حملة 'بلدي' تنطلق...

مقابلة, المملكة العربية السعودية, مشاركة المرأة, شبكة الإنترنت, حملة وطنية, الإنتخابات البلدية, هتون الفاسي

24 مايو 2011

كانت الحملة الانتخابية النسائية للمجالس البلدية «بلدي» قد انطلقت في بداية العام ممثلة النساء من مختلف مناطق المملكة تمهيداً لخوض العملية الانتخابية بنشر الوعي حول الانتخابات وقضايا الشأن العام.
واعتُبر قرار اللجنة منع المرأة من المشاركة عائقاً جديدا وقف أمام الحملة وعملها الجاد الذي استغرق أكثر من عام استعداداً لهذا اليوم.

ومازالت قضية مشاركة المرأة في الانتخابات تثير جدلاً حولها خاصة مع إصرار المرأة على المشاركة من خلال زيارة مراكز التسجيل، ورفع بعضهن دعاوى قضائية على وزارة الشؤون البلدية.
«لها» التقت هتون الفاسي أستاذة تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود بالرياض ومستشارة حملة «بلدي» وإحدى مؤسساتها لتوضيح الكثير من الأمور في ما يتعلق بمشاركة المرأة في العملية الانتخابية.


- في حوارنا عام 2005 تحدثنا عن الانتخابات البلدية وعدم مشاركة المرأة فيها، وقلت انك شعرت بالاستياء الشديد والغضب، ولكنك حرصت على إعادة النظر الى الجزء الممتلئ من الكأس وانطلاقا من أن هناك مكتسبات حققتها المرأة السعودية، أولها عدم صدور قرار يمنعها من المشاركة. اليوم يعيد التاريخ نفسه وتقرر اللجنة العامة للانتخابات عدم مشاركة المرأة، كيف تنظرين الى ذلك؟
أرى أننا نواجه مشكلة مع شبح للأسف، فلا ندري من هي الجهة التي لا تريد الاعتراف بتسعة ملايين امرأة سعودية. واليوم أرى أن المشكلة ربما أكبر من مجرد مشاركة في بناء المجتمع المحلي، لكني ما زلت مصرة على أن الجهة التي تصدر هذه القرارات ليست على وعي تام بتبعات تأخير مشاركة المرأة السعودية في بناء الوطن، وهذه قرارات ليست منزلة ويمكن دوماً مناقشتها ومجادلتها.

- هل كنت تتوقعين قرار اللجنة العامة للانتخابات بالإصرار على استبعاد المرأة من الدورة الثانية للانتخابات؟
كنت أريد أن أحسن الظن. لكن كان لدي أمل اكبر في مشاركة المزيد من النساء وهذا ما تحقق وأظهرته تحركات النساء وخروجهن يوم السبت أول أيام تسجيل الناخبين .

- إذا كان النظام لا يمنع مشاركة المرأة في الانتخابات بل يؤكد حقها كمواطنة لها حق في الترشح والانتخاب، كيف تفسرين قرار اللجنة وتبريرها «بعدم الجاهزية» وما هي هذه الجاهزية من وجهة نظرك؟
طبعاً هذا تبرير غير مقبول وغير قانوني وغير وطني ويضعنا في موقف ضعيف أمام المجتمع العالمي وفي موقف صعب أمام التزامات المملكة الدولية التي وقعت اتفاقيات تكفل حق المرأة في المشاركة في أي انتخابات وحقها في المشاركة في تمثيل نفسها في الشأن العام.

- أكد أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف استعداد منطقة الرياض لاستقبال طلبات ترشح النساء وانتخابهن في المجالس البلدية مشترطا سماح المشرع بذلك. كيف تقرأين
هذا التصريح مقابل تصريح اللجنة العامة للانتخابات بعدم الجاهزية، ومن يعطي التشريع إذا كان هناك قانون يسمح؟

- اعتبرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان استبعاد المرأة من المشاركة في الانتخابات مخالفا للاتفاقيات الدولية التي وقعتها المملكة لرفع كل أشكال التمييز ضد المرأة، فهل سيكون لهذا التصريح أي تأثير على قرار لجنة الانتخابات خاصة أن وزير الشؤون البلدية الأمير منصور بن متعب رفض التعليق على تصريحات الجمعية وطلب توجيهها إلى اللجنة؟
أرى أنه من الممكن أن يؤدي هذا التصريح إلى شيء من التغيير لاسيما أن اللجنة العامة للانتخابات ليست لجنة عليا بل إن الوزير يعلوها، ومن الممكن  ونأمل أن تستدرك نفسها وتعالج تسرعها في استبعاد المرأة.

