التحرّش الجنسي آفة خطيرة تهدّد الأطفال وأصوات تنادي بالتوعية وعدم الصمت

طب نفسي, المملكة العربية السعودية, توعية إجتماعية, تحرّش جنسي, المجتمع السعودي, حقوق الطفل / الأطفال

29 أكتوبر 2012

قصص مؤلمة، وتجارب قاسية مازالت تؤثر على أطفال المجتمع السعودي، تكبر معهم، وتحجب عن شخصياتهم البراءة والعفوية بسبب ضعاف النفوس، وتعيق مواصلة حياتهم بشكل آمن. هي تجارب لأطفال تعرّضوا للتحرش الجنسي ولم يهمسوا بكلمة واحدة، وما زالوا يحقنون غضباً على صمت المجتمع وعدم معاقبة الجناة. واقع أثبتته الدراسات والإحصائيات والأرقام لضحايا أعمارهم صغيرة لم يتجاوزوا السنتين. حملات وأصوات تنادي في المجتمع السعودي اليوم بالتصدّي لهذه الآفة الخطيرة التي تهدد الأطفال وتطالب بضرورة التحدث والتوعية للوصول بهم إلى برّ الأمان. « لها» تفتح ملف التحرّش الجنسي بالأطفال في السعودية وتتطرق إلى الأسباب وطرق العلاج


محمد
: كنتُ صغيراً وتحرّش بي صديقي

محمد شاب لا يتعدى الـ 23 عاماً، كان طفلاً صغيراً عندما تحرّش به أحد أقرانه، وظلّ يضايقه ويسمعه الكثير من الألفاظ الخارجة عن نطاق الأدب ويدعوه لمشاهدة أفلام إباحية على الانترنت. «كنت في سن الـ11 وكباقي أطفال جيلي أعيش في منزل عائلتي. والدي كان شديد العصبية، وكان يعاقبني ويعنفني نتيجة أي خطأ أرتكبه في المنزل. وليت مأساة حياتي توقفت عند تعنيف في المنزل، فقد تعرّضت للتحرش الجنسي من شخص كنت أعتقد أنه يمكنني الوثوق به كصديق».
اللعبة لم تكن سوى قيام طرفين بينهما حاجز بتبادل إلقاء الوسائد، وفي كل مرة كان صديق محمد يقترب منه ويلامس أعضاءه الذكورية ويُقبل عنقه، وما كان من محمد إلا الابتعاد. حاول تغيير الفريق لكنه لم يستطع ذلك فخرج غاضباً من اللعبة. ويكمل القصة: «بعد انتهاء اللعبة، ذهبت لأتحدث إليه، وأخبرته بأن ما فعله أمر مُشين، فما كان رده إلا أنه أمر طبيعي. لم أقتنع بما قاله، وخرجت من المكان، وكنت خائفاً جداً من إصابتي بأحد الأمراض التي كنت أسمع عنها كالايدز مثلاً».

لم يُخبر محمد أحدا من عائلته بما حصل، وأصبح منعزلاً عن أقرانه في المدرسة. سافر هذا الشاب مع أهله وفي هذا الوقت بدأ محمد يقرأ ويعرف عن التحرش الجنسي بشكل أوسع: «رأيت الشاب نفسه في مكان ما وعلمت أنه عاد إلى السعودية، تبادلت معه الحديث، ومن حديثٍ إلى آخر بدأ يضع لي مقاطع جنسية على الجوال، وامتدت يداه إلى عضوي الذكري، فصرخت في وجهه وقلت له إن ما تفعله عيب! ومن بعد هذه الحادثة لم أره».
ما زالت لدى محمد النزعة الانتقامية من هذا الشخص الذي آلمه وزرع في نفسه القذارة، فتارة يريد قتله وتارة يدعو الله بأن يقبض روحه مُتلبساً. يقول محمد: «لن أعيش مستسلماً لحادثة مرت عليها 14 سنة، فتلك الحادثة مرافقة لي وعجزت عن نسيانها، لكن تفاصيلها تستبيح ذاكرتي كل يوم ومع انتقالي إلى أرض أخرى وحياة جديدة بدأت أتعايش مع الأمر».


