ردود فعل متباينة...
الحجاب, قضية / قضايا الطفل / الأطفال, طفل / أطفال, حقوق الطفل / الأطفال
10 سبتمبر 2012جهل كبير
في المقابل، اعتبر الباحث احمد عصيد أن موقف بولوز وغيره يعكس جهلا كبيرا بسيكولوجية الطفل، كما يتضمن تناقضات كثيرة، أولها أن «الفقيه» اعتبر أن حجاب الطفلات ليس منصوصا عليه في الشرع، لكنه عاد ليعتبر من يستنكره مُصرا «على معاكسة الشرع الذي لا يمنع شيئا إلا ويناضلون لإباحته، وما يأمر بشيء إلا ويجتهدون للتنصل منه». كما اعتبر أن الحملة ضد حجاب الطفلات تؤدي الى «ترويع المسلمين في عقيدتهم ودينهم وخصوصياتهم. والهدف هنا واضح، وهو تدريب الفتيات الصغيرات على سلوكيات لا تتطابق مع سنهن ووضعياتهن بوصفهن طفلات، وهو أمر يعكس مقدار استخفاف الإسلاميين المتطرفين بالإنسان، فيعطون الأولوية لبرنامجهم الإيديولوجي على طفولة الأطفال وبراءتهم».
واستطرد عصيد أن المتطرفين لا يتورعون عن إلزام الأطفال بمفاهيم وقيم لا يمكنهم فهمها، وذلك مثل مفهوم «العفة» و«الستر» و«العورة»، لأنها في الأصل مفاهيم ترتبط بجسد المرأة الناضجة كما ينظر إليه المتشدّدون، وهو إسقاط لوضعية البالغين على الأطفال غير مسموح به على الإطلاق، لكنه يعكس مقدار الإضطراب النفسي الناتج عن الغلو الذي يتخبط فيه هؤلاء. فإذا كان شعر الطفلة «عورة» فعلى الفقيه أن يعلن ذلك دون خجل أو نفاق، وإذا لم يكن كذلك فليس له أن يبرّر بحجج واهية ما ذهب إليه.
وتابع أن الفقيه يخلط عن قصد بين التحجيب القسري للطفلات وبين «تدريبهن على الصيام والصلاة»، معتبرا ذلك من «مقاصد الشريعة»، «حتى يسهل الالتزام بتلك الفرائض عند البلوغ والوجوب». ووجه الخلط في هذا الأمر أن صلاة الأطفال الصغار لا تكون إلا بضع دقائق، كما أن صيامهم لا يتمّ إلا في بضع ساعات وليس طوال اليوم، بينما «الحجاب» يسلط على الطفلات فيتعثرن فيه طوال اليوم وطوال لحظات طفولتهن، مما يعوقهن عن اللعب بحرية مع أقرانهن.
أكد الدكتور محمد بولوز، الباحث في العلوم الشرعية والاجتماعية، أنه لا يمكن مناقشة حملة «محاربة حجاب الصغيرات» خارج السياق الذي تطرح فيه، ولا خارج طبيعة الجهة التي تقود الحملة، وذلك حتى لا نُخدع بالأسلوب والإخراج الذي يراد بالحملة، وظاهره الشفقة والرحمة وإنكار الظلم واستهجان اغتصاب براءة الطفولة، وبالتالي السقوط في فخ القوم من جهة مناقشة حكم حجاب الصغيرة، ونحو ذلك من الجدل الفقهي والنافع أولا في دائرة المسلمين بحكم الله والراضين بشريعة الإسلام».
واستطرد الواعظ في مساجد الرباط بالقول: «في مجال «حجاب الصغيرات» رغم أن الشريعة ليس فيها ما يلزم غير البالغات بالستر الكامل عدا الوجه والكفين، فليس فيها أيضا ما يمنع من تأهيل الفتيات وتدريبهن وتشجيعهن وحضهن على الستر والعفة والحياء من سن التمييز، أي في حدود السابعة فما فوق إلى سن البلوغ. بل إن مقاصد الشريعة ومنطق التنشئة الاجتماعية تميل إلى هذا التمهيد من غير عنف ولا إكراه، وإنما فقط بالتوجيه والترغيب كما يحدث في التدريب على الصلاة والتدريب على الصيام، ونحو ذلك حتى يسهل الالتزام بتلك الفرائض عند البلوغ والوجوب».
وأضاف: «عادة ما تميل الفتيات إلى تقليد وسطهن الاجتماعي من أمهات وأخوات ونحوهن بارتداء الزي الإسلامي بين الفينة والأخرى، ولعل في الصلاة التي يؤمر بها الصبيان من السن السابعة ما تعوّد الفتيات على الحجاب، فيرتدينه خمس مرات في اليوم، وهذا نوع من الاعتياد التدريجي للصلاة والحجاب معا.
إذا اختارت الصبية ذلك، ألا يعتبر اختيارها أحد وجوه الحرية الشخصية التي يدندن حولها «الحداثيون»، أم ترى الحرية المقبولة من طرفهم ما كان تعرية للصدور والسيقان وما فوق ذلك وما تحته، ولباس البحر الذي لا يكاد يخفي شيئا؟».
خلفت حملة «مناهضة حجاب الصغيرات»، التي أطلقها مركز «مساواة المرأة « الحقوقي تحت شعار «حتى لا تعيش الفتيات في عتمة دائمة»، ردود فعل متباينة في المجتمع المغربي، فيما اكتفت بعض الفعاليات النسائية بنشر عريضة الكترونية ضد حجاب الصغيرات. هذه الظاهرة حسب المركز قد «اجتاحت صغيرات ذات ثلاث وأربع وخمس وسبع وعشر سنوات، منظرهن مؤلم وهن يشعرن أنهن عورات عليهن أن يختبئن ويخفين شعرهن، دون أن يكون لهن أي علم أو قدرة على فهم الأديان وقواعدها».