النجم السوري مكسيم خليل: أدعم زوجتي في خطواتها الفنية لأنها تستحق الدعم

القاهرة – نورهان طلعت 04 نوفمبر 2018
خرج الفنان السوري مكسيم خليل أخيراً عن صمته ليتحدّث في حوار مطوّل مع “لها” عن مسلسله الجديد “كوما”، والتحدّي الخاص الذي خاضه في هذا العمل بتجسيده شخصيتَي توأم، والرسالة التي يقدمها من خلال هذا العمل للجمهور، كما يكشف عن مشاركته في مسلسل عالمي، وحلمه في الوصول الى العالمية، كما تكلم عن فعاليات الدورة الأخيرة من مهرجان فينيسيا، ودعمه لفيلم زوجته سوسن أرشيد.


- ما الذي جذبك في سيناريو “كوما” لتوافق على القيام ببطولته؟

ثمة أمران جذباني الى هذا العمل، الأول هو حبي للأعمال الواقعية التي تتحدث عن هموم الإنسان ومشاكله، وتلامس قلوب الجمهور، فأنا بطبعي أحب أن أكون قريباً من الناس، وأقدم لهم أعمالاً تحاكي واقعهم، أما الأمر الثاني فهو تجسيدي للمرة الأولى شخصيتي توأم، وهذا دور جديد عليّ ولم أقدّمه من قبل، لذا قررت خوض هذه التجربة من دون تردد.

- تقدّم في العمل شخصيتين مختلفتين تماماً، كيف تمكنت من ذلك؟

قدمت شخصيتي التوأم من منظور مختلف عما هو متعارف عليه في الدراما، فدائماً ما نركّز في هذه النوعية من الأدوار على أوجه الشبه أو الاختلاف بين الشخصيات، إلا أنني في “كوما” سرت في اتجاه معاكس لهذه النقطة، وأكدت أن ليس هناك خير مطلق أو شر مطلق، فالاختلاف بين شخصيتي التوأم في هذا العمل قائم على الاختلاف في الآراء وطريقة التفكير والتصرفات وردود الفعل، وصولاً الى الاختلاف في أدائهما وملامحهما.

- هل وجدت صعوبة في تجسيد هاتين الشخصيتين في الوقت نفسه؟

بالطبع، فالصعوبة بالنسبة إليّ كانت في تقديم شخصيتين تختلف الواحدة منهما عن الأخرى، سواء في الشكل أو المظهر الخارجي أو أسلوب الحديث أو النظرات... لكن هذه الصعوبة جعلتني أستمتع بهذا العمل الفني.

- إلى أي مدى يمثل هذا العمل تحدياً بالنسبة إليك؟

هو يمثل تحدياً كبيراً بالنسبة إليّ، لأن لهذه النوعية من الأعمال أهمية لدى المحطات التلفزيونية التي تعرضها على شاشاتها، وبالتأكيد نجاح “كوما” سينعكس إيجاباً عليّ إذ يضيف الى رصيدي الفني، هذا فضلاً عن أنني كنت أرغب في تقديم عمل درامي يعالج قضايا المجتمع، حتى في ظل الأوضاع السيئة التي تعانيها سورية بسبب الحرب.

- ما هي الرسالة التي يقدمها العمل للجمهور؟

يتضمن العمل رسالة مهمة، مفادها أننا لا نزال موجودين وكذلك الدراما، فالمسلسلات الواقعية التي تلامس مشاعر الناس وتصف أحوالهم ستبقى موجودة، وأنا أردت تسليط الضوء على مشاكلهم والتحدث بشكل منطقي عن همومهم من دون استثناء.

- من اختار “كوما” عنواناً للمسلسل، وهل أجمعتم عليه من البداية؟

لا، لم نستقر على هذا الاسم منذ البداية، بل وُلد تدريجاً بعد سلسلة تعديلات أُجريت على أحداث القصة، وبعد الانتهاء من التصوير، وجدناه العنوان الأنسب للعمل لأنه يرمز الى واقع المجتمع السوري الحالي، فكلنا نعيش اليوم حالة هي أشبه بالكوما، ولا أحد يعلم متى نستفيق منها. كنا نبحث عن عنوان يلخّص الأوضاع العامة في بلدي سورية، ولم نجد أفضل من “كوما” للتعبير عنها.