سامي والسائق وأمور غير لائقة...

سامي (8 سنوات) يدرس في الصف الثالث الابتدائي، كان يذهب مع شقيقته إلى المدرسة برفقة سائق العائلة الخاص، وكانت شقيقته تصل قبله إلى مدرستها ليبقى سامي مع السائق في السيارة إلى أن يصل به إلى مدرسته. في هذا المشوار كان سامي يتعرض لتحرشات من السائق وطلبات من الأخير بملامسة عضوه الذكري، ليصبح طريق المدرسة لدى سامي معاناة حقيقية تتكرر صباحاً حتى أوصلته إلى مرحلة الخوف والفزع والبكاء. حينها فقط تنبهت الأم لأبنها وطلبت من والد سامي إيصاله إلى المدرسة ليعود سامي فرحاً بالذهاب إلى المدرسة وبالراحة أثناء ذهابه مع والده، لتدرك الأم أن هناك شيئا خاطئاً يحدث في المشوار، فجلست مع سامي وتحدثت معه، وعلمت أن السائق يطلب منه فعل أمور غير لائقة. علم الأب بما يحدث مع ابنه سامي واتخذ الإجراءات اللازمة بترحيل السائق إلى بلده، دون اللجوء إلى الشرطة أو الجهات القضائية.


مريم : أتمنى العودة إلى طفولتي قبل أن تلمسني يد بشر...

مريم فتاة جامعية ستبلغ قريباً 25 عاماً. مازالت عزباء، والبعض يصنّفها من ضمن الجميلات، وآخرون يرونها متوسطة الجمال، تقول: «أنا ما أراه فتاة بدينة مهملة لنفسها، قبيحة جداً. لستُ سليمة، أعاني الكثير من العلل النفسية. شُخصت حديثاً باضطراب الشخصية الحدية. في طفولتي أُصبت باضطراب ما بعد الكرب الذي لا يزال يلازمني. في مراهقتي ابتدأ مشواري مع الرهاب الاجتماعي والاكتئاب. مع أنني موظفة في قطاع خاص إلا أنني  في عزلة اجتماعية عن العالم الخارجي وعن أهلي والمجتمع، وسبب كل هذا القلق ما حدث معي في طفولتي». مريم تعرّضت لتحرش جنسي من البقال عندما كانت طفلة لم تتجاوز الثماني سنوات، وهي تؤكد أنها «لم تعد تذكر تفاصيل الحادثة وكيف بدأ الأمر وكيف انتهى، جُلّ ما أذكره هو صوته ورائحته، ولم أعد أذكر كيف عدت إلى المنزل بعدها».

صمت مريم جعل للمتحرّش القدرة على التطاول ليسلبها براءتها و حقها في الطفولة، فتحوّل التحرش في ليالٍ رمضانية، وتحديداً في وقت صلاة التراويح إلى اغتصاب. تقول: «مسحت من ذاكرتي تلك الأيام مع أنني أتحدث عنها الآن بألم. كل ما أذكره أنني أصبحت بنظر الجميع شخصاً انتهت حياته، إلا أنني في المدرسة كنت الطفلة البريئة نفسها التي لم تكره نفسها، وآمنت بأن ما حدث لي شر لا بد منه وأن الله سيحميني من الأشرار ولن يقترب مني أي شخص».
لمريم أبوان كبيران في السن، وكانت مهملة من أهلها وهي الطفلة الصغيرة في العائلة، تعرضت للكثير من التحرشات، «فوالدتي غير المتعلمة على الرغم من خوفها علي ومبالغتها بحمايتي، لم تتمكن من صدّ الشر الذي يأتي من الخارج. وفي كل مرة كنت أتعرّض للتحرش كنت أضعف وأخشى التحدث، حتى أصبحت مُدمرة، وتعرضت للكثير من المضايقات في المدرسة من الطالبات والمعلمات، حاولت الانتحار وفشلت محاولاتي. كل ما أتمناه أن افقد الذاكرة لأفقد معها كل شيء حياتي، أهلي، تجاربي، كل شيء وابتعد إلى حيث لا يعرفني أحد وأبدأ من جديد بلا خوف أو عقد. فقط أنا مريم التي تتمنى العودة إلى طفولتها القديمة قبل أن تلمسها يد بشر».
د. المنيف:غياب قانون للتحرّش الجنسي في السعودية، وحملة «البيضاء» لتوعية الأسرة

