رئيس لجنة "روّاد من لبنان" الدكتور الفقيه ميشال كعدي تياسرت له التجارب الناجحة فقَام بها كفية

بيروت - "لها" 21 أبريل 2019

أديبٌ وشاعرٌ وفقيهٌ وناقدٌ عرفته المنابرُ فارسًا وكليمًا وخطيبًا، قال فيه سعيد عقل "سيف ع منبر" والشاعر جورج شكور، قال، أمير منبر وفارس كلام. الدكتور ميشال كعدي، جسَّد الرّوح اللّبنانيّة عظمةً وتراثًا، في زمنٍ تشتدُّ فيه الأزمات، والتطرّف والتصدّع والصّدام. انضمّ إلى "المؤسّسة اللّبنانيّة للإعلام" في أواخر العام 2017 للاستعانةِ بخُبُراتهِ الثقافيّةِ والاجتماعيَّةِ، وسرعان ما انتُخِبَ بالإجماع رئيسًا للجنةِ "روّاد من لبنان"، وفي نيّتهِ العمل من أجل لبنان الحضارة والتاريخ والحرف، من خلال موقعه، أمَّا التطلُّعُ فهو في تكريم لبنان وروَّاده، كلّ روّاده وإبراز طاقاتِهم المختلفة في الحقولِ كلِّها. مع صدورِ العددِ السّابع عشر من موسوعة "روّاد من لبنان" التي خدمت الوطن والفكر والثقافة وتاريخ لبنان، وسجّلت إنجازًا كبيرًا لأصحابِ الكفاءة، كان هذا اللّقاء مع رئيس لجنة "روّاد من لبنان" الدكتور الفقيه ميشال كعدي.


- كيف نشأت فكرة موسوعة "روّاد من لبنان"؟

عام 2003، أصدرتِ "المؤسَّسةُ اللُّبنانيَّة للإعلام" الجزء الأوّل من موسوعة "روّاد من لبنان"، بعد اجتماع عُقِدَ في دارة الرّئيسة الأُولى للجنة "روّاد من لبنان" الإعلاميّة زينة الخوري في بلدة عجلتون – كسروان بحضور أعضاء اللجنة التأسيسيّة، الإعلامي نجيب جزيني، وفخامة الرّئيس شارل حلو، والنائب بيار دكّاش، والأب أنطون الأشقر، العميد الرّكن الطيّار فوزي أبو فرحات، وشَدَّ الأملُ أن تكون هذه الموسوعة، أملاً بلبنان المستقبل، والتوثيق، والوصول إلى المُبتغى وتبيان حضارة لبنان وتاريخه.

وإذا كان الجزءُ الأوَّلُ مدماكاً رئيسًا لموسوعة "روّاد من لبنان" الذي صدر عام 2003، قد اقتصر على بعض الشخصيَّات التي تعمل داخل لبنان، فإنّنا في الجزء السابع عشر الذي صدر في أثناء فترة رئاستي، وبإيعاز وإرشادات القيّمين على العمل، كالرّئيس المؤسّس، لـ "المؤسّسة اللّبنانيّة للإعلام" الإعلامي نجيب جزّيني، وعضويّة كلّ من مدير عام قصر الأونيسكو الأستاذ سليمان خوري، والرّئيس المؤسِّس لمؤسّسة الخدمات التعليميّة عبر البحار Esol Education المربّي الدّولي وليد كامل أبو شقرا، والأمينة العامّة السابقة للّجنة الوطنيّة اللّبنانيّة لليونسكو البروفسور زهيدة درويش جبّور، والمؤرّخة والباحثة اللّبنانيّة- الأميركيّة مفيدة عابد، ورئيس اتّحاد الكتّاب اللّبنانيّين السابق النائب غسان مطر، نأمل أن نكون قد كوّنّا فكرة عامَّة، ورسمنا الخطوط العريضة كي نتمكّن من إكمال هذا المشروع الضروريّ من باب الواجب الوطنيّ والأدبيّ تجاه أجيالنا الناشئة التي من حقّها أن تجد مصدرًا مُهمًا للتعرُّفِ على هؤلاءِ الروّاد.

من هذا المنطلق، وفي زمنِ التّحوّلات الثّقافيَّةِ والجيوبوليتيكيّة، حاولنا القيام قَدْرَ المُستطاع بإعادةِ بناءِ الذَّاكرةِ الوطنيَّةِ بأعلامها ومفكّريها وسياسيّيها وفنّانيها وروّادها ومؤرِّخيها، الَّذين ساهموا بإعطاء أبعادٍ حضاريَّةٍ للكيانِ اللُّبنانيّ وللأجيالِ الطَّالعةِ.

