وثيقة الأمم المتحدة لمناهضة العنف ضد المرأة تثير جدلاً ساخناً

علماء الدين, العنف ضد المرأة, المملكة العربية السعودية, د. مهجة غالب, د. عبلة الكحلاوي

26 أبريل 2013

خرجت وثيقة الأمم المتحدة لمكافحة العنف والتمييز ضد المرأة بشكل رسمي  بعدما حوصرت بالعديد من الأقاويل والاتهامات المثيرة للجدل بشأن بعض نقاط مسودتها التي لم تتناسب مع الدول الإسلامية بشكل خاص. كان ذلك في الدورة السابعة والخمسين للجنة المرأة في الأمم المتحدة التي عُقدت ما بين الرابع والسادس عشر من آذار/مارس الماضي. وكانت رئيسة اللجنة ميشيل باشليه قد وصفت الاجتماع بالـ«تاريخي»... وقد تباينت آراء بعض المختصين في هذا الشأن بين من يراها مُنصفة للمرأة ومن يراها مخالفة لأحكام الدين الإسلامي بحسب ما رصدته «لها» في هذا التحقيق الذي نبدأه بمواقف من السعودية.

كشغري: نحتاج إلى مكــان آمن لتلجأ إليه المعنفة
قالت أستاذة الأدب الإنكليزي في كلية اللغات والترجمة في جامعة الملك عبد العزيز أميرة كشغري إن هذه الوثيقة تناهض العنف ضد النساء والفتيات، «ولعلّ هذا البند من أهم البنود التي نُص عليها في الوثيقة والتي تعدّ من الأساسيات التي يجب أن تُطبق، وأن تكون مصدراً لتقنين الجرائم التي ترتكب ضد النساء والأطفال».
وأضافت: «علينا الاعتراف بالجهود المبذولة في السعودية من خلال المؤسسات والجمعيات الخاصة كبرنامج الأمان الأسري وغيره، والتي ركزت كلّها على محاولة الحد من العنف. لكن القضاء على العنف لا يتم بمجرد أوراق رسمية تُكتب، فيما قيمة القرار الصادر من الأمم المتحدة تكمن في تقنينه، بتوقيع واتفاق كل الدول الإسلامية على هذه الوثيقة خاصة في ما يتعلّق بناهضة العنف ضد النساء، سواء كان مبرراً بعادات وتقاليد أو حتى اعتبارات دينية. ديننا الإسلامي لا يمكن أن يكون إلا ضد العنف ضد المرأة، ولعلّها النقطة الأساسية في الوثيقة لأنها تتفق مع ما أقرّه الإسلام من الوقوف ضد الاعتداء الجسدي واللفظي ضد النساء. ويجب أن نسعى لإيجاد حلول للمرأة المعنّفة وخصوصاً من حيث الحصول على مكان آمن تعيش فيه. ونحتاج إلى خط ساخن تتصل به لتجد الحماية، فهناك سيدات كثيرات نسمع عن تعرّضهن للعنف، ولم يستطعن الخروج خوفاً من عدم إيجاد المكان الذي يمكت اللجوء إليه».
وأكدت كشغري أن هذه الوثيقة غير ملزمة «فلن تأتي الأمم المتحدة لتراقب ما إذا كانت دولة وضعت نصوصاً أو عقوبات لمرتكبي العنف ضد المرأة والطفل». وعن ردود الفعل التي رافقت صدور هذه الوثيقة أشارت إلى أن هناك من شوّهها بحجة تعارضها مع الأديان، وهو أمر غير صحيح وغير واقعي بل على العكس هو نوع من الاستغلال للدين.