ذكرت استشارية طب الأطفال والمدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني الدكتورة مها المنيف أنه لا يوجد قانون يُسمّى قانون التحرش الجنسي، إنما هناك قانونان اعتمدهما مجلس الشورى، الأول هو قانون حماية الطفل، ويحتوي على مواد تشير إلى الاستغلال الجنسي للطفل وعقوبة ذلك. وقانون آخر يسمى قانون الحماية من العنف والإيذاء، وفيه أكثر من 23 مادة  من بينها مواد تُجرم التحرش الجنسي والعنف الجنسي ضد الطفل. والقانونان سيصدران قريباً.
وعن إجراءات التعامل مع الحالات المبلّغ عنها في ظل تأخر صدور القوانين، قالت المنيف إنه وفي حالات التحرش الجنسي ضد الأطفال يتم التعامل معها بالأنظمة والقوانين الموجودة، وهو قانون العقوبات الجزائية، وهو «شامل ويعاقب أي معتدٍ من خلاله».

ولفتت إلى وجود 41 مركزاً لحماية الطفل منتشرة في مستشفيات السعودية وجميع المناطق، ويضم كل مركز فريقاً متعدد التخصصات، يُقيّم الحالة ويُقدم العلاج، وإن كانت الحالة تحتاج إلى جانب أمني وقضائي يوصلها إلى محاضر الشرطة والقضاء، «كما أننا نتعامل مع الحالات مهنياً بكل جدية في مراكز حماية الطفل المنتشرة في قطاع الصحي». وتمنت وجود «نظام خاص في هذه الحالات كنظام متخصص في التحرش، لكن الأنظمة الحالية تحمي المتضررين والمستضعفين من الأسرة وهم الأطفال، وتعاقب المجرم».

 يقوم مركز الأمان الأسري بـحملة «البيضاء» ضد التحرّش الجنسي لدى الأطفال، وترتكز على جانبين، الأول هو توعية الأمهات والآباء على سبل حماية أبنائهم، والتحدث معهم حول كيفية حماية أجسادهم.  أما الجانب الثاني فهو توعية الأطفال عن طريق التلوين أو حقوق الطفل أو عن طريق كتيبات. تقول المنيف: «لدينا كتيب يحمل عنوان «انه جسدي» للأطفال. هو من تأليف برنامج الأمان الأسري بالتعاون مع خبراء تربويين وأطباء في بريطانيا، والرسوم لفنان سعودي، وهو من إنتاج برنامج الأمان. وهو يفيد الأطفال ممن هم أقل من 6 سنوات، لأنه يشرح بطريقة سلسة المحافظة على الجسد واحترامه.  ولا يمكن إيجاده في الأسواق فهو ليس لعامة الناس بل للأمهات والأطفال فقط. وكتيب «ألوان» عن حقوق الطفل موضوع بالتعاون مع اليونيسيف وحماية الطفل، وتم تعريبه وجعله ملائماً أكثر لعادات المجتمع السعودي».
الحملة ستكون لمدة 19 يوماً ابتداءً من الأول من تشرين الثاني/نوفمبر في مستشفيات الرياض ومدارسها، وتنتهي يوم 20 منه في الاحتفال الختامي في اليوم العالمي للحد من العنف ضد الطفل. وتقام هذه الحملة بالتعاون مع منظمات محلية ودولية منها منظمة قمة المرأة العالمية، ومحلياً القطاعات الصحية والقطاعات التربوية.

