مانيشا فيرما مؤسّسة علامة Marushika: تصاميم تروي حكايات التراث



مانيشا فيرما، المؤسِّسة والمديرة الإبداعية لعلامة Marushika، مصمّمة أزياء تدمج بين الحِرفية التقليدية والابتكار المعاصر، مقدمةً تصاميم تعكس تراثاً ثقافياً غنياً برؤية حديثة. من اليابان إلى السعودية والكويت والإمارات، شكّلت رحلاتها وتجاربها المتنوعة مصدر إلهام في مسيرتها الإبداعية، حيث استطاعت أن تحول الفنّ التقليدي إلى أزياء فاخرة تحمل بصمة عالمية. في هذه المقابلة، تكشف مانيشا عن فلسفتها في التصميم، وكيف تبني جسوراً بين الماضي والحاضر عبر علامتها الناشئة Marushika التي أصبحت محط أنظار عشّاق الأزياء الفاخرة في دبي وخارجها.
نشأتِ بين ثقافات متعددة، من اليابان إلى السعودية والكويت والإمارات. كيف انعكست هذه التجارب على فلسفتك في التصميم؟
التنقل بين هذه البيئات المختلفة كان بمثابة رحلة إبداعية شكّلت أسلوبي الفني وأضافت الى كل جزء من عملي عمقاً ومعنى. استلهمتُ من اليابان فلسفة البساطة الراقية والجماليات المستوحاة من الطبيعة، بينما تأثرت في الشرق الأوسط بغنى التراث وثراء الهوية التي تتجلّى في التصاميم الجريئة والتفاصيل المعبّرة. وكلّ محطّة في حياتي أضافت بعداً جديداً الى نهجي، ورسّخت لديّ أهمية الجمع بين التقاليد العريقة والتصاميم العصرية التي تخاطب الزمن الحاضر. وهذا الدمج بين الأصالة والحداثة هو جوهر عملي، حيث أسعى لابتكار قطع تتجاوز حدود الزمن والثقافة.
أعمالكِ تُعرف بقدرتها على الجمع بين الحِرف التقليدية والتصميم العصري. كيف توفّقين بين هذين العالمين عند ابتكار مجموعة جديدة؟
بالنسبة إليّ، كل قطعة تبدأ باحترام التراث والتقاليد، ثم أُعيد تخيّلها بروح معاصرة تمنحها حياة جديدة. أستمدّ الإلهام من قصص الحِرف القديمة، وأتعاون مع الحِرفيين للحفاظ على روحها الأصلية، لكن برؤية حديثة تعكس أسلوبي الخاص. أحرص على الجمع بين القصّات العصرية والتقنيات المبتكَرة مع لوحة ألوان مدروسة، لتشكيل قطع تحمل طابعاً خالداً يجمع بين الماضي والحاضر في تناغم فني. التصميم ليس مجرد عملية إبداعية، بل هو حوار مستمرّ بين التراث والتجديد، حيث يلتقي الحِرفيون والمصمّمون لرسم ملامح جديدة للإبداع.
مجموعتك الأولى "إيدايا" احتفت بفنّ "مادوباني" العريق. ما الذي جذبك لهذا الفنّ، وكيف أعدتِ تقديمه في عالم الأزياء المعاصرة؟
لفنّ "مادوباني" مكانة خاصة في ذاكرتي منذ الطفولة، فلطالما كنت مفتونة بتفاصيله الدقيقة وسرده البصري العميق. وعندما بدأت العمل على "إيدايا"، أردت أن أكرّم هذا الفنّ بأسلوبي الخاص، وأُعيد تقديمه برؤية حديثة تجعله قريباً من جمهور عالمي.
