"لبنى" و"أحلام"... صديقتان تتحدّيان الصعوبات وتقتحمان عالم القنوات العائلية بنجاح

فرح جهمي - فرنسا 30 يناير 2022

في عالم السوشيال ميديا والبث السريع، برزت في السنوات العشر الأخيرة مهنة جديدة عبر موقع "يوتيوب"، خلطت الأوراق وغيّرت العديد من الأمور وباتت مصدر رزق للكثير من الشباب. ويعتمد المئات من العائلات حول العالم على عملهم كيوتيوبر للحصول على المال من الإعلانات والأرباح، بعد تطبيق الشروط المفروضة عليهم من الموقع الأشهر عالمياً. وباتت القنوات الشخصية والعائلية تنتشر بشكل واسع لنقل تفاصيل حياتهم الشخصية ومشاكلهم والصعاب، وأيضاً الحفلات والمناسبات الخاصة بقالب بسيط وسريع بهدف الحصول على التعاطف والتأثير في المشاهدين مقابل كمية كبيرة من الإعجابات والتعليقات، ولكن هذا الأمر تبدّل مع قناة "لبنى وأحلام"، الصديقتين اللتين استخدمتا الـ"فيسبوك" لإيصال موهبتهما في عالم الكوميديا والتمثيل الى أكبر كمّ من الناس، ولكن سرعان ما نجحتا في ذلك وعمدتا معاً إلى تطوير المحتوى لمجاراة التغييرات التي فُرضت على مواقع التواصل الاجتماعي وبدّلت رغبة المشاهد.


في الوقت الحالي، قد يبدو من الصعب على شابتين مصريتين بإمكانيات محدودة تحقيق النجاح والشهرة في عالم واسع من القنوات التي تحتاج إلى الكثير من الإبهار والتمثيل للفت الاهتمام والأنظار والحصول على متابعين، ولكن الصداقة المميّزة والعلاقة الأخوية اللطيفة التي تجمع بين "لبنى" و"أحلام"، كانت الباب لدخولهما الى قلوب أكثر من مليونَي شخص حول العالم ممن يتابعون المقاطع البسيطة والعفوية التي تجذب المراهِقات والأمهات، نظراً للمحتوى البيتي الخالي من الألفاظ السيئة والحركات المثيرة للجدل.

- بدأتما بتوثيق حياتكما الشخصية وتجاربكما عبر السوشيال ميديا. ما الدافع لقيامكما بهذه الخطوة؟

البداية كانت بمقاطع كوميدية على "فيسبوك"، وكانت فكرتي لأدعم صديقتي "لبنى" لأنني أراها دائماً شخصية كوميدية تجيد التمثيل وتمتلك كاريزما لطيفة تجعلها قريبة من الناس، فحاولت دعمها بتصوير مقاطعها التمثيلية المضحكة وتنزيلها على الصفحة، إلا أنني لم أكن أملك الجرأة لأظهر معها أمام الكاميرا، وبعد فترة لاحظنا أن هذا النمط من الفيديوهات لم يعُد يجذب المشاهدين الذين باتوا يفضّلون مشاهدة تفاصيل من حياة الآخرين وتجاربهم ويومياتهم، فبدأنا بمرحلة جديدة من العمل ولحقنا بالسائد على "يوتيوب" وتمكّنتُ من التغلب على خوفي وأصبحنا نظهر معاً في الفيديوهات واكتسبنا مع الوقت المزيد من الثقة والجرأة، وعمدنا بعدها الى توثيق جزء من حياتنا الشخصية، خاصة أن المحتوى المنتشر على "يوتيوب" بات كله هكذا، ونادراً ما تنجح القنوات التي تقدم أي شيء آخر.


العفوية والتلقائية مفتاح النجاح على "يوتيوب"

- ما هي النسبة المئوية التي تنقلان بها تفاصيل حياتكما، وأبرز الأشياء التي تتجنّبان نشرها؟

في الحقيقة، نحن ننشر فقط ما يتناسب مع ظروفنا العائلية، وغالباً ما نختار التفاصيل والأمور التي نريد إظهارها، وهذه النسبة لا تتخطى الـ 35 في المئة فقط من حياتنا الشخصية. ننقل ما نريده من حياتنا ولا ننشر، كما يفعل الكثير من اليوتيوبرز، كل ما يحصل في حياتنا الخاصة، بل نحاول دائماً إبقاء جزء من حياتنا ومشاكلنا بعيداً ولا ننقله خلال التصوير ونلتزم دائماً بالفكرة التي نضعها للفيديو.

