الدكتورة أروى الأعمى مساعد آمين أمانة جدة ...

عمل المرأة, المملكة العربية السعودية, المرأة السعودية / نساء سعوديات, عادل فقيه, ماجدة الرومي, جامعة الملك عبد العزيز, أروى الأعمى

17 يناير 2011

تستقبلك بوجه بشوش تظهر عليه ملامح الطموح. وعلى الرغم من منصبها الذي كان حديث الساعة (مساعد آمين أمانة جدة) إلا أنها تعد هذا المنصب تكليفاً وليس تشريفاً لأن مسؤولياته فاقت كل التوقعات، فإنها أثبتت جدارة بالغة في منصبها كمستشارة لباقي الوزارات البلدية والقروية السعودية، وكمساعد لآمين الأمانة في جدة حيث أنشأت قسماً نسائياً لم يكن فيه إلا هي وثلاث فتيات تم اختيارهن بعناية فائقة، لتعمل على تنميته وافتتاح فروع وأقسام نسائية جديدة، وصار القسم النسائي يضم أكثر من ستين موظفة في أمانة جدة.
«لها» التقت الدكتورة أروى يوسف الأعمى مساعدة آمين أمانة جدة بعد منتدى رائدات الأعمال
.

- وصلت الدكتورة أروى الأعمى إلى منصب مساعد آمين أمانة جدة في قرار أخذ صدى واسعاً جداً في السعودية، فكيف تم توليك هذا المنصب الذي يعد أكبر منصب تولته امرأة في السعودية؟ وما هي البصمات التطويرية التي حدثت منذ توليك عملك؟
قبل عملي في أمانة جدة كنت أعمل مستشارة تقنية في شركة «صافولا»، وكنت أيضاً عضواً في هيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز للحاسبات، لذا كنت مستشاراً غير متفرغ، وكان رئيس مجلس الإدارة في فترة من الفترات لشركة «صافولا» هو المهندس الذي يتولى حالياً وزارة العمل المهندس عادل فقيه، والذي أصبح بعد «صافولا» أميناً لأمانة مدينة جدة. حينها طلب مني الانتقال معه إلى الأمانة بعد مرور سنة على تعيينه، إلا أني كنت قد توليت منصب وكيلة لكلية الحاسبات في جامعة الملك عبد العزيز، وكانت الكلية جديدة وكنت في مرحلة تأسيسية لها، مما جعلني أرفض الانتقال إلى الأمانة. فطلبت منه أن أبقى في منصب استشاري للتقنية، ونحن، كصافولا، كانت لدينا مشاريع خدمة مجتمع، مما جعلني أخدم أمانة جدة كمشروع من المشاريع التي تخدمها شركة صافولا، لأن المهندس في تلك الحقبة أيضا أراد تأسيس قسم نسائي في الأمانة، وكانت هذه بداية العمل مع أمانة جدة قبل المنصب.
أما من الناحية التطويرية فكانت الأمانة تحتاج إلى موقع يوضح تفاصيل عمل الأمانة، وكان المهندس عادل فقيه ومن خلال عملي معه في الشركة يرى قدرتي على تأسيس هذا الموقع. وبالفعل بدأنا العمل عليه، وفي البداية تم تعين فتاتين فقط وأنا معهما. وكنا في شركة صافولا في قسم يدعى حاضنة أعمال، منهما أروى مغربي التي لا تزال تعمل معنا حتى اللحظة، والفتاة الأخرى حصلت على بعثة إلى أميركا. ثم استقطبنا فتاتين، ليصبح العد أربع فتيات وأنا، وبدأنا العمل على إنشاء موقع الكتروني للأمانة. علماً أنه لم يكن لدينا أي إمكانات، حتى عندما كنا نحتاج إلى أوراق أو طابعات كنا نلجأ إلى «صافولا ».

- وكيف كان انتقالك إلى مبنى الأمانة ليتأسس أول قسم نسائي؟
عندما أصبح لدي فريق عمل قمنا بجهد كبير جدا مدة عام حصلنا على جائزة «أفضل موقع الكتروني» حكومي على مستوى السعودية، وأخذ الخبر صدى إعلامياً كبيراً ولله الحمد، وكنا بذلك أول قطاع خدمي للشؤون البلدية والقروية لديه قسم نسائي ويحقق تميزاً كبيراً، وفي الوقت نفسه كنا أول قسم نسائي أنشأ إدارات جديدة بخلاف القطاعين التعليمي والصحي، فقد استحدثنا أقساماً جديدة منها خدمة العملاء، استقبال طلبات. أيضاً عندما بدأ الفريق ينمو أكثر أصبحت حاضنة الأعمال ضيقة علينا فقررنا الانتقال إلى مبنى الأمانة.