حمّاد: أتحفّظ عن بعض النقاط ونظامنا القضائي في وادٍ والاتفاقات الدولية في وادٍ آخر
تساءلت عضو المجلس التنفيذي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان سهيلة حمّاد عن هوية الأعضاء المشاركين في صَوغ هذه الوثيقة،  لافتة إلى وجود مجموعة عربية كبيرة في الأمم المتحدة قادرة على تغيير الأطروحة بما يتناسب مع الدين الإسلامي. وقالت: «للأسف صدرت أحكام مسبقة على الوثيقة  حتى قبل اجتماع اللجنة، وقد صدر بيان الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في شأن ما تحويه الوثيقة وتم الاعتراض عليها أيضا».
وأسفت لوجود «من يعترض دون أن يقرأ. فمن واجبنا الانتظار إلى حين صدور الوثيقة، ومن بعدها نرى ما يُخالف ديننا فيها وما يتفق معه».  ورأت أن «ما يحدث من تهويل تجاه الوثيقة، يعود إلى أن المجتمعات العربية والإسلامية والمنظمات المحلية والإقليمية والبرلمانات العربية والإسلامية تلتزم الصمت حيال ما تتلقاه المرأة من عنف، ونجد أن الأمم المتحدة في هذا المسار تدرس وضع المرأة في العالم لأن سبعاً من كل عشر نساء في العالم يتعرضن للعنف».
وتحفظت حماد عن بعض نقاط الوثيقة، ومن بينها حرمان المرأة من حقها في  الميراث، معلّلة ذلك بما ينصّ عليه الدين الإسلامي من المساواة في حق الميراث وليس في الأنظمة. «لكن هناك الكثير من صور العنف التي تقع على المرأة ليس فقط في السعودية إنما في البلدان العربية خاصة في ما يتعلّق بقضايا الميراث، فنجد أنها تُحرم من حقها في الميراث». كما تطرقت الوثيقة إلى الزواج القسري، وإجبار الفتاة على الزواج، وتطرقت إلى زواج القاصرات، وحرمان المرأة من حقها في الملكية، وحقها في التعليم والعمل.
وأشارت حمّاد إلى أن «هناك من اعترض أيضا على الوثيقة بحجة أنها أجندة غربية وما إلى ذلك. وهنا أرغب في الاستشهاد له بما قاله الإمام بن حنيفة بأنه يحق للمرأة أن تُزوّج نفسها، وهو بالتأكيد لم يخضع لأجندة غربية. ومن اعترض على الشراكة في المسؤولية في المنزل، فليتذكر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخدم في منزله. وعندما يشارك الزوج مع زوجته ويساعدها في المنزل هل في ذلك أجندة غربية؟».  وحول  مدى إلزامية الوثيقة ذكّرت حماد بأن السعودية وقعت الكثير من الاتفاقات لكن «النظام القضائي والقوانين لدينا في وادي والاتفاقات الدولية في وادٍ آخر».

الخولي: أي نصوص لا تختتم بعقوبات فهي بحكم القواعد الأخلاقية
قال أستاذ القانون الدولي في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور عمر الخولي إن «هناك جدلاً بين فقهاء القانون حول ما إن كانت الوثيقة الدولية أعلى من القانون المحلي أم العكس. وبصرف النظر عن هذا الجدال، فإن موضوع العنف الأسري أو العنف ضد المرأة، لا تستطيع أي وثيقة دولية أو قوانين محلية السيطرة عليه. فالبحث في الأدوات أسهل من التحري عن الانضمام إلى وثيقة أو إصدار تشريعات محلي، لأن الأمر يحتاج إلى تنمية وتطوير قبل التحري عن التوقيع أو التحفظ في هذه الوثيقة».
أضاف: «نتحدث منذ أكثر من عشر سنوات عن العنف الأسري، بكل أشكاله وصوره، وكيفية القضاء عليه. لكن للأسف لم ننجح في التخلّص منه، ليبقى شعار التوعية مرفوعاً بين الناس، وإن لم تردعهم ذاتهم، قد تردعهم قوانين عن هذا الفعل».  وحول مدى إلزامية هذه الوثيقة في السعودية ذكر الخولي أن صدور مرسوم ملكي يعطيها قوة القوانين الداخلية، مستدركاً أن «العنف لن يتوقف  بناء على مطالبات وقوانين، فالحلّ يكمن في التوعية وتغيير العقول، وهو أمر يستغرق سنوات وسنوات. وهناك أناس لا تردعهم القوانين». وأكد الخولي أن أي نصوص لا تختتم  بعقوبات «تكون بحكم القواعد الأخلاقية أو الإرشادية والتوجيهية، وتعتبر مرجعاً يتم الاستشهاد به، ووجودها أفضل من عدم وجودها إلا أن الخضوع لها يكون طواعية أي بمحض إرادتنا. لكن إن اقترنت بعقوبة يتحوّل الأمر إلى نصّ قانوني».


وثيقة من الأزهر وبيان من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وتحذير من ليببيا

أثارت وثيقة الأمم المتحدة لمناهضة العنف ضد المرأة الكثير من الجدل الساخن والمثير بين علماء الدين في مصر وليبيا، خوفاً مما تحمله من أفكار واقتراحات «لا تراعي طبيعة المرأة العربية» ومعتقداتها الدينية، حتى أن الأزهر قرر الإسراع في تحضير وثيقته لحقوق المرأة ليرد بها على وثيقة الأمم المتحدة. كما أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بياناً رافضاً لتلك الوثيقة، وأطلقت دار الإفتاء الليبية أيضاً تحذيراً منها. فما الذي يخيف علماء الدين من الوثيقة؟ وما هي تحذيراتهم منها؟

