كانت دائما نصيحته لي».
أضاف:» لقد كان رجل دولة بكل معنى الكلمة في كثير من المجالات الأمنية، الاقتصادية، الإعلامية، فقد كانت لديه لمسات في كل جانب، ومن الصعب الحديث عن تاريخ بحق، وبالفعل كانت علاقتي به علاقة أب بولده».
وأشار البشري إلى أن ولي العهد صاحب نظرة دقيقة، وكان يعطي ملاحظاته في أدق التفاصيل:» أذكر أنه وعلى سبيل المثال عندما كلفت أن أصمم لباس الأمن العام، وكنا قد أخذنا مدة طويلة في التصميم المناسب واختيار الألوان وغيرها، عرض الزي على سموه فأبدى ملاحظات كانت غائبة تماما عنا سواء أنا كمصمم، أو حتى عن الأمير محمد بن نايف.
فقد كان دقيق الملاحظة ووجهنا إلى تقنيات معينة في الزي ولمسات كانت غائبة تماما عنا، وهو في جلسة واحدة وللدقائق معدودة حدد بالضبط التعديلات اللازمة».
ورأى أنه كان يمتلك نظرة شاملة ودقيقة بحكم الخبرة التي امتلكها على مر سنوات عمله في الداخلية.
أمن الحجيج كان هاجسه الأول
«حارب الإرهاب الفكر بالفكر، والقوة بالقوة». هكذا كانت كلمات الإعلامي جمال بنون في الراحل ولي العهد الأمير نايف بن عبد العزيز قائلا:»التطرف الفكري والتصدي له من قبل وزارة الداخلية عنوان عريض يميز الأمير نايف رحمه الله، فقد نجحت خططه في التعامل مع المؤرقين لأمن الدولة لتكون السعودية الأكثر أمانا بفضل من الله أولاً ومن ثم بجهوده رحمه الله».
ولقت إلى أنه ومن خلال عمله الإعلامي، وحضور أكثر من خمسة عشر مؤتمرا صحافيا للأمير نايف في فترة الحج، وجد أن أمن الحجيج هو هاجسه الأول، فقد كانت له جولة سنوية ( 4 ذي الحجة) كانت هاجسا لديه، واضعاً خدمة ضيوف الرحمن في المقام الأول.
وقد كانت هناك محاولات عدة لإفشال موسم الحج، إلا أن كل من أراد ذلك لم يحصد إلا الفشل. وأضاف: «خطة الحج الأمنية حاليا نموذج يحتذى به في كل دول العالم، ولا ننسى تطويره لجسر الجمرات الذي كان نقطة خوف كل حاج بسبب الاختناقات المتكررة التي تعرض لها الحجيج، ونسب الوفيات التي كانت تحدث بسببه. حاليا جسر الجمرات من أيسر نقاط الحج بعد تطويره».