رائدة الأعمال نادية الملحم: جائزة الـ "فوربس" أعطتني حضوراً قوياً في الاستثمار السياحي الرياضي

الدمام - آمنة بدر الدين الحلبي 10 نوفمبر 2019

من خلال رؤية 2030 استطاعت المرأة السعودية أن تخرج من عنق الزجاجة إلى فضاء أرحب في العمل التجاري والاستثماري وحققت مشاريع لا يُستهان بها على مستوى المملكة العربية السعودية في الداخل والخارج، بعد أن دخلت مجلس الشورى ومثّلت البلاد في الكثير من المحافل الدولية. رائدة الأعمال نادية الملحم استطاعت أن تتميز بمشروعها الاستثماري تحت عنوان "وكالة الملاعب للسياحة الرياضية في المملكة" وتكون رائدة في مجال الاستثمار من خلال الربط بين عالم السفر والرياضة. وإذ تهوى نادية الملحم السفر والترحال، التقتها "لها" خلال سفرها لتتعرف على هوايتها وكيف استطاعت تنظيم البرامج السياحية الدولية، والطريقة التي اتّبعتها لتتميز في تسويق حجوزات الفنادق والطيران بالتعاون مع وكالات سفر وسياحة عالمية حتى دخلت في عمق المجال الرياضي.


- على ماذا ارتكزت في مشروعك؟

دعيني في البداية أوجّه الشكر لمجلة "لها" التي أتاحت لي الفرصة لإيصال صورة الفتاة السعودية من خلال صفحاتها، لاعتبار ذلك جزءاً لا يتجزّأ من عملي وهدفي، وطموحي الذي أعمل لتحقيقه.

وبالعودة إلى سؤالك، فإن عشقي للسفر، جعلني ألاحظ الإقبال الكبير على المجال السياحي، وكثافة الحجوزات على مدار العام لمواسم مختلفة، مع ارتفاع في عدد الطلبات. لكن ما ميّز مؤسستنا رغم صغرها، هو حجوزات الفنادق والطيران بالتعاون مع وكالات سفر وسياحة عالمية، هذه الخطوة كانت بعد البحث عن المطلوب والمفقود في السوق السياحي السعودي.

- ما الذي كان مفقوداً في السوق السعودي؟

في عام 2014، لمستُ إقبالاً كثيفاً من السوق السعودي باتجاه السوق الخليجي متمثّلاً بزيادة مبيعات تذاكر المباريات الأوروبية الكبرى، من خلال تلك الملاحظة أخذتُ المبادرة وبدأت مشروعي بدراسة معمّقة للسوق السياحي السعودي والخليجي، وكان التركيز على الوفر الممكن في تكاليف المسافر السعودي بما أنه يمثّل السوق الأكبر في المنطقة، وكان من البديهي أن تُنجز أعمالنا ومعاملاتنا من خلال مؤسّسة رسمية باسم "وكالة الملاعب للسياحة الرياضية في المملكة" ذات سجلّ تجاري وعلاقات رسمية مع وكالات دولية لتوفير الخدمة بطريقة سليمة ومرخّصة. وكان الإقبال الأكثف، كما ذكرت، على شراء التذاكر من الشباب، سواء من داخل المملكة أو من خارجها، لحضور مباريات أنديتهم المفضلة في الخارج.

- من اختصاصية تغذية إلى مجال السياحة، لماذا هذه النقلة وكيف تحقّقت؟

بعد تخرّجي في الجامعة، لم أجد عملاً في مجال اختصاصي، فعملت في مجال التسويق في أحد المصارف السعودية، وبما أن نطاق العمل يشمل التسويق وخدمة العملاء، أصبح لدي شغف لإيجاد منتج مميز، له مزايا متعددة، لأطرحه للعميل من خلال مؤسّستي، فرحت أفكر كيف أجذب العميل وأكسب ثقته، إلى أن توصلت إلى فكرة مشروع للسياحة الرياضية يبدأ بتسويق تذاكر المباريات لمختلف البطولات وأهم الأندية الرياضية، بالإضافة إلى خدمات خاصة مثل السفر مع اللاعبين بطائراتهم الخاصة لكسب العميل من خلال تجربةٍ مميزة.

