سعوديات يثبتن جدارتهن في محلات بيع المستلزمات النسائية...

المملكة العربية السعودية, المرأة السعودية / نساء سعوديات, وظيفة, المجمعات التجارية, متجر, وزارة العمل

30 يوليو 2012

منذ أن بدأ تنفيذ قرار تأنيث المحلات التجارية النسائية في السعودية، والجهات المختصة في صراع مستمر لتفادي العقبات التي تواجه تنفيذ القرار، خصوصاً أن هناك عدداً من الاعتراضات التي واجهت تأنيث بعض الوظائف أخيراً، من أبرزها فصل عدد من «الكاشيرات» في مكة المكرمة بعدما ضغطت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أحد المراكز التجارية في حي العزيزية. فيما كانت وزارة العمل تواجه ديوان المظالم بعدما أقامت دعوى ضد قرار وزير العمل تأنيث محلات المستلزمات النسائية. رغم كل هذه الصعاب، تنطلق المرحلة الثانية من تنفيذ القرار وتقضي بأن تتولى الفتيات بيع العطور والمواد التجميلية. «لها» التقت عدداً من الفتيات اللواتي عملن في المراكز التجارية ووقفت على تجربتهن، إضافة إلى أصحاب مشاريع جديدة، واطلعت على آراء مختصين في هذه القضية.

لفتت قضية فتيات مكة السعوديات اللواتي كن يعملن «كاشيرات» داخل أحد المجمعات التجارية في مكة المكرمة النظر إلى عدد من الصعاب التي لا تزال تعترض عمل المرأة السعودية في المحلات التجارية، والتي تختص بالبضائع النسائية.
في المقابل، حققت كثير من محلات بيع المستلزمات النسائية رواجاً بعد تعيين فتيات في نقاط البيع الخاصة بهن، خصوصاً أنها أتاحت للسيدة التعامل مع نظيرتها في بيع الملابس الداخلية وتجربتها بكل حرية.


«أعمل في بيع العطور والمواد التجميلية»

حنان محمد بائعة في أحد أشهر المحلات التجارية في جدة، ومع أنها من أهل الطائف (تبعد عن جدة أكثر من 100 كيلومتر) فضلت العمل في هذه المدينة لأنها ستكتسب خبرة أفضل في التعامل مع الزبائن. تقول: «كنت سابقا أعمل في إحدى المدارس الخاصة في مرحلة رياض الأطفال، إلا أن رواتبها لم تكن ذات شأن مما دفعني إلى العمل في إحدى الشركات في قسم خدمة العملاء. ولظروف خارجة عن إرادتي، تركت العمل ورجعت إلى مسقط رأسي، وحالياً عدت بعد القرار القاضي بالسماح للمرأة العمل في المحلات التجارية».

وأضافت: «العمل مريح جداً داخل المحلات لأن دوامي الحالي دوام كامل ولكن بفترة واحدة من التاسعة صباحاً، حتى الخامسة عصراً، فلا اضطر إلى المغادرة والعودة».
وعن خدمة السيدات قالت: «أنا أعمل في قسم العطور والتجميل، وهذا النوع من المستلزمات ترتاح فيه السيدة مع سيدة أخرى، لأنها تريد أن تجرب اللون، أو الخامة، أو حتى تريد أن تجرب العطر على ملابسها».


مهنة الكاشيرة مسؤولية كبرى

سمر من الفتيات السعوديات اللواتي يعمل داخل أحد المجمعات في وظيفة «كاشيرة» وتتعامل مع هذه المهنة على أنها مسؤولية كبيرة لأنها تتعلق بمبالغ كبيرة تدخل إلى صندوق المحل، وأي خطأ في الفواتير واسترجاع النقود يمكن أن يتسبب بإرباك كبير لها. قالت: «لم أجد فرصة جيدة للعمل سابقاً، ولكن هذه المهنة منحتني الاستقرار المادي بعدما كنت بلا عمل. وقد تلقيت التدريب المناسب للمهنة من حيث التعامل مع الصندوق المالي ومع الزبونة، والدفع، واسترجاع النقود. وكلها أمور يمكن التغلب عليها بكل سهولة».
ولفتت سمر إلى أن هناك تسهيلات جيدة تقدمها المؤسسة في ما يخص ساعات العمل، فهي ملزمة بالثمان ساعات، على أن تكون فتاة أخرى في الوقت المسائي، ويكون العمل بالتناوب. ولديهن وقت الصلاة غرف خاصة لأداء الصلوات وأخذ استراحة قصيرة.

وأضافت: «نعامل بمنتهى الأدب والرقي من الزبونات، بل وعلى العكس جميع السيدات يعطيننا الدعم، والتشجيع على عملنا، ويؤكدن أن وجودنا كان ضرورة لا بد منها، حتى أن سيدة قالت إنها في سفرها كانت تتعامل مع سيدات في نقاط البيع عندما تشتري المواد التجميلية وخلافها، وكيف أن السعودية كانت مغيبة هذه الوظائف عن الفتيات. وحتى أن الرجل أصبح الآن أكثر راحة وأماناً عندما تشتري السيدة مستلزماتها من الملابس الداخلية دون أن تتعرض لأي نوع من الإحراج».
وأشارت إلى أنها وخلال فترة عملها لم تتعرض لأي مضايقات. وأوضحت أن خطوة عمل السعودية داخل المحلات التجارية جيدة لأنها منحت الفتاة السعودية وجودها ضمن آلية العمل.


