د. عبد العزيز ابو زنادة: العالم مقبل على كارثة بيئية

المملكة العربية السعودية, مهرجان أبوظبي الدولي لأفلام البيئة, الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز, مشكلة / مشاكل بيئية, جامعة الملك سعود, د. عبد العزيز ابو زنادة

16 أغسطس 2011

الدكتور عبدالعزيز بن حامد أبو زنادة، مستشار وعضو مجلس إدارة مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات، حاصل على الدكتوراه من جامعة ديرهام في المملكة المتحدة تخصص علوم الأحياء والأحياء الدقيقة والبيئة والحياة الفطرية. يؤكد أن البيئة في مختلف مناطق العالم تواجه مشاكل تنذر بحدوث كارثة. وأشار إلى حرص الأمير خالد بن سلطان على إنشاء مؤسسات في المملكة العربية السعودية تهتم بالبيئة بشكل عام والبيئة البحرية بشكل خاص. «لها» التقت الدكتور عبدالعزيز أبوزنادة  وكان هذا الحوار.


- بداياتك، وهل شكلت مسارات حياتك وفرضت عليك اتجاهات معينة؟

نشأت في جيل لديه تطلعات وتوجهات مختلفة تحكمها الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة في حقبة الخمسينات الميلادية، وكان التعليم في بلادنا سواء العام أو الجامعي لا يزال في بداياته، ولم يكن هناك مجال كبير للاختيار.  فالبداية كانت مثل بدايات معظم أبناء ذلك الجيل الذي نشأ في تلك الحقبة.
كانت جامعة الملك سعود - آنذاك - حديثة العهد، فهي تأسست سنة (1377هـ) وفي سنة ابتعاثي إليها (سنة 1378هـ) - بعد تخرجي في الثانوية العامة من مدارس الفلاح في جدة لم يكن هناك سوى أربع كليات هي: الآداب، والتجارة، والعلوم، والصيدلة. وأعترف هنا بأنني لم أكن على علم كامل بطبيعة تلك التخصصات، فلم تتبلور لديّ أي رغبة في أي تخصّص.

وهنا تذكّرت رغبة الوالد الكريم في أن يراني طبيباً، فقرّرت دخول كلية الصيدلة، لكونها قريبة من دراسة الطب (لم يكن في الجامعة كلية للطب)، وأقنعت بذلك الأخ أحمد باسهل أو ربما هو الذي أقنعني بها أو أنه كان مقتنعا بها سلفا.
ومع ذلك فقد تغيرت تطلعاتنا التخصصية بعد لقائنا بالزملاء الذين سبقونا إلى الجامعة ومنهم المرحوم معالي الدكتور محمد عبده يماني والدكتور سالم مليباري، وتحولنا إلى دراسة الحيولوجيا ثم تم التخصص في مجال علوم الحياة بعد قصة مثيرة أوردتها في كتاب «المسيرتان»، وأحمد الله على ذلك.

 - تدرجت في مناصب كثيرة في مجال تخصصك (البيئة وعلوم الحياة) حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، كيف تقرأ تلك المناصب؟
لا أحب أن أطلق على مسيرتي العملية المصطلح المتعارف عليه - مناصب - لأن في ذلك مغزى بيروقراطياً. كنت ولا أزال أحاول الابتعاد عن الانزلاق فيه. وأستطيع أن أقول، بل أحب أن أتحدث عن مسيرتي العملية على أنها مهمات أو نشاطات مهنية لها أهداف محددة تؤكد دائماً الاهتمام بالمخرجات بصرف النظر عن المخرجات التقليدية للوظيفة أو «المنصب». كما أحرص على أن يشارك فيها دائماً فريق يجب أن يكون متجانساً ولكل عضو من أعضاء هذا الفريق مهمات وأنشطة واضحة المعالم لكنها لا تنتهي عند حد بل يكون فيها المجال مفتوحاً لمزيد من الإنجاز النابع من رغبة كامنة في تحقيق التطور.

