زوجات الخلع
حقوق المرأة, طلاق, الحياة الزوجية, مشكلة / مشاكل الزواج, الطب الشرعي, د. محمد رأفت عثمان, د. مهجة غالب, المرأة العربية / نساء عربيات, الشيخ يوسف البدري, د. عبلة الكحلاوي, د. أحمد عمر هاشم, قضية / قضايا المرأة, كلية الدراسات الإسلامية, د. سعاد صالح, ز
19 أكتوبر 2009
أن الخلع من مواطن الإنصاف الشرعي للمرأة
في البداية ترى الداعية الشهيرة الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر: «أن الخلع من مواطن الإنصاف الشرعي للمرأة وحل للخلافات الزوجية و لخلاص الزوجة من زوجها إذا لم ترضه أو كرهت خلقه ورفض تطليقها، فإذا كان الطلاق بيد الرجل فإن للمرأة الخلع، وهو لفظاً مأخوذ من خَلَعَ الثوب ومعناه شرعاً فراق الزوج زوجته ويستمد مشروعيته من نصوص شرعية أهمها قوله تعالى: «الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون»، سورة البقرة الآية ٢٢٩ ».
وعن قول البعض بعدم مشروعيته بحجة أن هذه الآية منسوخة قالت: «هذا كلام لا دليل شرعياً عليه ويقول به قلة ممن لا وزن لهم بين العلماء، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم طبقه في حياته حين جاءته حبيبة امرأة ثابت بن قيس فقالت:
«يا رسول الله زوجي ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقبل الحديقة وطلِّقها تطليقة».
وقد أجمع الأئمة على جوازه وقال ابن عبد البر: ولا نعلم أحداً خالفه إلا بكر بن عبد الله المزني، وزعم أن الآية منسوخة».

ضوابط شرعية
عن الحكم الشرعي إذا أرادت الرجوع إلى زوجها قالت مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية: «يصح الرجوع الى الزوج بشروط أهمها ألا يكون قد استكمل عدد الطلقات وهي شرعاً ثلاث، أي ألا يكون قد طلقها مرتين قبل الخلع الذي يأخذ حكم طلقة واحدة وذلك إذا خالعها بلفظ الطلاق وتكون العودة الى زوجها بعد الخلع بعقد ومهر جديدين.
وأحذّر من أن تكون العودة بزواج المحلل المحرم شرعاً إذا كان الزوج سبق أن طلقها مرتين وجاء الخلع ثالثاً فتكون قد بانت منه بينونة كبرى أي طلقت نهائياً، ولا يحق لها العودة إلا بعد أن تتزوج غيره ثم يطلقها بحر إرادته بعد الدخول بها دخولاً كاملاً، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لعن الله المحلل والمحلل له».
وشبّه الرسول القائم بدور المحلل على غير الضوابط الشرعية بأنه «التيس المستعار». وقد اتفق على تحريمه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى إن عمر بن الخطاب توّعد المحلل والمحلل بالرجم باعتبارهما زانيين، واتفق معه عبد الله بن عباس الذي قال: «لا يزالان زانيين وإن مكثا عشرين سنة».
ولا يجوز لمسلم أن يلجأ إلى هذا الاحتيال الباطل على شرع الله ليحل ما حرم الله».

المخلوعة
عن عدة المخلوعة قال الدكتور محمد رأفت عثمان ،عضو مجمع البحوث الإسلامية: «إن العلماء اختلفوا في ذلك، فهناك من قال إن الخلع طلاق واعتبر ان عدة المطلقة ثلاث حيضات، وهناك من قال إن الخلع فَسخ فتكون عدتها حيضة واحدة.
لكن الراجح عندي أنها تعتد بحيضة واحدة لأن هذا اجتهاد كثير من الفقهاء القدامى والمعاصرين، وذلك لما جاء عن عبد الله بن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدّتها حيضة.
والخلع يأخذ حكم طلقة واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة، فإن كانت قد خرجت من العدة لم تحل له إلا بعقد ومهر جديدين بشروطه المعتبرة شرعاً، ومع هذا فإن هناك من قالوا إنه يشترط على الزوجة أن تحيض ثلاث حيضات مثل المطلقة من باب الاحتياط لقوله تعالى:
«والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمنَّ بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً»، وهذا هو الرأي الأضعف».