وأردفت المنيف قائلة: «لدينا في مركز الأمان الأسري الخط الساخن خط مساندة الطفل (116111). هذا الخط يعمل من الصباح حتى التاسعة مساءً، وتعمل فيه اختصاصيات مؤهلات نفسياً واجتماعياً وتربوياً للحديث وتقديم النصيحة والخدمة والرعاية للطفل. وإذا كان أي طفل  قد تعرض لتحرش جنسي فالخط أمامه مفتوح، وان احتاجت حالته التحويل الى جهات معينة لتقديم الخدمة فيتم تحويله للجهات المختصة». وأكدت أن «هذا الخط يروي قصص نجاحات كثيرة، وهناك الكثير من الحالات التي اتصلت، وكانت في أشد الأزمات من بينها تحرشات جنسية، وبمجرد الحديث معنا عن المشكلة حلّلنا الكثير من القضايا، وتم التواصل مع الأهل والطفل والجهات التي تحمي الطفل عن طريق مكالمة خط حماية الطفل».


تحت شعار «مكاني بينكم»
سعوديتان تؤسسان أول معرض للتحذير من التحرش الجنسي بالأطفال

أسست سعوديتان معرضا خيريا تحت شعار «مكاني بينكم» ويهدف للتوعية ضد التحرش الجنسي بالأطفال من خلال ورش مفتوحة هي الأولى من نوعها محلياً، يتم من خلالها توجيه الأطفال نحو السلوك الأمثل للتعامل مع هذه الأحداث، مثل طرق الدفاع عن أنفسهم، أو كيفية تعامل الأسرة مع هذه الأمور، وسبل التواصل مع الجهات المعنية أو مراكز الخدمة والمساعدة.
وقالت الاختصاصية النفسية في تعديل سلوك الأطفال وإحدى المؤسسات للمعرض والمسؤولة عن ركن التحرش الجنسي في المعرض بسمة عبد العزيز حلمي إن فكرة المعرض جاءت  من طالبة في إحدى جامعات الرياض، تستهدف ذوي الاحتياجات الخاصة فقط، وهي عبارة عن  نشاطات موزعة على شكل أركان ولكل ركن هدف خاص به . كان ابرز أركان المعرض ركن «جسدي ملكي» للتحذير من التحرش الجنسي بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

ولفتت إلى أن الهدف من إنشاء المعرض  هو تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة من منطلق نفسي واجتماعي،  «فكان ركن التحرش الجنسي  احد الأركان في المعرض، وهو ركن توعية وتثقيف الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة عن ماهية المناطق والخطوط الحمراء في أجسادهم والتي لا ينبغي لأحد الاقتراب منها، وفي حال اقتراب غرباء من هذه المناطق كيف يكون التصدي لهم وما هي ردة الفعل تجاههم. هذه التوعية لم تأتِ في إطار محاضرات بل جاءت على شكل مهارات يدوية وعملية مع مشاركة الأهالي، وعند إتقان الطفل هذه المهارات  يشجعه الفريق القائم بالركن ثم بعد ذلك يتم تسليمه  الكتيبات الخاصة بالتوعية والتي تناسب عمر الطفل».

وأكدت حلمي أن فكرة التحرش الجنسي بالأطفال لا تعتبر جديدة على المجتمعات العربية، «وأكثر فئة عمرية مستهدفة من هؤلاء الأطفال هم من المرحلة الابتدائية بدءاً من عمر الأربع سنوات إلى سن 11 سنة وأصغر حالة تحرش جنسي وصلت الى العيادة بعمر السنتين، وأكبر حالة كانت 32 سنة».
وأوضحت حلمي أن «العلاج في حالات التحرش بالأطفال يتم بشكل فردي، وكل جلسة لها سرية وخصوصية لما لهذا الموضوع من حساسية وحتى يشعر الطفل بالأمان أكثر. كما أن استخدام العلاج الجماعي يبقى للحالات الأكبر في السن».