-  تعتبر حملة «بلدي» التي انطلقت بداية العام امتداداً للحملة النسائية التي حاولت المشاركة في الانتخابات في دورتها الأولى، كما ذكرت في أحد مقالاتك. ما الذي قدمته الحملة؟ وهل استطاعت أن تصل أو تعبر عن الفئات النسائية المختلفة في المملكة؟
تتميز حملة «بلدي» بأنها أكثر تنظيماً فقد بدأ التجهيز لها منذ عام تقريباً، وتضم سيدات من كل أنحاء المملكة. وحصل ذلك وفق منهجية علمية منظمة قائمة على خطة استراتيجية  شاركت فيها نساء من جميع أنحاء الوطن لتكوين القياديات اللواتي قمن بعد ذلك بتكوين مجموعات المناطق. وقد كانت رئيسة الحملة السيدة فوزية الهاني متفانية في تبني هذه القضية ومتابعة مسيرتها رغم الصعاب الكثيرة التي مرت بها المجموعات.

كما أن هذه الحملة نشأت في ظل وجود فرص تواصل جديدة كالفيسبوك الذي سمح بامتداد الحملة وانتشارها، فضلاً عن إتقان التنظيم. كما أن هذه الحملة تأتي في فترة ارتفع فيها الوعي النسائي والمجتمعي بأهمية المشاركة في الشأن الوطني العام ودخول مجموعات شبابية من الفتيات الواعيات إلى الساحة والمطالبة بحقوقهن في التمثيل وفي المشاركة.

- في تصريحات لك عبر وسائل الإعلام المختلفة أكدت رفضك لكل الحجج التي جاءت بها اللجنة العامة للانتخابات وتحدثت عن إنشاء مجالس بلدية نسائية في الظل موازية لمجالس الرجال. هل يمكن بالفعل تحقيق ذلك؟ وما هي الآلية التي ستعمل بها هذه المجالس؟
مجالس بلدية ظلية عملية ممكنة من خلال آلية اختيار واتفاق وليس من خلال انتخاب نظراً إلى صعوبة تنفيذ ذلك. وبالتالي فسوف تتكون مجالس في مناطق المملكة المختلفة التي فيها مجموعات نسائية تتابع مشاركة المرأة في الانتخابات. وبعد تكوينها سوف تقوم هذه المجالس بتقسيم الأحياء في ما بينها لتتولى متابعة شؤونها وأداء البلدية وبقية الوزارات الخدمية فيها مما ينشر في الصحافة ومما يجري على الأرض، وقد نجد آليات أخرى أيضا، وهذا يعتمد على جهود كل مجلس. وسوف ننشئ موقعا ننشر غيه كل ما تنجزه المجالس من أعمال.

- كيف سيتم توفير المعلومات اللازمة لتقوم هذه المجالس النسائية بدورها الرقابي؟ وكيف وأين ولمن ستقدم تقاريرها؟
المعلومات يمكن الحصول عليها من الصحافة، من مواقع الوزارات الإلكترونية، من كتبها المنشورة، وسوف تقدم التقارير للجمهور عن طريق الموقع الرسمي.

- قررت مجموعة من النساء رفع مذكرة للجهات الرسمية تدعو الى السماح للمرأة بالمشاركة في الانتخابات عن طريق التعيين. هل تعتقدين أن هذا الأمر يمكن تحقيقه في هذه الدورة الانتخابية أو ما الذي  يمنع تحقيقه؟
طبعاً بالإمكان مشاركة المرأة بالتعيين وقد دعونا لذلك عام 2005  واعتبرناه حلا لمشكلة الانتخابات. وكل ما يسعني قوله هو أني آمل أن لا تضيع الفرصة مرة أخرى.