- هل واجهت اعتراضات على عملكن في الأمانة من قبل بعض الهيئات، أو حتى على الصعيد الشخصي؟
واجهنا في عملنا حقيقة جبهتين من الاعتراضات خصوصا عند انتقالنا إلى مبنى الأمانة، الجبهة الأولى كانت المناصرة لنا ولكن الاعتراض كان على اختيارنا قسماً بعيداً عن الرجال بمدخل منفصل، وكان وجه الاعتراض أن المرأة كالرجل يحق لها الدخول من مبنى الأمانة الرئيسي وليست مستثناة من أي لائحة عملية، وبالتالي لها حق الوجود داخل المبنى. والجبهة الثانية كانت من بعض الهيئات لوجودنا كسيدات نعمل مع الرجال، حتى أنه كانت تأتي بعض التهديدات لي وللمهندس عادل أثناء عمله في الأمانة! ولكن اختياري للمكان كان موفقاً ولله الحمد خصوصاً بعدما ازدادت أعداد النساء العاملات لدينا.

- على أي أساس تم استحداث الأقسام النسائية وكيف تم التعاون بين النساء والرجال في الأمانة؟
كانت الفكرة بداية «وجود قسم نسائي وتقبّل المجتمع لذلك. وبعدها كان وجود قسم الرقابة التجارية انطلاقاً من أن الرجل لا يستطيع دخول المشاريع النسائية، والمعامل، وحتى المشاغل، وأماكن التجميل، فكانت الفكرة الاستعانة بالسيدات. وتم التوظيف في هذا الجانب الضروري جداً، وفي الوقت نفسه كانت بعض المواطنات يقدمن شكاوى ضد بعض المحلات التجارية النسائية. من هنا كان يجب استحداث قسم الرقابة التجارية النسائي، لمراقبة التصاريح، ومراقبة العاملات، وهل المواد المستخدمة منتهية الصلاحية أم أنها ذات جودة، النظافة والاهتمام بها وما إلى ذلك... أيضاً لدينا الإدارة القانونية، وهن أول دفعة تم تخرجها من جامعة الملك عبد العزيز. ولدينا قسم تقنية المعلومات وهو الموقع الالكتروني، وكانت الفكرة استحداث أقسام نسائية تدعم القسم الرجالي، وليس إحلال فتيات نيابة عن الرجال كما كانت الصورة عند البعض. على العكس تماماً، نحن نريد أن تشارك المرأة في التنمية الوطنية، وتحل محل التعاقد.

- المرأة السعودية لا تزال مغيبة عن الساحة، وتواجه كثيراً من العقبات في طريقها. كيف يمكن أن تتجاوز هذه العقبات لتكون ذات فاعلية كبيرة في التنمية الوطنية؟
دائما هناك الرياديات، ودائما سيكون هناك عقبات في البداية، إلا أن الصلاحيات تؤخذ ولا تعطى. والدولة لا تنقصها قرارات في صالح المرأة، منها القرار 120، والقرار 63، وغيرهما، القيادة العليا داعمة لنا بشكل كبير جداً من حيث إتاحة الفرص للسيدات في العمل، والمشاريع. ولكن كل هذه القرارات معطلة، مما يعني أنه من حق المرأة ممارسة هذه القرارات كما فعلت الأمانة عند إقرارها لفتح قسم نسائي واستندت إلى قرار مجلس الوزراء، وتم تعييني وفق قرار الوزارة الرسمي، مما يعني أن على المرأة التسلح بالمعرفة وما لها وما عليها. وحالياً أصبح لدينا أقسام نسائية في الرياض، وبعض المدن السعودية الأخرى، وقبل شهرين صدر قرار من الوزير عادل فقيه أرسل لكل البلديات والأمانات بفتح الأقسام النسائية في التي لم تفتح فيها أقسام حتى اللحظة. أيضا من النجاحات التي تحسب لنا أننا أصبحنا نقدم خدمات استشارية، ومرجعاً للكثير من القطاعات الحكومية في إنشاء الأقسام النسائية.

- هل تجد الدكتورة أروى الأعمى بعد توليها منصب مساعد آمين جدة أنها أحدثت فرقاً؟
نعم وبكل تواضع أقولها خصوصا في مجال تقنية المعلومات وهو تخصصي الفعلي. والتغيير ملحوظ، واجتهدت جدا لإحداث هذا الفارق وبدعم كل من ساندني خصوصاً الآمين السابق المهندس عادل فقيه، وكونت فريق عمل متميزاً مع دخول المرأة حقل المعلومات، وإحلالها بديل التعاقدات الخارجية.