في هذه المجموعة، لم يكن "مادوباني" مجرد عنصر زخرفي، بل كان القلب النابض لكلّ تصميم. استخدمتُ رموزه وأشكاله الهندسية ضمن قصّات معاصرة، وزيّنتها بتطريز يدوي فاخر، وأقمشة راقية، مع لمسات من كريستال شواروفسكي الذي منحها بريقاً خاصاً. كان هدفي أن يظلّ هذا الفنّ نابضاً بالحياة، ليس كذكرى من الماضي، بل كإبداع متجدّد يعبّر عن روح الحاضر بأسلوب راقٍ وخالد.
أنتِ ملتزمة بالعمل عن كثب مع الحِرفيين في تصميم مجموعاتك. ما التحدّيات التي واجهتها خلال هذا التعاون وما هي المكاسب التي حقّقتها؟
العمل مع الحِرفيين هو أحد أكثر جوانب رحلتي الإبداعية إلهاماً وإثراءً، لكنه في الوقت ذاته تحدٍ يتطلب الصبر والتفاهم. والتحدّي الأكبر يكمن في تحقيق التوازن بين الحِرفة التقليدية ومتطلبات التصميم الحديث. فهذه الحِرف نشأت في سياقات ثقافية محدّدة، ولكي نعيد تقديمها برؤية معاصرة، علينا بناء جسر يربط بين الماضي والحاضر من دون أن نفقد جوهرها. ويتطلب ذلك تواصلاً مستمراً، واحتراماً لأساليبهم العريقة، وإيجاد طرق جديدة لإحياء هذه الفنون من دون المساس بأصالتها.
أما المكافأة فلا تُقدَّر بثمن. هو شعور رائع أن أكون جزءاً من عملية تساهم في الحفاظ على التراث، وتوفير سبل عيش مستدامة للحِرفيين، ورؤية أعمالهم تصل إلى جمهور أوسع يتفاعل معها ويقدّر قيمتها. ولعلّ اللحظة الأكثر تأثيراً بالنسبة إليّ هي عندما يرى الحِرفيون أعمالهم معروضة عالمياً، ويشعرون بالفخر والاعتزاز بإرثهم حين يُحتفى به في سياق جديد. هذا ما يجعل كلّ التحديات تستحقّ العناء.
في عالم الموضة الذي تحكمه الاتجاهات السريعة، تبدو تصاميمك كأنها تتحدّى الزمن. كيف تحافظين على أصالة التراث مع إبقاء تصاميمك مواكِبة للعصر؟
السرّ يكمن في التركيز على الجودة، والسرد البصري، والقدرة على التكيّف. فالموضة المتغيّرة قد تفرض اتجاهاتها، لكن القطع التي تنبع من التراث وتُصنع بعناية تبقى خالدة في قيمتها وجاذبيتها. أستلهم من التقنيات الحِرفية التقليدية، وأُعيد تقديمها من خلال قصّات معاصرة، وخامات راقية، ولوحات لونية تتماشى مع الذوق الحديث. وهذه التوليفة تضمن أن تحمل تصاميمي روحاً أصيلة، لكنها في الوقت ذاته تواكب أسلوب المرأة العصرية وتنسجم مع احتياجاتها اليومية.كما أحرص دائماً على أن تكون القطعة أكثر من مجرّد موضة عابرة، بل قصة تروى من خلال التصميم، وتجربة تمتدّ عبر الزمن، حيث تتناغم الحِرفة مع الحداثة في انسجام تام.
كيف ترين تطوّر دور الحِرف اليدوية في صناعة الأزياء اليوم؟
الحِرف اليدوية تشكّل جوهر الفخامة الحقيقية في عالم الأزياء، خاصة مع توجّه المستهلكين نحو القطع التي تحمل معنى وأصالة. ففي عصر تهيمن عليه الموضة السريعة، أصبحت الحِرفية وسيلة للعلامات التجارية للتميّز، حيث يبحث الناس عن تصاميم تحمل هوية حقيقية، وقصصاً تتجاوز مجرد الملابس.