وأستطيع أن أقول إني كنت خلال جميع المهمات التي أوكلت إلي سواء في عملي الجامعي أو في الحياة الفطرية استشعر هذا الأسلوب الخاص وأحاول ما أمكن الالتزام به مبتعداً عن البيروقراطية في كل جزئيات العمل. وأحمد الله أني تمكنت من خلال هذا المنحى الخاص من تحقيق الكثير وذلك بفضل عمل الفريق الذي يكون لأعضائه مهما علت درجاتهم الوظيفية أو تدنت مهمة يساهمون بها في تحقيق المنجز. وكنا نزاول ذلك الأسلوب من خلال الاجتماعات أو ورش العمل الدورية لتحديد الخطط ورسم السياسات وكذلك لتحليل النتائج واستخلاص العبر.
ولقد تمكنا سواءً في الحياة الفطرية أو في مهماتي الأخرى الجامعية من إنجاز ما لم يكن ممكناً تحقيقه بالأساليب التقليدية، كما تغلبنا بفضل هذا النهج على أوجه النقص في الاعتمادات بشتى أنواعها وفي نقص الميزانية وما يترتب عليها من شح في الموارد البشرية والمالية. وأدعو المهتمين في هذا المجال لزيارة موقعي على الشبكة العنكبوتية أو الاطلاع على كتابي «المسيرتان» للمزيد من ذلك.

- هل الموت مع الجماعة رحمة؟
 مبدأ «الموت مع الجماعة رحمة» مبدأ لا يتناسب مع الفكر والتوجهات الإنسانية الراقية التي جبلنا الله وديننا الحنيف عليها. وهو أمر نختلف فيه عن بقية مخلوقات الله التي تمارس الموت أو الانقراض أو الانتحار الجماعي  سواءً في بيئات البر أو البحر، وهو أمر أو ظاهرة تُقدم عليها هذه الكائنات نظراً لعدم تمتعها بحرية الاختيار وتأتي في كثير من الأحيان نتيجة للتغيرات البيئية السالبة التي تطرأ على مواطنها الطبيعية والتي تكون في معظمها من صنع الإنسان، وهي (تلك الكائنات) لا تملك من أمر نفسها شيئاً إزاء ما تواجهه من أعمال الإنسان غير الراشدة المتمثلة في ما يحدثه من تغيرات فيزيائية وكيميائية تارةً باسم التطور والتقدم العمراني وتارةً باسم ما يُعرف بالتقدم الصناعي وما ينجم عن ذلك من سموم وأشكال مختلفة للتلوث.
وعلى هذا الأساس، فإن هذا الإنسان يجب ألا يقدم على ما ذكرت من تصرفات تنتهي بالموت مع الجماعة.

ولقد سقت هذه المقدمة التي قد تبدو بعيدة عن مغزى سؤالكم المطروح لأوضح ما تواجهه البيئة في مختلف مناطق العالم من تخريب قد توضحه هذه الظاهرة بأبعادها ومقاييسها التي وصلت إلى حد ينذر بالكارثة. والله فقط يعلم بما ستؤول إليه البشرية.

 


العوامل التي أدت وتؤدي إلى حدوث هذه الظاهرة هي من صنع الإنسان

- ما العوامل التي أدت إلى حدوث هذه الظاهرة؟
العوامل التي أدت وتؤدي إلى حدوث هذه الظاهرة هي من صنع الإنسان. ويُعزى ذلك أيضاً إلى التغيرات المناخية في البيئات البحرية الناشئة من حموضة المحيط نتيجة زيادة ثاني أكسيد الكربون وما يترتب عليه من سلسلة أحداث مترابطة ليس في نهايتها «رحمة»، وهي نتيجة مباشرة لتصرفات الإنسان الرعناء.

- هل هناك من حلول؟
نعم... وهناك حلول مقترحة لوقف سلسلة الأحداث المعقدة، وعلى البشرية العمل في جماعات وأفراد لعكس اتجاه هذه الظاهرة. وفي تقديري أن العلماء قد قدموا رؤاهم في كيفية العلاج كما قدموا الحلول المقترحة.

- وهل هذا يكفي؟
بطبيعة الحال لا يكفي إن لم تتخذ خطوات لتطبيق تلك الحلول بشكل جماعي. وهذا هو ما يؤدي بإذن الله إلى الرحمة التي ذكرت، أما غير ذلك فهو موت، فقط دون رحمة أو هوادة.

