يضحكن عندما يتذكّرن 'الخناقة الأولى'

سلمى المصري, الغيرة, خلافات الزوجية, علم النفس, هاني حامد

21 مايو 2012

هذه شهادات عدد من الزوجات المصريات اللواتي يبتسمن وهن يتذكرن الخلاف الأول بينهن وبين أزواجهن، ويحمِّل بعضهن الأقارب سبب نشوب هذا الخلاف.


أمل محمد
: غيرة زوجي سبب أول خناقة

تبتسم أمل محمد، ربة منزل 40 سنة، فور تذكرها لأول خناقة زوجية قائلة: «أول خناقة استمرت طوال أول عام زواج، وكانت بسبب غيرة زوجي وتذكره أنني كنت مخطولة قبله، فهو غيور وعصبي.
بالطبع أول خناقة تغاضيت عنها ملتمسة له عذر الغيرة، لكن بعدما تكرر الأمر لم أعد أملك إلا الصبر في التعامل معه وقت الغضب، فأنا على يقين بأن نشأته في الصعيد سبب غيرته، وكنت أراها شيئاً إيجابياً يشعر المرأة بمدى حب زوجها. وأنصح كل فتاة بأن تتأنى في الاختيار، فكلما اختارت بشكل صحيح استطاعت التأقلم مع شخصية زوجها وقلّت الخلافات الزوجيةّ».


آسر ياسر: تعلّمت منح زوجي الشعور بأنه العالم ببواطن الأمور وظواهرها

أما آسر ياسر، 42 عاماً، فقد انفجرت ضاحكة لدى تذكرها لأول خناقة، موضحة أنها حصلت في شهر العسل. وتحكي قائلة: «أمضينا شهر العسل في روما، وكان زوجي يقود السيارة معتمداً على الخريطة، ولكننا ضللنا الطريق، وكلما طلبت منه السؤال على الطريق الصحيح كان يؤكد لي أنه سيعرفه بنفسه. وفجأة شاهدت أشخاصاً يبدو عليهم أنهم عرب فخرجت من نافذة السيارة وسألتهم وبالفعل أرشدونا.

هنا حدث أول صدام بيننا، فزوجي ظل عابس الوجه طوال اليوم لا يوجه إلي كلمة واحدة. وتعجبت من موقفه ولم أفهم سببه إلا بعد فترة من الزواج، إذ اكتشفت أن الرجال يكرهون أن يظهروا أمام زوجاتهم جاهلين بشيء، ويعتبرون ذلك انتقاصاً من رجولتهم، فهم يحبون دائماً ان يظهروا وكأنهم العالمون بظواهر الأمور وبواطنها، حتى وإن لم يكونوا كذلك. وعلى المرأة الذكية أن توحي لزوجها بذلك لتكسب حبه، فهو يريد أن يشعر باحتياجها إليه دائماً. وهذا الأسلوب اتبعته مع زوجي مما قلل الخلافات بيننا كثيراً. وأنصح كل فتاة تعتزم الزواج قراءة كتاب واحد على الأقل عن الاختلافات العقلية والنفسية بين الرجل والمرأة».


مروة مرزوق: نصيحتي للمقبلات على الزواج: «ضعن خطوطاً حمراء لتدخلات الأهل»

«صح المثل القائل «إن الأقارب عقارب»، فهم كانوا سبب أول خناقة لي مع زوجي» .. هكذا بدأت مروة مرزوق، سرد تفاصيل أول خلاف زوجي. وتضيف: «اعتادت حماتي منذ الخطوبة التدخل باقتراحاتها في تأثيث منزلنا أنا وزوجي، ولأنه بار بأبويه كان يخشى أن يوضح لها أنه شيء خاص بنا خوفاً على مشاعرها. أما أنا فكنت أقابل تدخلاتها بابتسامة ولا أفعل ما تريد، وذلك لاقتناعي بضرورة عدم الاصطدام مع الحماة تجنباً للمشاكل. لكن تدخلاتها ازدادت بعد الزواج، والأدهى أن خالة زوجي هي الأخرى بدأت تسير على نهج حماتي. وبعد زواجي بأربعة أشهر فقط سألتني الاثنتان عن سبب تأخر حملي، وتسببتا لي بحرج شديد.