د.الصواف: العلاج الجماعي  مفقود بسبب خصوصية الحالة وعدم وجود مختصين سعوديين 

ذكرت استشارية الطب النفسي والخبيرة الدولية للأمم المتحدة في مجال علاج الإدمان عند النساء الدكتورة منى الصواف أن العلاج الجماعي من أساسيات الطرق العلاجية المستخدمة  في حالات مثل التحرش الجنسي أو محاولات الاعتداء أو حتى التحرش اللفظي بالأطفال، وتعتمد على سنّ الطفل وإدراكه العقلي، والجزء الكبير منها يكون على هيئة العلاج باللعب. وأضافت: «غياب هذه الطريقة عن المجتمع السعودي له سببان، الأول يكمن في أن طبيعة هذه الجلسات تسبب الحرج للعائلات، لأن ثقافة احترام خصوصية الآخر ثقافة بسيطة في السعودية، إضافة إلى عدم الاعتراف في بداية الأمر بأن هناك نوعاً من التحرش، فيحدث نوع من التردد وعدم القبول. أما السبب الثاني فيعود إلى انعدام المختصين في هذه الطرق العلاجية، كما أن جانب العلاجي ألتأهيلي ليس موجود للأسف الشديد، ونتمنى وجوده».

وأوضحت أن أساليب التعامل مع الأطفال المتحرش بهم تختلف تماماً عن الأساليب مع الكبار سواء في التشخيص أو في العلاج، ومن بينها التشخيص باللعب أو العلاج باللعب: «للأسف هذه الوسيلة ليست موجودة في السعودية للاعتقاد بأن كلمة اللعب تعني نوعاً من الرفاهية. وأنا مع أي أمر يُساعد على تحسين الصحة النفسية بشكل عام، بشرط تهيئة المجتمع مُسبقاً وتوفير الوعي والإدراك والقابلية لاحترام مثل هذه الأمور سواء من القائمين عليها في المراكز أو من الحالات الموجودة».
وكشفت الصواف أن نسبة التحرش الجنسي بالأطفال الذكور من سن 6 سنوات إلى 10 سنوات أعلى منها لدى الفتيات والأمر يعود لسببين «الأول أن الوعي والإدراك والنصائح التي تقدم للبنت أعلى من النصائح التي تقدم للولد، والثاني أن التحرش يحدث في المدارس بشكل أكبر عندما يتولّد شعور الرغبة في التعرف على الاختلافات العضوية عند الذكور».


د.الزهراني: 22 في المئة من الأطفال تعرّضوا لتحرّش جنسي قبل سن 18، والمعلمون من بين المتحرشين...

من جانبه، ذكر الاستشاري النفسي ورئيس قسم صحة المجتمع بكلية الطب في جامعة الطائف الدكتور علي الزهراني أنه أجرى إحصائية قبل عشر سنوات على المناطق الوسطى والشرقية والغربية وجاءت نتائجها أن حالات التحرش الجنسي بالأطفال في السعودية مرتفعة وتصل الى 22% وأكثر. «وأكدت الدراسة أن الفئات العمرية المستهدفة هي من سن تسع سنوات الى 12 سنة»، لافتا إلى أن هوية المتحرّشين بالأطفال في الغالب وبنسبة 85 في المئة معروفه للضحية، وهم من الخدم والمربين، والسائقين، والمعلّمين والمعلّمات، وعمال البقالة والحلاقين، بالإضافة الى الأصدقاء والزملاء والأقارب وخاصة المراهقين.

 وقال الزهراني إن هناك بعض الدراسات التي «أجريناها في السعودية بينت أن 22 في المئة من الأطفال تعرضوا للتحرش الجنسي قبل سن 18 سنة، وأن 62 في المئة من هؤلاء المتحرش بهم لم يفصحوا عن هوية المتحرشين بهم. كما أنه وبنسبة 17 في المئة تم التحرش بهم من قبل الأقرباء، و12.3 في المئة من قبل الأصدقاء و4.8 في المئة من قبل الأخوة. وحوالي 2.1 في المئة من الطلبة دون سن 18 سنة من قبل المعلمين والمعلمات».