- متى جاء وقت القرارات الصعبة في حياتك؟
القرارات حتى ولو كانت صعبة يمكن جعلها سهلة وستكون عواقبها إيجابية بإذن الله إذا سبق اتخاذها إجراء الدراسات واستعراض النتائج المتوقعة، وهناك أسلوب أعتمده شخصياً يرتكز على مبدأ بسيط يتمثل في عدم التسرع في اتخاذ القرار وهو المبدأ الشعبي المعروف «قيس قبل الغطيس»، وهذا ما أحاول شخصياً ممارسته في شتى جوانب الحياة العملية والشخصية.

- الجمعية السعودية لعلوم الحياة، ماذا ينتظر منها؟
الجمعية السعودية لعلوم الحياة كيان غير حكومي تأسس بجهود شخصية تطوعية منذ ما يقارب أربعة عقود حين لم يكن هناك مثل هذه التنظيمات بل كان ينظر إليها بشيء من الريبة. ومع ذلك ولمعرفتي وثقتي بتوجهات المسؤولين فقد تقدمنا بمشروع تأسيس هذه الجمعية التي تعتبر الأولى ليس في المملكة فحسب بل في كل الدول العربية من حيث تنظيمها وتوجهاتها. وقد حصلنا قبل ذلك على دعم ومساندة صاحب الأمير سلمان بن عبدالعزيز ووزير التعليم العالي الشيخ حسن آل الشيخ رحمه الله والأستاذ الدكتور عبدالعزيز الفدا مدير الجامعة وبدأنا نشاطاتنا فور إطلاق مباركة هؤلاء الأجلاء. وأستطيع أن أقول إن هذه الجمعية فريدة ليس فقط لأنها استمرت في تبني مشاريع مهمة في مجال البيئة وعلوم الحياة لما يقارب الأربعة عقود بل لما قدمته من أعمال جليلة خدمة للبيئة وعلوم الحياة. ولقد تعاقب على قيادتها غيري العديد من الزملاء آخرهم الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالواحد عارف الذي قدم لها الكثير خلال فترة رئاسته التي امتدت لما يزيد عن العشرين عاماً. وأتوقع لها المزيد من النجاح والتوفيق في إنجاز مهماتها.

- لماذا ليس لدينا مؤتمر بيئي عالمي ننتظره بفارغ الصبر؟
في حقيقة الأمر لدينا أكثر من مؤتمر عالمي في مجال البيئة تقوم على تنظيمها جهات مختلفة مثل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة منذ أن تسلم قيادتها الأمير تركي بن ناصر، إضافة إلى عدد من الملتقيات البيئية الأخرى التي ترعاها عدد من المؤسسات ذات العلاقة وكذلك الملتقى السنوي للجمعية السعودية لعلوم الحياة.

- هل اخترت علوم الحياة والبيئة لحياتك العملية أم هي اختارتك؟
للإجابة على هذا السؤال سأسرد قصتي مع بدايات تلمس الطريق لتخصصي. ولا بد أن أقول أنه نظراً للظروف الاقتصادية التي عاشتها أسرتي بعد وفاة الوالد - رحمه الله - لم أكن متحمساً لإكمال دراسة الجامعة والتخصص. كما لابد من الاعتراف أنني لم أكن على علم كامل مثل الكثير غيري من طلاب ذلك الوقت بالتخصصات التي تتناسب مع اتجاهاتي، ومع ذلك فقد كان هناك تخصص الطب الذي كان الوالد - رحمه الله - يتمنى أن أسلكه إلا أنه نظراً لأن ابتعاثي كان إلى جامعة الملك سعود بالرياض التي لم يكن فيها كلية للطب، فقد اخترت كلية الصيدلة بعد التشاور مع زميلي القادم معي من جدة وهو الدكتور أحمد باسهل. إلا أن إرادة الله وجهتنا دون أن نفكر بالتخصص مع زملاء لنا هم محمد عبده يماني وسالم مليباري وعبدالله المساعد وعلي مفتي وعمر مندورة وحسان حسني الطاهر. ولذلك التحول قصة تجسد أن الإنسان «ميسر لما خلق له» وقد سردتها بشكل كامل وتفصيلي في كتابي «المسيرتان - الجامعة والحياة الفطرية» الذي أتمنى أن يتفضل القارئ بالاطلاع عليه .