الدكتور يوسف القرضاوي: المطلوب احترام التنوُّع الديني في الاتفاقات الخاصة بالمرأة والطفل
أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، برئاسة الدكتور يوسف القرضاوي، بياناً فنّد فيه ما جاء في  وثيقة «مناهضة العنف ضد المرأة» التي أصدرتها الأمم المتحدة، طالب فيه الأمم المتحدة باحترام التنوع الديني والقيم الإسلامية في الاتفاقات الدولية الخاصة بالمرأة والطفل وغيرها، مؤكداً رفض العنف ضد المرأة مع ضرورة تحرير المصطلحات، ومطالباً الدول الإسلامية بموقف موحد من هذه الوثائق. وأوضح بيان الاتحاد أن تحقيق العدالة ومنح الحقوق الطبيعية للمرأة هما إضافة حقيقية للمجتمع، الذي يتكوّن من رجل وامرأة، ولهذا فإن الإسلام اهتمّ بحقوق المرأة في إطار التكامل والتوازن وتوزيع الأدوار لتحقيق الخير والسعادة والانسجام داخل الأسرة التي هي النواة للمجتمع السعيد. وحذّر من أنه يلاحظ منذ فترة أن المؤتمرات الأممية تتجه في بعض الأحيان إلى ما يؤدي إلى تفكيك الأسرة والإضرار بها، ثم تصبح مقرراتها وثائق دولية، مثل اتفاقية سيداو ووثيقة بكين وغيرهما، وتمارس الضغوط الاقتصادية والسياسية على بعض الحكومات الإسلامية لتوقيعها، مع أنها تتعارض مع عقيدة شعوبها وقيمها وشرائعها الإسلامية العظيمة، ولهذا فإن الاتحاد يطالب الأمم المتحدة بالحفاظ على القيم والأخلاق والقوانين التي جاءت في الرسالات السماوية، والتي خاتمتها الإسلام، حفاظاً على الأمن والسلام الدوليين. وعلى الدول الإسلامية اتخاذ موقف موحّد برفض كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية والأديان السماوية، سواء في الوثائق السابقة كاتفاقية سيداو وبكين وغيرهما، أو أي وثائق لاحقة يتم طرحها للنقاش والتوقيع.

ظالمة وهدَّامة
لم تتوقف ردود الفعل على مصر، بل إن دار الإفتاء الليبية أصدرت بياناً وصفت فيه وثيقة حماية المرأة بأنها ظالمة وهدامة وتدعو للانحلال، وتهدف إلى نسف الأسرة وتقويض كيانها، والدعوة إلى الانحلال الأخلاقي، مما يجعلها مروقاً عن الدين ورداً سافراً لقواطع الشريعة في الكتاب والسنة. ولهذا يجب على المسلمات في مختلف الدول تنظيم وقفة احتجاج عالمية عند عرض هذه الوثيقة المشؤومة، وحذرت دار الإفتاء الليبية وزراء خارجية الدول الإسلامية من مغبة توقيعها، وذلك لأن الوثيقة تقر اقتسام الأدوار داخل الأسرة بين الرجل والمرأة، في قضايا الإنفاق ورعاية الأطفال والشؤون المنزلية والتساوي التام في تشريعات الزواج، مثل إلغاء كل من التعدد والعدة والولاية والمهر، وإنفاق الرجل على الأسرة، والسماح للمسلمة بالزواج بغير المسلم، والتساوي في الإرث، وسحب سلطة التطليق من الزوج ونقلها للقضاء، وإعطاء الزوجة سلطة أن تشتكي زوجها بتهمة الاغتصاب أو التحرش، ومنح الفتاة كل الحريات الجنسية، ومساواة أبناء الزنى بالأبناء الشرعيين مساواة كاملة في كل الحقوق.

