أسرار صفقة بيع التراث الغنائي المصري
الغناء, سلمى المصري, الرضاعة الطبيعية, محسن جابر , محمد سلطان, حلمي بكر , قضية, عرض ازياء تراثية, شركة روتانا, قناة روتانا خليجية, أسامة الشيخ
03 أغسطس 2010فرصة كبيرة
أما نادية صبحي التي كانت تشغل منصب رئيس القطاع الاقتصادي وقت انعقاد الصفقة، والتي تعاقدت على عملية البيع فقالت: «صلاحية الأشرطة كانت قد انتهت وتحتاج ترميماً، ولذلك رأيتها فرصة كبيرة لعقد صفقة مهمة للتلفزيون المصري حول أشرطة لا تتم الاستفادة منها. وكانت صفقة مجزية منذ 6 سنوات حتى أن رؤسائي شكروني عليها فحققنا من ورائها 3.6 ملايين دولار حلت وقتها الأزمة المالية في المبنى. وما ادعاه البعض أن هذه الأغنيات ليست ملكاً للتلفزيون المصري كذب لأن الأغنيات التي بيعت كانت في حفلات أقامها اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ونحن انتجناها وصرفنا عليها ملايين الجنيهات، ولم تحقق العائد المرجو منها، بل سجلت خسائر. وما دعانا الى هذه الصفقة هو تدليلنا على بيع الأغنيات التي ينتجها التلفزيون المصري، وكان أصحاب القنوات الفضائية يرفضونها، ولم نجد إلا «روتانا» تقبل شراءها».
أما الموجي الصغير حفيد محمد الموجي فأبدى استياءه الشديد من هذه الصفقة، وأكد أنه من المفروض أن يعود مسؤولو التلفزيون الى الملحنين وأصحاب الأغاني الحقيقيين «لأنهم الوحيدون الذين من حقهم أن يوافقوا على بيع هذه الأغاني، ولا بد أن يعلموا في البداية من سيشتري هذه الأغنيات، وما هي جنسيته. فوالدي رفض بيع تراثه الفني بـ 3 ملايين دولار، في الوقت الذي كان يمثل هذا المبلغ ثروة في مصر، وهو يمتلك تراث أم كلثوم وعبد الوهاب ونجاة وميادة الحناوي، وهي الأغاني التي تم بيعها، فوالدي في حياته رفض التفريط بتراث بلاده، ولذلك لا بد أن أحافظ على ميراث والدي وأطالب ورثة الملحنين والشعراء الآخرين بأن يتخذوا موقفاً معي ضد هذا الأمر».
استياء
أبدى بعض الموسيقيين المصريين استياءهم الشديد من هذه الصفقة، فأكد نقيب الموسيقيين منير الوسيمي أنه لابد أن يبحث وزير الإعلام عن حل لإعادة هذا التراث، لأنه هو نفسه لا يمتلك الحق الكامل من الناحية القانونية للتنازل عن هذه الأغنيات، ولذلك اعتبر عملية البيع باطلة لأنها لم تنفذ فيها عدة شروط أهمها أن تكون عملية استغلال المادة المباعة محددة لطرف واحد، لذلك فلابد أن يتخلص التلفزيون من هذه الصفقة قبل أن يفكر أصحاب الأغاني في إقامة دعاوى قضائية عليه. وأكد ان نقابة الموسيقيين ستسلك كل الطرق للوقوف مع وزير الإعلام أنس الفقي وصاحب شركة «عالم الفن» المنتج محسن جابر ضد استمرار العمل بهذه الصفقة والتعجيل بحكم قضائي لإبطالها.
في البداية أكد المنتج محسن جابر صاحب شركة «عالم الفن» أن قضية بيع التراث تشغله منذ أيام صراعه مع «روتانا» على عرض أغنيات عبد الحليم حافظ، والذي بدأ عندما «باعت السيدة علية شبانة شقيقة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ نصيبها من الأغنيات لشركة «روتانا». وبذلك تفرّق حق استغلال الأغاني بين محمد شبانة شقيقه الآخر ومجدي العمروسي ونصيبي الذي اشتريته من الموسيقار محمد عبد الوهاب و«روتانا» وسعيت لشراء حقوق الجميع في هذه الأغنيات لأن هدفي أن يظل تراثنا الغنائي في أيدينا، وألا يحدث مع الأغاني مثلما حدث مع أفلام فاتن حمامة التي اشترتها القنوات الفضائية العربية وأصبح التلفزيون المصري يستأذنها حتى يعرضها ويطلب حق استغلالها، وللشركة أن توافق أو ترفض.
بالإضافة إلى أنني فوجئت بأن التلفزيون المصري باع «روتانا» أغاني يعود حق استغلالها في الأساس لشركتي، وهذه المواد تصل إلى 12 ألف ساعة من أصل 21 ألف ساعة مباعة تمثل المنتج الغنائي العربي، وأنا اشتريت غالبية التراث الموسيقي العربي من مختلف المنتجين العرب، وأصبحت امتلك 80 في المئة من التراث العربي الغنائي، وبالتالي قاضيت شركة «روتانا» بسبب قيامها بعرض أغنيات ليست من حقها».
