Home Page

عندما تنتاب المراهق نوبات ضحك

المدرسة, اضطرابات سلوكية, مراهق / مراهقون, اختصاصيي علم نفس, نوبات الضحك, دور الأهل

24 أغسطس 2010

طُرد هاني من المدرسة مدة يومين بسبب نوبة ضحك انتابته حين كان الأستاذ يوبّخ أترابه في الصف. وفي المنزل، واجه هاني وابلاً من الملاحظات اللاذعة مثل «الضحك من دون سبب قلّة أدب» و«مزاحك مبالغ فيه» و«توقف عن الحماقات أصبحت رجلاً الآن»، وغيرها من العبارات التي تعبّر عن حرج الأهل من تصرّفات «الابن الضاحك».
تنتاب المراهق نوبات ضحك في مواقف جدّية وأحيانًا مأسوية مما يثير استياء من حوله فيعتبرونه غير مهذب ولا يكترث لمشاعر الآخرين و يتصرّف كما لو أنه مركز العالم. فيما يرى اختصاصيو علم نفس المراهق أن نوبات الضحك هي شكل من أشكال مرحلة التناقضات التي يمر بها المراهق، ولا ضرر منها طالما أنها تحصل من وقت إلى آخر وخلال فترات متباعدة، و تعتبر مؤشراً لمشكلة يعانيها المراهق إذا كانت مستمرة كما لو أنها جزء من سلوكه. عن نوبات الضحك يسأل الأهل ويجيب الاختصاصيون.

- لماذا تنتاب بعض المراهقين نوبة ضحك، وهل هي مظهر من مظاهر أزمة المراهقة؟
يرى الاختصاصيون أنه من المألوف أن ينقلب سلوك المراهق بحدة. ويتغيّر بسرعة بين الحزن والسعادة وبين الحماقة والذكاء وبين الخجل والوقاحة. يعكس هذا التناقض في المشاعر ما يخالجه من قلق وتوتر. فمن المعلوم أن التغيّرات الجسدية والنفسية والفكرية التي تحدث في مرحلة المراهقة، تُسبب للمراهق الكثير من الاضطرابات التي يعبّر عنها بسلوك إما عدواني أو فوضوي وإما فكاهي مبالغ فيه. وتعبّر تلك الطرافة عن نفسها من خلال الزي أو التعبير اللغوي أو التعليقات الساخرة على كل ما يراه أو يسمعه. فهو يريد أن يكون كائناً طريفاً مختلفاً عن الآخرين، ويتمنى تجسيد هذه الرغبة أمام عينيه وأمام الراشدين.

- ألا يعتبر الضحك في مواقف جدّية وقاحة وعدم مراعاة لمشاعر الآخرين؟
يعتبر الضحك في مواقف جدّية متنفساً يلجأ إليه المراهق للتقليل من حدة التوتر الذي يشعر به. قد تنتابه نوبة ضحك أثناء حصة مدرسية مثلاً أو بعد توزيع العلامات أو تأنيب الأستاذ. ويعتبر هذا الأمر طبيعياً، إذ يحدث أحياناً أن يصاب الراشد بنوبة ضحك خلال موقف مأسوي، فكيف إذاً بالمراهق الذي يعيش تحت وطأة تحوّلات عدة! لذا يشكل تصرفه هذا، الذي قد يبدو أحمق بالنسبة إلى الراشدين، منفذاً يفرج به عن مكبوتاته. ولا تتعارض الطرافة مع سير المراهق نحو النضج العقلي، وتطويره لحسّه النقدي في شكل عام. ويحاول في هذه المرحلة تكوين شخصيته، وتحديد هوّيته. وهنا يمكن الحديث عن موقف المراهق من الجنس الآخر، الذي يطرح لديه علامة استفهام، فمن ناحية يريد تثبيت هوّيته الجنسية، وفي المقابل، يواجه بالمنع الاجتماعي وبالحظر وبكل الممنوعات التي تحيط بموضوع الجنس. ونتيجة لذلك يعمد إلى تضمين الجنس في أحاديثه مع شلّة الأصدقاء، أو في النكات الساخرة وما إلى ذلك. وفي هذه الحال تكون السخرية تعبيراً عن القلق الداخلي الذي يعيشه.

- لماذا تكثر الحماقات عند بعض المراهقين؟
يتصف المراهق عموماً بميله إلى التمرّد على سلطة الأهل والقيم الاجتماعية وتصبح عنده رغبة قوية في التجديد وتغيير العالم. وغالباً ما يتهم أهله والراشدين بعدم التفهّم وبالحد من رغبته في الاستقلال.
لذا من الضروري أن يتفهّم الأهل تصرّفات ابنهم المراهق، وألا يحكموا عليها أنها مجرد حماقات. ومن الطبيعي أن تختلف اهتمامات المراهق عن اهتمامات أهله والراشدين، فكلاهما من جيل مختلف. فعلى سبيل المثال وليس الحصر، استقطب برنامج «ستار أكاديمي» اهتمام شريحة واسعة من المراهقين، وصار محور أحاديثهم اليومية، في حين شكا بعض الأهل من هذا البرنامج، واعترضوا على انشغال أبنائهم به.

- متى يعتبر المزاح ونوبات الضحك مؤشرًا لوجود مشكلة عند المراهق؟
لا يعتبر المزاح أو نوبات الضحك أمراً مرضياً ما دام هذا السلوك لا يتعدى الإطار الذي أشرنا إليه آنفاً. ولكن إذا كان الأمر مبالغاً فيه، كسلوك المراهق الذي يبالغ في القيام بالمقالب التي ترعب كل من هم حوله، في حين يراها هو مجرد مقالب مثيرة للضحك، فهذا المراهق يعاني مشكلة نفسية ويريد لفت انتباه المحيطين به. فهذا السلوك حال مرضية ولا بد من معالجتها عند اختصاصي نفسي. فهناك الكثير من المراهقين يعبّرون عن مشكلاتهم النفسية في شكل مغاير لما يشعرون به لأنهم لا يريدون أن يدخل أحد عالمهم الخاص، فتكون نوبات الضحك المتكرّرة والمزاح المفرط وسيلة للتعبير عما يخالجهم.