- عُرض لك أخيراً مسلسل “ليلة”، هل أنت راضٍ عن هذا العمل أم توقعت له أن يخرج بصورة أفضل؟

حين عُرض مسلسل “ليلة” لم أكن موجوداً في مصر، لكن ردود فعل المقرّبين مني ورسائل الجمهور، أكدت لي أن المسلسل حقق نجاحاً، وأحداثه أضفت أجواء من المرح. ويجب ألاّ ننسى أن المسلسل مؤلف من 45 حلقة، وعرض خارج موسم رمضان، كما أنه خالٍ من الأفكار المعقدة، ومع ذلك تناولت أحداثه شخصيات تعاني مشاكل بسبب تصرفات المحيطين بها، وقد أديت فيه دور ممثل مغمور وصل للتوّ من الخارج، فيتحدث عن كواليس الوسط الفني، والشخصية الأكثر صعوبةً، فهناك مشاهد في العمل أجسّدها كممثل، وأخرى أقدّمها بشخصيتي الحقيقية، وهي شخصية “نادر”، لكنني سُررت كثيراً بخوض هذه التجربة، وبتعاوني مع رانيا يوسف من خلالها.

- على أي أساس تختار أدوارك، وهل تتردد قبل الموافقة على أي عمل فني؟

أكثر ما يهمني عند اختيار أي دور أن أخوض من خلاله تحدياً جديداً يجعلني أستمتع في أثناء التصوير، فرغبتي الدائمة في تقديم الجديد والمختلف هي سبب تردّدي قبل الموافقة على المشاركة في أي عمل فني يُعرض عليّ، لذا أحرص على عدم تكرار أدواري لئلا يملّ الجمهور منها.

- ما هي شروطك للموافقة على عمل فني جديد؟

لا شروط محددة عندي، ولا أحب هذه الكلمة، لكنني أبحث عن مقومات العمل من إنتاج وإخراج وممثلين... والظروف المناسبة التي تساهم في إخراجه بشكل جيد للجمهور، وتدفعني خطوة الى الأمام.

- كثر من النقاد يؤكدون تراجع مستوى الدراما العربية بشكل عام، ما السبب في رأيك؟

تراجع مستوى الدراما العربية لا يتعلق بالمؤلف أو المخرج أو الممثل، إنما له أسباب عدة لعل أهمها عرض المسلسلات بناءً على رغبة المحطات التلفزيونية، وبالتالي انصياع المُنتج لطلب هذه المحطات نوعيةً محددةً من الأعمال الفنية، يتبعه الكاتب الذي يؤلف النصوص وفقاً للحالة العامة ومتطلبات السوق، وصولاً الى الإخراج والتمثيل. والفنان الذي يحرص على المشاركة في الدراما الرمضانية كل عام، تكون الخيارات أمامه محدودة، فيدخل في دوامة تكرار الأدوار، ولكن هذا في رأيي ليس تراجعاً، لأن تقنيات الإخراج والتصوير في تطور دائم، مما يبعد شبح الملل عن المشاهد.

- الحرب لا تزال مشتعلة في سورية، ومع ذلك هناك محاولات لإنتاج أعمال جيدة، فما رأيك بهذه المحاولات؟

مهما استعرت الحرب في أي بلد، يبقى الفن فيه مستمراً، وتستمر كذلك المحاولات الفنية، سواء دراما أو فناً تشكيلياً أو كتابة... لكن الإنجازات تتأثر بالحروب فيقلّ عددها، ولا بد من الصفاء الذهني ليكون هناك إبداع فني، إلا أن ثمة عوامل تؤدي الى تراجع مستوى الدراما السورية، مثل الحالة النفسية للناس، والمبدعين داخل سورية أو خارجها، ورفض الفضائيات الدراما التي تولد من هذه الحالة، لكن تبقى المشكلة في أننا لا نستطيع الخروج من الإطار الموجودين فيه، فهناك واقع نعيشه، والفن يتحدث عنه. وثمة أعمال مهمة تم إنتاجها، وفخور بالمشاركة في اثنين منها، وهما “غداً نلتقي” و”حلاوة الروح”، وكانا واقعيين وجيدين، وحتماً هذه الأعمال لا تصل الى حجم المشاكل التي يمكن أن نتحدث عنها، فظروف الحرب لا تسمح بتقديم فن كامل في الوقت الحالي.

- هل أصبحت البطولة الجماعية أنجح من البطولة الفردية؟

لطالما كانت البطولة المطلقة موجودة، لكنها تنجح في حالات فردية، مثلاً عندما نتحدث عن شخصية تاريخية أو بطل، لكن ليس بالضرورة أن تكون كل المسلسلات بطولات فردية، بل على العكس، ففي الواقع نجد أبطالاً كثيرين في حياتنا وليس بطلاً واحداً، ولكل منهم مشاكله وهمومه، والدراما الاجتماعية الشاملة هي الأقرب الى قلوب الناس، لأنهم يرون فيها خطوطاً درامية كثيرة تتشابه مع مسارات حياتهم.

