أماني جاها: نطمح إلى وجود كفاءات نسائية...

رياضة الغوص, المرأة السعودية / نساء سعوديات, الملاحة, الاسعاف الأولي, جامعة الملك عبد العزيز, أماني جاها

09 مايو 2011

بين خرائط البحر ومستوى الأرضية وعمق القاع ومناطق الـ GPS و قيادة اليخوت، وقفت بثقة وعنفوان الصبا متجاوزة كل العقبات لتُحقق حُلماً راودها بأن تصبح ملاحا بحريا يقود الواسطة البحرية بعلم ودراية وإرادة قوية. أماني سمير جاها فتاة سعودية ترجمت عشقها للبحر باكتشاف أعماقه وأسراره وخرجت عن احتكار الذكور لهذا المجال لتُصبح أول سعودية تحصل على رخصة ملاح بحري آملةً أن تخدم وطنها وأن تضيف إلى إنجازات المرأة السعودية في مختلف المجالات. «لها» التقت الكابتن أماني جاها التي قالت: «أطمح إلى أن تتحلى المرأة السعودية بالثقة، وتقتحم هذا المجال لنستغني عن العمالة الأجنبية التي تفتقر إلى التعليم والتدريب في الرياضة البحرية». 


-
تدرسين الفيزياء في الجامعة، وتعشقين البحر، فهل لك أن تحدثينا عن هذا المزيج؟
كثيرون يسألونني ما علاقة الفيزياء بالبحر، إلا أن الفيزياء هي علم الطبيعة فكل ما هو حولنا له تفسير فيزيائي، أما دراستي في الجامعة فليس لها علاقة بأي مجال. عشقت البحر منذ الصغر وبدأت التدرب على السباحة وتابعت دورات للغوص من باب الفضول واستكمالاً للسباحة التي تعلمتها من قبل. وعندما تعلمت الغوص وجدت أن هذا المجال حكر على الذكور وهناك قلة من مدربات الغوص. وتمكنت من مواجهة كل الصعاب إلى أن تقدمت لامتحان منظمة بادي العالمية وتمكنت من الحصول على رخصة مدربة غوص.

- بين مدربة الإسعافات الأولية ومدربة الغوص وقبطان بحري، أين تجدين نفسك أكثر؟
أجد نفسي بين الثلاثة التي لا تنفصل عن بعضها.


الإسعافات الأولية هي شرط ملازم للغوص

- هل تعرضتِ لحادث ما جعلك تقررين تعلم الإسعافات الأولية؟
الإسعافات الأولية هي شرط ملازم للغوص ويحتاج إليها المدرّب والمتدرّب، فالبحر كأي منشأة أو مكان لا يخلو من الحوادث، لذا قررت الإلمام بكل الجوانب، ولذلك حصلت على رخصة مدربة في الإسعافات الأولية للإنقاذ. وأنا لا أجد نفسي في اختصاص دون آخر لأن الإسعافات الأولية لها أهمية خاصة للمدربين على الغوص، فقد يتعرض الغواص لحوادث مختلفة داخل أعماق البحر كالغرق والذعر والإغماء، لذلك لا بد أن يكون المدرب ملماً بالأساسيات والإسعافات الأولية  حتى يتمكن من إنقاذ المتدربين من الغواصين في أسرع وقت. ولا ننسى أن المدرب يبذل جهده في إنقاذ الأرواح والاستفادة من عنصر الوقت في تقديم الإسعافات الأولية.