كما أن التوجّه نحو الاستدامة يدفع هذه الحِرف إلى الواجهة مجدداً، حيث تدعم الإنتاج البطيء والمدروس، ما يمنح كلّ قطعة طابعاً فريداً لا يمكن استنساخه. أؤمن بأن الحِرف اليدوية ستستمرّ في التطوّر، حيث تلتقي المهارات التقليدية بالابتكار الحديث، لتُنتج تصاميم تجمع بين التراث العريق والرؤية المستقبلية، ما يمنحها قيمة لا تبهُت مع الزمن.
"ماروشيكا" ليست مجرد علامة تجارية، بل منصّة تسلّط الضوء على أهمية الحِرف التقليدية. كيف ترين مستقبلها في دعم الحِرفيينوتمكينهم؟
أتخيّل "ماروشيكا" منصّة عالمية تدافع عن الحِرف التقليدية، وتُبرز جمالها الأبدي وأهميتها الثقافية في سياق معاصر. رؤيتي للمستقبل تتمثّل في توسيع نطاق التعاون مع الحِرفيين، وإنشاء مساحات تُمكّنهم من عرض مهاراتهم وإحياء فنونهم في بيئة تقدّر أعمالهم وتحتفي بها. أريد أن تصبح "ماروشيكا" جسراً يربط بين هؤلاء المبدعين والجمهور العالمي، بحيث لا يقتصر دورها على تقديم تصاميم جميلة، بل يمتد ليشمل حماية هذا التراث الغني وجعله جزءاً من حوار أوسع عن الاستدامة والحفاظ على الهوية الثقافية.
تصاميمك تحكي قصصاً من خلال الأزياء. كيف تتعاملين مع فنّ السرد البصري في كلّ مجموعة، وما هي الرسائل التي تطمحين لإيصالها؟
السرد البصري هو جوهر كلّ مجموعة أعمل عليها. تبدأ الرحلة بتحديد فكرة أو إلهام ثقافي يلامسني بعمق، ثم أعمل على ترجمته إلى ألوان، وأنماط، وقصّات تعبّر عنه بصدق. لا أريد أن تكون تصاميمي مجرّد قطع جميلة، بل أن تحمل معاني وقصصاً تشعر بها كلّ امرأة ترتديها.
أحياناً، أستلهم من قوّة المرأة وصمودها، وأحياناً أخرى أكرّم فنوناً تقليدية قديمة بإعادة إحيائها بلمسة معاصرة. فبالنسبة إليّ، كلّ تصميم هو رسالة، وكلّ مجموعة هي فصل جديد في قصة تُروى من خلال النسيج والخطوط والتفاصيل.
الموضة غالباً ما ترتبط بالهوية الشخصية. كيف تؤثّر جذورك الثقافية وقيمك العائلية في تصاميمك، وما الشعور الذي تريدين أن يختبره الناس عند ارتداء قطعك؟
تراثي الثقافي وقيمي العائلية يشكّلان الأساس الذي أبني عليه كلّ قطعة أصمّمها. نشأتُ في بيئة تقدّر الفنّ والتقاليد، وتعلّمت منذ الصغر أن الإبداع لا يقتصر على الجمال فحسب، بل يجب أن يكون أصيلاً وذا معنى. هذه القيم ترشدني في عملي، حيث أسعى إلى ابتكار تصاميم تُشعر من يرتدونها بالقوة، والأناقة، والارتباط بشيء أكبر من مجرّد الموضة، بل بهويتهم الخاصة وقصصهم الشخصية.
أريد لكلّ شخص يرتدي تصاميمي أن يشعر بالثقة والتميز، وبالتعبير عن النفس بأسلوب راقٍيجمع بين الأصالة والحداثة، لأن الموضة ليست مجرّد أزياء، بل هي انعكاس لمن نكون وما نحمله من تراث وذكريات.