ومع إصرارهما على التدخل في أسرار غرفة نومي وعلاقتي الخاصة بزوجي، وإصرارهما على أن تصطحباني إلى طبيب أمراض نساء، نظرت إلى زوجي الصامت بحدة، وأخبرتهما بنبرة حادة لم تعهداها مني بأنني لا أقبل التدخل من أحد في حياتي مع زوجي حتى لو كانت أمي، ثم وجهت كلامي إلى حماتي قائلة: إذا كنتِ تريدين معرفة تفاصيلي الخاصة فأمامك ابنك يحكيها لك لو قبلها على رجولته». هذا الموقف الصادم كان سبباً في أول وأكبر خناقة زوجية بين مروة وزوجها محمد فور عودتهما إلى المنزل، وأشعلت مروة فتيل الخلاف وطلبت من زوجها التصدي لتدخلات والدته غير المقبولة كي لا تنتهي حياتهما بالطلاق، وتقول: «هذا الموقف هو الذي حافظ على خصوصية حياتي، وأنصح كل فتاة أن تضع لتدخلات أمها وأهل زوجها خطوطاً حمراء، كي لا تتفاقم المشاكل الزوجية مع شريكها».


لميس سلامة: أول خناقة كانت بدافع خوفه عليّ

عمل لميس سلامة كمراسلة لبرامج الـ«توك شو» كان مفجر أول الخلافات الزوجية التي امتدت حتى نهاية العام الأول من الزواج بسبب أماكن التقارير المصورة التي تذهب لتغطيتها في المحاكم والعشوائيات، والأخطار التي تحيط بها، فضلاً عن تأخرها في العودة إلى المنزل أحياناً.
تقول: «في فترة الخطوبة لم تكن الأحداث في مصر مشتعلة، وكنت أصوّر تقارير خفيفة. لكن منذ بداية زواجي قبل خمس سنوات بدأت الأحداث تتصاعد، واختلفت وتيرة العمل في برامج الـ«توك شو»، فبدأت سلسلة الصدامات المستمرة بيني وبين زوجي بسبب أماكن العمل.

ونظراً إلى تمسّكي بمهنتي كنت أقابل الخناق بخناق، خاصة أنه في بعثة عمل في كندا وأنا هنا في القاهرة، فعملي هو حياتي». وتضيف: «أول خناقة كانت بسبب تغطيتي لمحاكمة نشب بعدها شجار بين أهل الجاني والمجني عليه بالسلاح، وكانت الخناقة بدافع الخوف عليَّ وتصاعد الخلاف رغم أنني كنت أقدر خوفه. وأتذكر أن الموقف نفسه كان يتكرر عند تغطيتي للتظاهرات أو بعض الحرائق الضخمة وفي العشوائيات أيضاً، واستمرّ خلافنا الوحيد بسبب العمل حتى تفهم هو الوضع، وأنا أيضاً كنت أحاول طمأنته من وقت إلى آخر إما بمكالمته أو إرسال رسائل على الهاتف المحمول ليعرف أنني بخير».


منى محمود: فوجئت بزوجي شخصاً آخر لإهمالي نظافة ملابسه

لم تلتفت منى محمود إلى تعلّم إدارة شؤون المنزل قبل زواجها، لأنها كانت مهتمة أكثر بدراستها التي لم تتوقف بعد تخرجها في الجامعة، حيث عملت معيدة واستكملت دراساتها العليا. والسبب الآخر لإهمالها لتعلم إدارة المنزل أنها الفتاة الوحيدة لوالدتها التي حرصت على تدليلها باستمرار، فنشبت أول خناقة بينها وبين زوجها لإهمالها نظافة ملابسه دون قصد.
تحكي التفاصيل: «لم أكن أعلم أنه ينبغي عليّ فصل الملابس المتسخة عن النظيفة، فكنت أضعها في الخزانة. في بداية الأمر كان زوجي يتعجب ويسألني هل غسلتها، إلا أنني فوجئت به بعد يومين يصرخ في وجهي مؤكداً أن الخزانة ليست مكان تلك الملابس».
وتضيف: «بالطبع فاجأني رد فعله، خاصة أننا كنا في أول أسبوع زواج، وما كان ردي إلا أن بكيت وابتعدت عنه. بعدها سألت أمي عن كيفية تخزين الملابس المتسخة قبل الغسل. وفي أي حال أنصح كل مقبلة على الزواج أن تمنح نفسها وقتاً لتعلم الطهو وإدارة شؤون المنزل».