- البحث في البيئة وعلومها المظلوم الأكبر محلياً وخليجياً رغم أننا نملك كل الأدوات. أهو عدم إيمان بهذه العلوم أم خوف من تبعاتها ونتائجها؟
البحث العلمي بشكل عام مظلوم في بلادنا وإلى حد كبير في دول العالم الثالث قاطبة. وفي تقديري أن ذلك سبب كبير من أسباب تخلفنا واستحقاقنا لتسمية العالم الثالث. إن أي تنمية لابد أن تعتمد على البحث العلمي، وأكاد أجزم أن لا تنمية دون معلومات ولا معلومات دون بحث علمي.
أما في ما يتعلق بالأدوات والإمكانات فاسمح لي أن لا أجاريك في ما ذهبت إليه من حيث امتلاكنا لأدوات البحث العلمي من إمكانات تقنية وتجهيزات تتطلب إنفاقاً وميزانيات لا أراها متوفرة بالشكل الكافي. وإن توافرت في بعض المجالات فإننا نجد أن العنصر البشري وهو الأهم في هذه المعادلة يعاني كثيراً نظراً لعدم وجود الحوافز الكافية التي تجعله يقدم على ذلك. ولا بد من الاعتراف بأننا في المملكة قد شرعنا في الاهتمام بهذه الجوانب ويؤمل أن تتسارع وتتزايد حركة البحث العلمي أكثر فأكثر.
أما في ما يخص الفقرة الأخيرة من سؤالك، فاسمح لي أن أؤكد لك من جديد أن أسباب التخلف إنما تعود إلى عوامل عديدة قد يكون من ضمنها ما ذكرت.

 

- ما الذي شدك إلى البيئة وعلوم الأحياء؟ هل تلمس لها حضوراً وإقبالاً من الطلاب؟
كنت قد ذكرت في إجابة سابقة أسباب اختياري لمجال تخصصي وذكرت أن ظروف اختياري للتخصص أملاها مدى توفر الفرص والخيارات. وأحمد الله أنه تحقق لي ما أراده الله وكل ميسر لما خلق له، كما أحمد الله أيضاً أني سلكت الطريق الذي قادني إلى هذا التخصص الذي أعتبره من التخصصات المهمة. ولا أبالغ إن قلت إن علوم الحياة هي علوم العصر الذي نعيشه لما يمكن من خلالها تقديم الحلول للمشكلات المعاصرة. وهي بلا شك لها محلياً وإقليمياً وعالمياً حضورها ويقبل عليها الطلاب بما فيه الكفاية سواءً في الداخل أو الخارج.

- كخبير هل تشعر بأن الإعلام العربي ساهم في توجيه المجتمعات نحو الحفاظ على البيئة؟
الإعلام هو «وسيلة» يمكن من خلالها بث التوجهات، وأراه هنا في المملكة وفي كثير من الأحيان مستعداً لأخذ دوره في توجيه المجتمعات في الحفاظ على البيئة. إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة، فتوجيه المجتمعات للحفاظ على البيئة قضية متخصصة مثل غيرها من القضايا المتخصصة. وعلى المتخصصين في مختلف الجهات المختصة أن يستشعروا ذلك ويقدموا ما يلزم في هذا الصدد.

- مشروع وطني للتاريخ تحلم بأن تقوم به وتشرف عليه؟
هناك مشروع عالمي وضع بذرته واللبنات الأساسية في كيانه صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز رئيس مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات، يرتكز على فكرة توفير العلم والمعلومات العلمية للبشرية من خلال أنشطة البحث العلمي  لخدمة مصالحها في كل مكان، وقد أطلق عليه سموه الكريم «علم بلا حدود» على نسق «أطباء بلا حدود»، وقد سجل عالمياً في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية وكذلك في المملكة العربية السعودية.
ونعمل حالياً مع مجموعة من الخبراء من مؤسسة خالد بن سلطان العالمية للمحافظة على الحياة في المحيطات على وضع أسس العمل فيه تحت إشراف مباشر من الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز. وهو مشروع عملاق وجزء من منظومة المؤسسة العالمية التي يرعاها سموه الكريم. وآمل أن يوفق سموه في تحقيق هذا العمل الرائد على مستوى العالم وأن أكون من خلال قيادة سموه موفقاً في ذلك.


