صنيع هولاكو لماذا لا نسترجع الكتب من النهر؟

القاهرة – طارق الطاهر 30 سبتمبر 2018
فكرة سيطرت على ذهن مؤلف هذا الكتاب، وهي أن يعيد تقديم مجموعة من الكتب التي اندثرت، وتم قذفها في نهر دجلة، فالكاتب العراقي عقيل عبدالحسين، أراد أن يقدم قراءات في السرد العربي القديم، مستوحاة من الكتب التي أغرقت.

يحمل الكتاب عنوان «صنيع هولاكو.. قراءات في السرد العربي القديم»؛ الصادر عن هيئة الكتاب، وتحت عنوان «فائدة هولاكو»، يبين المؤلف مقصده من الكتاب بقوله: «تبدو غامضة الفوائد التي تحققها المدن من خرابها على أيدي المحتلين، هذا إن كانت ثمة فوائد!، ودعوني أرجع إلى حادثة استثنائية تقع لمدينة بغداد، وأعني بها حادثة رمي كتبها في دجلة، وتحول لون النهر إلى الأحمر، ولم أعرف أول الأمر العلاقة بين اللون الأحمر والكتب، وكنت كشاهد افتراضي يسكن بغداد أيام غزو هولاكو المدينة؛ واستباحة عمرانها وأموالها وأناسها وكتبها، لا أستطيع فهم سر اللون الأحمر، ولطالما تخيلته بفعل الجثث التي كانت مقطوعة الرأس في النهر، وكان الأمر يملأ أهل بغداد رعباً من الموت، رعباً يفوق الرعب الذي يسكنهم الآن– في الأعوام بعد 2003– بفعل حوادث مشابهة، ويزيدهم في الوقت نفسه اطمئناناً على الكتب، فما زالت سليمة حيث ألقيت في النهر، وبينما هم يفكرون في مصير الكتب وسر اللون الأحمر، لا الأسود لون حبر الكتب، لمعت في ذهن أحد المثقفين الكبار، وربما الوراقين، فكرة جعلته يصيح: «لماذا لا نسترجع الكتب من النهر؟ لن يحاسبنا أحد من الجنود على ذلك، إنها في حكم التالفة عندهم. سيظنون أننا نريدها لأمر ما غير إنقاذها من التلف والزوال، وغير الإفادة منها في إعادة الحياة إلى الثقافة العراقية والعربية، سيظنون أننا نريد أن ندفنها كما نفعل بجثث معارفنا، سيتلذذون بعذاباتنا، كما يفعل الغزاة»، وبعد فترة صمت لم يتلق فيها أي تعليق من السادة الحاضرين المطرقين المهمومين، أضاف صاحبي الوراق: «على كل حال، نحن سنتسلل إلى النهر، وإلى الكتب المغرقة فيه، خفية دفعاً لأي خطر محتمل».

وبالفعل غاص المؤلف عقيل عبدالحسين في نهر دجلة ليرجع لنا بفصول هذا الكتاب، ومنها: «سيرة متخيلة للكتابة النثرية»، «تدبير الوراقين»، «تمثيل الصمت»، «التخطيط للقارئ»، «دفاع عن القبح»، «اختلاق الناقد»، «القاتل النظيف».