9 ملايين امرأة يغبن...

مقابلة, المملكة العربية السعودية, مشاركة المرأة, المرأة السعودية / نساء سعوديات, الإنتخابات البلدية, عبد الرحمن الدهمش

24 مايو 2011

قررت اللجنة العامة للانتخابات في المملكة العربية السعودية عدم مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية في دورتها الثانية لعام2011 لعدم الجاهزية، مؤكدة أن المشاركة من حق جميع المواطنين وأن النظام لا يمنع المرأة. وجاء هذا التصريح مخيباً لآمال الكثيرات اللواتي انتظرن قرار اللجنة وتوقعن مشاركة كاملة للمرأة كمرشح وناخب بعد مرور أكثر من ست سنوات على الدورة الأولى للانتخابات التي استبعدت منها المرأة أيضاً لبعض المشكلات الإجرائية.«لها» التقت رئيس اللجنة العامة للانتخابات البلدية عبد الرحمن الدهمش للاطّلاع على قرارات اللجنة وبياناتها.


- لماذا خرجت اللجنة العامة للانتخابات بقرار عدم مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية في دورتها الثانية مع تأكيدها أن المشاركة حق للمرأة؟

مشاركة المرأة في الإنتخابات البلدية ثارت حولها الكثير من الأقاويل، ولكن لا بد أن نؤكد أن حكومة خادم الحرمين الشريفين تولي مشاركة المرأة السعودية في كل أوجه الحياة العملية والإجتماعية أهمية كبيرة. فهي شريك أساسي في نهضة هذا البلد وتقدمه، وبالتالي فإن مشاركة المرأة في الإنتخابات البلدية تعد جزءا من منظومة العمل في المجالس والنظام الأساسي المنظم للإنتخابات البلدية لا يفرق بين الرجل والمرأة، غير أن مشاركة المرأة في الإنتخابات تستلزم تجهيزات وإستعدادات خاصة وتطبيق معايير انتخابية محددة حتى نضمن ان تكون هذه المشاركة فاعلة ولا يشوبها أي نقد تنظيمي أو إجرائي، ولكن لم يتسن الإنتهاء منها في هذه الدورة على مستوى جميع أنحاء المملكة.

- اعتبرت اللجنة أن عدم الجاهزية هو السبب وراء استبعاد المرأة، فهل يمكن توضيح هذه المسألة؟
بالفعل هذا صحيح خاصة أن عملية الانتخابات مسألة شفافة ولها معايير ومواصفات خاصة بحيث تخضع كل مراحلها للرقابة والتدقيق وقبول التظلمات والطعون. فمن المعلوم أن الانتخابات تُجرى وفق ضوابط دولية محددة تنظم العمليات الانتخابية. لذا فإن الإنتخابات البلدية في المملكة لا بد أن تلبي تلك المتطلبات الدولية. ولكي تنسجم تلك الضوابط مع الطبيعة الاجتماعية والمكانة الخاصة للمرأة السعودية فإنه لابد من وجود أجهزة مدربة في كل مناطق المملكة ومحافظاتها ومراكزها وفق عدد المراكز المتوافرة لدينا وهي 855 مركزاً.

ولاشك ان بعض المناطق تتوافر فيها تلك المتطلبات ولكن ليست كل المناطق والمراكز. ولكي تتم العملية الإنتخابية لا بد من توافرها في كل المناطق حتى يمكن للجنة العامة للإنتخابات أن تعتمد مشاركة المرأة، لأنه لا يمكن أن تمنح المرأة حق المشاركة في منطقة وتحرم منها في منطقة أخرى. ويمكن القول أنه مع إستكمال تلك المتطلبات ستشارك المرأة في الانتخابات بإذن الله.

- مر أكثر من ست سنوات على الدورة الأولى للانتخابات، لماذا لم تستعد الوزارة لمشاركة المرأة؟
لم نقل أننا لم نستعد خلال تلك السنوات السابقة ولكن ليست كل مناطق المملكة لديها متطلبات المشاركة الإنتخابية للمرأة. المملكة مازالت حديثة العهد بالعملية الإنتخابية بأشكالها الحديثة ووفق المتطلبات والمعايير الدولية لإجرائها، لذا فإن العملية الإنتخابية في المملكة تمضي وفق مراحل تدريجية ولا يمكن تطبيقها على كل فئات المجتمع دفعة واحدة.