وقد كرَّمتِ اللَّجنةُ عددًا من الأقطابِ الكبارِ والمُبدعين اللّبنانيين والعربِ بمنحِهم درعَ الروّادِ للإبداعِ العلميّ والتكنولوجيّ، وللخدمات الإنسانيَّةِ والنّشاطاتِ الاجتماعيّة، من دون أن ننسى مبادرةَ الشّبابِ، والفئاتِ العُمريّة، نذكرُ على سبيل المثالِ لا الحصرِ الرّوائيّة الجزائريّة أحلام مستغانمي، والفنّانة التشكيليّة الإماراتيّة الدكتورة سمر الشَّامسي ونقيب المحامين الأمير سمير أبي اللّمع وقنصل جمهوريّة الكونغو جورج فرنيني، والمحامي الشّاعر ريمون عازار وغيرهم الكثير.

- هل يمكن الأجزاء السّتّة عشر أن تساهمَ بروايةٍ شاملةٍ وموحّدة لبناء شخصيّةٍ فرديَّةٍ للهويَّةِ اللّبنانية؟

إنَّ الهويَّةَ اللّبنانيّة، غنيَّة بتعدُّديتها ومصادر ثقافتها وتطلّعاتها. والجدير بالذّكر، أنّ هناك تفاعُلات تُفجِّرُ عطاءً متكاملاً بين هذه الشخصيّاتِ الحاملةِ في بوتقتها مجدًا ثقافيًّا يمتازُ بالتنوُّع، وغنى اللُّغاتِ الّتي شكَّلتْ أفضلَ نموذجٍ للحياةِ الإنسانيَّةِ الشَّاملةِ في الوجودِ البشريّ، على وَقْعٍ ثقافيٍّ خاصّ. لذلك كانت هذه الموسوعة، التي نأملُ أن تعزّزَ إرادةَ ورغبةَ كلِّ من ذُكِرَ فيها، لعلَّ ذلك يكون في خدمةِ الوطنِ والنّاسِ، وخير المجتمع.

- ما هو واقعُ عملِكُم على الاغتراب اللُّبنانيّ في السِّياق نفسِهِ؟

قد يكونُ لعملِنا هذا، نقطةُ انطلاقٍ، لتوسيع آفاقِ معرفتِنا، عبرَ المدى، وانتشار دور العقل اللُّبنانيّ في جغرافيةِ العالم، حيث الوجودُ اللُّبنانيُّ الذي زَرَعَ لبنانَ في الأصقاعِ كلِّها، ومُدنِ العالمِ، ولا غرو في أن نقولَ إنَّه شاركَ وواكبَ في كلِّ العلومِ والأبحاثِ، وكان له يدٌ طولى في بناءِ الاقتصادِ والسياسةِ وإصلاحِ المؤسّساتِ العالميّة، ولا سيّما في البلاد الأميركيّة والأوروبيّة، ومِن الخطأ ألاّ نرافق تاريخنا القديم والحديث وحاضرنا ومستقبلنا، ومن الخطأِ أيضًا ألاّ نغطّي كلَّ النّشاطات اللّبنانيّة والعالميّة، كي نربط الواقع اللُّبناني الداخليّ والمحليّ بالانتشار اللبنانيّ في العالم بأسرهِ، وبدورِه الإنسانيّ الفاعل في خدمة الإنسان، بدءًا بالوطن، وصولاً إلى القارّاتِ البعيدة.

- ما هو برأيكم صدى هذا العمل؟

العمل هو أكثر من ضرورة وجدانيَّة. وقد تؤدّي هذه الأجزاء، التي أخذت منحًى إيجابيًا، إلى مساهمةٍ، منها الرّدّ ولو بالحدّ الأدنى، على بعض الأسئلة العالقة، حول حقوق الإنسانِ والعولمةِ والأنظمةِ الاقتصاديّة الحديثة، وتوافُق الحضارات ودور الإنسان فيها، باعتبار الموسوعة تهدفُ إلى أن تقدّم إلى القارئ روَّادًا ساهموا في الحضارةِ العالميَّةِ في مختلف حقولِ الأنشطة الإنسانيَّةِ، آملين أن تتحوَّل هذه الموسوعة إلى أيدٍ ممدودةٍ عبر الحدود والقارّات، وذلك من أجل إعلاءِ شأنِ الإنسانِ، ومِن أجلِ الحريّاتِ والدّيموقراطيَّةِ والسَّلام العالميّ المنشود.