وثيقة الأزهر
علمت «لها» من مصادرها داخل مشيخة الأزهر، أن وثيقة الأزهر لحقوق المرأة ستصدر في صورتها النهائية قريباً بعد انتهاء الحوار المجتمعي حولها،
بعد إعلانها في صورتها الأولية، وستتضمن في شكلها النهائي الرد على وثيقة الأمم المتحدة التي وُزّعت على أعضاء مجمع البحوث الإسلامية لكتابة ردود حولها، وكذلك حسم الجدل حول نصين في وثيقة الأزهر في ما يتعلق بالزى الشرعي والطلاق، إذ نصت الوثيقة المبدئية على أن يكون الطلاق بالتراضي بين الزوجين، وألا ينفرد الزوج بقرار الطلاق رغمًا عن الزوجة التي ترغب في الاستمرار، باعتبارها الطرف الأضعف، ورفض بعض أعضاء المجمع هذا النص معتبرين الطلاق حقًا مطلقًا للرجل في الإسلام، حتى إن كانت الزوجة لا ترغب في المفارقة. وكذلك تمسّك بعض أعضاء المجمع بأن يكون الزي الشرعي للمرأة في الإسلام بتغطية الوجه والكفين، وإضافة الآراء الشرعية التي تلزمها بارتداء النقاب، فيما كانت تبيح الوثيقة للمرأة كشف الوجه والكفين، بالإضافة إلى بعض البنود التي تخص الأعراف والعادات، والتي تختلف في صعيد مصر عن شمالها، وكذلك ما يتعلق بالحجاب لأن الوثيقة جعلته من الأمور الاختيارية.   وأشارت مصادر من داخل الأزهر إلى أن هناك اختلافاً أيضاً في ما يخص الطفل في أمور الحضانة، وخاصة أن أعضاء المجلس القومي للمرأة رفضوان مسألة الرؤية والحضانة المنصوص عليها في الوثيقة، وكذلك دراسة ما قدمته شخصيات نسائية التقت شيخ الأزهر قبل أسابيع قليلة، وقدمن له اقتراحات بالحد من التحرش والنهوض بتعليم المرأة ومشاركتها السياسية، وتحديد سن زواج الفتاة والمرأة الفقيهة وختان الإناث. ووعد شيخ الأزهر بدرسها، مؤكداً أن الوثيقة تستند إلى أن وضع المرأة في الإسلام قائم على المساواة مع الرجل، سواء في مكانتها الإنسانية أو من حيث عضويتها في الأمة والمجتمع، وأن العلاقة بين المرأة والرجل تقوم على المسؤولية المشتركة، كأساس لفهم العلاقة بين الجنسين في الأمة وتأسيسها، وقد قررت ذلك آيات واضحة بحيث لا يجوز تحجيم وضع المرأة من خلال أحكام جزئية، خاصة مع ضرورة احترام النصوص الشرعية الصحيحة المنظمة للعلاقة بين الرجل والمرأة وأولادهما والمجتمع بأسره، وأن مفهوم القوامة يؤكد المسؤولية الحكيمة والالتزام المالي نحو الأسرة، وأن يأخذ الزوج على عاتقه توفير حاجات الزوجة المادية والمعنوية بصورة تكفل لها الإشباع المناسب لاحتياجاتها، وتشعرها بالطمأنينة والسكن بما يحقق المسؤولية المشتركة بين الرجل والمرأة، لا سلطة التصرف المطلقة والهيمنة من جانب الزوج أو الأب تجاه الزوجة والأولاد.

للمرأة حقّ التصرَّف في ما تملك
ونصّت وثيقة الأزهر على أن للمرأة حقوقا سياسية واقتصادية مساوية للرجل باعتبار أن تطور المجالات والوظائف والأنظمة والأدوار السياسية والاقتصادية في المجتمعات المعاصرة يقع أغلبه في دائرة المصلحة المرسلة التي لم يشهد لها الشرع بالاعتبار أو الإلغاء. وما قد يختلف عليه منها فسبيله الاجتهاد من علماء الأمة، وللمرأة الحق في المشاركة فيها متى توافرت لها الكفاية والمقدرة، وخاصة أنها تتمتع بالأهلية الكاملة ولها ذمتها المالية المستقلّة ومسؤوليتها القانونية وحق التصرف الكامل المستقل في ما تملك. كما أن لها حقها الشرعي غير المنازع في الميراث، وعلى الدولة ضمان حصول المرأة على حقها، وعلى أهل العلم وحكماء الأمة وقيادات الرأي العام بذل الجهد لوضع حد للأعراف والتقاليد الظالمة التي تعطل إعمال النصوص الشرعية لميراث المرأة، ووضع الضمانات القانونية لحمايته.
وانتهت الوثيقة الأزهرية عن حقوق المرأة بتأكيد أهمية الأسرة التي هي أساس المجتمع ووحدته الأولى، وهي كيان تعاقدي ومادي ومعنوي، وينبغي اتخاذ كل الإجراءات والتيسيرات التى تدعم هذا الكيان وتصونه، وحسب ما تنص عليه شروط العقد وأساسه الأول هو التراضي والقبول المتبادل. ومسألة التوثيق إنما هي لحماية الطرفين، وبخاصة حقوق المرأة مع التأكيد أن الأسرة تقوم على المشاركة والشورى والعدل والمودة والرحمة. وقد كتب الله تعالى على الرجل الإنفاق على الأسرة فريضة عليه، نظراً إلى قيام المرأة بدورها الطبيعي في الإنجاب ورعاية الأبناء، لهذا فإن الإنفاق حق للمرأة والطفل وواجب على الرجل. ولا يعني ذلك حبس كيان المرأة والرجل في تلك الأدوار، لأن لكل منهما أدواراً أخرى متعددة، مع الأخذ في الاعتبار أن التعليم حق من حقوق المرأة في كل مراحل حياتها، ويجب أن تسعى الدولة والمجتمع لتوفير ودعم فرص المرأة في التعليم دون تمييز، وتوفير العمل المناسب لها إذا احتاجت إلى العمل أو احتاج العمل إليها، وحمايتها من الاستغلال والعدوان بكل صوره ومنه التحرّش وسائر صور الاعتداء الجنسي.