كما نتجنّب بشكل أساسي نقل أي خلاف قد يحصل بيننا، ونبقي الأمر خاصاً بنا ولا نخبره للناس لأن صداقتنا أهم وأكبر من أي خلافات. كذلك لا ننشر مشاكلنا الشخصية ومجادلاتنا مع زوجينا أو أهلنا. في الحقيقة، ليس هناك شروط محددة لنقل كل الأمور للناس، بل نسعى دائماً لتقديم كل ما يعطي طاقة إيجابية للمشاهدين ويُفرحهم، وفي الوقت نفسه نصرّ على ألاّ تكون حياتنا الخاصة مكشوفة ومباحة للجميع.

- ما هو السبب الأساس في انتشار مقاطعكما والتفاعل معها بشكل واسع؟

أعتقد أن انتشار مقاطعنا يعود في الأساس إلى العفوية والتصرف بتلقائية أمام الكاميرا. الناس باتوا يعلمون مسبقاً ما إذا كان اليوتيوبر يمثّل أو يكذّب ويتصنّع بحركاته وكلماته أو حتى نبرة صوته، لذلك نحن نحافظ دائماً على عفويتنا ولا نغيّر أي شيء في شخصيتنا أو حركاتنا، وهذا يصل مباشرةً الى المشاهدين بصورة أن لا فارق بيننا وبينهم، وأن حياتنا ليست مثالية بل هي حياة طبيعية كأي صديقتين متزوجتين في أي دولة. وكل هذا ساعدنا في بناء علاقة صداقة افتراضية مع أغلب متابعينا الذين يتفاعلون معنا ويقترحون علينا الكثير من الأفكار الجديدة التي نسعى لاختبارها وتنفيذها، لأننا نتعامل دائماً معهم بصفتهم أصدقاء لنا.

الصداقة أقوى وأهم من الـ"يوتيوب"

- صداقتكما الوطيدة تجذب المشاهدين، كيف تخطّطان لمواجهة التغييرات التي تطرأ بسبب حياتكما الزوجية؟

في الأساس صداقتنا قوية ومستمرة قبل سنوات من دخولنا عالم الـ"يوتيوب" والسوشيال ميديا، خاصة أن هذا الأمر جاء بمحض الصدفة ولم نكن نخطّط له. صداقتنا الوطيدة يلاحظها المشاهد، لأننا كما قلت سابقاً نكون دائماً على طبيعتنا في الشارع أو في التحدّيات التي ننفّذها على القناة أو حتى في الجدالات التي تحصل بيننا، فكل ما نقوم به معاً يكون عن نيّة صافية ومحبّة، لذلك حتى وإن طرأ أي تغيير على حياتنا سنستمر في العمل معاً وسنُكمل ما بدأناه مع بعض ولن يؤثر ذلك فينا أو في نِسب المشاهدات والقنوات، لأن الأهم من كل ذلك أن صداقتنا أقوى من الـ"يوتيوب"، وهذا يصل الى الناس ويرونه بوضوح.


- من خلال السوشيال ميديا أصبحتما عنصرين مؤثرين، كيف تخطّطان لاستثمار هذا الأمر بشكل أفضل في المستقبل؟

نحاول دائماً تطوير المحتوى والقناة ونضع خططاً كثيرة للمستقبل لنقدّم ما يفيد المشاهدين، وخاصة الفتيات في سنّ المراهقة، وهنّ يتأثرن ويتفاعلن مع ما نقدّمه من محتوى عائلي أو ترفيهي ونسعى لتقديم المعلومة الصحيحة من خلال تجربة الكثير من الأمور، لا سيما تلك التي تُطلب منا لنيل إعجاب مشاهدينا، وبالتالي نمشي بخطٍ متوازٍ بين إرضاء متابعينا بأفكار جديدة وتجارب حماسية، ومتطلبات الـ"يوتيوب" للاستفادة أكثر لناحية الإعلانات والمعلنين.