وأضاف محسن جابر: «تفجرت القضية بعدما ظهر التلاعب في الصفقة التي تمت بين التلفزيون المصري وبين شركة «روتانا» عام 2004 والتي تبين أنها غير قانونية. وفوجئنا بإرسال الأمير الوليد بن طلال بياناً يؤكد فيه أن مكتبات «روتانا» مفتوحة أمام التلفزيون المصري ليستغلها، وأنا اعتبر هذا الخطاب تشويهاً لسمعة التلفزيون المصري، والإساءة إليه وكأن هذه المكتبات أكبر حجماً من حجم مكتبات التلفزيون المصري. وما يدلل على أن الصفقة كانت مشبوهة انه لم يتم الإعلان عنها حتى تتقدم الشركات الإنتاجية الأخرى بعروضها لوضع السعرالمناسب لهذا التراث».
وأوضح جابر أن حقوق الملكية الفكرية للإبداعات الفنية تنتهي بمرور 50 عاماً عليها ويمنع القانون المصري حق بيع هذه الإبداعات لكن يتيح بيع حق استغلالها في إطار مدة محددة، وهذا عكس الموجود في العقود المبرمة بين «روتانا» والتلفزيون لأنها غير محددة المدة.
واختتم حديثه قائلاً: «عرضت على التلفزيون المصري مؤخراً أن اشتري باقي التراث بضعفي الثمن الذي اشترت به «روتانا» لأن التلاعب الذي حدث في عمليه البيع بين الطرفين يجعل تراثنا في خطر».
وقال الموسيقار حلمي بكر: «ليس من حق التلفزيون المصري أن يبيع أغاني التراث إلا بعد أن يحصل على تنازل من مؤلفي هذه الأغاني وملحنيها، لأنها ليست ملكاً له. وحتى إذا كان المؤلف أو الملحن أو المطرب نفسه توفي فمن حق ورثته التصرف في ميراثه، وهذا ينطبق على الأفلام التي تحتوي على أغانٍ أيضاً، خاصة أن أغلب هذه الأغنيات مهداة للتلفزيون المصري». وأضاف بكر: «التلفزيون المصري لديه العديد من الطرق ليتخلص من العقود التي أبرمها مع «روتانا»، ومن الأفضل الطعن من الناحية القانونية حتى لو اضطرت جمعية المؤلفين والملحنين نفسها لتحرير محاضر ضد قناة «روتانا» لاستعادة تراثنا المسلوب».
ويُكمل بكر: «تراثنا الغنائي أصبح الآن في كل المحطات الفضائية والإذاعات دون علم أصحابه. والمسؤولون عن تسريب هذا التراث وتسهيل عملية خروج هذه الأشرطة من مبنى التلفزيون هم أنفسهم الذين أخرجوها على أنها منتهية الصلاحية، وهذا معناه أنه ليس الأشرطة فقط هي التي تم بيعها، ولكن المطربين أنفسهم أصبحوا ملكاً لروتانا».
تعاقد باطل
أما رئيس جمعية المؤلفين والملحنين الموسيقار محمد سلطان فأكد أن التلفزيون تنازل عن حق الدولة لأن التعاقد الذي تم بين القطاع الاقتصادي وبين «روتانا» باطل، «فهم لا يملكون ما يبيعونه إلا بعد أخذ المخالصة من المالكين الأصليين لهذه المصنفات، حتى أن حفلات المطربين أنفسهم ليس من حق أي جهة في الدولة التصرف بها، فهذه الحفلات هي ملك للشعب المصري لأنها أقيمت له. وأنا واحد من الذين يرفضون بيع تراثنا، فأنا صاحب اغنيات الراحلة فايزة أحمد وأرفض تماماً التنازل عنها، ومع ذلك تم بيعها إلى «روتانا»، وهذا غير قانوني».
اتفاق ولكن...
أما المهندس أسامة الشيخ فيؤكد أنه عقد اجتماعاً مع الدكتور وليد عرب هاشم النائب الأول للأمير الوليد بن طلال، صاحب قناة «روتانا»، وتم خلاله الاتفاق على استمرار العقد المبرم منذ عام 2004 بين التلفزيون وقناة «روتانا» مع إدخال تعديل على بنوده بحيث يكون العقد محدد المدة بـ 50عاماً، وتكون إذاعة هذا التراث الغنائي حصرية لقناة «روتانا». إلا أن هذا الاتفاق لا ينفي أنه حدثت أخطاء ومخالفات في عملية البيع، خاصة ما يتعلق بسعر الدقيقة، ولهذا فالتحقيق الذي تجريه النيابة قائم.
تحوّلت صفقة بيع التراث الغنائي المصري لشركة «روتانا» إلى قضية مثيرة تبادل فيها أطراف كثر الاتهامات حتى أن هناك من استنكروا الصفقة وطالبوا بتجميدها، واعتبروها إهداراً لثروة فنية لا تُقدر بثمن. وتقدمت هيئة الرقابة الإدارية بتقرير لوزير الإعلام المصري أنس الفقي تثبت من خلاله وجود مخالفات جسيمة في الصفقة التي تم التعاقد عليها بين القطاع الاقتصادي في اتحاد الإذاعة والتلفزيون وشركة «روتانا»، وتضمنت حق بيع أشرطة من التراث الغنائي المصري، وشملت الصفقة ما يزيد على 11 ألف دقيقة من الحفلات الغنائية لكبار المطربين المصريين بسعر عشرة دولارات للدقيقة، بما يخالف الأسعار المعتمدة في اللوائح، والتي تتراوح بين 500 و1000 دولار للدقيقة، وأحال وزير الإعلام الملف على النائب العام للتحقيق. فما هي أسرار هذه الصفقة المثيرة؟ وماذا يقول أطرافها؟