الدكتورة عبلة الكحلاوي: ظاهر الوثيقة الرحمة وباطنها العذاب
وصفت الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، وثيقة الأمم المتحدة أن «ظاهرها الرحمة بالمرأة وباطنها العذاب لها ولمجتمعها، لأنها كفيلة في حال إقرارها والموافقة عليها أن تؤثر بالسلب على الأسرة المسلمة بالكامل، وهو أمر لا نقبله ولا نرتضيه لديننا، لأن الشريعة الإسلامية كانت واضحة تماماً في ما يتعلّق بحقوق المرأة، وما تتضمنه الشريعة من بنود لحفظ المرأة وصيانة حقوقها لو طبقناه على أكمل وجه، لن نحتاج لمثل هذه الوثائق».   وطالبت الدكتورة عبلة الأزهر، عند إصداره وثيقة عن حقوق المرأة في صورتها النهائية، بأن «يفنّد ما في الوثيقة الدولية من سموم خادعة، وإبراز ما أعطاه الإسلام للمرأة من حقوق والتصدي للتقاليد الجاهلية التي ما زالت موجودة في مجتمعنا وتظلم المرأة باسم الإسلام».

الدكتورة سعاد صالح: المطلوب ردّ قوي على الوثيقة
وطالبت الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، بأن يكون «رد الأزهر من خلال وثيقته المنتظرة، وكذلك غيره من المؤسسات الإسلامية والمسيحية، رداً قوياً على هذه الوثيقة المشبوهة، التي تهدم الأديان والأسرة، وتحض المرأة على الرذيلة والفاحشة. وعلى الدول الإسلامية والمسيحية التي تحضر مناقشة هذه الوثيقة أن ترفض التوقيع عليها مهما كانت الضغوط الدولية، لأنها دعوة مفتوحة لإشاعة الفاحشة في بعض المجتمعات الإنسانية التي ما زالت تحتفظ بتماسكها بسبب تماسك أسرها، وهو ما يسعى إليه الغرب من تمزيق للأسرة المسلمة والمسيحية الملتزمة بدينها، لأن الأسرة هي خط الدفاع الأول ضد كل مخططاته الخبيثة».

الدكتورة مهجة غالب: حذارِ من الخِداع
حذرت الدكتورة مهجة غالب، عميدة كلية الدراسات الإسلامية، من «محاولات الغرب، الذي يسيطر على المنظمات الدولية، اختراق الأسرة التي هي عماد المجتمع وصمّام الأمان الحافظ له، وبالتالي فإن هدم الأسرة هو هدف للغرب يسعى إليه منذ سنوات طويلة، عن طريق وثائق تحمل عناوين براقة لتمرير قوانين واتفاقات تكون ملزمة للحكومات لتوقيعها. وبالتالي يتم تغيير القوانين طبقاً لهذه الاتفاقات التي تسعى لتدمير الأسرة، تحت دعاوى تمكين المرأة والمساواة والعناوين البراقة التي نسمع عنها». وحذرت الدكتورة مهجة وسائل الإعلام من «الانخداع بتلك الوثائق ومحاولة تجميلها وحشد تأييد لها مكيدة في المعارضين لها، وذلك لأن أخطار تلك الوثائق ستحرق مجتمعاتنا العربية والإسلامية كلها ولن ينجو منها أحد».
 

وثيقة «منع جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة»:اتساع تعريف العنف

«إنهاء العنف أمر ملح»، ومع ذلك  يبدو الموقف الموحّد تجاه وثيقة «منع جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات» مستحيلاً في العالم العربي الذي يتفرّد بخصوصية تمكين المرأة وتحديد مكانتها. لكن مهما تضمنت هذه الوثيقة واجتُهد في تحليل تفاصيلها الخلافية التي لم ترد غالبيتها في النص النهائي، لا يمكن أن نغفل أن ثمة نساء يطلق عليهن «الناجيات» و«قاصرات تزوجن قسراً» و«نائيات»...
تضمنت وثيقة «منع جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة» التي وضعتها لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة (الدورة 57)، 34 بنداً شارحة أهم الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان والمرأة والطفل وتعريفات شاملة للعنف ضد النساء، مما أثار حفيظة بعض الجهات الدينية. كما هاجمها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الدكتور يوسف القرضاوي.