وهذا ليس مقتصرا على المملكة بل هو معروف في كل الدول المحيطة بنا. وللعلم فأن المرأة في مصر لم تحصل على حق المشاركة إلا بعد مضي 10 سنوات من أول إنتخابات و 12 عاماً في السودان، وحصلت عليه بعد 34 عاماً في العراق و 43 عاماً في الكويت.

نحن في المملكة ما زلنا في أول دورة إنتخابية وهذه هي الثانية وما زلنا ندرس سلبيات وإيجابيات كل مرحلة للخروج بأفضل صورة للعملية الإنتخابية والوصول إلى أفضل ممارسة يمكن من خلالها أن نحقق طموحات المواطن السعودي وآماله عبر مشاركته في إختيار ممثليه في الأحياء والمناطق القادرين على حل مشاكله، وبالتالي يصبح شريكاً في تحمل المسؤولية.

- بماذا تفسر التصريحات المتضاربة لأمين منطقة الرياض الذي أكد أن منطقته جاهزة وأمين الشرقية الذي أكد أن قرار المشاركة سياسي؟ ولماذ لم تتفق اللجنة على تصريح موحد واضح ينهي الجدل حول القضية؟
كما سبق ايضاحه، هناك مناطق ومراكز بالفعل لديها القدرة على ذلك ولكن ليست كل مناطق المملكة. فهل ترضى المرأة السعودية في الرياض أو الشرقية أن تمارس حقوقها الإنتخابية في حين تحرم منها في منطقة أخرى؟ لا أعتقد أنها ترضى بذلك. لذا علينا النظر بصورة جماعية وتكاملية وليس بصورة انتقائية او فردية أو وفق منطقة بعينها. لدينا توجهات وأمور تنظيمية يجب القيام بها وتجهيزات يجب توافرها تراعي طبيعة المرأة في المملكة ومكانتها وخصوصيتها.

أما بشأن الشق الآخر من سؤالك، فإن تلك التصريحات ليست خاصة بعمل اللجنة أو تدخلا في اعمالها بل كانت رداً على إستفسارات تخص الرياض والشرقية، ولا نستطيع أن نمنع صحافياً من التوجه بسؤال لأي مسؤول في الوزارة ، فنحن مستعدون للرد على إستفسارات المواطنين والصحافة. ومن هنا لانرى تضاربا أو تعارضا في التصريحات لأن طبيعة عملنا عامة في كل مناطق المملكة.

- هل يمكن أن ترجع اللجنة عن قرارها خاصة مع ازدياد حجم المطالبات من المرأة وتقدّم بعض النساء إلى ديوان المظالم بدعوى على الوزارة؟
عملية الإنتخابات محددة وفق برنامج وجدول زمني محددين ولا يمكن القول اننا سنعيد النظر فيهما في الوقت الحالي، لأن الجدول تم الإتفاق عليه وإقراره قبل فترة وتعديله يستلزم منا جهودا كبيرة ووقتا ليس بقليل، وهذا غير متاح عملياً. كما ان المجالس البلدية الحالية ستنتهي مدتها القانونية في 11/11/1432 هـ وبالتالي اي تأخير في تنفيذ الجدول الزمني للانتخابات سيؤدي الى حدوث فراغ نظامي.

- هل هناك ما تودون إضافته؟
الإنتخابات البلدية في المملكة تصب في مصلحة الوطن والمواطن، ونحن في اللجنة العامة للانتخابات البلدية بالتعاون مع  زملائنا في اللجان المحلية نسعى إلى ترسيخ مفهوم الإنتخابات في المملكة ونعمل على توعية وتبصير المجتمع باهمية الدور الذي تقوم به المجالس البلدية بحيث يكون هناك ثقافة انتخابية واعية ومسؤولة، ونحن نعتبر ذلك جزءا من تأصيل عمل المجالس البلدية ورفع مستوى مشاركة المواطن بصورة فاعله فيها. لذا فإن مشاركة المرأة في الانتخابات آتية بإذن الله متى ما توافرت التجهيزات والاستعدادات التي تضمن نجاح مشاركتها وتصون لها حقوقها وتحفظ لها طبيعتها ومكانتها في المجتمع.