كما نحرص دائماً على تطوير تقنياتنا لناحية الإضاءة والتصوير والمكان الخاص بنا. وفي الواقع، نحن نمتلك كاميرات متطورة جداً، ولكننا نلاحظ دائماً أن أغلب متابعينا يفضّلون الفيديوهات التي يتم تصويرها بكاميرا الهاتف ويتحمّسون لها، لذلك بتنا نصوّر أغلب أفكارنا بكاميرا الموبايل بعدما لاحظنا أننا نحصل بهذه الطريقة على عدد مشاهدات أكبر وتفاعل أوسع، وهذا على عكس باقي القنوات التي تعتمد على الكاميرات والإمكانيات الضخمة لجذب الانتباه وتحقيق الإبهار وزيادة نِسب المشاهدات وعدد المتابعين، ولكن مع ذلك نسعى دائماً لتطوير كل الأمور المتعلقة بعملنا، خاصة أننا نمتلك الإمكانيات لذلك.

نصائح صريحة للراغبات بالانضمام إلى "يوتيوب"

- ما هي نصائحكما لكل صبية تفكر بإنشاء صفحة على "يوتيوب"؟

نصيحتنا لكل الصبايا الراغبات في دخول عالم الـ"يوتيوب" التفكير جيداً بمضمون القناة، وأن يكون لديهن محتوى مختلف أو يمتلكن أفكاراً خاصة أو أي شيء خاص بهن يسعيّن الى تقديمه للناس. والأهم من ذلك أن تكون رغبتهن في العمل كيوتيوبر نابعة من شغفهن بالتصوير وإنتاج الفيديوهات، لأن أغلب من يحاولون الدخول الى هذا المجال حالياً، لا يقدمون على ذلك حبّاً بالتصوير أو بهذا العالم السريع وإنما بهدف الكسب المادي، وهذا خطأ فادح.

- كيف يمكن المنضمّات حديثاً إلى "يويتوب" النجاح والاستفادة من الصفحة مادياً؟

في الحقيقة، نحن بدأنا ولم نكن نعرف أن المسألة فيها كسب مادي. كان هدفنا الأساس دعم موهبة "لبنى" وأن تصبح مشهورة ومعروفة في عالم الكوميديا، ومن ثم أكملنا بدافع حبّنا للتصوير، وبالتالي فمن تفكر بالدخول الى "يوتيوب" لسبب مادي فقط، لن تستفيد شيئاً ولن تحقق أي نجاح يُذكر، خاصة أن إطلاق أي قناة جديدة يحتاج إلى مجهود كبير ومعه الشغف والحب لتقديم محتوى يلفت الأنظار، خاصة أن عدد القنوات واليوتيوبرز بات كبيراً جداً في الوطن العربي، وتحقيق النجاح والاستمرارية في غاية الصعوبة، علماً أن شركة "يوتيوب" فرضت شروطاً إضافية صعبة جداً، حيث بات المطلوب 4000 ساعة و1000 مشترك، أي حوالى 240 ألف دقيقة مشاهدة، وهذا شرط صعب التحقيق ويحتاج إلى مجهود ومثابرة. وفي ما يتعلق بالربح المادي أو الاستفادة من الإعلانات، فهذا لا يحصل في وقت قصير أو مباشرةً بعد فتح القناة، بل على العكس فأي قناة في البداية تحتاج الى الكثير من المال بدون أن تكسب أي ليرة في المقابل، وعلى كل شابة أن تعلم مسبقاً أنها لن تكسب من الـ"يوتيوب" قبل نحو عامين، وستكون الاستفادة ضئيلة ومحدودة وليس كما يظن أغلب المشاهدين.


يذكر أن لـ"لبنى" و"أحلام" أكثر من قناة على "يوتيوب"، ولكل منها محتوى مختلف، وقد شجّع هذا الأمر شقيقات الأخيرة اللواتي أقدمن على فتح قنوات خاصة بهن ويعملن عليها جميعهن كعائلة بشخصيات وطباع مختلفة، من دون أن تؤثر أي قناة في الأخرى. كذلك فتحت "أحلام" قناة خاصة بتوأمها "أدهم" و"جوري" وتوثق من خلالها لحظاتهما المميّزة وخطواتهما الأولى وتنقل من خلالها تجربتها الى الأمهات الجديدات، وتحلم الشابة المصرية بأن تصبح قناتها كالقنوات العالمية والأجنبية وتحصل على ملايين المشاهدات وتحقق انتشاراً عالمياً.