- ماذا عن مشاركتك في المسلسل العالمي “Eden”؟

مشاركتي في هذا المسلسل تجربة مهمة بالنسبة إليّ كممثل، فهو عمل فني عالمي من إنتاج شركة RTA الفرنسية- الألمانية، وهي من أضخم شركات الإنتاج في العالم، وإخراج مخرج فرنسي- ألماني معروف، وقد أحدث هذا المسلسل نقلة نوعية في مسيرتي الفنية، خصوصاً أنه يتحدث عن أوضاع اللاجئين في العالم، لا أوضاع السوريين وحدهم، ويسلط الضوء على الثمن الذي دفعه هؤلاء، كما يسعى الى محاكمة أشخاص متنفّذين لا نعرف تاريخهم، وعملوا على تغيير ملامح المجتمع... وهذه رسالة مهمة رغبت في أن أقدّمها من خلال هذا العمل.

- هل يراودك حلم الوصول الى العالمية؟

بالتأكيد، وأتمنى الاستمرار في المشاركة في أعمال عالمية، وأبذل جهدي لتحقيق ذلك، فالعالمية حق مشروع لأي فنان.

- لكن لماذا لم نرَك بعدُ في السينما المصرية؟ ألم تعجبك الأعمال السينمائية المعروضة عليك؟

أرغب فعلاً في الظهور في عمل سينمائي مصري، لكنني أريد عملاً جيداً وممتعاً يفرح الجمهور ولا يحزنهم، وهذا ليس سهلاً، لأنني واثق من إمكاناتي وأسعى الى توظيفها بشكل يتقبّله الجمهور المصري. عُرض عليَّ أكثر من عمل، لكنها أعمال لا تصل الى مستوى طموحاتي الفنية، ولا تتيح لي الظهور الجيد في السينما المصرية، فأنا أرغب في الحصول على نص جيد، والعمل مع مخرج كبير، وممثلين جيدين، كي يحقق العمل الفني نجاحاً باهراً.

- كيف كانت أجواء مهرجان “فينيسيا” الذي حضرته أخيراً؟

أجواء المهرجان كانت أكثر من رائعة، وتدعو للتفاؤل، وسررت كثيراً بمشاركة زوجتي سوسن أرشيد في أول عمل فني سوري ينافس في مسابقة “آفاق” الرسمية للمهرجان، ويحصل على جائزة عن أول فيلم سوري يشارك في هذه المسابقة، وهو فيلم بعنوان “يوم أضعت ظلي”، وأنا سعيد بنجاح هذا الفيلم، وأتمنى أن يشارك في مهرجانات أخرى.

- هل تحرص على دعم زوجتك في أعمالها؟

الدعم هو أقلّ ما يمكنني تقديمه لها، فهي شريكتي في كل شيء، في حياتي الفنية، في تعبي، في فرحي وألمي... لذا كان لا بد من أن أكون بجانبها في النجاح الذي حققته في هذا المهرجان.

- كيف تتعامل مع السوشيال ميديا، وإلى أي مدى أصبحتْ تؤذي الفنان؟

السوشيال ميديا مرض العصر الذي لا شفاء منه، لأنها أصبحت ضرورية في حياتنا، وأكثر ما يزعجني اليوم هو تقييم الأعمال الفنية أو نجومية الفنان بالاستناد الى السوشيال ميديا، وهذه في رأيي كارثة، لأننا نتواصل من خلال هذه المواقع مع أشخاص لا نعرفهم، وهو في النهاية عالم افتراضي... ولا نعرف إذا كانوا موجودين في الحقيقة أم لا، وأحياناً لا تستطيعين أن تكوّني رأياً حقيقياً لأن هناك مجموعة تسيطر على الآراء، وتساهم في عدم معرفتنا للحقيقة والواقع، فنسير خلفهم، في خياراتنا الخاطئة، ليس لكونهم سيئين، بل لأنهم في النهاية من الممكن أن يكونوا جمهوراً لفنان ويعشقونه بقوة، ولا يستطيعون التقييم الموضوعي، لكن في حين إذا ألقينا النظر في أماكن أخرى؛ سنجد انطباعات مختلفة، وهذه هي التي تهمني، فالسوشيال ميديا جيدة لكنها سلاح ذو حدين، إذا لم نستطع استخدامها بشكل صحيح سنكون في ورطة كبيرة.

- لكن كيف تقيّم أعمالك؟

لا يمكنني أن أختبر مستوى أعمالي أو مدى نجاحها من خلال مواقع التواصل فقط، لأنني أعرف مشاكلها. الانطباع الحقيقي والدقيق نلمسه من خلال جمهور الشارع، عندما يحدثك الناس مباشرةً عن دور أو مسلسل محدد، تعرف مدى نجاح شخصية ما في أداء دورها على وجه الدقة وتتخذ القرار الصائب.