ملخص الوثيقة
تشير اللجنة إلى تضمين الجرائم المتعلّقة بالنوع الاجتماعي وجرائم العنف الجنسي في نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك إقرار المحاكم الجنائية الدولية المخصّصة والذي يعتبر أن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي يمكن أن يشكلا جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية أو فعلاً من جرائم الإبادة الجماعية أو التعذيب.
هل اتسع تعريف العنف في هذه الوثيقة فعلاً؟ أم أن المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها العالم العربي تمنح بعض البنود أبعاداً قد تعتبر إمعاناً في «الخصوصية العربية والإسلامية». شددت اللجنة على أن الحق في التعليم هو حق من حقوق الإنسان والقضاء على الأمية وضمان المساواة في الحصول على التعليم ولا سيما في المناطق الريفية والنائية. ونادت بتطوير سياسات وبرامج تعطي أولوية لبرامج التعليم الرسمي وغير الرسمي التي تدعم الفتيات وتمكنهن من اكتساب المعرفة وتنمية تقدير الذات وتحمل المسؤولية عن حياتهن الخاصة وشددت على أهمية صحة الفتاة الجسدية والقضاء على الزواج المبكر والقسري للأطفال وختان الإناث والاستغلال الجنسي للأطفال وزنا المحارم ...
أشارت الوثيقة إلى تفصيل ربما يغمز من قناة «فحص العذرية العسكري» (قضية الكشف عن عذرية المتظاهرات المصريات أثناء أعتقالهن لدى الجيش) الذي شهدته مصر، فقد تضمّنت الوثيقة عبارة «الإهانة والإجراءات الطبية القسرية». كما تناولت نقاطاً إنسانية مؤلمة نتيجة القرارات التي لا رجعة فيها مثل : «استئصال الرحم القسري وإحداث العقم القسري  والإجهاض القسري واستخدام وسائل ومنع الحمل القسرية، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات ذوات الأوضاع الضعيفة والفقيرات».

التحرّش الجنسي لتخويف النساء
أكدت اللجنة أن العنف ضد النساء والفتيات تمتد جذوره فى عدم المساواة في علاقات القوة بين المرأة والرجل عبر التاريخ والبناء المجتمعي. ويستمر فى كل دولة فى العالم باعتباره انتهاكاً صارخاً للتمتع بحقوق الإنسان مرتبطاً ارتباطاً جوهرياً بالصور النمطية عن المرأة التي تكمن وراء هذا العنف وإطالة أمده. وأقرّت أن العنف الأسري لا يزال أكثر أشكال العنف انتشاراً ويؤثر على النساء من جميع الطبقات الاجتماعية على مستوى العالم. كما أعربت عن قلقها العميق إزاء العنف ضد النساء والفتيات فى الأماكن العامة، بما فى ذلك التحرّش الجنسي، وخصوصاً عندما يتم استخدامه لتخويف النساء والفتيات اللواتي يمارسن أى حق من حقوقهن الإنسانية وحرياتهن الأساسية.

المشاركة في صنع القرار وعبء العمل المنزلي
حثت اللجنة الحكومات على كافة المستويات وحسب الاقتضاء، والكيانات ذات الصلة فى منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية للنظر في التصديق أو الانضمام إلى اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الاختيارية الخاصة بكل منها، والحد من مدى أي تحفظات عليهما. وشدّدت على ضمان المساءلة عن أعمال القتل والتشويه واستهداف النساء والفتيات وجرائم العنف الجنسي، كما هو محظور بموجب القانون الدولي، مع التأكيد على ضرورة استبعاد مثل هذه الجرائم من أحكام العفو العام. وأشارت إلى ضرورة دعم المشاركة الكاملة للمرأة فى الاقتصاد الرسمي والسياسة وعملية صنع القرار ووصولها على قدم المساواة إلى التوظيف الكامل والعمل اللائق. كما تناولت إجراءات تشريعية وإدارية ومالية وغيرها من تدابير لإعطاء المرأة حق الوصول الكامل والمتكافئ للموارد الاقتصادية. ونادت بتغييرالسلوكيات التي تدعم تقسيم العمالة والمسؤوليات على أساس الجنس  من أجل تشجيع مشاركة الأسرة مسؤولية العمل فى المنزل وتخفيف عبء العمل المنزلي الواقع على النساء والفتيات. وتبقى القوانين المتعلقة بالحد الأدنى للسن القانونية للموافقة على الزواج ورفعها مسألة دقيقة وخلافية لا تلقى تأييداً مطلقاً من أجل إنهاء التزويج المبكر والقسري للأطفال الذي أوصت به لجنة المرأة في الأمم المتحدة.


