فارسات سعوديات خطفن الأنظار في استعراضات الخيول

جدة - عزيزة نوفل 19 يناير 2019

على وقع حوافر الخيول ارتسمت أحلام فتيات عشقن جمال عدْوها، وتطايرت بسمات فرحتهن مع صوت صهيلها. عشق امتطى سرج العزيمة ليسير نحو نجاح وتميز الفتاة السعودية في مضمار الخيل، الذي تخطّى مراحل الهواية والتسلية، وقفز فوق حاجز الاحترافية والتمرّس... فتيات يحلمن بتمثيل الوطن برياضة ركوب الخيل، ويعتبرن أنفسهن السّباقات في مجال الاستعراض والتقاط الأوتاد وقفز الحواجز في المملكة... فريق “سما الخيل” يروي جموح الشغف في أسطر رُوّضت لتكون كالآتي...


تخطّين الإصابات والانتقادات لطيران فوق شموخ الخيل

تصف الفارسة سما حسين قائدة فريق “سما الخيل” شعورها بامتطاء ظهر جوادها “المشهر” بتحليق فوق سحاب من العنفوان والكبرياء. فخرّيجة إدارة الأعمال بدأت قصة حبّها للخيل في عام 2011، وطوّرت موهبتها بالتمرين المستمر والسعي الدؤوب لاكتساب مهارات جديدة، فأتقنت مهارة التقاط الأوتاد وكانت السبّاقة في هذا المجال كفتاة سعودية تعيش في المملكة. وأكدت سما أن ممارسة شغفها لركوب الخيل لم يكن طريقه سهلاً، فخلال تدريباتها تعرّضت لإصابات كانت دافعاً قوياً لها للاستمرار، وبسبب حبّها لهذا المجال واجهت بعض الانتقادات والتعليقات لكونها سيدة تنتمي الى مجتمع محافظ، إلا أن التحدّي الأكبر تمثّل في عدم وجود مكان مخصص للتدرّب على رياضة التقاط الأوتاد، والتي تتمنّى سما أن تنافس بها ضمن فريق منتخب وطني في بطولات محلية ودولية.

وتشارك الفارسة دعاء عبد الإله فيض، 35 عاماً، خرّيجة إدارة الأعمال والتنمية البشرية، عضوات الفريق طموحاتهن وأحلامهن بالوصول الى العالمية وتمثيل الوطن في بطولات دولية. فدعاء التي بدأت مشوارها باحتراف الفروسية في عام 2010، طوّرت مهاراتها على أيدي مدرّبين أكفياء، وواظبت على التمرين في النادي لتصبح فارسة متمكنة من قفز الحواجز وأداء الاستعراضات ممتطيةً صهوة الخيل. وتؤكد دعاء أن هذه الرياضة الصعبة والخطرة والممتعة في الوقت ذاته، علّمتها الصبر والشجاعة وعزّزت ثقتها في نفسها، كما أن حبّها للمغامرة ورفضها للفشل جعلاها تنسى كل الإصابات الجسدية وتتجاوز الانتقادات السلبية، لا بل إنها تمارس شغفها مع فرسها “زلفى” فتتعامل معه كأنه طفل وتكافئه بالحلوى والجزر بعد الانتهاء من كل تمرين. وتحاول دعاء مشاركة كل ما تعلّمته في مجال الفروسية مع أي فتاة تحب الدخول الى هذا المضمار، وذلك في سبيل نشر هذه الرياضة في الأوساط النسائية في المملكة.

التطوّع بتعليم فنون الفروسية للفتيات الراغبات

تعلّقت بالخيل منذ زيارتها الأولى لأحد الإسطبلات، ووجدت نفسها تنساق وراء عالَم الفروسية منذ عام 2012، لتكتشف موهبتها التي تطورت بفضل التدريب، وتصل الى الاحتراف في مهارات السرعة والقفز و”التشنيع” وامتطاء الخيل بدون سرج.

هي الفارسة ومستشارة المبيعات ندى القحطاني، 27 عاماً، التي تركت رياضة ركوب الخيل أثراً إيجابياً في حياتها، وأكسبتها الكثير من الصفات النبيلة، وصقلت مهاراتها في التعامل، ومنحتها القدرة على التحمّل والصبر. غير أن طريق ندى نحو الاحتراف لم يكن معبّداً، فمواجهة رفض الأهل لخوفهم عليها من التعرّض لأي إصابة، كانت أكبر عقبة بالنسبة إليها، هذا بالإضافة الى ندرة النوادي والمدرّبين المعتمدين والإسطبلات التي تتمتع بمواصفات عالمية، ولذلك تسعى ندى حالياً إلى التطوّع في مجال تدريب الشابات الراغبات باكتشاف هذه الرياضة ومساعدتهن على ممارستها بدون عقبات.

علاقة الفارس بفرسه من أكثر العلاقات متانةً ونبلاً وإخلاصاً

شموخ، عزة وكرامة، تلك هي مشاعر الفارسة ريم خلف التي تعمل في مجال المختبرات الطبية في المنطقة الشرقية. فجمال الخيل الذي أسر قلبها في عام 2016، دفعها لأن تتلقى تدريبات الفروسية وتتعلّم المبادئ الصحيحة لركوب الخيل. وعلى الرغم من ندرة النوادي وبُعد أماكنها، أتمت ريم تدريباتها في مجال التقاط الأوتاد، لتلتحق بعدها بفريق “سما الخيل” الذي شاركت معه في عدد من الاستعراضات الرائعة. وترى ريم أن الفارس أو “الخيّال” دائماً ما يكتسب صفات الشجاعة والصبر والتحدّي والإصرار. فتعلّق الفارس بفرسه، وتعامله مع أجمل المخلوقات وأكثرها إحساساً ونُبلاً، يؤسّسان لنوع من العلاقات لا يمكن وصفه.