- هل سرقتك المؤسسة من العمل في المصرف؟

إطلاقاً، لأنني وجدت نفسي في مجال المال والأعمال، إلى جانب إدارة مؤسّستي على "النت"، والتي لا تتعارض مع عملي في المصرف.

- كيف درست في مجال واستطعت العمل في مجال آخر ونجحت؟

الكثير من الشباب طرحوا عليّ هذا السؤال، والجواب أنه بعد أربع سنوات من تخرجي، لم يستقبلني سوق العمل في مجال التغذية الصحية، فهل أستسلم وأجلس في البيت؟ سُدّت طريق نعم، لكنّ هناك طرقاً أخرى وممنوع على الإنسان أن ييأس.

- أين بحثت لتتعرفي على السوق السياحي في السعودية؟

المستهلك لم يعد موجوداً في المقاهي ولا في مكاتب الصحف اليومية، بل على وسائل التواصل الاجتماعي. بحثتُ في مواقع الحسابات الدولية التي تعرض المنتجات السياحية، فوجدت السعوديين والخليجيين وبعض العرب بكثرة هناك، يتساءلون عن تذاكر المباريات.

- هل أنت من هواة الرياضة وحضور المباريات الرياضية؟

إطلاقاً، ولم أكن أعرف عنها شيئاً. ظللتُ ما يقارب السنة أتعلم وأراقب أخبار الأندية وموازناتها والمباريات ومواعيدها والدوريات والبطولات والدول المشاركة، ورأيت أن الموضوع يتألف من شقّين، سياحي ورياضي، فدرست كل ما له علاقة بالمجالين السياحي والرياضي، لألمّ بعملي وأزيد معرفتي بمنتجي، وأعرف كيف أدير مؤسستي.

- بعد تذاكر المباريات، ما الذي أخذك الى سوق الفنادق؟

في تلك المرحلة تعاقدت مع وكالات دولية لتوفر لي خدمات الطيران والإقامة في الفنادق، حتى استطعت تكوين حزمة تشمل كل طلبات العميل من تذاكر الطيران إلى الحجز في الفنادق وتذاكر حضور المباريات، وصولاً إلى كل ما يهمّ عملائي وما يتعلق بالنوادي الرياضية في العالم.

- هل هناك برنامج خاص بالسياحة الرياضية للعميل؟

بعد وصول العميل إلى مطار المدينة التي تُقام فيها المباراة، يذهب الى الفندق المحجوز فيه باسمه، وأول يوم يكون للراحة ويقضيه في المدينة. وفي اليوم الثاني تكون له جولة للتعرف على النادي المسؤول عن المباراة والملعب الذي ستُقام عليه والمدرج حيث يجلس المتفرّجون والمشجّعون، وكل ما يخص اللاعبين وأغراضهم ومستلزماتهم، أما اليوم الثالث فيكون يوم المباراة، ورؤية الشوارع الرئيسة المحيطة بالملعب، وصولاً إلى أجواء المباراة وحيثيّاتها، وفي المساء يحضر المباراة لينتهي اليوم بجولة سياحية رياضية.

- لماذا اخترتِ السياحة الإلكترونية الرياضية؟

أول ما افتتحتُ مكتب السياحة كنت أبيع للعميل المحلي فقط، وهو عميل الخُبر، وجدت أن قائمة عملائي كانت قصيرة وتحملت تكاليف باهظة من دون أن أحقق أرباحاً، قفلت المكتب وأكملت بالتجارة الإلكترونية التي حققت لي عوائد جيدة، وكانت الأولى في السوق الاقتصادي.