«قررت خوض تجربة العمل بعد انتهاء الثانوية»

في قسم آخر من المتجر تعمل فتاة حديثة التخرج من الثانوية العامة. هي سهيلة زين التي تقول: «أنا الأصغر بين العاملات في المتجر كوني متخرجة حديثاً. والتحقت بالعمل فترة الإجازة الصيفية، إلا أنني قررت مواصلة العمل وإكمال الدراسة في تخصص إدارة الأعمال انتساباً. وأجد أن العمل في سن مبكرة يكسبني كثيراً من الخبرة، ويعلمني التعامل مع المجتمع بصورة راقية. إضافة إلى اكتساب المهارات العملية عن طريق التدريب الذي نتلقاه».

لم تجد سهيلة أي معارضة من والديها: «لعل جدة من المدن السعودية المنفتحة على الثقافات الأخرى، وهذا يجعلنا أكثر تقبلاً للفكرة، لذا لم أجد أي صعوبة في تقبل والدي عملي خصوصاً أننا نتعامل مع سيدات».  وكان رأيها في ما حصل لفتيات مكة أنها مشكلة عرضية من الطبيعي وجودها لأن القرار لا يزال في بداياته، ولكن مع تطبيق المرحلة الثانية سيتغير الوضع وستقل المعارضة.

15 يوماً للتدريب المكثف

من جهتها، أوضحت المديرة العامة لبرامج التدريب المشترك في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتورة حنان الجعيد أن المؤسسة كانت حريصة على الالتزام بالقرار القاضي بتدريب عدد من الفتيات في محلات المستلزمات النسائية على عدد من الوظائف التي تناسبهن، ومن أهمها المبيعات والمحاسبة. تقول: «المؤسسة تعنى بالنواحي التدريبية في الاختصاصات التي يحتاج اليها سوق العمل، وبعد صدور القرار كان علينا الالتزام بتدريب المنتسبات واللواتي يتم إبرام عقود بينهن وبين شركات وظفتهن».

وتضيف: «نحن ندرب الفتيات عن طريق الطلبات المقدمة من الشركات التي تعاقدت مع فتيات للعمل لديها في التخصصات السالفة الذكر، وقد وجدنا تجاوباً كبيراً من أصحاب المؤسسات والشركات ذات الطبيعة التجارية الخاصة بالملابس النسائية، والعطور، والتجميل حتى قبل بدء المرحلة الثانية من القرار. ونحن لا ندرب أفراداً، بل بناء على طلب المؤسسة، لأننا ندرب فتيات تم التعاقد معهن بالفعل وأصبحن على رأس العمل».
ولفتت إلى أن التدريب مدعوم من صندوق الموارد البشرية بحيث أنه مجاني بالكامل سواء بالنسبة إلى المتدربة أو صاحب المؤسسة.

أما عن المرحلة الثانية فقالت: «نحن على أتم الجهوزية لاستقبال أعداد أكبر من السعوديات مع بدء المرحلة الثانية من القرار، وهي إحلال السعوديات في محلات بيع العطور والمستلزمات النسائية نيابة عن العمالة الوافدة. وتمتد مدة التدريب الأولية ما بين عشرة وخمسة عشر يوماً ليتم بعد ذلك انتساب السعودية إلى دورات تدريبية من قبل المؤسسة التابعة لها لمدة سنة كاملة».


الموقع يساهم في إيجاد فرص وظيفية لجميع السعوديات

كان من الصعوبة أن يجد وظيفة بعد عودته إلى السعودية من كندا، مع أنه وبشهادته من الخارج كان يعتقد أن أبواب العمل تنتظر وصوله. فالواقع كان مختلفاً تماماً، وأرجع السبب إلى أن الموارد البشرية في السعودية لا تحوي آلية واضحة للتوظيف. وبعد فترة استطاع عن طريق أحد معارفه أن يتوظف في شركة إستشارية. لتجد أخته المشكلة ذاتها بعد تخرجها من كندا قبل عامين، وكان أكثر ما يمكن أن تفعله أن تضع السيرة الذاتية في مداخل الشركات لأنها ممنوعة من الدخول.

هذا الواقع دفع خالد الخضير إلى تأسيس فكرة مشروع «جلوورك»: «أعمل في شركة إستشارات مما دفع بي إلى إجراء دراسة مصغرة عن العوائق التي تواجه السعودية للحصول على عمل، واجتمعت بعدد من مديري الشركات الكبيرة، وكانت المشكلة تتلخص في عدم المقدرة على الوصول إلى المتخرجات المناسبات، وبالتالي السعوديات ليست لديهن المقدرة على الوصول إلى أصحاب الشركات. هذه الدراسة جعلت فكرة تلمع في ذهني عن موقع الكتروني أطلقنا عليه اسم «جلوورك» وهو يربط الباحث عن العمل مع الشركات، وهي فكرة موجودة في دول العالم، إلا أنني خصصتها للمرأة السعودية فقط. وخلال ستة أشهر سجلنا ما يقارب 130 شركة، أعلنت عن طريق الموقع عن 2000 وظيفة».

أضاف: «بعد الأشهر الستة وجدنا أن الموقع اقتصر على وجود الشركات الكبيرة، مما يعني أن الوظائف في الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تناسب من لديهن شهادات تعليمية أقل غير متاحة. لذا أجرينا دراسة أخرى للعوائق التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة ووجدنا أن العائق كان في وجود مكاتب منفصلة، مما يعني تكلفة أكبر على الشركة وهي ذات رأس مال محدود».
وكشف أن لدى «جلوورك» 16 شركة تريد توظيف عدد من الفتيات. إلا أنها تنشد التواصل مع وزارة العمل بحيث يكون الموقع شريكاً مع الوزارة.