- ما سبب اقتناعك بـالملاحة البحرية النادرة في المجتمع النسائي السعودي؟
كنت أحاول البحث عن إشباع لفضولي، ذلك لأني كنت أقوم بالعديد من الرحلات على الواسطة البحرية أو اليخوت ويرافقنا الطلبة والوفود وفرق الغوص. واستهواني مرور اليخوت بين الصخور وبين الشُعب المرجانية بطريقة آمنة وكيفية إنزال الغواصين بطريقة آمنة أيضاً. وحاولت أن أتعلم من العمالة لكنني لم أجد الفائدة التي أطمح إليها، لذلك رأيت ان أفضل طريقة لتعلم الملاحة البحرية هي معرفة أساسيات البحر لأعرف اتجاهات الرياح وغيرها في المنطقة المختارة للغوص، ودراسة الخرائط البحرية بدقة لمعرفة المناطق البحرية والعُمق وما إلى ذلك... لذا سافرت إلى مصر ودرست في معهدAmerican Yacht Academy التابع لأكاديمية العلوم والتكنولوجيا والنقل البحري AAST التابعة بدورها لجامعة الدول العربية، وحصلت على رخصة Master Yacht Coastal Navigation.


استطاعت المرأة السعودية إثبات نفسها في كل المجالات البحرية

- ملاّح بحري في مجتمع لا يُشجع وجود رياضة أو هوايات نسائية، فهل واجهتك صعوبة في هذا الشأن؟
عندما نأخذ وفوداً أو طلاباً في رحلات للغوص والاستمتاع بجمالية البحر الأحمر، نواجه مشكلة أن من يقود اليخوت البحرية عمالة أجنبية لا يكونون على علم أو دراية بمناطق الـ GPS . أما الملاح البحري الذي يملك رخصة غوص فيكون على ثقة اكبر بأن اختياره للمناطق دقيق، كما أنه يعرف إمكانات الطلبة ومستوى تدريبهم، فيتم اختيار المنطقة بناء على ذلك وهذا ما يُعطي الغواص ثقة بالمدرب المرافق له.
أما المشكلة الأخرى التي تواجهنا فهي عدم وجود خصوصية وراحة في اليخت إن كانت الرحلة نسائية، فوجود العامل الأجنبي يُعيق حرية المبحرات.  ناهيك بمشكلة أخرى وهي عدم وجود شواطئ خاصة للنساء في السعودية في حين أننا نجد هذا الخيار متوافراً في الدول الأخرى كالإمارات مثلاً.
إضافة إلى مشكلتنا في الصعود إلى اليخت، فالمرأة السعودية يجب أن يُرافقها محرم في حين أن الأجنبية بإمكانها التنقل بدون محرم ومجتمعنا يبحث عن الخصوصية دائماً في كل الأمور، فنحن نريد شواطئ خاصة بنا بعيداً عن أعين المتطفلين. ولله الحمد استطاعت المرأة السعودية إثبات نفسها في كل المجالات البحرية، فهناك الغواصة  والمنقذة والملاّحة البحرية على الرغم من الأعراف والتقاليد التي تُقيد مجتمعنا.

- كيف كانت تجربة التطبيق العملي في قيادة الواسطة البحرية أو اليخت؟
تمكنت من إجراء تطبيق عملي أثناء فترة الدراسة على الواسطة البحرية (اليخوت) في قناة السويس وفي مدينة الإسكندرية، وتم تدريبي على المهمات التي تسنَد إلى قائد اليخوت، كتنظيم مهمات الطاقم وتوزيع الأدوار ومعرفة الحمولة المسموح بها على اليخوت البحرية، والحرص على سلامة الركاب وتأمين احتياجاتهم، ومساعدة القبطان في أغلب الأحيان.

 

- كملاّحة بحرية مكانها في البحر وعلى اليخوت، أين أنت اليوم وماذا تفعلين؟
مازلت في الجامعة لأُكمل دراستي وبعد العودة إلى السعودية لم أمارس الملاّحة البحرية سوى في رحلات خاصة لأقرباء وأصدقاء للعائلة، ذلك أن الأمر يتطلب مني جهدا ووقتا لإقناع المالك باستعمال اليخت الخاص به. ويجب على المالك أن يمنحني ثقته لنستطيع إقناع حرس الحدود وإعطائي التصريح اللازم للقيام برحلة بحرية قد تستغرق من 6 إلى 8 ساعات. لم أتلق أي عروض رسمية داخل السعودية لكن عُرض علي العمل مع شركة مِلاحة بحرية في الإمارات العربية المتحدة. غير أني تريثت إلى حين الانتهاء من دراستي الجامعية.