وأرجع أسباب التحرش إلى عوامل وأسباب عديدة منها «إهمال الأطفال وتركهم للخدم، كما أن إرسالهم الى البقال أو المقاهي بدون إشراف، مع جعلهم يلبسون ملابس جذابة ومغرية للآخرين يجعلانهم صيداً سهلا للمعتدين. واختلاطهم مع أبناء الجيران أو أقران أكبر منهم سناً أو حتى مع أقرباء دون الإشراف عليهم من مسببات التحرش، ذلك أنه في هذه المرحلة يبدأ اكتشاف الجسد بطابع الفضول، وقد تأتي ملامسات بين بعض الأطفال بحجة الاكتشاف لكنه يُعد بمثابة التحرش وهي حالات تتكرر بين الذكور». وحذّر من أن «النوم الجماعي بين الأخوة خاصة في مرحلة المراهقة أمر في غاية الخطورة، وعلى الأهل إبطال هذه العادة، لما لها من تأثيرات سلبية على الأطفال والمراهقين. إضافة الى تركهم بمفردهم مع معلم بمدرسة قد يكون معتديا أو متحرشا، ويجب على الأهل توعية أبنائهم بحسب أعمارهم، والتحدث معهم بأسلوب مثقف وواعٍ».

ولخص الزهراني أساليب الوقاية من التحرش الجنسي بالأطفال بأنه «يجب على الأهل التقرب من الطفل والتعرف على التغيرات النفسية التي تحدث له وعلاجها سريعا دون تردد، لأنه كلما تأخر في العلاج تفاقم الأمر لديه. والاعتداء الكامل والمفاجئ لايحدث إلا لـ ١٥٪ وأما البقية فيسبقها إرهاصات يستطيع أي أب أو أم اكتشافها قبل حدوثها».


حملة «لماذا أنا؟»... لا للتحرّش الجنسي الحربي: الحملة لم تأتِ من فراغ وصمت المجتمع سبب أساسي لانشائها

دشن نشطاء سعوديون «هاشتاق» توعوياً باسم «حملة لماذا أنا؟» على موقع «تويتر»، بغرض توعية الآباء والأمهات على حوادث التحرش الجنسي التي تقع لأطفالهم، وكيفية التعامل معها وطريقة التصرف في حال تعرض الأطفال للتحرّش. وتفاعل جمهور موقع «تويتر» مع الحملة داعين إلى توسيع نطاقها لتمتد إلى المدارس ودور الحضانة. تهدف الحملة إلى نشر الوعي بين أفراد المجتمع تجاه التحرش الجنسي ضد الأطفال، وتشجيع المتحرش بهم على البوح كخطوة أولى من العلاج.

وفي هذا السياق تحدث مؤسس الحملة الشاب الجامعي ماجد الحربي (23 سنة) الذي قال إن صمت المجتمع كان دافعا أساسياً لإنشاء هذه الحملة، وإنها لم تأتِ من فراغ، والهدف من وراء نشر قصص أشخاص تعرضوا للاغتصاب والتحرشات الجنسية «ليكونوا أمثلة حية لأناس يلتزمون الصمت في قوقعة هذه التجارب المؤلمة. ليقرأها المجتمع الذي يصمت عن المتحرشين ويلوم الضحايا ذكوراً وإناث. انطلقت تلك الحملة التي تهدف للتوعية بهذا الخطر الذي يحدق بأطفالنا وشبابنا وبناتنا وتثقيفهم بما يتناسب مع أعمارهم ومستوى تفكيرهم».

ولفت الحربي إلى أن هناك خلطاً بين مفاهيم التحرّش والاغتصاب مشيراً إلى أنه عند سؤال شخص عن معنى التحرش يجيب: «يأتي شخص ويمارس الجنس معك إجباريا أو يلامسك في المناطق الحساسة للتمتع. وهنا الشخص خلط ما بين التحرش والاغتصاب والاعتداء الجنسي. فالتحرش الجنسي يعني مضايقة من فعل أو قول غير مرحب به من نوع جنسي مثال ملامسة الأماكن الحساسة والتقبيل. أما الاغتصاب  فهو ممارسة أي عملية جنسية  مع  شخص دون رغبته بواسطة القوة أو الترهيب. والاعتداء الجنسي هو تعذيب الضحية بطريقة جنسية، و له قاسم مشترك مع الاغتصاب من ناحية ممارسة الجنس  إجباراً، إلا أنه يتضمن اعتداءات ليس بالضرورة جنسية. وبالنهاية جميعها جرائم مشينة، ونحن نسعى لرفع الوعي بين الناس تجاهها».