إذا كان طفلك مصاباً بالسرطان... إليك الطرق الصحيحة للتعامل معه

كارين اليان ضاهر 04 نوفمبر 2018

مرحلة المرض تبدو في غاية الصعوبة على المرء أياً كانت المرحلة العمرية التي هو فيها، فكيف بالأحرى إذا كان الطفل هو المعني بذلك، خصوصاً أن كل ما قد يصيبه يثير هواجس الأهل، سواء كان خطراً أو مشكلة صحية بسيطة تعرّض لها. أما إصابة الطفل بالسرطان فتبدو أشبه بكارثة تصيب العائلة كلها فيما يقلب حياة كل أفرادها رأساً على عقب فتعيش مرحلة في غاية الصعوبة مع ما لها من عواقب على حياة الطفل وصحته النفسية، إضافة إلى تأثيراتها الجسدية. مما لا شك فيه أن حياة الطفل بكل جوانبها تتغير في هذه الفترة التي يصاب فيها بالمرض ويحتاج عندها إلى إحاطة كاملة ليتخطّاها بشكل أفضل. الاختصاصية في المعالَجة النفسية سينتيا باخوس تتحدث هنا عن كل التغييرات التي تطاول حياة الطفل وطرق التعاطي معها بأفضل ما يكون للحد من الأضرار النفسية والاجتماعية عليه بدءاً من لحظة تشخيص المرض لديه.


- كيف يمكن نقل خبر إصابة الطفل بالسرطان إليه بشكل يسمح بالحد من آثار وقع الصدمة عليه؟

مما لا شك فيه أن تلقّي الأهل خبر إصابة طفلهم بالسرطان ليس سهلاً عليهم. وتزيد الصعوبة عند نقل الخبر إلى الطفل الذي يبدو أكثر حساسية، ومن الطبيعي أن نخشى وقع الصدمة عليه. من هنا لا بد من نقل الخبر بالطريقة الصحيحة التي تسمح بالحد من الآثار النفسية عليه قدر الإمكان. أما الطريقة الفضلى لفعل ذلك فتقضي بأن يخبر الطبيب الطفل بإصابته بوجود أهله إلى جانبه أو العكس. إذ يعرف الطبيب كيف ينقل الخبر مستخدماً التعابير الصحيحة، أما الأهل فوجودهم أساسي لأسباب معنوية وعاطفية.

- إلى أي مدى يمكن أن يشكل تشخيص المرض لدى الطفل صدمة له؟

قد يبدو ذلك غريباً، لكن في الواقع، في حالات معينة، يمكن أن يرتاح الأهل لدى تشخيص المرض، خصوصاً في حال مرورهم بمرحلة من القلق وعدم الاطمئنان والضياع قبلها لوجود أعراض معينة لدى طفلهم لا تفسير لها كالألم الدائم مثلاً فيأتي التشخيص ليضع حداً للتقويم الخاطئ.

- هل يمكن الأهل عدم إخبار الطفل بالتفاصيل المتعلقة بمرضه لتجنب الأذى الذي يمكن أن ينتج من ذلك؟

بالنسبة إلى الطفل، لا بد من التوضيح أن الطفل يحتاج إلى معرفة كل ما يخصه، سواء كان ذلك سيؤذيه نفسياً أو لا. وفي كل الحالات، على الرغم من جهود الأهل أحياناً لإخفاء هذا النوع من الوقائع عن الطفل والتقليل من أهميتها، يعي الطفل خطورة الحالة التي يمر بها. وفي هذه الحال، تبدو النتيجة معاكسة، فبدلاً من أن يحموه من الضرر الناتج من تلقيه الخبر بإخفائه عنه، يسبب له ذلك المزيد من الأذى والضرر فتهتز ثقته في نفسه ويشعر بالمزيد من القلق على صحته، لأن التساؤلات تكثر لديه حول حقيقة وضعه. إضافة إلى ذلك، يشعر الطفل عندها بانعدام الثقة بمن يخبره عن وضعه بطريقة مبهمة أو غير صحيحة.

- هل من تعابير معينة يُنصح باستعمالها لنقل الخبر إليه؟

عند نقل خبر تشخيص المرض إلى الطفل، من المهم تسليط الضوء على تعابير معينة وتوضيح التفاصيل المتعلقة بما سيعيشه في المرحلة المقبلة كجلسات العلاج والتغيير الذي سيطرأ على حياته وشكله، على أن يخبره الأهل والطبيب بهذه التفاصيل بطريقة تتناسب مع سنّه. لكن يبقى الشرط الأساس عدم الكذب على الطفل وإخفاء الحقيقة عنه حتى لا تنقطع سبل التواصل معه ويطرح المزيد من الأسئلة التي تشغل باله. يجب نقل هذا الخبر إلى الطفل تدريجاً، على أن تتم المتابعة وفقاً للإيقاع الخاص به وبحسب سنّه، وانتظار الأسئلة التي يمكن أن يطرحها فيما يُترك له الوقت الكافي ليعي التفاصيل التي تُكشف له.