- بعض الناس فقد الثقة بالتجارة الإلكترونية بسبب الاحتيال الكبير الذي تمارسه المتاجر الوهمية، ألم تأخذي هذا الموضوع في الاعتبار؟

بعدما سهّلت الدولة موضوع التجارة الإلكترونية، حصلتُ على سجلّ تجاري إلكتروني، وتوجهتُ إلى أحد البنوك السعودية لفتح حساب تجاري مصري حتى أكسب ثقة العميل، وخطوت كل خطوة بالطريقة الرسمية، لأوجد الثقة التامّة بيني وبين العميل.

أما بالنسبة إلى الاحتيال الإلكتروني فقد أحدثت الحكومة السعودية، بعد سنتين من انطلاق مشروعي، خدمة جديدة تحت عنوان "خدمة معروف" تابعة لوزارة التجارة لتسجيل بيانات أصحاب المتاجر الإلكترونية كاملة من خلال صفحتها الإلكترونية وتحقيق الضمان والمشروعية للتاجر، والضمان للعميل.

- ثقافتك واسعة ولافتة... من أين؟

هي نتاج دراسة عميقة وخبرة طويلة معاً، حين كنا نجتمع كتجار مع مسؤولين في هيئة الاستثمار والغرف التجارية كنا نطالب بتثقيف الشباب من ناحية التجارة الإلكترونية وعالم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لأن غالبية التجار الذين يعملون إلكترونياً يجهلون ثقافة السجل وخدمة "معروف".

- رائدة أعمال إلكترونية من عام 2013 إلى 2019، ألم تقعي في أخطاء؟

قبل البدء بتقديم الخدمة يجب النظر إلى احتمال الخطأ وتجنّبه ـ وتلك مسؤوليتي ـ وخاصة في التسويق وخدمة العملاء حيث يجب أن يكون العميل مرتاحاً للخدمات وراضياً عنها منذ بداية الرحلة إلى نهايتها، لذلك وضعت بنداً ضامناً تجاه العميل في كل معاملاتي، مفاده أنني بحال لم تُنفّذ الخدمة 100% أدفع للعميل تعويضاَ بنسبة 100% عن سوء الخدمة الحاصل. لذا، طوال مشواري المهني وقعتُ في أخطاء بسيطة لا تتجاوز نسبتها الـ 2% وتم تداركها فوراً، وظل العملاء راضين بعد إصلاح الأخطاء المذكورة.

- هل قدّمت خدمات لعملاء السياحة العادية مع السياحة الرياضية؟

إذا طُلبت مني خدمات لحجز التذاكر والحجز في الفنادق، أقدمها بدون تردد. وأعلن عن هذه الخدمات مع بدء موسم الصيف العائلي مع عروض جيدة، ولأنني معروفة في المجال الرياضي، يبقى عملاء المواسم العاديون قلة قليلة ولا يذكرون اسمي، لكن خطتي المقبلة تستهدف هؤلاء بدراسة متّزنة لكسب السوق السعودي من الطرفين.

- كيف وجدت السياحة العادية؟

متعبة أكثر من السياحة الرياضية، لأن الطلب فيها أقل من العرض.

- ما هي الدول التي تتعامل مع مؤسسة نادية الملحم؟

إسبانيا وبريطانيا وإيطاليا، ودول الخليج لا سيما دبي.

- شاركت في معارض السفر والسياحة على مستوى المملكة، كيف تقيّمين هذه التجربة؟

أنصح كل مبتدئ في مجال السياحة بالتوجه الى المعارض. وقد حضرت معرض السفر والسياحة في مدينتَي جدة والرياض نظراً للمقابل الخيالي الذي يحققه أي مشارك من انتشارٍ، وما ينسجه من علاقاتٍ عامة رغم تكلفة المشاركة الباهظة مع التغطية الإعلامية على أعلى مستوى.

- ما هي المعارض التي تطمحين للمشاركة فيها؟

معرض السياحة الأهم على مستوى المنطقة يتمثّل بسوق السفر العربي في دبي، وهو طموح أي شركة، سواء كانت أجنبية أو عربية، لأن قوة العلاقات تكمن في هذا السوق وتكاليفه الخيالية.