- وجودك كمساعد لآمين جدة هل يعد مؤشراً لتمكين  المرأة من العمل في الوظائف القيادية داخل المؤسسات والدوائر الحكومية؟
هو أحد المؤشرات، وقد يكون تصادف مع توجيه خادم الحرمين الشريفين لتعين المرأة في وظائف قيادية.

- في معرض حديثك ذكرت أن الإدارة النسائية بدأت بأربع سيدات الآن، كم سيدة موجودة ضمن دائرة العمل داخل الأمانة، وكيف تم تأسيس البنية التحتية التدريبية للسيدات؟
حالياً هناك نحو 70 سيدة في أمانة جدة.

- ما هي خطتك لزيادة عدد الوظائف النسائية داخل الأمانة وتطوير العمل فيها؟
توافر لدينا ما يقارب 269 وظيفة بقرار سام، وقد أجريت دراسة قبل عامين عن أهم الكوادر التي تحتاجها الأمانة، وأين يكمن النقص، وهذه أول دفعة. وتم تحديد بعض الوظائف التي سيعلن عنها قريباً داخل الأمانة والتي يمكن أن تشغلها أي امرأة سعودية، منها وظائف في تقنية المعلومات، مساعد إداري، مراقب صحي. وتقدَّم الترشيحات عبر ديوان الخدمة بعد التصفيات، ومن ثم تتولى الموارد البشرية المفاضلة واختيار المناسب. أيضاً وضعنا آلية لتعين السيدات وينطبق عليهن ما ينطبق على الرجال من تصفية، وترشيح الأفضل منهن للعمل. والآلية موجودة في الموقع الالكتروني. أما ما يخص المناصب القيادية فلا يتم الترشح لها إلا بعد أن تثبت السيدة قدرتها على العمل. ولدينا حاليا خمس سيدات في مناصب إدارية على رأس مجموعة من السيدات والرجال.

- علمنا أن الوزير الحالي المهندس عادل فقيه همس لك بنصيحة، فماذا كانت ولماذا هذه النصيحة تحديدا؟
كانت النصيحة «التواضع»، فقد أرسى الوزير المهندس عادل فقيه عدة قيم داخلية وخارجية من أهمها التواضع، خصوصاً في التعامل مع الأفراد وعامة الشعب. والحمد الله جميع الموظفات يتمتعن بهذه الصفة. وأنا أحاول جهدي، وقد اختار التواضع لأنها كانت ترقية. وكانت النصيحة الملائمة وقتها لأنه عادة عند الحصول على منصب قيادي يصاب البعض بالغرور، لذا كانت النصيحة.

- حصل القسم على جوائز عدة فما هي؟
بالفعل الحمد لله على مدى السنتين اللتين عملت فيهما مع القسم النسائي حصلنا على سبع جوائز كان آخرها التي قدمت لنا في منتدى رائدات الأعمال. وحصلنا على ست جوائز عن الموقع الالكتروني، كانت أربع منها دولية، واثنتان من السعودية واحدة من وزارة تقنية المعلومات كأفضل موقع الكتروني في كل القطاعات الحكومية وسميت جائزة «التميز الرقمي» والثانية جائزة التميز الوطني. أما الجائزة الأخيرة فكانت عن أفضل بيئة عمل. وبالنسبة إليّ حصلت على جائزة الانجاز على التعاملات الكترونية من الوزارة وكانت عن فئة الأفراد، وكان عن أفضل مشروع يقدم مساعدة للحكومة الالكترونية، وشارك في اللجنة فريق من الأمم المتحدة.

- هل سيكون لكم أي علاقة بالحكومة الالكترونية بأي طريقة؟
أنا عضو في اللجنة التنفيذية في مشروع التعاملات الحكومية التي تضع الخطة التنفيذية خلال السنوات الخمس المقبلة، وخطة برنامج «يسر» وهو برنامج الحكومة الالكترونية الذي يضع خطة كل خمس سنوات. وقد انتهى عمل اللجنة حاليا لأول خمس سنوات. ونحن عبارة عن مجموعة، أو فريق من تقنية المعلومات من قطاعات مختلفة، وسيكون لنا دور فيها.

- أين تضع الدكتورة أروى الأعمى عينها مستقبلا؟
بصراحة أنا لا أميل إلى المناصب الإدارية، ومن يعتقد أني أريد أن أصبح أمينة لأمانة جدة أقول له هذا ليس طموحي أبدا، فأنا أعشق عملي في جامعة الملك عبد العزيز. وإن كان لي طموح فهو أن أكون أول بروفسورة سعودية في مجال تقنية المعلومات، كما كنت أول وكيلة لهذه الكلية وأول مساعدة آمين أمانة جدة.