مؤيدة ومعارضة

عددت السفيرة ميرفت تلاوي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، إيجابيات وثيقة الأمم المتحدة للمرأة الصادرة عن الدورة 57، مؤكدة أن من الإيجابيات أنها وسَّعت مفهوم العنف ولم تقصره على التحرّش والاغتصاب، بل تناولت قضايا اقتصادية واجتماعية مختلفة بسبب العنف، وأيضاً دعوة الدول للوفاء بالتزاماتها في القضاء على العنف، وأن تعمل على منع وإدانة العادات والتقاليد التي تشجع عليه، والاهتمام بالتعليم والقضاء على الأمية والفقر، خاصة في المناطق الريفية وتحقيق العدالة الاجتماعية المفقودة في المجتمعات خاصة الدول النامية، وضرورة الاهتمام بالعنف ضد كبار السن والمعاقين، وإدانة كل أشكال العنف خاصة العنف الأسري الأكثر انتشاراً، والمطالبة بالتصدّي للاتجار بالنساء والفتيات، والجرائم المنظمة عبر الحدود الوطنية من خلال تعزيز التشريعات وضمان معاقبة الجناة والوسطاء، وضرورة اتخاذ التدابير التأديبية والإجراءات اللازمة للتصدى للعنف في أماكن العمل، وتنفيذ سياسات واستراتيجيات وبرامج شاملة لزيادة الوعي بالآثار الضارة للعنف، ومراجعة القوانين ولوائح العمل المتعلقة بالتزويج المبكر والقسري للأطفال وإنهاؤه، وتوفير الموارد الكافية لإنشاء وتوسيع نطاق الخدمات الصحية والمساعدة القانونية ودور إيواء النساء، ومطالبة الدول بتوفير الحماية والرعاية لضحايا العنف.
 

الاختباء خلف المصطلحات

على النقيض من ذلك كان موقف المهندسة كاميليا حلمي، رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل التابعة للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، الذي يرأسه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ومنسق ائتلاف المنظمات الإسلامية، والتي شاركت في مناقشات الوثيقة، مؤكدة أنها تحوي كلمات ومطالب براقة، إلا أنها خطيرة تتعارض مع الشريعة الإسلامية، بل هي استمرار لما سبقها من وثائق واتفاقيات، على رأسها اتفاقية (سيداو 1979) ووثيقة (بكين 1995)، حيث تتبنى فكراً أحادياً لا يقبل الاعتراض أو التعديل ولا يحترم التعددية الثقافية والدينية لشعوب الأرض.
بل إن واضعي الوثيقة حاولوا التهرب من المقاومة الشديدة من الدول العربية والإسلامية، فاتجهوا إلى التستر خلف عدد من المصطلحات، مثل إلغاء كل أشكال التمييز في الوثائق. وتعترض الوثيقة على اختصاص الرجل بمهمة القوامة داخل الأسرة، من خلال نص براق هو «إن عدم التساوي في علاقات القوة بين النساء والرجال هو من الأسباب الأساسية للعنف»، وهذا يعني إلغاء القوامة. وكذلك نصها على المطالبة بالمساواة في القوة والسلطة وصنع القرار وتعزيز تقاسم العمل المأجور والعمل غير المأجور، وبالتالي تأتي المطالبة باقتسام العمل مدفوع الأجر، وأيضاً غير مدفوع الأجر، في إشارة إلى العمل المنزلي ورعاية الأطفال.
واتهمت الوثيقة بعض الثقافات، بأنها من أسباب العنف ضد النساء والفتيات، بما فيها من التمييز القائم على النوع وعدم المساواة وعلاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة، أي عمل من أعمال العنف المبني على الجندر، وتطالب الوثيقة بتحويل ما سمته بـ»جرائم العنف ضد المرأة والفتاة» إلى محكمة الجرائم الدولية.


الضجَّة حول وثيقة الأمم المتحدة تتواصل
د. فهمية شرف الدين: لن يشذّ لبنان عن الدول العربية!

هل يطبّق الشرع في القوانين الجزائية؟ لماذا لا يطبق إلاّ على النساء؟
صدر للدكتورة فهمية شرف الدين (بالاشتراك مع الدكتورة لميا شحادة) العام المنصرم كتاب «الحوار والديموقراطية في الأسرة اللبنانية». الكتاب بمثابة دراسة وإعادة نظر جذرية في المنظومة التربوية التي ترعى أنماط العلاقات في الأسرة «أسرة الرجل»، وتحدّد الوظائف والأدوار لكل من أفرادها وكأنها أسرة الرجل والمرأة والأولاد معاً. افتتح الكتاب بكلمات ابن رشد هذه : «لا تدعنا حالتنا الإجتماعية نبصر كل ما يوجد من إمكانيات المرأة ويظهر أنهن لم يخلقن لغير الولادة وإرضاع الأطفال، وقد قضت هذه الحالة من العبودية فيهن على قدرة القيام بجلائل الأعمال. ولذا فإننا لا نرى بيننا امرأة مزينة بفضائل خلقية وتمر حياتهن كما تمر حياة البنات، وهن في كفالة أزواجهن أنفسهم، ومن هنا أيضاً أتى البؤس الذي يلتهم مدننا». فهل يصح أن تمر حياة البنات كما النبات في هذا العصر؟ 5 أسئلة ملحّة لرئيسة اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة لدكتورة فهمية شرف الدين.

