كيف نعيش أعياد نهاية العام في زمن كورونا؟

سناء دياب 24 ديسمبر 2020

تحلّ أعياد نهاية العام ضيفةً قد ترمّم الأمل في النفوس التي تصدّعت في زمن كورونا. لكنها تأتي بمظهر مختلف حتى أن كثراً قد لا يتعرّفون عليها. فتبادل الزيارات أصبح خطأ لا يُغتفر، والجلسات العائلية على الموائد باتت تحتل المرتبة الأولى على لائحة الممنوعات. ولهذا يسأل الجميع: بأية حال عدت يا عيد؟ وعليه جاءت إجابة الاختصاصي في علم النفس الإيجابي ميلاد حدشيتي حاسمةً حيث أشار في لقاء مع "لها" إلى أن من الممكن الاستفادة من ظروف كورونا من أجل إيجاد المعنى الحقيقي والفعلي لهذه المناسبة.


- هل التفكير الإيجابي فعل فطري أم أنه يُكتسب من طريق التربية والتجارب الحياتية والتدرّب؟

يميل الإنسان الى الأمل في حياته، لأن هذا يساعده على مواصلة العيش. لكن في مواجهة مشاكل الحياة اليومية، لا بد له من أن يفكر بها مع ما يتبع ذلك من مشاعر سلبية. وهو يرى أن هذا يساعده على التخلص منها. لكنه خطأ يرتكبه وينطلق من غريزة البقاء، لأن توقّع ما هو سيئ يشكّل بالنسبة الى الكثيرين درعاً يمكن استخدامها في حال حدوث المفاجآت غير السارّة. ومن المعروف أن هذا لا يؤدي الى تغيّر الحدث السيئ نفسه، ولا يؤثر في طريقة التعاطي العملي معه. وفي المقابل، أشارت دراسات حديثة الى أن التفاؤل مهارة نتعلّمها. ومن الواضح أنه يمكننا برمجة أدمغتنا على التفكير بطريقة إيجابية، وعلى التعامل مع المواقف بمرونة.


- ما أبرز قواعد التفكير الإيجابي؟

لا يمكن الإنسان أن يتوقف عن التفكير بطريقة سلبية بين الحين والآخر. وفي هذا السياق، من الأفضل أن نُطلق على التفكير الإيجابي عبارة التفكير البنّاء. فقد شاع في السنوات الأخيرة سوء فهم لمعنى هذه الطريقة في التفكير، واعتقد الكثير من الأشخاص أنه طريقة تفكير سطحية ولا تقوم على معطيات علمية، بل تستند إلى الأمنيات فقط. ولهذا من الضروري التوضيح أن التفكير البنّاء هو التفكير المرن الذي يساعد على التعامل مع المواقف بحكمة وهدوء. وهذه أبرز قواعده:

● منح المشكلة حجمها الطبيعي المناسب لها والتوقف عن التفكير بأنها عامة وكبيرة. وهكذا يصبح في الإمكان التمييز بين ما إذا كانت عامة أم أنها تقتصر على جانب واحد من جوانب الحياة. فالشخص المتفائل يرى مثلاً أنه يواجه مشكلة في الناحية المادية أو العاطفية من حياته فقط، ولا يعتبر أن هذه الحياة دُمّرت بكل جوانبها.

● ومن المهم تحديد مدى المشكلة، أي إذا كانت دائمة أو ظرفية. فالمتفائل يرى أنها عابرة وظرفية ومرحلية، فيما يعتبرها المتشائم دائمة.

● يجب أيضاً التمييز بين المشكلة الخارجة عن السيطرة وتلك المرتبطة بخطأ ذاتي. ولهذا لا يوجّه المتفائل إلى نفسه التُّهم في حال كان سبب المشكلة عاماً.

● كذلك يقوم التفكير البنّاء على السعي الى إيجاد حلّ للمشكلة. وهكذا فإن الإنسان المرن يعيد النظر في أفكاره ويعدّلها وينظّم سلوكياته بما يتماشى مع ما هو أفضل له وللسبل التي يعتمدها لتخطّي المشكلة. فعلى سبيل المثال، يرى المتفائل أو المرن في مرحلة الحجر المنزلي فرصةً للقيام ببعض الأعمال والاستفادة من الوقت الذي تتم تمضيته مع العائلة. أما المتشائم فهو يشكو من الضجر والقلق والتوتر. إذاً، التفكير البنّاء لا يحل المشكلة بالضرورة، لكنه يساعد على تأمين الفعالية في التعاطي معها وفي التكيّف مع الظروف الطارئة.


- كيف يمكن تعزيز الإيجابية مع حلول أعياد نهاية العام في ظل كورونا؟

لا شك في أن هذه الأعياد تتّسم بطابع مختلف هذا العام بسبب الظروف التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد. ومن المعلوم أن العيد فرصة لتبادل مشاعر الإلفة والمحبّة والخير والطاقة الجيدة. وهو ما يُترجم عادة من خلال الزيارات والهدايا والموائد. لكن يبدو أن هذه العادات تواجه تحدّياً كبيراً هذا العام. ولهذا علينا أن نغير طريقة تفكيرنا بالعيد، وأن نعود إلى جوهره الحقيقي، أي لقاء أفراد الأسرة الصغيرة والاهتمام بهم وبشؤونهم والسؤال عن أحوالهم والإصغاء إليهم. ومن المهم تعزيز سبل التواصل والحوار. فهذا يشكل فرصة لاكتشاف المعنى الأكثر عمقاً للعيد، أي البُعد عن المظاهر المادية والاستهلاكية.

- ما الخطوات التي يجب القيام بها للشعور بالمعنى الحقيقي للأعياد في ظل الأزمات؟

من المهم أولاً تأمين التباعد الجسدي مع تعزيز التباعد الاجتماعي واستغلال الفرصة لجعله أكثر قوةً. كما يجب التنبّه إلى أن كورونا أظهرت الحياة البشرية على طبيعتها وكشفت هشاشة الإنسان. ولهذا من الضروري إعادة النظر في حقيقتنا وأُسس بناء حياتنا من أجل تأمين الشعور بالسعادة الفعلية بعيداً من كل الإضافات المادية.