القطاع الخاص في المملكة لديه الاستعداد لدعم حركة البحث العلمي

- ما مدى مساهمة القطاع الخاص في إثراء الكتابات والبحوث التاريخية في البيئة؟ هل لا تزال مراكز البحث العلمي تفتح أبوابها لكم؟
أعتقد أن القطاع الخاص في المملكة لديه الاستعداد لدعم حركة البحث العلمي والكتابات المتخصصة، وأبوابه مفتوحة. وعلى المهتمين بهذا الشأن أن يستفيدوا من ذلك.

- دراسة البيئة وعلومها ماذا شكلت بداخلك؟ وما الذي تركته فيك وما الذي تركته فيها؟
دراسة البيئة شكلت داخلي هاجساً يثير لدي الكثير من الرغبة في العمل للحفاظ على البيئة وإعمارها ويحفزني على الاستزادة وتقديم المزيد مما أعتبره واجب الأداء.

- ما أهداف مؤسسة الأمير خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات؟
تكرس مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات كل إمكاناتها للحفاظ على المحيطات واستعادة طبيعتها. وتتعهد حمايتها من خلال الأبحاث والدراسات والتعليم والالتزام بشعار «علم بلا حدود».

- حصولك على العديد من الجوائز العالمية والعربية والمحلية في مجال تخصصك ماذا يعني لك؟
حصولي على مختلف الجوائز أو التقدير إقليمياً وعالمياً يفرض علي مسؤولية كبيرة أدعو الله أن يوفقني في أن أكون قادراً على أدائها. ويجب ألا ننسى أن هذه الجوائز ما هي إلا تكريم لي كأحد منسوبي حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين التي وفرت لي الإمكانات لتحقيق ما تحقق.

 

- 22 عاماً رئيساً وأميناً عاماً للهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية والمحافظة عليها، هل حققت فيها كل ما تريد؟
لقد تشرفت خلال عقدين من الزمان تحت رئاسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وبإشراف مباشر من الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، بتأسيس هذا الكيان الذي جاء استجابة لحاجة ماسة فرضتها الأوضاع البيئية وما تتطلبه من حماية للموارد الطبيعية والحفاظ على مختلف الأنواع الفطرية المكونة لبيئة المملكة والتي كانت قد وصلت إلى ما يشبه الانقراض في بيئاتها الطبيعية.

ولقد عملت خلال تلك الفترة مع نخبة ممتازة من الزملاء وبمعاضدة خبراء من الداخل والخارج على تحقيق إنجازات غير مسبوقة، وكان ذلك بفضل من الله ثم بدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وبمتابعة ومؤازرة من الأمير سعود الفيصل العضو المنتدب السابق للهيئة. وأعتقد أن الإنجازات التي تحققت تتحدث عن نفسها وهي غير مسبوقة ليس فقط على مستوى المملكة. كما أنها موجودة على الأرض تتحدث عن نفسها سواء من حيث المؤسسات التي تم تشكيلها أو الأعمال والمهمات التي أنجزت.
أما إذا كنت شخصياً قد حققت كل ما أريد فهو أمر لا يمكن لأحد أن يجزم به، وهناك دائماً مجال لتحقيق المزيد، وأحمد الله على ما وفقني إليه.