إكراه الزوجة على الخلع
وعن قيام بعض الأزواج بإكراه زوجاتهم على الخلع قال الدكتور عبد الحي عزب، عميد كلية الدراسات الإسلامية: «من المعروف أن شروط الخلع أن يكون مقابل عوض من جهة الزوجة.
أما إذا كانت الرغبة في الفراق آتية من الزوج كأن يكون كارهاً رغم قيامها بواجباتها وعدم تقصيرها في حقه أو يضربها ويضيق عليها في المعاملة كي يحملها على دفع الفدية تخلصاً من الحياة الزوجية، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى كراهية أخذ الزوج من زوجته شيئاً وهو الكاره، وذهب فريق آخر إلى أن أخذ الزوج مالاً من زوجته في هذه الحالة حرام وقد أثم الزوج.
ومن شروطه أيضاً أن يتراضى الزوجان على المخالعة بأن ترضى الزوجة بدفع البدل، ويرضى الزوج بالخلع وبالبدل وإذا لم يتم التراضي بينهما فللقاضي إلزام الزوج بالخلع بعد عرض الصلح بين الزوجين وبعد أن تقر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله، مع تأكيد تنازل الزوجة عن حقوقها المالية فقط دون حقوق أولادها من الزوج حتى ولو كانوا في حضانتها والإقرار بالمخالعة بتنازل الزوجة عن كل حقوقها المالية والشرعية، وهي مؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة المتعة، إضافة إلى ردها مقدم الصداق الذى أخذته من الزوج.
ومن حق الزوجة غير المدخول بها التطليق خلعاً كحق للمرأة المتزوجة، وذلك لأن البغض واستحالة العشرة لا يشترط فيهما الدخول، فهما متصوران قبل الدخول وبعده.

شروط العودة الى الزوج
وعن الحكم الشرعي إذا كانت الزوجة قد اختلعت وأرادت العودة الى زوجها السابق قالت الدكتورة مهجة غالب، رئيسة قسم علوم القرآن في جامعة الأزهر: «إذا كان الخلع قد جاء بعد طلاقين سابقين فيشترط المحلل بضوابطه الشرعية وذلك لقوله تعالى: «فإن طلقّها فلا تحلّ له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون» آية ٢٣٠ سورة البقرة.
فلابد من نية الزواج الشرعي المنعقدة على الدخول الحقيقي تطبيقاً لقوله تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها...» آية ٢١ سورة الروم. ومن ضوابط ذلك دفع المهر واجتهاده في إعداد بيت الزوجية».

رغم أن معظم الدول العربية أقرّت حق المرأة في الخلع فإن ذلك لم يمنع ظهور مشكلات اختلف حولها الفقهاء، الأمر الذي أصاب المختلعات بالحيرة... فهل يجوز للمختلعة العودة الى زوجها دون الزواج من آخر؟ وهل تنتهي عدتها بحيضة واحدة أم ثلاث حيضات كما في الطلاق؟ وما حكم الشرع في المال الذي يحصل عليه الزوج من زوجته التي أجبرها على الخلع؟ وهل يختلف الأمر إذا كانت راغبة الخلع لم يتم الدخول بها؟ وغيرها من الأسئلة التي حاولنا الحصول على إجاباتها من الفقهاء ورجال الدين.

ثلاث حيضات
من جهته، يرى الشيخ يوسف البدري، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن «الأصح هو ما ذهب إليه بعض العلماء من أن عدة المختلعة كعدة المطلقة ثلاث حيضات لا حيضة واحدة لأن الغاية منها ليست التأكد من براءة الحمل فقط كما يستند القائلون بحيضة واحدة، وإنما هي في الحقيقة حماية المرأة من ردة الفعل غير المحسوبة، وهي بطبعها عاطفية ميالة الى ردود الفعل.
فعندما تطلق قد تحس بجرح لكرامتها، لكن مدة ثلاثة أشهر قد تكفي لتهدأ نفسها الثائرة من جرح الطلاق أو الخلع الذي طلبته بنفسها وعدم اتخاذها لقرار جديد تكون نتيجته الفشل الجديد، مما يزيد جراحها. ولهذا لابد من ثلاث حيضات إذا أرادت الزواج من جديد سواء كان هذا الزواج يعقبه العودة الى الزوج الذي خلعته بضوابطه الشرعية» أو غيره.

إساءة استخدام
وعن إساءة استخدام أحد الزوجين للخلع، قال الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس اللجنة الدينية في مجلس الشعب المصري: «وضع الشرع من الضوابط ما يمنع أحد الزوجين من إلحاق الضرر بالآخر في موضوع الخلع.
فمثلاً بالنسبة الى الزوج الذي يجبر زوجته على الخلع حتى تتنازل له عن حقوقها قال تعالى: «ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة» آية ١٩ سورة النساء .
وطالما أن الزوجة لم تأت بفاحشة ولم تنشز، يأثم شرعاً من يجبر زوجته على الخلع. وفي الوقت نفسه إذا لم يكن هناك دواعٍ شرعية للخلع فإنه يحرم على المرأة أن تطلبه لقوله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة».
واختلف الفقهاء في ألفاظ الخلع فهناك من قال ان له ألفاظاً صريحة وهناك من قال إنه يقع بأي ألفاظ تدل عليه».