بدء التسجيل في الانتخابات البلدية وأمل النساء لا ينقطع

بدأ السبت 23 نيسان/ابريل الماضي التسجيل للانتخابات البلدية مع وجود نسائي ملحوظ في مختلف مناطق المملكة. وقد تصدر موضوع الوجود النسائي أمام مراكز التسجيل الانتخابية عناوين الصحف المحلية.

وكانت فرح الشريف ممثلة العلاقات العامة في حملة «بلدي» وصديقتها الطبيبة هبة البتيري في الخبر من أولى السيدات اللواتي توجهن الى أحد مراكز التسجيل لمحاولة استخراج البطاقة، وقالت الشريف: «خرجت مع صديقتي أبحث عن أي من مناطق التسجيل حتى وجدنا مدرسة ابن سينا التي استقبلنا المسؤول عنها ورحب بنا مؤكداً انه غير مسموح لنا بالمشاركة، حتى استطعنا إقناعه بعملية التسجيل ولو بشكل رمزي».

«أنا مواطنة سعودية، وهذه هويتي، وعمري يتعدى 21 عاماً واسكن في الخبر، واستطيع أن أحضر ولي أمري لو أردت ذلك». بهذه الكلمات استطاعت البتيري أن تحصل على ورقة تسجيل وتثبت فيها بياناتها كمحاولة منها لاستخراج بطاقة ناخب حتى لو أنها لن تشارك في الانتخابات ولن يحسب صوتها. وعبرت عن إحساسها بالسعادة وهي توقع ورقة التسجيل قائلة: «لقد تركت عملي وتوجهت الى مركز التسجيل لأشعر بأني جزء من المجتمع ومستعدة لأي متطلبات تمكنني من المشاركة، والحقيقة أني شعرت بإحساس رائع مجرد توقيعي الورقة ولو بشكل رمزي».

وشددت الدكتورة نائلة عطار عضوة حملة «بلدي» على أن ليس هناك أي نظام أو قانون يمنع المرأة من المشاركة في العملية الانتخابية، وأن تذرّع اللجنة العامة للانتخابات بعدم الجاهزية أمر غير عملي، متمنية أن يأتي الحراك النسائي بنتيجة لتغيير قرار اللجنة خاصة أن المرأة تشارك في انتخابات الطوافة والغرفة التجارية، ومؤكدة ضرورة توعية المجتمع رجالاً ونساءً بالثقافة الانتخابية.

وقالت سيدة الأعمال رشا حفظي العضو في حملة «بلدي»، إن الحملة كانت في الأشهر القليلة الماضية تعمل على طرح قضايا شأن عام تخص المرأة السعودية، بالإضافة إلى موضوع انتخابات المجلس البلدي. واعتبرت تحركات الحملة مبادرة ناشئة للتوعية ولإعداد برامج تدريب لترشيح سيدات للانتخابات، ولكن قرار المنع غيّر الخطة التي رسمتها المجموعة لتركز أكثر على ضرورة مشاركة المرأة مع عدم وجود نظام يمنعها من ذلك.

وقالت: «الحملة لا تنادي بالمشاركة من أجل حقوق المرأة فقط، بل لأهمية المجلس البلدي كجهة رقابية بيئية واجتماعية، ولأن المرأة هي المشارك الأكبر في القطاع الاجتماعي والتنموي والبيئي، كما أنها تمثل أصوات من لا صوت لهم تحت السن القانونية لأنها الأم والأخت والزوجة». وأوضحت أن الحملة ستدعم أي مرشح لديه برنامج يمكن أن يعود بالنفع على المجتمع.

من جهة أخرى أقامت الناشطة سمر بدوي دعوى أمام ديوان المظالم في جدة على وزارة الشؤون البلدية لعدم السماح لها بالمشاركة في الانتخابات، مؤكدة أن النظام لا يمنع وأن عدم مشاركة المرأة مخالف لاتفاقية عدم التمييز التي وقعتها المملكة وللميثاق العربي لحقوق الإنسان. وجاءت الدعوى الثانية من الناشطة الحقوقية فوزية الهاني، مؤسسة حملة «بلدي» التي تقدمت بها الى المحكمة الإدارية العليا في الدمام. ونشرت الصحف المحلية أخبارا متفرقة عن دعاوى قضائية أخرى في مدن مختلفة.