كيف تقوّمين ردّ الفعل على وثيقة «منع جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة»؟
في تاريخ الثامن من آذار/مارس قدم رئيس قسم التنمية الإجتماعية الدكتور عبدالله الدردري في الإسكوا ESCWA دراسة حول الكلفة التي تدفعها المجتمعات جراء العنف ضد المرأة. أورد أرقاماً كبيرة ومفاجئة. فالعنف يعطّل المرأة عن عملها ويدفع الدول إلى سنّ قوانين حماية خاصة وإنشاء مراكز إيواء للنساء المعنفات عدا عن الكلفة المعنوية التي تتكبدها العائلة والأسرة والأولاد والزوج وكل من يعيش داخل البيت. رفعُ الصوت ضد وثائق تحمي حقوق النساء ليس أخلاقيًا. ليس موضوع مواجهة العنف أمراً أخلاقياً يتصل بحفظ كرامة النساء فقط أو حمايتهم من العنف أو التشوّه. هو شأن يتصل إتصالاً وثيقاً بالتنمية.

لكن ثمة نقاطاً خلافية متعلّقة بالمرأة...
لقد اكتسبت المرأة قدرات وإمكانات وتعلّمت ونجحت إينما حلّت. في سن الثامنة عشرة يصبح الإنسان كامل القدرة ويستطيع المشترع والمجتمع أن ينفذ فيه أحكام جزائية. إذا قتل يحاكم كرجل بالغ والمرأة أيضاً تحاكم كبالغة في القوانين الجزائية. من تُحاكم كبالغة في القوانين الجزائية كيف لها ألاّ تحاكم كبالغة حين تختار زوجها أو عملها؟ هل نعتبرها بالغة أحياناً؟

ما تعليقك على «وثيقة حقوق المرأة في الإسلام» التي يعدّها مجمع البحوث الإسلامية عن الأزهر في المقابل؟
أفهم ما قد يمكن أن يفعلوا. لا يمكن أن تغيب عن أذهان الذين يتكلمون ويناقشون قضايا النساء المكتسبات الفكرية والعلمية والعقلية التي أصبحت لديهن. منذ زمن بعيد كانت المرأة أمية ولم تتربى بالشكل الصحيح على المنطق واستخدام العقل في حلّ الأمور الحياتية واليومية. هل يعقل أن نعامل النساء كما لو أنهم لم يكتسبن شيئاً. ما الفرق بيني أنا أستاذة جامعية وبين الأستاذ الجامعي؟ المنافسة لا تقوم بين رجل وامرأة بل مهنة ومهنة. لماذا يحق لي منافسة الرجل مهنياً نسبياً وفي البيت ليس لي الحق في التساوي مع رجل؟

لديك إصدار بعنوان «آلام النساء وأحزانهن» وغيره يدرس حالات العنف الممارسة ضد المرأة. هل العنف الذكوري مستشرٍ في لبنان إلى هذه الدرجة؟
صدر لي كتاب قبله بعنوان: «أصل  واحد وصور كثيرة ثقافة العنف ضد المرأة في لبنان». هو كتاب نظري ميداني مبني على شهادات لنساء ما بين سن ال20 و40. في هذا الكتاب شهادات لنساء غير معنّفات اخترناهن حسب معايير نطبقها في العلوم الإجتماعية، السن والعلم والعمل وغيره. وتبيّن أن غالبيتهن عنّفن أسرياً وتعرضن لتمييز مقارنة بأخواتهن. أما في كتاب «آلام النساء وأحزانهن» فهو عن تجارب نساء معنفات استكملناها بأسئلة لتقسيم أنواع العنف. وتبيّن أن ليس هناك نوع من العنف لا يمارس في لبنان، إبتداء من الشتم والسب الذي «لا يعدّ عنفاً» حتى الضرب الى درجة الموت أو الشل. وقد  تبيّن أن ضرب المرأة أداة تأديب بثقافتنا العامة تماماً كالأطفال، وكأنها غير مكتملة عقلياً. ولذلك «إيدك وبالضربة» عبارة نردّدها كثيراً في ثقافتنا الشعبية.

يعتبر لبنان منفتحاً، لكن حملة «تشريع حماية النساء من العنف الأسري» لم تقر بعد. كيف سينظر مجتمعنا اللبناني الفسيفسائي إلى هذه الوثيقة؟
مجتمعنا اللبناني بحاجة إلى هذه الوثيقة لأنه «موزاييك». لا أعتقد أن لبنان سيشذ عن الدول العربية لناحية تقويم هذه الوثيقة. قد يدل على ذلك ردود الفعل التي عارضت زواج خلود ونضال المدني. يبدع العرب حين يخرجون ويعيشون في عالم آخر ويحصدون جوائز نوبل في العلوم والفنون. أما في هذه البلاد حيث الناس في أقفاص كأقفاص الدجاج، النساء في أقفاص سوداء والرجال جميعهم في أقفاص من ذهب ولكنهم أيضاً في أقفاص ولا يستطيعون أن يقولوا ما يريدون.