أما الفارسة حنين أحمد بالبيد، 30 عاماً، التي انضمت أخيراً الى فريق “سما الخيل” والمتخصصة في مجال “الغرافيك ديزاين” والتصوير الفوتوغرافي، فكانت رياضة ركوب الخيل متنفّساً لها إذ ساعدتها على التركيز والتخلص من الطاقة السلبية. فحبّ حنين للخيول منذ الصغر، جعلها تلمّ بلغة أجسادها وتتعرف على طباعها المختلفة وتنسجم معها، وهي بدأت التدرّب بشكل احترافي منذ عام، متحديةً ندرة الأندية النسائية وأسعارها الباهظة، وقد تمكنت أخيراً من إتقان المبادئ الأساسية لركوب الخيل، وتخطّط اليوم للوصول الى مستويات أعلى في التدريب، كما أنها تقترب أكثر من عالم الخيول لتعرف طرق ترويضها وكيفية التعامل معها.

العمل الخيري والتطوعي من أهم أهداف تأسيس الفريق

ترى قائدة الفريق سما حسين أن المجتمع أصبح أكثر تفهماً وتقبّلاً لممارسة المرأة هذه الرياضة، وإن كان البعض لا يعرف شيئاً عن الفروسية أو الخيول وأنواعها. فكثير من النساء على حد تعبيرها يعتقدن أن الفروسية تقتصر على ركوب الخيل فقط، ولا يعلمن أنها كباقي الرياضات تحتاج إلى الممارسة اليومية والتدريب المنتظم للحفاظ على لياقة الفارسة والخيل في الوقت ذاته. لذا، وبعد مرور خمس سنوات على ممارستها رياضة ركوب الخيل، بدأت تراودها فكرة تأسيس فريق، لتخرج بذلك من الإطار المرسوم للفروسية، والذي يقتصر على تطوير المهارات الذاتية فقط، وقد استغرق تأسيس الفريق واختيار عضواته عاماً كاملاً، وكان باكورة عملهن استضافة الأيتام ليوم كامل في النادي ورعايتهم والاهتمام بهم. كما أنهنّ لا يزلن يطمحن لتقديم المزيد من الأعمال التطوعية والخيرية.

المشاركة في مسيرة اليوم الوطني فخر لنا... والأمير خالد الفيصل شجّعنا على تحقيق طموحاتنا

أجمعت عضوات الفريق على أن اليوم الوطني 88 للمملكة كان مناسبة مميزة لهن، حيث إن مشاركتهن في المسيرة التي ضمت 19 فارساً وفارسة تحت رعاية هيئة الترفيه، شكّلت حدثاً هو الأول من نوعه في تاريخ المملكة. فالمشاركة النسائية في هذا اليوم، أشعرتهن بالفخر والاعتزاز وأدخلت السرور الى قلوبهن، كما أفرحتهنّ ردود فعل الناس الإيجابية والمرحّبة، خصوصاً بعد أن قدّمن استعراضاً في بطولة جمال الجواد العربي، تحت رعاية الأمير والمستشار الملكي خالد الفيصل. وعبّرت سما حسين عن فرحها بتشجيع الأمير لهن أثناء الاستعراض وبعده، كما أشارت إلى أنها صمّمت بنفسها الزي البدوي لتلك المناسبة، فهي فتاة نشأت في مجتمع يعشق حياة البداوة والخيل والشعر، لذلك أحبّت أن تربط مظهرها ومظهر عضوات فريقها بثقافة مجتمعها، وقد لاقى عملها هذا استحسان الجميع.

وتتمنّى سما وعضوات فريقها أن يحظين بالمزيد من الفرص للمشاركة في بطولات واستعراضات محلية وعالمية ضمن منتخب وطني، آملةً في الحصول على دعم معنوي ومادي من الاتحاد السعودي للفروسية، وتوفير نوادٍ حكومية بمواصفات عالمية للنهوض بمستوى أدائهن وتمثيل المملكة بشكل أوسع في البطولات العالمية، لكون عدد الفارسات اللواتي يمثّلن المملكة في الخارج محدوداً جداً، إضافة الى أنّهن ينافسن في هذه البطولات على نفقتهن الخاصة.

الفارسات المسجّلات لدى الاتحاد السعودي للفروسية

يشير سعود المغيري رئيس اللجنة الإعلامية في اتحاد الفروسية السعودي، الى أن الاتحاد الذي أُسّس في عام 1990 وبدأ فرسانه المشاركة في عام 1996 في بطولات محلية وعالمية، استطاعوا الفوز بعدد من الميداليات في رياضات قفز الحواجز، والتقاط الأوتاد، والقدرة والتحمّل، حيث حصل فرسان المنتخب السعودي للفروسية على أول ميدالية برونزية في أولمبياد سيدني عام 2002، وبرونزية ثانية في أولمبياد لندن عام 2012، إضافة الى عدد من الميداليات الذهبية في البطولات الآسيوية. وقد قدّم فرسان وفارسات هذه البطولات خارج المملكة، في حين أن البطولات التي ينظّمها الاتحاد داخل المملكة هي بطولات إما خاصة بالفرسان أو بالفارسات بشكل مستقل، كالبطولة النسوية التي أُقيمت في جامعة الأميرة نورة سابقاً، والعمل جارٍ الآن لتنظيم بطولات نسوية لهذا الموسم. ويؤكد المغيري أن هناك 166 فارسة مسجّلة رسمياً لدى الاتحاد السعودي للفروسية، وبينهن من يشاركن في بطولات دولية.