ما الدور الذي تعتقدين أن الاستدامة تلعبه في عالم الموضة اليوم، خاصة مع تركيزك على الحِرف التقليدية؟
أصبحت الاستدامة حجر الأساس في صناعة الموضة، وهذا أمر في غاية الأهمية. من خلال العمل مع الحِرفيين واستخدام التقنيات التقليدية، فإننا نعزز ممارسات أبطأ وأكثر استدامة بطبيعتها. وهذه الأساليب ليست فقط أقل إهداراً، بل تضمن أيضاً جودة تدوم لسنوات، ما يقلّل من تأثير الإنتاج السريع. أثق بأن مستقبل الموضة يكمن في تقديم تصاميم لا تقتصر على الجمال فحسب، بل تحمل كذلك وعياً عميقاً بحِرفيتها وتأثيرها البيئي.
هل لديكِ نهج معيّن في التصميم؟ كيف يتحوّل المفهوم أو الفكرة إلى مجموعة متكاملة؟
تبدأ عملية التصميم لديّ بالبحث المكثّف وجمع الإلهام، أكان من الطبيعة، أو الفنون، أو القصص الثقافية التي تثير فضولي. وبمجرّد تكوين رؤية واضحة، أبدأ في رسم التصاميم، واختيار الأقمشة، ووضع أنماط التطريز بتفاصيل دقيقة.والتعاون مع الحِرفيين هو خطوة محورية، حيث يضيفون خبراتهم العريقة إلى كلّ قطعة. ومن خلال مراحل عدة من التعديل والتطوير، يتمّ من ثمّ صقل الفكرة وتحويلها إلى تصميم يجسّد رؤيتي بكلّ أبعادها.
غالباً ما يُوصف عملكِ بأنه يجمع بين الأناقة والأصالة. ماذا تعني لكِ "الأناقة" في عالم الموضة، وكيف تعبّرين عنها في تصاميمك؟
الأناقة بالنسبة إليّ هي الجمال الراقي الذي لا يحتاج إلى تكلّف، وهي تلك التفاصيل المدروسة التي تجعل القطعة خالدة في سحرها. إنها التوازن المثالي بين البساطة والتعقيد، حيث يكون لكلّ عنصر غاية ومعنى. أعبّر عن الأناقة من خلال القصّات الانسيابية، والزخارف المتقنة، والسرد البصري الذي يربط بين التصاميم في انسجام متناغم. فالأناقة بالنسبة إليّ ليست مجرّد مظهر خارجي، بل هي إحساس بالثقة والرقي ينعكس في كلّ تفصيل داخل التصميم.
ما النصيحة التي تقدّمينها الى المصمّمين الطموحين الذين يسعون إلى دمج تراثهم الثقافي مع الموضة العصرية، كما فعلتِ مع "ماروشيكا"؟
أنصحهم بأن يبقوا أوفياء لجذورهم، ويسمحوا لتراثهم بأن يكون جزءاً أساسياً من رحلتهم الإبداعية. وأقول لهم: لا تخشوا التجربة والابتكار، فالإبداع الحقيقي يكمن في القدرة على إعادة تقديم العناصر التقليدية بروح حديثة من دون أن تفقد أصالتها. من المهم أيضاً التعمّق في تعلّم الحِرف اليدوية التقليدية، ومعرفة كيفية مواءمتها مع ذائقة الجمهور المعاصر. وأخيراً، أوصيهم بالتحلّي بالصبر، وأن يتبعوا شغفهم، فالتصاميم التي تحمل أصالة وصدقاً هي التي ستبرز أكثر، وستمنحكم هويتكم الخاصة في عالم الموضة.
الأكثر قراءة

أخبار النجوم
بلاغ إلى النائب العام ضد محمد سامي وأحمد رزق...

إطلالات المشاهير
الملكة رانيا والأميرة رجوة وابنتها في عيد الأم...

أخبار النجوم
الجمهور غاضب من تيم حسن بسبب هذا المشهد

أخبار النجوم
أحمد السقا يتحدث عن انفصاله عن زوجته ويردّ على...

أخبار النجوم
مسؤول سوري يستقيل بسبب مسلسل "تحت سابع أرض" (صورة)
المجلة الالكترونية
العدد 1083 | آذار 2025