- اقترحت رئيسة اللجنة النسائية التابعة للمجلس البلدي في البحرين السيدة مريم الحايكي، على حملة «بلدي» أن تبدأ المرأة بالعمل التطوعي مع المجالس البلدية كبداية. هل يمكن تحقيق هذا الاقتراح على أرض الواقع؟
في الواقع ستكون مجالسنا الظلية عملاً تطوعياً في طبيعته، وربما يتم التواصل مع المجالس الرجالية بغرض التعاون معها.

- خرجت حملة تحت عنوان «لا لترشح المرأة لمقعد في الانتخابات البلدية، ونعم لحقوق المرأة الحقيقية». في رأيك أي الحملتين تعكس الرأي الحقيقي للمرأة السعودية خاصة بعد عدم مشاركة المرأة في الانتخابات؟
لكل إنسان الحق في التعبير عن نفسه لكن ليس لأحد مصادرة حق الآخرين في التعبير وفي الوجود.

- يعتقد البعض أن الحملات التي تنادي بعدم استقلال المرأة وضرورة تبعيتها للرجل، هي التي تعبر عن الفئة الكبرى في المجتمع، فهل توافقين؟
لا أحد يدري على وجه التحديد من هي الفئة الكبرى، فليس لدينا إحصاءات كما أنه ليس لدينا مُناخ منفتح يتيح للمجتمع أن يعبر عن رأيه الحقيقي دون أن يتعرض لفرز وإقصاء وتهميش واستقصاد وربما أشياء أخرى. وفي كل الأحوال من حق الفئة الكبرى والفئة الصغرى العيش في سلام والتعبير عن النفس والتمتع بالحقوق  الإنسانية.

- كشفت دراسة حديثة لمركز أسبار للدراسات والبحوث والاعلام أن 72.5 في المئة لا يؤيدون عضوية المرأة في المجالس البلدية، ويؤيد ذلك 11.3 في المئة، وترتفع النسبة إلى 13.7 في المئة عند من سجلوا ولم يصوتوا، أما المؤيدون إلى حد ما فقد كانت نسبتهم 8.7 في المئة. هل تعتبر هذه الدراسة دقيقة؟ وهل تمثل رأي الفكر السائد في المجتمع؟
الدراسة ليست دقيقة إذ لا توجد هناك بنية أساسية لإجراء دراسة استطلاعية ومحايدة من هذا القبيل، وأحيلك إلى تعليقي على السؤال السابق.

- هناك رأي يقول إن جهل فئة كبيرة من النساء في السعودية لحقوقهن وبالتالي عدم رغبتهن في تغيير أوضاعهن من أكبر العقبات التي تواجه عملية التغيير التي تخص وضع المرأة في مجتمعنا، هل تتفقين مع ذلك؟
هذا صحيح إلى حد كبير، واضيف إليه أن كثيراً من النساء يعشن حالة من الوعي الزائف الذي غذاه الإعلام بصوره المختلفة.

- ألا تعتقدين أن هناك حاجة أساسية وملحة إلى نشر مفهوم الشراكة الاجتماعية بين المرأة والرجل في المجتمع والتي لا بد أن تبدأ من البيت والمدرسة قبل المطالبة بهذه الشراكة على أرض الواقع؟
أكيد، لكني  لا أعتبر أن هذا يجب أن يكون قبل المطالبة بالشراكة على أرض الواقع وإنما ينبغي أن يسيرا جنباً إلى جنب، وأن تُنشر هذه المفاهيم على كل المستويات بالإضافة إلى أرض الواقع.

- هل تتوقعين أن تشارك المرأة في الدورة الثالثة للانتخابات البلدية؟ وهل مازلت تنظرين إلى الأمور من خلال الجزء الممتلئ من الكأس؟
أتوقع أن تشارك المرأة في انتخابات مجلس الشورى في المرة المقبلة.