هدير أحمد
: تعلّمت مراعاة مشاعر زوجي قبل أن تتحطّم علاقتنا

هدير أحمد سيدة منزل ممتازة، وكانت أول خناقة مع زوجها بسبب غيرتها من أختها التي كان يتركها زوجها تخرج على راحتها دون قيود. وتقول هدير: «بدأت الصدام مع زوجي عندما كان يمنعني من الخروج مع أختي بأي حجة، رغم أن زوج شقيقتي كان يمنحها حرية أكبر. وراح سبب أول خناقة يتكرر على مدار خمسة أشهر، حتى طلبت منها ذات مرة الخروج معي لشراء بعض الأشياء واعتذرت لي لارتباط زوجها بموعد ما، فأدركت أنني غير محقة في خناقي مع زوجي، وتعلّمت أيضاً أن أراعي مشاعره قبل أن تتحطم العلاقة بيننا».


إيناس السيد: زواج بلا مشاكل

هل يمكن أن تمرّ السنوات الأولى من الزواج دون خناقة أو خلاف حاد؟ الإجابة عند ايناس السيد هي نعم، وتضيف: «لم تحدث أول خناقة بيني وبين زوجي محمود حتى الآن، فقد تعرّفت على العديد من صفات محمود في فترة الخطوبة، وطبيعتي أنني لا أحب المشاكل ولا النكد. فرغم طيبته ومرحه، يكون أحياناً عصبي المزاج، وفي تلك الأثناء لا أجادله على الإطلاق، وأبتعد عن النقاش معه حتى يهدأ. ولأنه يبادلني الحب يؤجل النقاش إذا لاحظ أنه استفزني حتى أهدأ، وكثيراً ما ننسى أن نتعاتب في الأمر».
تؤكد إيناس أنها لم تضع خطوطاً حمراء منذ فترة الخطوبة، ولم تؤسس قواعد للمعاملة بينهما، لكن الحب والتفاهم بينها وبين زوجها جعلا حياتهما تمر بسلاسة، خاصة أن كل طرف حريص على ألا يغضب الآخر، لذا تنصح كل فتاة مقبلة على الزواج أن تقدّم الحب لشريكها حتى تحصده أفعالاً لا أقوالاً.


الشجار الزوجي الأول  في نظر علم النفس

يرى أستاذ الطب النفسي في جامعة بني سويف في القاهرة الدكتور هاني حامد، أن أول خناقة زوجية هي إعلان لحالة من عدم التوافق، فضلاً عن كونها مؤشراً سلبياً لمؤشرات لعلاقة زوجية غير مستقرة قد تنتهي بالانفصال، إلا إذا تعامل معها الطرفان بحكمة مقتنعَين بأنها بداية للتعرف الحقيقي على شخصية الطرف الآخر.
ويكمل: «الزواج فترة تطبيع الأخلاقيات بعمق، ويختلف تماماً عن فترة الخطوبة التي يعيش فيها الطرفان حلاوة الأحلام الوردية، بينما في الزواج يعيشان الواقع بعمق. وطبيعي أن تظهر فيه اختلافات الشخصيات وعدم التوافق الناتج عن الاحتكاك المستمر، فمن هنا تظهر أول الخلافات التي قد تتطور إلى خناقة يتوجب على كل زوج فيها استيعاب الآخر ومعرفة طباعه الحقيقية.

فمثلاً إذا كان الرجل عصبياً، على المرأة ألا تقف أمام عصبيته وتطلب منه إنهاء النقاش على أن تناقشه في وقت لاحق بلين، وتطلب منه بلطف عدم تكرار الأمر. هكذا تمرّ الأمور بسلام وقبل أن يتوتر الزوج مرة أخرى سيفكر ويتوقف عن ذلك. على الرجل أيضاً إذا فوجئ بأن زوجته كانت مدلّلة في بيت أبيها أن يتفهم ذلك، وألا يكبّلها بكل المسؤوليات مرة واحدة. ولا مانع أن يحفزها على تحمل المسؤولية بمشاركتها فيها، فهكذا يتفهم كل طرف الآخر إذا كان حريصاً على بقاء العلاقة مستقرة».

ويضيف حامد: «أكدت الكثير من الدراسات النفسية والاجتماعية أن للخلافات الزوجية فوائد عديدة، أهمها إنعاش العلاقة، فهي توابل الزواج التي تشعل نيران الحب من وقت إلى آخر. ولكن أول خناقة قد تكون المسمار الأول في نعش الزواج، باعتبار أن كل طرف يكون حساساً تجاه الآخر في بداية الحياة المشتركة، ويحب أن يستعرض عضلاته ويفرض سطوته على الآخر. لذا قد تنبئ أول خناقة بانتهاء الزواج، إلا إذا تفهَّم كل طرف اختلاف الآخر كما أشرت سابقاً».