- كيف ترى جهود الأمير خالد بن سلطان في الحفاظ على البيئة؟
جهود الأمير خالد بن سلطان في الحفاظ على البيئة والموارد المائية والحد من التصحر غنية عن التعريف، فيكفي أن نشير إلى المؤسسة العالمية المعروفة باسمه والتي تعمل على درس مشاكل البيئة البحرية على مستوى العالم وذلك بتقديم الحلول العلمية لها من خلال الفكر العالمي الذي يقوم به منسوبو المؤسسة بالإضافة إلى العلماء المتعاونين من مختلف أنحاء العالم، كذلك ترؤسه -حفظه الله- لمجلس الإدارة لجائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز في مجال الحفاظ على المياه عربياً وعالمياً مما سيساهم في حل مشكلات التصحر وغيرها.
كما يمكن هنا الإشارة إلى أن اهتمام سموه العالمي وتكوينه لتلك المؤسسات وكذلك اهتمامه بمبدأ «علم بلا حدود» لم تُنسِه تقديم الدعم الخاص للبيئة بشكل عام والبيئة البحرية بشكل خاص في المملكة العربية السعودية خاصة ودول الإقليم. وأتمنى لسموه مزيداً من التوفيق في هذه الأعمال البيئية العملاقة وغيرها من الأعمال التي يتصدى لها حفظه الله.

 

مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات

مجالات الاهتمام:
أبحاث المحيطات والمحافظة عليها وحمايتها وتقديم الخبرة والمعرفة في النظم البيئية الخاصة بالشعاب المرجانية.

- إدارة معارف العلوم البحرية وإعداد نظم المعلومات الجغرافية (GIS) وعمل الخرائط البيئية.
- الوصول إلى المواقع البحرية النائية والعمل الميداني والاستشعار عن بعد واستكشاف نظم الشعاب المرجانية النائية ودراستها.
- التعليم والبعثات التعليمية، ودعم منح الدراسات العليا لمراحل الماجستير والدكتوراه وبرامج الشباب لدراسة الموضوعات المتعلقة بالمحافظة على الحياة البحرية في المحيطات.

إنجازات ونشاطات المؤسسة:

- أبحاث أرخبيل فرسان وشمال البحر الأحمر
تم بنجاح الانتهاء من برنامج الأبحاث في شواطئ أرخبيل فرسان جنوب شرق البحر الأحمر والذي استمر لمدة أربع سنوات وبنته المؤسسة تحت مظلة «علم بلا حدود» بمشاركة باحثين من المملكة العربية السعودية ومصر وأوستراليا وإيطاليا والنمسا وبريطانيا. ووُضعت خرائط لهذه المنطقة المهمة مع توصيف أنظمة الشعاب المرجانية فيها وعلى طول الساحل السعودي للبحر الأحمر بالاستفادة من سفينة الأبحاث «الظل الذهبي». وجرى مسح 12.000 كم2 استخدمت لوضع خرائط بيئية لسواحل فرسان. وتمثل شواطئ فرسان منطقة ذات أهمية بيوجغرافية عالمية بسبب احتوائها على نسبة عالية من الأنواع المتوطنة endemic وعلى درجة عالية من التنوع الأحيائي العالمي وتنوع الأسماك وأجناس المرجان الصلب والعديد من الأحياء الأخرى. كما وُضعت خرائط بيئية عالية الجودة بمساحة مقدارها 25.000 كم2 من الساحل السعودي، هذا بالإضافة إلى أبحاث المؤسسة في مجال إنشاء المحميات في شمال البحر الأحمر.

- الحملة العالمية لاستكشاف الشعاب المرجانية
 
بدأت المؤسسة تنفيذ الحملة العالمية لاستكشاف الشعاب المرجانية تحت شعار «علم بلا حدود» حيث سيتم الدوران حول الأرض على متن سفينة الأبحاث «الظل الذهبي» لدراسة تعافي الشعاب المرجانية ومساعدة عدد من الدول في برامجها للمحافظة على الشعاب المرجانية. وسوف يستغرق إنجاز هذا المشروع أربع سنوات (2011 - 2014). وسيتم خلال هذه الحملة استكشاف ودراسة أنظمة الشعاب المرجانية النائية ومقارنة التنوع الأحيائي بينها. كما سيوضع خلال هذه الحملة بروتوكول موحد لعمل الخرائط البيئية وتشخيص الشعاب المرجانية في غرب المحيطات الأطلسي والهادي والهندي إضافة إلى البحر الأحمر.