بعد أشهر عدّة من الترقّب، وعقب عرض مسلسل «هاري وميغان» الوثائقي على شبكة «نتفليكس» الشهر الفائت، والذي تطرّق فيه الأمير هاري وزوجته إلى مشاكلهما مع العائلة المالكة ووسائل الإعلام البريطانية، تم أخيراً طرح مذكرات الأمير هاري في كتاب بعنوان Spare أو «الاحتياطي». قد يكون هذا الكتاب الأبرز الذي يتناول العائلة المالكة منذ نشر كتاب «Diana: Her True Story» عام 1992 والذي تعاونت فيه الأميرة الراحلة ديانا، والدة هاري، مع أندرو مورتون. كما تزامن إطلاق كتاب هاري مع أربع مقابلات تلفزيونية أُجريت معه في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

مذكرات الأمير هاري تروي قصته بكلماته. والقصة تحمل ألماً فيما تتّسم الكلمات بالحميمية، مع كراهية شديدة وواضحة للصحافة الصفراء البريطانية. كانت كتابة المذكرات تجربة «مؤلمة» و»مريحة» بالنسبة إلى هاري.

فضائح كثيرة يتضمنها كتاب Spare. فالأمير هاري اتّهم شقيقه الأمير ويليام بطرحه أرضاً خلال شجار نشب بينهما عام 2019 بسبب ميغان التي تزوّجها هاري قبل عام من الحادثة. كما تطرّق إلى فقدانه عذريته وتعاطيه المخدرات، وقتله 25 عنصراً من عناصر حركة طالبان خلال خدمته في صفوف الجيش البريطاني في أفغانستان. إلا أن ضبّاطاً كباراً في الجيش البريطاني ندّدوا بهذه التصريحات التي اعتبروها مسيئة جداً.

سهام الأمير هاري على العائلة المالكة هل ترتدّ عليه؟

هجمات الأمير هاري طاولت كل أفراد العائلة المالكة. فما هي تداعيات تلك السهام وهل ترتدّ على مُطلقها؟

قدّم الأمير هاري في كتابه صورة متعاطفة إلى حدّ كبير مع الملك تشارلز، بحيث اعتبره الأفضل بين جميع أفراد العائلة. ووصف هاري والده بأنه رجل مرهف الحسّ ومُحبّ للكتب، وأنه بذل قصارى جهده للحفاظ على ترابط عاطفي مع هاري عقب وفاة الأميرة ديانا.

إلا أن ما قاله هاري عن الملكة القرينة كاميلا قد يصعُب على الملك تشارلز تحمّله. فقد قال هاري إن كاميلا حاولت مغازلة الصحافة الشعبية لتحسين صورتها العامة بعد تصويرها على أنها «شريرة». وأضاف أن هذه الاستراتيجية جعلتها «خطِرة». ولا شك في أن هذه التعليقات تبدو صعبة جداً بالنسبة الى كاميلا التي عانت كثيراً للحصول على دعم شعبي. وفي فصل آخر من الكتاب، يشيد هاري بكاميلا، إذ يدرك حجم السعادة والسلام اللذين جلبتهما لوالده، ويشيد بعملها مع ضحايا العنف المنزلي. يتضح إذاً أن كاميلا شخصية محيّرة بالنسبة إلى هاري. لكن سبق لهاري أن هاجم كاميلا في مقابلة له مع شبكة SBC، حيث وصفها حينذاك بالشرّيرة لأنها سرّبت بعض تفاصيل المحادثات الخاصة إلى وسائل الإعلام.

من جهة أخرى، تعرّض الأمير ويليام لانتقادات قاسية ومتكررة. فقد غيّر الكتاب الطريقة التي ننظر بها إلى علاقة الأخوين، لا سيما أنه بات معلوماً أن الأمور لم تكن على ما يرام بينهما في الفترة الأخيرة. ففي مذكراته، قال هاري إن ويليام كان الشقيق الأكبر، الغاضب والمحبط والذي يعاني من كبت. ولا شك في أن هذه الصورة لا تتطابق مع شخصيته العامة المتمثلة في كونه لطيفاً وأنيقاً ومتعاطفاً.

