عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها

فرح جهمي - بيروت 01 أكتوبر 2022

قد تكون الغربة باباً للانتقال إلى حياة آمنة ومختلفة، لكن هذا يحتاج إلى التضحية بالكثير من الأفكار والأحلام وإلى المبادرة والاستفادة من تجارب الآخرين، لذلك يواجه المغتربون في البلاد التي انتقلوا إليها الكثير من التحديات التي تتعلق بالقوانين الجديدة وبطرق تكيّفهم مع العيش في بيئة مختلفة تماماً عنهم، وهذا ما نجح الثنائي السوري في تخطّيه من خلال قناتهما "عائلة حسام ورولا" على "يوتيوب" وصفحاتهما على السوشيال ميديا ونقل تجاربهما المتنوعة وطريقتهما في التخلص من الصعوبات التي تواجههما وتواجه أي شاب يومياً في بلاد الغربة. إن الانتقال للعيش في مكان آخر ليس سهلاً، فالتعوّد على الأمور الروتينية الجديدة والتأقلم مع القوانين والعادات يستغرقان وقتاً طويلاً، ولكن عندما ينقلها طرف آخر لك بكامل تفاصيلها بطريقة بسيطة ودقيقة تصبح الأمور أكثر سهولةً، وهذا ما يفعله الزوجان السوريان المقيمان منذ سنوات مع طفلتيهما في هولندا.


تمكّنت المهندسة المعمارية من أخذ زمام المبادرة وافتتحت قناتها الخاصة على "يوتيوب" التي تستخدمها لنقل تجاربها الصعبة في هولندا وتكشف بطريقة بسيطة سبل تخطّي التحديات التي تواجه المغتربين وخاصة السيدات منهم لناحية التسوّق واختيار المنتجات الجديدة والتأقلم مع المجتمع بكل ما فيه من اختلافات عن مجتمعنا العربي، وهي تحرص دائماً على إعطاء النصائح لمتابعاتها المراهِقات والأمهات الجديدات بقالب محترم وعفوي وكأنها تتحدث إلى صديقاتها في سوريا وتنقل لهن يومياتها وتستعرض أمامهن تفاصيل دقيقة عن الحياة في أوروبا لتسهيل حياتهن إذا عشن في الغربة يوماً ما.


نسعى لإفادة القادمين الجدد

تتحدث رولا عن الأسباب التي دفعتها وزوجها حسام لاقتحام عالم الـ"يوتيوب" وتوثيق حياتهما الشخصية مع طفلتيهما ميلا وبيرلا، وتؤكد أن "السبب الأول كان الغربة عن الأهل والوطن العربي، ومن خلال الـ"يوتيوب" وتعليقات الناس ومحبتهم لنا، شعرنا بأننا لسنا وحيدين في الغربة. والسبب الثاني كان رغبتنا في نقل تجاربنا المتنوعة في الحياة بهولندا ليستفيد منها القادمون الجدد".

وعن الصعوبات التي واجهتهما في البداية، تقول رولا: "إنشاء محتوى على "يوتيوب" هو مسوؤلية كبيرة، فكنا دوماً حريصين على أن يكون محتوانا مناسباً ويصلح لكل الأعمار، ونسعى دائماً للموازنة بين الترفيه والفائدة من خلال المعلومات والتجارب التي نقدّمها عبر قناتنا العائلية وقناتي الخاصة التي تحمل اسمي (رولا قاسم)، وبالتالي نحن نحب أن نشارك جزءاً كبيراً من تفاصيل يومياتنا مع متابعينا لأنهم باتوا جزءاً من حياتنا، ونحرص أيضاً في الكثير من المواقف والأمور التي تحدث معنا على الأخذ بآرائهم ونصائحهم وأفكارهم".

محتوى بسيط ومفيد عن الأمومة والأطفال

وبالفعل تحرص رولا من خلال قناتها الخاصة على مشاركة تجاربها وروتين يومها كأم وشابّة مقيمة في الغربة بمقاطع عفوية تحمل الكثير من المعلومات والتجارب المختلفة التي تعيشها في بلاد غريبة عنها مع زوجها وطفلتيها، وتقول الشابة السورية: "على قناتي أشارك متابعيّ من مختلف الأعمار تجارب لها علاقة بالأمومة والعناية بالأطفال والصعوبات التي أعيشها في هولندا، لا سيما أنني عندما أنجبت طفلتي الكبرى ميلا واجهت الكثير من الصعوبات في الغربة، فكانت الحياة صعبة مع مولود بكر، وكنت بعيدة عن أمي وأسرتي وفي منأى عن أي مساعدة معنوية، لذلك حين أنجبت طفلتي الثانية بيرلا حرصت على تقديم محتوى مختلف عن الحوامل والولادة والقوانين هنا مع المستشفيات والأطباء والمنتجات المفيدة للأمهات الجديدات المغتربات، وكنت أهدف من خلال هذه المقاطع الى أن أمنحهن المعلومات المفيدة التي حصلت عليها من تجربتي وقراءاتي الدائمة عن مواضيع الأمومة والأطفال، كي لا يشعرن بأنهن وحيدات في الغربة. أما على القناة العائلية التي تجمعني بحسام والطفلتين فنحب دائماً أن نشارك يومياتنا البسيطة ونعرّف متابعينا على متاجر وأماكن جديدة في هولندا". بالنسبة الى الأشياء التي يمتنع الثنائي عن تصويرها تقول رولا: "دوماً أفكر ألف مرة بابنتيّ حين تكبران وتشاهدان الفيديوهات، هل ستلومانني على إقحامهما بهذا العالم ونقل حياتنا وخطواتهما الأولى وتجاربهما وغيرها من الأمور... لذلك فأي فكرة أجد فيها قلّة احترام للطفلتين أمتنع حكماً عن تصويرها".