- أنتِ أول سيدة من الإحساء تحصل على جائزة "رواد الأعمال" المصنفة من مجلة "فوربس" الشرق الأوسط على مستوى المملكة لعام 2014، ماذا أعطتك تلك الجائزة؟

أعطتني حضوراً بارزاً في المجال التجاري لسنتين على التوالي أثبتُّ خلالهما ذاتي، وحصلت على عضوية لجنة الاستثمار الرياضي في الغرفة التجارية في الإحساء، التي كانت نقطة تحوّل في مسيرتي المهنية والتجارية. كذلك بتُّ حاضرةً في المجال الاستثماري السياحي الرياضي، وشرّفني حصولي على عضوية لجنة رواد الأعمال التابعة للغرفة التجارية في الإحساء. وفي مجالٍ متّصل، نلتُ أيضاً جائزة "الإصرار 2014" لأفضل قصة في مجال ريادة الأعمال ضمن أفضل 150 قصة ناجحة ومؤثرة في مجال الأعمال. وآخر الثمار كانت جائزة "الثريا" لعام 2019 التي أعادتني الى الأضواء لناحية إبراز نتاج الفتاة السعودية من خلال مقدرتها على العمل والإبداع والتميز والنجاح في كل المجالات الطبية والعلمية والرياضية ومجال المال والأعمال، وأنا بدوري أبرزتُ دور السياحة الرياضية إيماناً مني بأهمية هذا القطاع في النمو الاقتصادي والرياضي والذي أكدّته رؤية 2030.

- ما هي التحديات التي واجهتك وتواجهك باستمرار؟

المعوقات المالية تواجه دائماً رواد الأعمال، وكوني رائدة أعمال بدأت من الصفر، أحتاج الى مبالغ مالية أكبر للتوسع أكثر، لذلك فرواد الأعمال بحاجة إلى جهات ترعى مادياً المشاريع الصغيرة والمتوسطة على المدى البعيد، أو إيجاد خطط مرنة وسلسة لدعم مشاريعنا.

- رؤية 2030 سهّلت على كل سيدة سعودية اختيار العمل الذي يناسبها، كيف تقرأ نادية هذا الانفتاح الفكري والعملي؟

2030 شجعت الفتيات اللواتي لا يملكن الجرأة للانطلاق، وفتحت الآفاق الواسعة للانطلاقة مع بطاقات خضراء رغم بدايتي منذ 2013، لكن الرؤية أكسبت الانفتاح انطلاقة أوسع، ودعمت بقوة الشباب لإيجاد الفرص الرائعة، وشرّعت الأبواب أمام المرأة السعودية في كل المجالات.

- ما هي مشاريعك الجديدة؟

مشروع جديد مقبلة عليه، شركة استثمارية في مجال السياحة الرياضية تخدم شريحة عملاء أكبر، وفيه خطط واسعة، مع تطوير خدمات التذاكر لخفض التكاليف ورفع قيمة المنتج، بالإضافة الى التوسع في مجال السياحة العائلية وسياحة المغامرات، والذي يُعتبر خطاً جديداً ومميزاً مع خدمة التطوير والانتقال الى المستوى الأعلى.

- من يقف وراء هذا النجاح؟

كان والدي ولا يزال أكبر داعم لي، ومشجع في أعمالي، والآن زوجي يساندني في كل خطواتي.

- ماذا تقولين للفتاة السعودية التي ما زالت في بداية الطريق؟

الدولة تُسرع ويجب أن نُسرع معها، انطلقي مع رؤية 2030 وكوني جريئة لأنها فتحت لك كل الأبواب ومختلف المجالات ولم يعد أي مجال حكراً على الرجل، عملتِ في المجال الرياضي، فوجدت دعماً وتشجيعاً ومساندة وانبهاراً كبيراً.