- من ساندك من العائلة في إكمال مشوارك في الرياضة البحرية أو الإسعافات الأولية؟
أُقدر عائلتي التي وضعت ثقتها بي ومنحتني حرية ازدادت معها ثقتي بنفسي، ورحبت بفضولي لتعلم المزيد والمزيد في المجالات التي اخترتها سواء إسعافات أولية أو غواص أو ملاحة بحرية. اليوم أرى في شقيقي أحمد (10 سنوات) غواصاً أفضل مني في المستقبل لأنه يتبع الأسلوب الذي اتبعته في صغري فهو يقرأ الكتب ذاتها التي تعلمت منها ويمارس رياضة الكاراتيه وأتمنى له المزيد من النجاح.

- بعد عودتك، هل تعرفتِ على كفاءات نسائية في هذه المهنة؟
هناك فتيات وكفاءات نسائية يرغبن في تعلم هذه المهنة، لكن هناك عوامل قد تمنعهن من الإقبال على هذا المجال. فعلى سبيل المثال يحتاج هذا المجال إلى جُرأة من الفتاة نفسها وقرار واضح وصريح من عائلتها لتستطيع إكمال المسيرة برغبة وقوة إرادة. وأتطلع إلى انخراط السيدات السعوديات في مجالات الملاحة البحرية والغوص والإسعافات الأولية وذلك لخدمة الوطن ولتقديم النموذج الجيد والناجح دوماً عن المرأة السعودية القادرة عن التخلي عن العمّالة الأجنبية التي تفتقر إلى العلم والتدريب والتي تُسيطر على هذا المجال. 

- وصفك الكاتب السعودي تركي الدخيل في مقالته «أماني وإبداع إنساني» بأنك نموذج مُشرف للمرأة السعودية، ماذا أضاف لك هذا المقال؟
هي شهادة اعتز بها من الكاتب الأستاذ تركي الدخيل ومنحتني المزيد من الثقة بنفسي كأي إمرأة في عمري تخطت كل النظرات والأعين الحاسدة واستطاعت أن تكسر حواجز أو مهنا ظلت محصورة في الذكور لفترات طويلة. ولعل مقالته كانت بمثابة الشهادة التي تُخرج المرأة السعودية من قيود تُكبلها لتصنع النجاحات والإبداعات ولتقول للعالم إن المرأة السعودية قادرة على شق طريقها الخاص بنفسها طالما أنها ملتزمة باركان دينها الإسلامي. وهي قادرة على المشاركة في الأحداث والإبداع والفنون والتعليم والرياضات البحرية وكل المجالات الصحية والفكرية والأدبية...


أماني سمير جاها

  • الابنة الوحيدة والكُبرى بين أربعة أخوة يصغرونها، تبلغ من العمر 24 عاماً.
  • طالبة جامعية تدرس الفيزياء في جامعة الملك عبد العزيز في جدة.
  • حاصلة على رخصة مدربة في الإسعافات الأولية للإنقاذ، والتي تتمثل في الإنعاش القلبي الرئوي CPR واستخدام جهاز إزالة الرجفان القلبي EAD والتدرب على العناية الثانوية التي تشمل العناية بحروق المصابين والكسور.
  • حاصلة على الرخصة الدولية في التدريب على الغوص من منظمة PADI العالمية الدولية.
  • حاصلة على رخصة ملاح بحري من معهد American Yacht Academy التابع لأكاديمية العلوم والتكنولوجيا والنقل البحري AAST التابعة لجامعة الدول العربية في مصر.
  • وحصلت بعد الدراسة على رخصة Master of Yachts' Coastal Navigation.