ورغم عدم تعليق الأمير ويليام بشكل علني على مذكرات شقيقه، أكدت مصادر ملكية مطلعة أنه يشعر بالغليان والدمار نتيجة ما كتبه هاري، وأنه غير قادر على مسامحته. أما كايت، فقد قال عنها هاري إنها المتوترة والرسمية، على عكس ميغان البسيطة والعفوية. وقد تحدّث الكتاب عن أشياء كثيرة بين كايت وميغان. وبالنسبة إلى هاري، فإن زوجة شقيقه هي كايت دائماً، وليست كاثرين إطلاقاً.

كما اتّهم هاري شقيقه ويليام وزوجته كايت بعدم منح أي فرصة لميغان، ورفضا التقرّب منها.

رأي الشارع البريطاني

أراد هاري وميغان ربما استعطاف البريطانيين، لكن ردود الفعل جاءت معاكسة تماماً في المملكة المتحدة، إذ أشارت الاستطلاعات إلى تراجع في شعبية هذا الثنائي، وخصوصاً ميغان. وعبّر البريطانيون عن امتعاضهم مما ورد في مذكرات الأمير هاري، وشنّت الصحف البريطانية حملة ضد الكتاب وما يحمله من اتّهامات للعائلة المالكة البريطانية.

ورغم الترويج الكبير للحلقة التلفزيونية التي بُثّت قبل طرح كتاب Spare في الأسواق، أظهرت الأرقام الرسمية أن عدد الذين شاهدوا المقابلة عبر «أي تي في» لم يتجاوز الـ4.1 مليون شخص.

وخلال تلك المقابلة، أصرّ هاري على أنّه وزوجته لم يتّهما مطلقاً العائلة المالكة بالعنصرية عقب تعليقات طاولت لون بشرة ابنهما المنتظر حينها. وقال هاري: «لم أوجّه هذه الاتهامات لهم، بل الصحافة البريطانية هي التي نقلت ذلك عن لساني»، مضيفاً أن ميغان لم تصف أيضاً أفراد العائلة المالكة بـالعنصريين.

إلا أن هاري وميغان كانا قد أكّدا في مقابلة أُجريت معهما في آذار (مارس) 2021 مع الإعلامية أوبرا وينفري، وجود عنصرية داخل العائلة المالكة، مما أثار ضجة واسعة حينها.

من جهة أخرى، أثارت مكتبة بريطانية إعجاباً وتفاعلاً كبيرين بين البريطانيين، على وسائل التواصل الاجتماعي، بطريقة عرضها كتاب الأمير هاري على واجهة المكتبة الزجاجية.

فقد عرض العاملون في مكتبة «بيرت» في سويندون كتاب الأمير هاري Spare «الاحتياطي» بجانب رواية How To Kill Your Family «كيف تقتل عائلتك»، في إشارة إلى مزاعم الأمير هاري ضد العائلة المالكة. وحظيت تغريدة مكتبة «بيرت» بالصورة لواجهة عرض الكتب بتفاعل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي.

أما مكتبة The Open Book في ريتشموند، جنوب غربي لندن، فقد عرضت مذكرات الأمير هاري بجوار كتاب عنوانه «تاريخ الخيانة» لديارميد ماك كولوتش.

مبيعات قياسية

أفادت دار نشر «بنغوين راندوم هاوس»، التي نشرت مذكرات الأمير هاري، بأنه بِيع أكثر من 1.4 مليون نسخة من الطبعة الإنكليزية خلال اليوم الأول من طرحها للنشر، وهذه أكبر مبيعات تحققها الدار لأي كتاب غير روائي.

يُذكر أنه تم نشر المذكرات بـ16 لغة في كل أنحاء العالم، وطرحت شركتا «راندوم هاوس أميركا» و«راندوم هاوس كندا» النسختين المطبعية والرقمية في أميركا الشمالية، ودار نشر «ترانسوورلد» في بريطانيا.