تأثير إيجابي لرولا وحسام في المراهقين

أصبحت رولا وحسام عنصرين مؤثرين في عدد كبير من المتابعين المراهقين من خلال محتوى قناتهما على "يوتيوب"، لذلك هما يحرصان على تقديم ما هو مفيد وينقلان يومياتهما بطريقة بسيطة وخالية من الاستعراض والمبالغة ويسعيان دائماً إلى تطوير محتواهما على القناتين ليناسب كل الأعمار مع الحرص على أن تكون الفيديوهات قريبة من الناس. وتقول الشابة: "الناس يتابعوننا ويحبوننا، لأننا نقدّم محتوى محترماً وننقل يومياتنا ببساطة ومن دون أي مظاهر استعراضية أو تمثيل، وهذا يصل إليهم بسهولة ونقرأه دوماً من خلال التعليقات التي يكتبونها لنا والتي يؤكدون فيها أننا نشبههم وقريبون منهم، لذلك لا تصل إلينا عادة انتقادات جارحة، ولكن الأمر لا يخلو من بعض التعليقات السلبية التي نتلقّاها بين الحين والآخر يكل احترامٍ وتقدير، خاصة إذا كان النقد بنّاء لتحسين محتوانا".

وعن انتقال أغلب اليوتيوبرز العرب للإقامة في دبي وتقديم محتوى جديد منها، توضح رولا: "لا أعلم أسبابهم الشخصية، ولكن أتوقع أن دبي باتت جذابة للمعيشة والإقامة لأغلب الناس بسبب التطوّر الحاصل فيها، إضافة إلى أنها تجمع الأجواء العربية بكامل تقاليدنا وعاداتنا. أما بالنسبة إلينا فنحن حالياً مستقرون في هولندا، ولكن مع الوقت كل شيء وارد، ويمكن أن ننتقل إلى بلد آخر في وقت لاحق".

نصيحة ذهبية للاندماج بالعادات الجديدة في الغربة

وتحدثت رولا أيضاً عن الصعوبات والتحديات التي تواجه أي شابة عربية في الغربة، مؤكدة أن "أصعب شيء هو البُعد عن الأهل والقدرة على التكيّف والتأقلم مع مجتمع جديد ومختلف كلياً عن مجتمعاتنا. وأظن أن البداية من الصفر من أصعب الأمور التي تواجه أي شخص في الغربة، فمن تجربتي الخاصة كان عليّ تعلم اللغة الهولندية ومعادلة شهاداتنا الجامعية والالتحاق بدورات تدريبية في مكاتب معمارية حتى نحصل على خبرة سوق مناسبة لإيجاد عمل في هولندا، وهذه الأمور تتراكم وتشكل عائقاً كبيراً على أي مغترب في البداية ولكن مع الوقت تصبح الأشياء أكثر سهولة مع العمل والتأقلم مع المجتمع الجديد".

وحول الاندماج في العادات الاوروبية والقوانين الهولندية، تنصح الشابة المقيمات الجدد في تلك البلاد بتعلم اللغة أولاً والدراسة والإنخراط بعدها فوراً في سوق العمل، إذ تقول: "بسبب عملي أنا وحسام كمهندسين معماريين في هولندا كان سهلاً علينا التأقلم بسرعة مع العادات الهولندية وأن نتعرف عليها عن قُرب ونأخذ منها ما يناسبنا، ومن أفضل العادات التي تعلمتها واكتسبتها من الشعب الهولندي هي تنظيم الوقت، فالشعب الهولندي منظم جداً وملتزم بالمواعيد، إضافة إلى الدقة والكفاءة في العمل".

ورغم ولادة ابنتيها في هولندا إلّا أن الطفلة ميلا تجيد التكلّم باللغتين العربية والهولندية وتستطيع فهم ما يقال لها بسهولة، فيما تحرص رولا على التحدث معها ومع شقيقتها البالغة من العمر سنة واحدة في المنزل باللغة العربية فقط لمساعدتهما على تعلّم لغتهما الأمّ، وهي من الأمور المهمة والضرورية التي لا بدّ منها في بلاد الغربة".