- ما الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها الأهل في هذه المرحلة في تعاملهم مع طفلهم؟

في هذه المرحلة، من الطبيعي أن يقع الأهل في أخطاء معينة في تعاملهم مع طفلهم نتيجة قلقهم الزائد عليه وخوفهم وانزعاجهم من ألمه ومن التغييرات التي طرأت على حياته كطفل. لكن في ظل سعيهم إلى التعويض عليه، يقعون في أخطاء عدة تكون لها نتيجة معاكسة. ومن أبرز هذه الأخطاء التي يمكن أن يقعوا فيها، السعي إلى تحقيق رغبات الطفل كافة بهدف إرضائه إلى درجة أن يصبح الطفل مدللاً بشكل مفرط ويتحول الأهل إلى أدوات لتحقيق كل طلباته من دون إمكان الرفض حتى تصبح حاجاتهم في مراتب لاحقة. من هنا أهمية التشديد على الحفاظ على سلطة الأهل ودورهم كـ”أهل” تجنّباً للوصول إلى هذه المرحلة التي يفقدون فيها أي سلطة على الطفل المريض. ثمة حدود يجب عدم تخطّيها هنا.

- لكن الطفل يمر  أحياناً بفترات من الألم الشديد بحيث قد يشعر الأهل برغبة شديدة بتقديم كل ما يلزم للحد من ألمه، ما الحل عندها؟

يمكن التهاون في هذه الفترات فقط حيث إنه في الأوقات التي يشعر فيها الطفل بالألم يمكن أن يقدّم له أهله كل ما يلزم للتخفيف عنه والحد من وجعه في وقت أسرع. لكن في كل الحالات، من المهم الحرص على الحفاظ على شخصية الطفل والقيم الأساسية التي تمت تربيته عليها وحسن تعاطيه مع الآخرين حتى لا تتحول شخصيته، بسبب مرضه، إلى إعاقة في حياته. في هذه المرحلة غالباً ما يقدم الأهل للطفل كل ما يرغب به حتى في ما يتعلق بأمور كانت ممنوعة سابقاً، مما يؤدي إلى مشاكل عدة في المستقبل قد يكون من الصعب الرجوع عنها. تُضاف إلى ذلك المشاكل التي يمكن أن يواجهها الأهل مع أطفالهم الباقين الذين يشعرون عندها بالتمييز. يجب على الأهل الحرص على مساعدة الطفل لينمو ويحظى بحياة جميلة في مرحلة العلاج وبعدها. وعلى الأهل ألا ينسوا أنه حتى في هذه المرحلة التي يمر بها الطفل، يحتاج إلى الثبات في حياته والهدوء، ويجب ألا تعم الفوضى في حياته بسبب هذه الظروف التي يمر بها.

- أي مشكلة إضافية يمكن أن تواجه الطفل والأهل في هذه المرحلة؟

من المهم أن يركز الأهل على تعليم الطفل في هذه المرحلة. إذ لا يُخفى على أحد أنه يمكن أن تتأثر القدرات التعليمية للطفل في هذه المرحلة، ولا بد من الحرص عليها للحد من الأضرار، لا على تعليمه فحسب، إنما على صحته النفسية والاجتماعية أيضاً. يمكن أن يحرص الأهل، بمساعدة المدرسة على المساهمة في متابعة الطفل دراسته بطريقة استثنائية في المستشفى أو في البيت حتى لا يشعر بالعزلة. أياً كانت المشكلات التي يمكن مواجهتها، من المهم المشاركة في حلقات حوار مع أشخاص مرّوا بالتجارب نفسها.

- من الطبيعي أن يضطر الأهل إلى الحد من تلاقي الطفل مع أصدقائه في هذه المرحلة بسبب ضعف مناعته، كيف يمكن الحد من الآثار السلبية لذلك؟

على الرغم من ذلك، يجب الحرص على تواصل الطفل مع أصدقائه، سواء من خلال الزيارات عندما يكون ذلك ممكناً، أو عبر المكالمات الهاتفية ليتمكن من الانخراط من جديد في المجتمع عند الانتهاء من مرحلة العلاج.

- هل من خطوات عملية معينة يمكن أن يتبعها الأهل للحد من الأضرار التي قد تطاول شخصية الطفل وحالته النفسية؟

أهم ما يمكن التركيز عليه هو سعي الأهل إلى تشجيع الطفل على الاستقلالية حتى في هذه المرحلة الصعبة بدلاً من أن يصبح اتكالياً لكثرة الرعاية التي تقدّم له والدلال المفرط. ففي هذه الحالة، يمكن تشجيع الطفل على الاتكال على نفسه والقيام بتلك المهمات البسيطة الروتينية بنفسه في الأوقات التي يشعر فيها بتحسن كتنظيف أسنانه وارتداء ملابسه بمفرده وترتيب ألعابه. حتى يمكن أن يشركه أهله بالأمور المتعلقة بعلاجه وبحالته الصحية كأن يقيس حرارته. كل هذه التفاصيل تُشعره بتحسن، لا من الناحية النفسية فحسب، إنما من الناحية الجسدية أيضاً فيحرّك نفسه. يمكن تشجيعه أيضاً على ممارسة بعض تمارين المط ليحرك جسمه وعضلاته.

- يميل بعض الأطفال إلى الانزواء في هذه الحالة، كيف يمكن التعامل معهم؟

من المهم تشجيع الطفل المصاب بالسرطان على التعبير عن مشاعره، سواء كان يشعر بالغضب أو الحزن أو غيرهما. وقد يكون من الممكن تحقيق ذلك بالتواصل الدائم، ولكن أيضاً من خلال الفن كالموسيقى والرسم أو الكتابة حتى. يمكن أيضاً تشجيعه على القيام بالأنشطة الجسدية بحسب إمكاناته. كما يساعد ذلك على تنمية قدراته وتعزيز ثقته بنفسه.